في باكو، المدينة التي تبلغ منتهى انوثتها عند المساء، ساعة تتراجع النسائم البحرية، وتتعطل اسئلة الجمال قرب مقرنصات المتحف أو خلف المبنى الحكومي.
الذين انتقلوا بقمصانهم البيض من البوليفار هرباً من رياح البحر الباردة دخلوا الحانات، يطعم أصحابُها زبائنهم السمك مملحاً بالزيت البلدي، هو ذا الحبب، القطرُ يبلل قماشة الطاولة، هي ذو الكؤوس تنز. فلا يميل إلا من كان مائلاً البارحة، ولا يستوي على كرسيه إلا من كانت طاولته بنبيذ أقل.
كل المصاطب مشغولة بالنسوة الآن في الميدان الوطني، ذلك لأن الولدين الآذريين ما زالا عند بوابة القلعة، يشحذان اعينهما نظراً من هناك، في الأفق وعبر المرامي التي كان قدامى المحاربين ينبلون منها، هم يقفون في مرتبتها الأخيرة، حيث يتسلل غيم وتبزغ شمس وتولد فكرة. هم هناك، يؤنسون سراويلهم بفحولة الليل الأول، لهذا ينشغل باعة البورغر، خلف طاولاتهم، بإعداد أكؤس الفودكا، بانتظار عودة الذين هبطوا البحر تواً، أولئك الذين تمتلئ جيوبهم بالموج والنجوم الطارئة. كل انثى في الميدان حكاية عن المطر، كل صبيٍّ دعابة نوم على العشب، تذكرٌ لمن شغلتها الريح، من نسيت حقيبتها على طاولتك. كانت معلمة الموسيقى تنحشرُ معك في الحافلة، التي أخذتكما الى البازار، وكنتَ القيتَ على كتفها نصفك الناحل.
تقول التي قاسمتني السرير ليلة البارحة... ومن أسماء آذربايجان، أيضاً : فرواردين يشت الافستي، وحين سألتها عن المعنى قالت هي: ترنيمة الملائكة الحامية. فأنشغل، أبحث في المكتبة التي لا يبين من واجهتها سوى سلمها القصير، عن صورة أخرى، فلا أجد الشجر بعيداً، وما في المصابيح من نور يكفي لانطفاء عناقين، لفاصلة بين قبلة وأخرى، كنتُ أعد نفسي لقضاء ليل أمس دونما امراة، هكذا رحت أتامل يدي عاطلة من رائحة الأنثى، أقدامي بخطوتين لا بأربع، وقد بدا لي ذلك ممكناً حين أدخلت يدي في جيبي، أبحث عن رقم هاتف ما، أحاول اجد من لا اسم لها بين اسماء النساء، هو تكرار لما يحدث كل ليلة، وهو دأب من اعتاد أن لا يشرك في سريره إلا من أحبَّ واجتبي واصطفي، وباكو ينبوع نساء، ومن شرفاتها عليك أن تتقي نار الأكف التي تومئ وتدعوك. فأقول: كانت الظنون مفرطة على الوسادة، وكانت ذراعي التي تركتها في القميص تبحث عن عنق امدها تحته، وهذا الليل يمكرني أسئلةً، لذا رحت ألقي باللائمة على النافذة، تنفتح ساعة تهمل الريح مزلاجها الرخص.
من خلف ستارة الحلم تأتي عائشة، تمسك بعروة حقيبتها، سروالها جينز صخري بفراشة زرقاء على خاصرتها، لا تتوقف طويلاً، تسألني ما إذا كنت أملك وسادة شاغرة، فأتزحزح قليلاً، أترك لها من السرير نصفاً، ومن شجني الطويل نصفاً، فتأخذني أسئلة وقبلات، ثم لا تني تحدثني عن ثلج مائع في الجبال، عن ريح تصرُّ في الخارج، أنا اسالها عن الندبة التي في بطنها، وما إذا لم تكن جرحاً تسببت به عجلة مسرعة هناك، حيث لا يتنبه بائعو المظلات، فيختمر كأس الفودكا، تركتُه على حاشية الطاولة، وينهمر ورد ابيض ثقيل، ومن ستارة تغطي خزانة الثياب أسمع صوتها، وهي تنادي على قطيع ماعز ضلَّ طريقه اعلى الجبل، ثم تتهجى الغضون التي في جبيني تقول: أكنت تقتفي خطى الشمسِ في باذخ من النهار؟ أكنت تستعجل الانهار ظلالاً وأرغفة فأجيب أن، نعم . أنا ذلك كله .
لم أتبينها بين سرب الحسان الذي مرَّ، لكنني رأيتها هناك، كانت تبيع أساورها عند بوابة المتحف، حيث ظمئتُ، أبحث في مخطوط كتاب أسماء آذربايجان القديمة فأقرأ: أتروبيتس، التابعة الجبلية للاسكندر المقدوني، فراواردين يشت الأفستي (ترنيمة إلى الملائكة الحامية) أتريباتاه فرافاشيم، يازامايدي أشاون، أي، نعبدُ المدينة المحميّة بالنار المقدسة. لم يبق من نساء الحديقة إلا من لم يأتها حبيبها، خلت المقاعد، وأمحلت الطريق التي ستأخذني الى المنزل، سقطت عصا حارس العمارة، اخذته باذرة الظلام ونام، ها انا احصي أسماء اللواتي صعدن السلالم وتوقفت بهن، ها أنا أمرر كفي على الاسرة التي خلت في الفجر، اوقظ الذين تأخرت قطارات البهجة عليهم، أصحح الجمل التي سقطت سهواً من شفاه العاشقين السكارى، أرتب موعداً للنساء اللواتي لم يجدن مقعداً شاغراً البارحة. أحمل مظلتي وأدخل. في الشرفة، هناك، في الجهة التي ستعمها الشمس، قميص إمرأة غائبة. لطالما أخفقت في العثور عليه.
الذين انتقلوا بقمصانهم البيض من البوليفار هرباً من رياح البحر الباردة دخلوا الحانات، يطعم أصحابُها زبائنهم السمك مملحاً بالزيت البلدي، هو ذا الحبب، القطرُ يبلل قماشة الطاولة، هي ذو الكؤوس تنز. فلا يميل إلا من كان مائلاً البارحة، ولا يستوي على كرسيه إلا من كانت طاولته بنبيذ أقل.
كل المصاطب مشغولة بالنسوة الآن في الميدان الوطني، ذلك لأن الولدين الآذريين ما زالا عند بوابة القلعة، يشحذان اعينهما نظراً من هناك، في الأفق وعبر المرامي التي كان قدامى المحاربين ينبلون منها، هم يقفون في مرتبتها الأخيرة، حيث يتسلل غيم وتبزغ شمس وتولد فكرة. هم هناك، يؤنسون سراويلهم بفحولة الليل الأول، لهذا ينشغل باعة البورغر، خلف طاولاتهم، بإعداد أكؤس الفودكا، بانتظار عودة الذين هبطوا البحر تواً، أولئك الذين تمتلئ جيوبهم بالموج والنجوم الطارئة. كل انثى في الميدان حكاية عن المطر، كل صبيٍّ دعابة نوم على العشب، تذكرٌ لمن شغلتها الريح، من نسيت حقيبتها على طاولتك. كانت معلمة الموسيقى تنحشرُ معك في الحافلة، التي أخذتكما الى البازار، وكنتَ القيتَ على كتفها نصفك الناحل.
تقول التي قاسمتني السرير ليلة البارحة... ومن أسماء آذربايجان، أيضاً : فرواردين يشت الافستي، وحين سألتها عن المعنى قالت هي: ترنيمة الملائكة الحامية. فأنشغل، أبحث في المكتبة التي لا يبين من واجهتها سوى سلمها القصير، عن صورة أخرى، فلا أجد الشجر بعيداً، وما في المصابيح من نور يكفي لانطفاء عناقين، لفاصلة بين قبلة وأخرى، كنتُ أعد نفسي لقضاء ليل أمس دونما امراة، هكذا رحت أتامل يدي عاطلة من رائحة الأنثى، أقدامي بخطوتين لا بأربع، وقد بدا لي ذلك ممكناً حين أدخلت يدي في جيبي، أبحث عن رقم هاتف ما، أحاول اجد من لا اسم لها بين اسماء النساء، هو تكرار لما يحدث كل ليلة، وهو دأب من اعتاد أن لا يشرك في سريره إلا من أحبَّ واجتبي واصطفي، وباكو ينبوع نساء، ومن شرفاتها عليك أن تتقي نار الأكف التي تومئ وتدعوك. فأقول: كانت الظنون مفرطة على الوسادة، وكانت ذراعي التي تركتها في القميص تبحث عن عنق امدها تحته، وهذا الليل يمكرني أسئلةً، لذا رحت ألقي باللائمة على النافذة، تنفتح ساعة تهمل الريح مزلاجها الرخص.
من خلف ستارة الحلم تأتي عائشة، تمسك بعروة حقيبتها، سروالها جينز صخري بفراشة زرقاء على خاصرتها، لا تتوقف طويلاً، تسألني ما إذا كنت أملك وسادة شاغرة، فأتزحزح قليلاً، أترك لها من السرير نصفاً، ومن شجني الطويل نصفاً، فتأخذني أسئلة وقبلات، ثم لا تني تحدثني عن ثلج مائع في الجبال، عن ريح تصرُّ في الخارج، أنا اسالها عن الندبة التي في بطنها، وما إذا لم تكن جرحاً تسببت به عجلة مسرعة هناك، حيث لا يتنبه بائعو المظلات، فيختمر كأس الفودكا، تركتُه على حاشية الطاولة، وينهمر ورد ابيض ثقيل، ومن ستارة تغطي خزانة الثياب أسمع صوتها، وهي تنادي على قطيع ماعز ضلَّ طريقه اعلى الجبل، ثم تتهجى الغضون التي في جبيني تقول: أكنت تقتفي خطى الشمسِ في باذخ من النهار؟ أكنت تستعجل الانهار ظلالاً وأرغفة فأجيب أن، نعم . أنا ذلك كله .
لم أتبينها بين سرب الحسان الذي مرَّ، لكنني رأيتها هناك، كانت تبيع أساورها عند بوابة المتحف، حيث ظمئتُ، أبحث في مخطوط كتاب أسماء آذربايجان القديمة فأقرأ: أتروبيتس، التابعة الجبلية للاسكندر المقدوني، فراواردين يشت الأفستي (ترنيمة إلى الملائكة الحامية) أتريباتاه فرافاشيم، يازامايدي أشاون، أي، نعبدُ المدينة المحميّة بالنار المقدسة. لم يبق من نساء الحديقة إلا من لم يأتها حبيبها، خلت المقاعد، وأمحلت الطريق التي ستأخذني الى المنزل، سقطت عصا حارس العمارة، اخذته باذرة الظلام ونام، ها انا احصي أسماء اللواتي صعدن السلالم وتوقفت بهن، ها أنا أمرر كفي على الاسرة التي خلت في الفجر، اوقظ الذين تأخرت قطارات البهجة عليهم، أصحح الجمل التي سقطت سهواً من شفاه العاشقين السكارى، أرتب موعداً للنساء اللواتي لم يجدن مقعداً شاغراً البارحة. أحمل مظلتي وأدخل. في الشرفة، هناك، في الجهة التي ستعمها الشمس، قميص إمرأة غائبة. لطالما أخفقت في العثور عليه.