ظلت الفلسفة فى العالم الإسلامى مسألة شائكة على مر العصور، فبظهورها وتطورها فى اليونان القديمة أصبحت علما مستقلا وبدأت فى الانتشار فى أرجاء الأرض. فى العصور الوسطى التى تعد العصر الذهبى للمعرفة الإسلامية لم يكن من اليسيرأن تتنحى الفلسفةجانبا، فأعمال فطاحل الفلاسفة اليوناييين أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو تم ترجمتها إلى العربية وراحت ترمى بتأثيرها على العلماء المسلمين وحركة الفكر.
كان هذا التطور سلاحا ذى حدين، خاصه عندما بدأ العلماء والدارسون سبرهذا المجال لينشأوا ما عرف بعد ذك باسم الفلسفة الإسلامية. نشأ العلم فى تناغم تام مع تعاليم القرآن الكريم التى شجعت روح المعرفة والبحث التى تقوم على التأمل وإعمال العقل. لكن عندما بلغ الولوع بالفلسفة أوجه على يد زمرة من المفكرين جاء رد الفعل على كتاباتهم مصحوبا بكثير من عدم الاطمئنان.
الأصل أن الفلسفة تخوض فى الميتافيزيقيات وقضايا ما وراء الوجود، والتى تتعارض مع اليقين والإيمان الذين تؤكد عليهما العقيدة السمحة، خاصة فيما يرتبط بقوانين الوجود..وهذا ما عجل بسقوطها فى الشرق نهاية العصور الوسطى وبداية عصر النهضة فى أوروبا. فعندما بقيت المحاور الفلسفية الشغل الشاغل للصفوة الفكرية التى تبناها الحكام العرب،قلما استحوذت على تفكير العامة من الناس الذين لم يسمحوا لها أن تهز عقيدتهم الراسخة. أما فى أوروبا فقد مهدت أعمال الفلاسفة العرب للتطورات الفكرية التى ارتبطت بما عرف بــ (عصر العقل). لكن بمرور عصور طويلة من الإحياء والتدهور لا يزال الولع بالفلسفة الإسلامية وتأثيرها المترامى الأطراف يحيا بين الحين والآخر.
ظلت الرؤية فى الفلسفة الإسلامية متمشية مع القرآن الكريم الذى أخضع الممارسات الفلسفية لنصوصة، فالثقافة القرآنية متمثلة فى الفقة و اللغة والأدب جعلت البدء من القرأن الكريم أساس الفكر الفلسفى الإسلامى. لكن لابد أن نعى أن هذا الفكر كان مزيجا من التأثر بالنصوص القرآنية والجهود المعرفية التى تتمثل فى تفسير تلك النصوص على ضوء الفلسفات القديمة وعلى رأسها الفلسفة اليونانية حيث تبنى المسلمون المنطق الأرسطى وهو أداة أساسية استخدمها المسلمون فيما بعد للدفاع عن الإسلام.
بدأت الفلسفة الإسلامية بنشاط مجموعة من المفكرين عرفوا بالمعتزلة الذين حاولوا الخروج عن الطرق التقليدية للسنة والجماعة والعشيرة فى تفسير آيات القرآن الكريم. فوفقا للرؤية التقليدية فقد كانت النصوص تفسر على شكلها الظاهر..أما المعتزلة فقد قرءوا بين السطور وجاءوا بالتفسيرات على أساس عقلانى.. وبتوفيقهم بين الإيمان والعقلانية مهد المعتزلة الطريق لأعمال المشاهير من الفلاسفة أمثال الكندى والفارابى وابن سينا والغزالى وابن رشد، ولكن لم يحدث أبدا أن أهمل أى من هؤلاء النص القرآنى.
استخدم الكندى العلم القديم ليشرح الميتافيزيقيات وظلال المعانى فى القرآن الكريم وبهذا فإنه حافظ على تأثير المعتزلة..فلقد تأمل الكندى القضايا الميتافيزيقية التى وردت فى القرآن محاولا أن يعقلنها..كما درس أيضا الرياضيات التى ساعدته فى استخدام المنطق لتفسير قضايا كوجود الله والملائكة والجنة والنار.
أما الفارابى فلقد ذاع صيته بعد أن جاء بنظرية (الفيض) التى أتى فيها بأدلة عقلية على أن وجود الله ضرورى لوجود كل الكائنات الأخرى التى صنف كل منها على حدة طبقا لدرجتها فى الأهمية. أما عمله الآخر الذى لايقل أهمية عن الأول وهو ( أراء أهل المدينة الفاضلة) التى تخيل فيها مجتمعا فاضلا حقق السعادة فى الحياة وفى العالم الآخر. طبعا كان تأثره بــ ( جمهورية) أفلاطون واضحا هنا ولكن كان الفرق أن حاول الفارابى أن ينظر إلى القضية من منظور إسلامى. حذا ابن سينا حذو الفارابى ولكنه كان أول من جاء بالمصطلحات التقنية مدشنا القاموس العربى الفلسفى.
أما الغزالى فقد ظهر لاحقا ليأتى بأهم القضايا القابلة للجدل فى تاريخ الفكر الإسلامى ألا وهى (عدم جدوى الفلسفة). مال المفكرون إلى إعتباره نصف فقية نصف فيلسوف ولكنه مال إلى الفقة الذى استخدمه ليهاجم به أسلافه أمثال بن سينا والفارابى والكندى معتبرا أعمالهم نوعا من الخروج عن النص القرآنى. لقد درس الفقة والفلسفة ولكن ليست له أية منجزات فلسفية. كتب كتابه الشهير (سقوط الفلاسفة) الذى نعى فيه نهاية الممارسات الفلسفية فى الشرق الأدنى.
لكن جاءت بعد مرور قرن محاولة أخيرة على يد ابن رشد الذى عاش فى الأندلس. أحيا ابن رشد الفكر الفلسفى فى كتابه (سقوط السقوط) والذى كان ردا على ( السقوط) للغزالى. ركز ابن رشد على المنطق اليونانى والميتافيزيقة الأرسطية فى محاولة من لتوفيق العقل والإيمان. لقد كان لكتب ابن رشد الفضل فى نشر الفكر الفلسفى فى اوروبا فى العصور الوسطى.
كما حدث فى الإسلام حدث فى المسيحية واليهودية: فلم تخرج أى من الفلسفة المسيحية أو اليهودية عن النصوص المقدسة وتبنت كل منهما أسلوبا عقلانى فى تفسيرها. فى العصور الوسطى أسهمت ترجمة أعمال بن رشد وشروحه لميتافيزيقية أرسطو ومنطقه فى عقلنة النص الإنجيلى. ومع ذلك فلقد كانت الصفوة الفكرية فى أوروبا منقسمة على نفسها بسبب التيار الجديد..
فقى حين رفضه البعض نادى البعض الآخر بالتوفيق بين العقل و الدين. ولكن عندما أستقلت الفلسفة الغربية عن سلطة الكنيسة بعد عدة قرون نشأت فلسفة سمحت بالخروج و الإطناب والنقد وتحررت تماما من إملاءات النص.
فى عصر الفلسفة الإسلامية الذهبى كان عامة الناس مولعين أكثر بالأدب والفن أكثر منه بالممارسات الفلسفية. ولكن كلمة أخيرة تؤكد أن الفلسفة الإسلامية بقت حبيسة نوع من ثنائية العقيدة والعقل..العقل والتراث..الفلسفة و الدين. وهكذا ظلت روح التوفيقية السمة الغالبة وبقت الحقيقة ملازمة للقرآن الكريم.
الأصل أن الفلسفة تخوض فى الميتافيزيقيات وقضايا ما وراء الوجود، والتى تتعارض مع اليقين والإيمان الذين تؤكد عليهما العقيدة السمحة، خاصة فيما يرتبط بقوانين الوجود..وهذا ما عجل بسقوطها فى الشرق نهاية العصور الوسطى وبداية عصر النهضة فى أوروبا. فعندما بقيت المحاور الفلسفية الشغل الشاغل للصفوة الفكرية التى تبناها الحكام العرب،قلما استحوذت على تفكير العامة من الناس الذين لم يسمحوا لها أن تهز عقيدتهم الراسخة. أما فى أوروبا فقد مهدت أعمال الفلاسفة العرب للتطورات الفكرية التى ارتبطت بما عرف بــ (عصر العقل). لكن بمرور عصور طويلة من الإحياء والتدهور لا يزال الولع بالفلسفة الإسلامية وتأثيرها المترامى الأطراف يحيا بين الحين والآخر.
ظلت الرؤية فى الفلسفة الإسلامية متمشية مع القرآن الكريم الذى أخضع الممارسات الفلسفية لنصوصة، فالثقافة القرآنية متمثلة فى الفقة و اللغة والأدب جعلت البدء من القرأن الكريم أساس الفكر الفلسفى الإسلامى. لكن لابد أن نعى أن هذا الفكر كان مزيجا من التأثر بالنصوص القرآنية والجهود المعرفية التى تتمثل فى تفسير تلك النصوص على ضوء الفلسفات القديمة وعلى رأسها الفلسفة اليونانية حيث تبنى المسلمون المنطق الأرسطى وهو أداة أساسية استخدمها المسلمون فيما بعد للدفاع عن الإسلام.
بدأت الفلسفة الإسلامية بنشاط مجموعة من المفكرين عرفوا بالمعتزلة الذين حاولوا الخروج عن الطرق التقليدية للسنة والجماعة والعشيرة فى تفسير آيات القرآن الكريم. فوفقا للرؤية التقليدية فقد كانت النصوص تفسر على شكلها الظاهر..أما المعتزلة فقد قرءوا بين السطور وجاءوا بالتفسيرات على أساس عقلانى.. وبتوفيقهم بين الإيمان والعقلانية مهد المعتزلة الطريق لأعمال المشاهير من الفلاسفة أمثال الكندى والفارابى وابن سينا والغزالى وابن رشد، ولكن لم يحدث أبدا أن أهمل أى من هؤلاء النص القرآنى.
استخدم الكندى العلم القديم ليشرح الميتافيزيقيات وظلال المعانى فى القرآن الكريم وبهذا فإنه حافظ على تأثير المعتزلة..فلقد تأمل الكندى القضايا الميتافيزيقية التى وردت فى القرآن محاولا أن يعقلنها..كما درس أيضا الرياضيات التى ساعدته فى استخدام المنطق لتفسير قضايا كوجود الله والملائكة والجنة والنار.
أما الفارابى فلقد ذاع صيته بعد أن جاء بنظرية (الفيض) التى أتى فيها بأدلة عقلية على أن وجود الله ضرورى لوجود كل الكائنات الأخرى التى صنف كل منها على حدة طبقا لدرجتها فى الأهمية. أما عمله الآخر الذى لايقل أهمية عن الأول وهو ( أراء أهل المدينة الفاضلة) التى تخيل فيها مجتمعا فاضلا حقق السعادة فى الحياة وفى العالم الآخر. طبعا كان تأثره بــ ( جمهورية) أفلاطون واضحا هنا ولكن كان الفرق أن حاول الفارابى أن ينظر إلى القضية من منظور إسلامى. حذا ابن سينا حذو الفارابى ولكنه كان أول من جاء بالمصطلحات التقنية مدشنا القاموس العربى الفلسفى.
أما الغزالى فقد ظهر لاحقا ليأتى بأهم القضايا القابلة للجدل فى تاريخ الفكر الإسلامى ألا وهى (عدم جدوى الفلسفة). مال المفكرون إلى إعتباره نصف فقية نصف فيلسوف ولكنه مال إلى الفقة الذى استخدمه ليهاجم به أسلافه أمثال بن سينا والفارابى والكندى معتبرا أعمالهم نوعا من الخروج عن النص القرآنى. لقد درس الفقة والفلسفة ولكن ليست له أية منجزات فلسفية. كتب كتابه الشهير (سقوط الفلاسفة) الذى نعى فيه نهاية الممارسات الفلسفية فى الشرق الأدنى.
لكن جاءت بعد مرور قرن محاولة أخيرة على يد ابن رشد الذى عاش فى الأندلس. أحيا ابن رشد الفكر الفلسفى فى كتابه (سقوط السقوط) والذى كان ردا على ( السقوط) للغزالى. ركز ابن رشد على المنطق اليونانى والميتافيزيقة الأرسطية فى محاولة من لتوفيق العقل والإيمان. لقد كان لكتب ابن رشد الفضل فى نشر الفكر الفلسفى فى اوروبا فى العصور الوسطى.
كما حدث فى الإسلام حدث فى المسيحية واليهودية: فلم تخرج أى من الفلسفة المسيحية أو اليهودية عن النصوص المقدسة وتبنت كل منهما أسلوبا عقلانى فى تفسيرها. فى العصور الوسطى أسهمت ترجمة أعمال بن رشد وشروحه لميتافيزيقية أرسطو ومنطقه فى عقلنة النص الإنجيلى. ومع ذلك فلقد كانت الصفوة الفكرية فى أوروبا منقسمة على نفسها بسبب التيار الجديد..فقى حين رفضه البعض نادى البعض الآخر بالتوفيق بين العقل و الدين. ولكن عندما أستقلت الفلسفة الغربية عن سلطة الكنيسة بعد عدة قرون نشأت فلسفة سمحت بالخروج و الإطناب والنقد وتحررت تماما من إملاءات النص.
فى عصر الفلسفة الإسلامية الذهبى كان عامة الناس مولعين أكثر بالأدب والفن أكثر منه بالممارسات الفلسفية. ولكن كلمة أخيرة تؤكد أن الفلسفة الإسلامية بقت حبيسة نوع من ثنائية العقيدة والعقل..العقل والتراث..الفلسفة و الدين. وهكذا ظلت روح التوفيقية السمة الغالبة وبقت الحقيقة ملازمة للقرآن الكريم.
أحمد كفافى
https://www.facebook.com/ahmed.kafafi1/posts/4118081968214115
كان هذا التطور سلاحا ذى حدين، خاصه عندما بدأ العلماء والدارسون سبرهذا المجال لينشأوا ما عرف بعد ذك باسم الفلسفة الإسلامية. نشأ العلم فى تناغم تام مع تعاليم القرآن الكريم التى شجعت روح المعرفة والبحث التى تقوم على التأمل وإعمال العقل. لكن عندما بلغ الولوع بالفلسفة أوجه على يد زمرة من المفكرين جاء رد الفعل على كتاباتهم مصحوبا بكثير من عدم الاطمئنان.
الأصل أن الفلسفة تخوض فى الميتافيزيقيات وقضايا ما وراء الوجود، والتى تتعارض مع اليقين والإيمان الذين تؤكد عليهما العقيدة السمحة، خاصة فيما يرتبط بقوانين الوجود..وهذا ما عجل بسقوطها فى الشرق نهاية العصور الوسطى وبداية عصر النهضة فى أوروبا. فعندما بقيت المحاور الفلسفية الشغل الشاغل للصفوة الفكرية التى تبناها الحكام العرب،قلما استحوذت على تفكير العامة من الناس الذين لم يسمحوا لها أن تهز عقيدتهم الراسخة. أما فى أوروبا فقد مهدت أعمال الفلاسفة العرب للتطورات الفكرية التى ارتبطت بما عرف بــ (عصر العقل). لكن بمرور عصور طويلة من الإحياء والتدهور لا يزال الولع بالفلسفة الإسلامية وتأثيرها المترامى الأطراف يحيا بين الحين والآخر.
ظلت الرؤية فى الفلسفة الإسلامية متمشية مع القرآن الكريم الذى أخضع الممارسات الفلسفية لنصوصة، فالثقافة القرآنية متمثلة فى الفقة و اللغة والأدب جعلت البدء من القرأن الكريم أساس الفكر الفلسفى الإسلامى. لكن لابد أن نعى أن هذا الفكر كان مزيجا من التأثر بالنصوص القرآنية والجهود المعرفية التى تتمثل فى تفسير تلك النصوص على ضوء الفلسفات القديمة وعلى رأسها الفلسفة اليونانية حيث تبنى المسلمون المنطق الأرسطى وهو أداة أساسية استخدمها المسلمون فيما بعد للدفاع عن الإسلام.
بدأت الفلسفة الإسلامية بنشاط مجموعة من المفكرين عرفوا بالمعتزلة الذين حاولوا الخروج عن الطرق التقليدية للسنة والجماعة والعشيرة فى تفسير آيات القرآن الكريم. فوفقا للرؤية التقليدية فقد كانت النصوص تفسر على شكلها الظاهر..أما المعتزلة فقد قرءوا بين السطور وجاءوا بالتفسيرات على أساس عقلانى.. وبتوفيقهم بين الإيمان والعقلانية مهد المعتزلة الطريق لأعمال المشاهير من الفلاسفة أمثال الكندى والفارابى وابن سينا والغزالى وابن رشد، ولكن لم يحدث أبدا أن أهمل أى من هؤلاء النص القرآنى.
استخدم الكندى العلم القديم ليشرح الميتافيزيقيات وظلال المعانى فى القرآن الكريم وبهذا فإنه حافظ على تأثير المعتزلة..فلقد تأمل الكندى القضايا الميتافيزيقية التى وردت فى القرآن محاولا أن يعقلنها..كما درس أيضا الرياضيات التى ساعدته فى استخدام المنطق لتفسير قضايا كوجود الله والملائكة والجنة والنار.
أما الفارابى فلقد ذاع صيته بعد أن جاء بنظرية (الفيض) التى أتى فيها بأدلة عقلية على أن وجود الله ضرورى لوجود كل الكائنات الأخرى التى صنف كل منها على حدة طبقا لدرجتها فى الأهمية. أما عمله الآخر الذى لايقل أهمية عن الأول وهو ( أراء أهل المدينة الفاضلة) التى تخيل فيها مجتمعا فاضلا حقق السعادة فى الحياة وفى العالم الآخر. طبعا كان تأثره بــ ( جمهورية) أفلاطون واضحا هنا ولكن كان الفرق أن حاول الفارابى أن ينظر إلى القضية من منظور إسلامى. حذا ابن سينا حذو الفارابى ولكنه كان أول من جاء بالمصطلحات التقنية مدشنا القاموس العربى الفلسفى.
أما الغزالى فقد ظهر لاحقا ليأتى بأهم القضايا القابلة للجدل فى تاريخ الفكر الإسلامى ألا وهى (عدم جدوى الفلسفة). مال المفكرون إلى إعتباره نصف فقية نصف فيلسوف ولكنه مال إلى الفقة الذى استخدمه ليهاجم به أسلافه أمثال بن سينا والفارابى والكندى معتبرا أعمالهم نوعا من الخروج عن النص القرآنى. لقد درس الفقة والفلسفة ولكن ليست له أية منجزات فلسفية. كتب كتابه الشهير (سقوط الفلاسفة) الذى نعى فيه نهاية الممارسات الفلسفية فى الشرق الأدنى.
لكن جاءت بعد مرور قرن محاولة أخيرة على يد ابن رشد الذى عاش فى الأندلس. أحيا ابن رشد الفكر الفلسفى فى كتابه (سقوط السقوط) والذى كان ردا على ( السقوط) للغزالى. ركز ابن رشد على المنطق اليونانى والميتافيزيقة الأرسطية فى محاولة من لتوفيق العقل والإيمان. لقد كان لكتب ابن رشد الفضل فى نشر الفكر الفلسفى فى اوروبا فى العصور الوسطى.
كما حدث فى الإسلام حدث فى المسيحية واليهودية: فلم تخرج أى من الفلسفة المسيحية أو اليهودية عن النصوص المقدسة وتبنت كل منهما أسلوبا عقلانى فى تفسيرها. فى العصور الوسطى أسهمت ترجمة أعمال بن رشد وشروحه لميتافيزيقية أرسطو ومنطقه فى عقلنة النص الإنجيلى. ومع ذلك فلقد كانت الصفوة الفكرية فى أوروبا منقسمة على نفسها بسبب التيار الجديد..
فقى حين رفضه البعض نادى البعض الآخر بالتوفيق بين العقل و الدين. ولكن عندما أستقلت الفلسفة الغربية عن سلطة الكنيسة بعد عدة قرون نشأت فلسفة سمحت بالخروج و الإطناب والنقد وتحررت تماما من إملاءات النص.
فى عصر الفلسفة الإسلامية الذهبى كان عامة الناس مولعين أكثر بالأدب والفن أكثر منه بالممارسات الفلسفية. ولكن كلمة أخيرة تؤكد أن الفلسفة الإسلامية بقت حبيسة نوع من ثنائية العقيدة والعقل..العقل والتراث..الفلسفة و الدين. وهكذا ظلت روح التوفيقية السمة الغالبة وبقت الحقيقة ملازمة للقرآن الكريم.
الأصل أن الفلسفة تخوض فى الميتافيزيقيات وقضايا ما وراء الوجود، والتى تتعارض مع اليقين والإيمان الذين تؤكد عليهما العقيدة السمحة، خاصة فيما يرتبط بقوانين الوجود..وهذا ما عجل بسقوطها فى الشرق نهاية العصور الوسطى وبداية عصر النهضة فى أوروبا. فعندما بقيت المحاور الفلسفية الشغل الشاغل للصفوة الفكرية التى تبناها الحكام العرب،قلما استحوذت على تفكير العامة من الناس الذين لم يسمحوا لها أن تهز عقيدتهم الراسخة. أما فى أوروبا فقد مهدت أعمال الفلاسفة العرب للتطورات الفكرية التى ارتبطت بما عرف بــ (عصر العقل). لكن بمرور عصور طويلة من الإحياء والتدهور لا يزال الولع بالفلسفة الإسلامية وتأثيرها المترامى الأطراف يحيا بين الحين والآخر.
ظلت الرؤية فى الفلسفة الإسلامية متمشية مع القرآن الكريم الذى أخضع الممارسات الفلسفية لنصوصة، فالثقافة القرآنية متمثلة فى الفقة و اللغة والأدب جعلت البدء من القرأن الكريم أساس الفكر الفلسفى الإسلامى. لكن لابد أن نعى أن هذا الفكر كان مزيجا من التأثر بالنصوص القرآنية والجهود المعرفية التى تتمثل فى تفسير تلك النصوص على ضوء الفلسفات القديمة وعلى رأسها الفلسفة اليونانية حيث تبنى المسلمون المنطق الأرسطى وهو أداة أساسية استخدمها المسلمون فيما بعد للدفاع عن الإسلام.
بدأت الفلسفة الإسلامية بنشاط مجموعة من المفكرين عرفوا بالمعتزلة الذين حاولوا الخروج عن الطرق التقليدية للسنة والجماعة والعشيرة فى تفسير آيات القرآن الكريم. فوفقا للرؤية التقليدية فقد كانت النصوص تفسر على شكلها الظاهر..أما المعتزلة فقد قرءوا بين السطور وجاءوا بالتفسيرات على أساس عقلانى.. وبتوفيقهم بين الإيمان والعقلانية مهد المعتزلة الطريق لأعمال المشاهير من الفلاسفة أمثال الكندى والفارابى وابن سينا والغزالى وابن رشد، ولكن لم يحدث أبدا أن أهمل أى من هؤلاء النص القرآنى.
استخدم الكندى العلم القديم ليشرح الميتافيزيقيات وظلال المعانى فى القرآن الكريم وبهذا فإنه حافظ على تأثير المعتزلة..فلقد تأمل الكندى القضايا الميتافيزيقية التى وردت فى القرآن محاولا أن يعقلنها..كما درس أيضا الرياضيات التى ساعدته فى استخدام المنطق لتفسير قضايا كوجود الله والملائكة والجنة والنار.
أما الفارابى فلقد ذاع صيته بعد أن جاء بنظرية (الفيض) التى أتى فيها بأدلة عقلية على أن وجود الله ضرورى لوجود كل الكائنات الأخرى التى صنف كل منها على حدة طبقا لدرجتها فى الأهمية. أما عمله الآخر الذى لايقل أهمية عن الأول وهو ( أراء أهل المدينة الفاضلة) التى تخيل فيها مجتمعا فاضلا حقق السعادة فى الحياة وفى العالم الآخر. طبعا كان تأثره بــ ( جمهورية) أفلاطون واضحا هنا ولكن كان الفرق أن حاول الفارابى أن ينظر إلى القضية من منظور إسلامى. حذا ابن سينا حذو الفارابى ولكنه كان أول من جاء بالمصطلحات التقنية مدشنا القاموس العربى الفلسفى.
أما الغزالى فقد ظهر لاحقا ليأتى بأهم القضايا القابلة للجدل فى تاريخ الفكر الإسلامى ألا وهى (عدم جدوى الفلسفة). مال المفكرون إلى إعتباره نصف فقية نصف فيلسوف ولكنه مال إلى الفقة الذى استخدمه ليهاجم به أسلافه أمثال بن سينا والفارابى والكندى معتبرا أعمالهم نوعا من الخروج عن النص القرآنى. لقد درس الفقة والفلسفة ولكن ليست له أية منجزات فلسفية. كتب كتابه الشهير (سقوط الفلاسفة) الذى نعى فيه نهاية الممارسات الفلسفية فى الشرق الأدنى.
لكن جاءت بعد مرور قرن محاولة أخيرة على يد ابن رشد الذى عاش فى الأندلس. أحيا ابن رشد الفكر الفلسفى فى كتابه (سقوط السقوط) والذى كان ردا على ( السقوط) للغزالى. ركز ابن رشد على المنطق اليونانى والميتافيزيقة الأرسطية فى محاولة من لتوفيق العقل والإيمان. لقد كان لكتب ابن رشد الفضل فى نشر الفكر الفلسفى فى اوروبا فى العصور الوسطى.
كما حدث فى الإسلام حدث فى المسيحية واليهودية: فلم تخرج أى من الفلسفة المسيحية أو اليهودية عن النصوص المقدسة وتبنت كل منهما أسلوبا عقلانى فى تفسيرها. فى العصور الوسطى أسهمت ترجمة أعمال بن رشد وشروحه لميتافيزيقية أرسطو ومنطقه فى عقلنة النص الإنجيلى. ومع ذلك فلقد كانت الصفوة الفكرية فى أوروبا منقسمة على نفسها بسبب التيار الجديد..فقى حين رفضه البعض نادى البعض الآخر بالتوفيق بين العقل و الدين. ولكن عندما أستقلت الفلسفة الغربية عن سلطة الكنيسة بعد عدة قرون نشأت فلسفة سمحت بالخروج و الإطناب والنقد وتحررت تماما من إملاءات النص.
فى عصر الفلسفة الإسلامية الذهبى كان عامة الناس مولعين أكثر بالأدب والفن أكثر منه بالممارسات الفلسفية. ولكن كلمة أخيرة تؤكد أن الفلسفة الإسلامية بقت حبيسة نوع من ثنائية العقيدة والعقل..العقل والتراث..الفلسفة و الدين. وهكذا ظلت روح التوفيقية السمة الغالبة وبقت الحقيقة ملازمة للقرآن الكريم.
أحمد كفافى
https://www.facebook.com/ahmed.kafafi1/posts/4118081968214115