محمد عكاشة - حين تَمورُ الأرواح.. شعر

لَمَّا مَاءَتْ قُطَّةٌ مِنْ خَلْفِي
امتصتُ السماء كُلُّ أَهَاتِ الْأَلَمِ ودفعتها على شكل سحابات بيضاء
كَيْ تَتَشَكَّلَ بِمَلَامِحِ الْكَائِنَاتِ جميعها
تَتَشَابَكُ وَتَنْفَكُّ
تَمَامًا كَكُرَّاتِ الدَّمِ في الأوردة
تَهَرْوُلٍ كَقَطِيعٍ مِنَ الْإِبِلِ
حول قُطَرُ الشَّمْسُ
فَكَمَا تَمُورُ الرِّمَالُ تَمُورُ الْأَرْوَاح وَتَتَلَاقَحُ هُنَاكَ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنَ الْأُفُقِ
وَكَمَا يَنْخَلُ الْبَحْرُ أَمْوَاجَهُ
تُقَلِبُ السَّمَاءُ غُيُومَهَا
وَتَهَزُّ الرِّيحُ الشجر
تَحْفرُ الْحَشَرَاتُ أَنْفَاقَهَا
وَيَجْرِي الدَّمُ فِي الْكَائِنَاتِ كَسَرَيَانِ النَّهْرِ
الْأَرْوَاحُ تهبُ كَعَاصِفَة لِتَتَزَاوَجَ
وَسَطَ سِيمْفُونِيَّةٍ كَوْنِيَّةٍ هَائِلَةٍ
لِذَا أَبْحَثُ عَنْ صُوَرِ عَائِلَتِي وَسَطَ السَّحْبِ الْمَارِقَةِ
رُبَّمَا أَجِدُ صُورَةَ جِدِّي كَسَحَابَة مَشْحُونَة بِرُوحِ شَجَرَةٍ عَتِيقَةٍ
أَوْ مُنْتَفِخَةٌ بِرُوحِ كَلْبِ أَهْلِ الْكَهْفِ
ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
أَوْ بِرُوحِ هُدْهد سُلَيْمَانَ
رُبَّمَا أَجِدُ صُورَةَ أُمِّي مَمْلُوءَة
بُرُوحِ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ
كَسَحَابَّةٍ صَفْرَاءَ
أَوْ رُبَّمَا أَجِدُ صُورَتِي مُعَبَّأَة بِرُوحِ حِمَارِ الْعُزَيْرِ
رُبَّمَا تَتَكَوَّنُ عَظَامِي
بِسَحْبِ صَغِيرَةٍ مُتَنَاثِرَةٍ
تَدفعنا الرِّيحُ لِنَتَكَاثَفَ كَغِيْمٍ
كَيْ تُمْطِرَ السَّمَاء أَرْوَاحنا خَضْرَاءَ لِلْحَيَاةِ
رُبَّمَا تَنْمُو الْأَشْجَار حَوْلَ دَائِرَةِ الشَّمْسِ
وَتَنْبُعُ الْأَنْهَارُ مِنْ جَوْفِهَا
وَتَمْشِي السَّحْبُ بِأَقْدَامٍ عَلَى سَطْحِ الْأَرْضِ
كَيْ تُحْيِيَ الْأَجْسَادَ الَّتِي مَاتَتْ مِنْ جَدِيدٍ

محمد عكاشة
مصر


التفاعلات: محمد عكاشة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...