- رسالة من أ. د. محمد بن مريسي الحارثي الى الأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل

سعادة المربي الكبير، والأديب المتميز
الأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل.. الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد تلقيت بكل التقدير والإجلال خطابكم الكريم رقم بدون وتاريخ 1512 1425هـ وبرفقته كتاب (آفاق فكرية وشجون تربوية) و(صور من الغرب).. وهما كوكبان من تسعة عشر كوكباً صنعها قلمكم الرائد في مشهدنا الثقافي، وليس هذا بكثير على رائد من رواد حركتنا الثقافية الذي كان ولا يزال وسيبقى حاضراً ومستمراً وفاعلاً في أدب الثقافة، وثقافة الأدب برؤية متعقِّلة تستند في منطلقاتها إلى منتميات الأمة، ومكتسباتها الحضارية وتعود إلى تلك المنطلقات بما تحمله من رؤية كونية جديدة تتخذ من ضوابط العلم منهاجاً، ومن معطيات الحق والخير والجمال رؤى متوازنة ومتآخية يشد بعضها بعضاً نحو التكامل.
انظر إلى كوكبك التاسع عشر من كواكبك المضيئة (آفاق فكرية وشجون تربوية) وما حوى من مباحث علمية وثقافية وكيف وثَّقت العلاقة بين الثقافة في خطاباتها المعرفية والتربية السلوكية.. وجعلت من ذلك بنية واحدة يتشكَّل منها ذهن الناشئ، ويهتم بوظائفها غير منبر من منابر التعليم والتثقيف.
إن البعدين الأدبي والتربوي اللذين تشكَّل منهما ذهن المربي الحقيل قد انعكسا بشكل واضح وجلي على منتجه الثقافي بشكل عام وعندما هضم هذا الكاتب الأريب تراثه هضم تأهيل وتأصيل أهله ذلك إلى توازن الرؤية الثقافية العامة في قدرتها على التوفيق بين التراث ومستجدات الحياة.. فآفاق الكوكب الأخير تبحث عن اتساع الرؤية في فضاءات هيأها لها المنظور الإسلامي المنزّل للناس كافة، المنظور الذي جعل فعل الأزمنة حياً لم ينقطع، وجعل الأزمنة من مشاهد الدنيا بماضيها وحاضرها ومستقبلها، وكذلك مشاهد القيامة أزمنة مترابطة يؤثر قديمها في جديدها وجديدها في قديمها ودنيويها في آخرتها، وآخرتها في دنيويها.
إن المبادئ التوفيقية تصبح سمة من سمات أدبيات الأستاذ الحقيل.. انظر إلى المبحث الأول من مباحث كتابه المُشار اليه أعلاه كيف حاول أن يوفِّق بين الأدب الهادف الذي لا يكون مجرد صدى لأمر ما، وإنما يكون غاية لتحقيق أنماط من المؤثرات السلوكية.. وبين النقد البناء، فالأدب في نظره بناء، والنقد بناء، تمهيداً إلى أن يكونا شيئاً واحداً، وبناءً متكاملاً.. وتجد مثل هذه النظرة التوفيقية ممتدة الى أكثر مباحث الكتاب، وهو في بعض مباحث الكتاب يؤسس لرؤية ثقافية مستقبلية، وكأنه يقرأ توقعات الحركة الثقافية المستقبلية من وراء حجب.
ومثل هذه القرارات الاستباقية تجدها في حديثه عن الثقافة السياحية التي ضمَّنها رؤيته من خلال كتاباته عن بعض رحلاته، وما لاحظه فيها من ظواهر اجتماعية واقتصادية ومدنية عند الغرب، وعند المشارقة.
ومع أن المملكة العربية السعودية مقدمة على مشروع سياحي حديث تحتاج فيه إلى دراسات علمية موضوعية من ذوي الخبرة، والتجارب فإن مثل الأستاذ الحقيل قمين بتقديم المفيد والممتع في هذا الشأن.
أخي الكريم الأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل:
أشكركم شكراً جزيلاً على تواصلكم الثقافي النبيل وتجدون برفق خطابنا هذا بعض نتاجنا الأدبي.
وتقبَّل من أخيك المحب خالص التحية.

أخوكم
أ.د. محمد بن مريسي الحارثي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...