نبيلة الوزّاني - بِاسمِ الحُبّْ..

الحُبُّ
كانَ نُبوءاتٍ تقرؤُها يدٌ أُمِّيّة ،
كانَ رجُلا بَهلوانِياً
يشتري جَسداً ناعماً
و عُملةً غَنِجةً في جَيبِ الأبْ ،
سِواراً ماسياً في مِعصَمِ الأُمّ
مَسرحيةً تنزِفُها الآهُ ،
والجمهورُ دمعٌ مَديدْ .
*
الحُبُّ
كانَ رِحلةً عابِرةً
في قطارٍ ضوئيّ .
وأُغنيةً قصيرةَ الصّدى
صمَتَ لحنُها في أوّلِ مَحطّة ،
أصبحَ سُؤالاً كثيرَ السَّفَرِ
ما بيْن شُبّاكٍ وتَذكِرةِ ومَقعَدْ ،
وبيْن عُنوانٍ عَلِقَ في ماضٍ خاطِفٍ
ماتَ الجوابُ بِضربةِ ذُهولْ .
*
الحُبُّ
كانَ حُلماً أخْضرَ في مُدوّنة امْرأةٍٍ
لا تعتمدُ الكَعبَ العالِيَ
إلّا في الحَفلاتِ الرَّسميَّة ،
كتبتْ حُلمَها مرّةً في جريدةٍ صبَاحِية ،
توصَّلتْ بكِعابٍ تُطاولُ اللَّيلَ ،
كَسّرتِ الكِعابَ
أُصابَها تعثُّرٌ مُزمنْ .
*
الحُبُّ
صلاةٌ في محراب النّور،
كانَ مُعلّقةً ياسمينيَّة ،
صَوتاً يُلقِي قَصيدةَ الأَرضِ ،
وطفلةً بمِعطفٍ ربيعيِّ الأزرارْ ،
وحَمامةً تتجوّلُ في حُقولِ الزّيتون،
اقتنصتْها أصابعٌ طويلةٌ
فاحتشدَ التّرابُ بعُيونٍ لا تَسْتفيقْ.
*
الحُبُّ
كانَ ابناً يُضاءُ بدُعاءِ أُمّْ ،
أُمّاً تتخضّبُ بقُبلةِ ابْنْ ،
أباً يَحملُ البيتَ في قلبِهِ ،
وزَوجةً ترسمُ قلبَها في زواياهْ ،
الحُبُّ كانَ أنفاسَ فَجرٍ في قبضةِ السّوادْ،
فرحةَ طِفلٍ احترفَها الحُزنْ
طُموحَ رَجُلٍ سَرِقهُ الزّمَنُ،
وحياةَ امرأةٍ وشَمَها التَّهميشُ
بتوقيعاتٍ حَجَريَّةٍ ،
تُنبئُها أنّ صَلاحيتَها
أخذها أمسٌ جَحُودْ .
*
الحُبُّ
كانَ لَونَ الإنسانِ ،
عَيْنَهُ الُمُتماهيةَ في عُمقِ الجمَالْ ،
جُغرافيةَ نبضِهِ ،
وخريطةَ يدِهْ ،
الحبُّ مِعولٌ يُلوّحُ بالأشياءِ البَشعَةِ بَعيدا ،
المِعوَلُ انتهَى في يدٍ ضَخمةٍ
لَمْ تُصافِحِ البَارِعينَ في الحُبّْ ،
الحبُّ زهرةُ الشمس ،
كلّما قبّلتْ خدَّ الغُروبِ
تفتّحتْ براعمُ الصباحْ...
،،،
نبيلة الوزّاني
25 / 04 / 2021

.......

أودّ الإشارة إلى أنّ مفردة ( كانَ ) التي قد تبدو مكرّرة لكنّها مفردة محورية لفلسفة النّص وأساسية في صياغته ، فهنا في هذا النّص لها مَعنيَان ،
المعنى الأول هو المعنى الواضح والذي يدلّ على انقضاء الفعل وزواله ، وهذا هو المشهور ،
والمعنى الثاني والذي ركّزتُ عليه كثيرا وهو الثبوت والاستمرارية ، بمعنى أنّ هذه هي صبغته الحقيقية الدائمة الباقية ، وقد جاء ذِكرها في كلام العرب وفي كتاب الله تعالى بمعنى " لم يزل " وهي تدل بذلك على " الاستمرارية " لا الانقطاع ) وكان أيضا تأتي في جمل أخرى بأنها ماضٍ وراح ..هي من براعة لغتنا العربية ،العظيمة وبلاغتها وعمقها ، قال الله تعالى : (وكان الله غفوراً رحيما ) ، ليس معناه أنه كان رحيما سابقا والآن لا ، لا طبعا ولكن كان هنا ترسيخ للمعنى أي أنه كان وما يزال وسيبقى رحيما ، كذلك الحبّ كان وسيبقى كمعنى يحمل كل خصائصه وصفاته النبيلة ،
أعتذر عن هذه الكلمات التي وددت من خلالها توضيح كثرة حضور كلمة ( كان في النص )
والتي قد تظهر سطحياً بأنّها مكررة ولا داعي لها لكنها محور النص ...شكرا لكم جميعا وكثير محبة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...