17/10/1946
إلى الرفيق المجاهد نعمان ضو
كوساته - سان خوان
أيها الرفيق العزيز،
تسلّمت رسائلك الاخيرة وآخرها ما ورد معه مقالة في صدد فلسطين. لم أتمكن من إرسال جواب قبل الان لان انهماكي بأمور التصفية وبالمخابرات المتعددة مع عدة جهات حزبية كان يستغرق كل وقتي.
تأسفت لانك لم تتمكن من تصفية النبيذ الذي صنعته ولتعرّضك لبعض الخسائر التي أرجو أنّ تعوّض عليك أرباحاً مضاعفة.
أبشّرك، اني قد بعت محلي التجاري الذي استدرجني إليه لغاية سافلة في نفسه المدعو جبران مسّوح، وقد تمّ البيع أول أمس إلى رجل إسباني مهذب كان سابقاً مدة في سان خوان ومعه رأسمال مبلغه واحد وعشرون ألف فاس، وقد أعطاني سنداً على المصرف الإسباني بمبلغ رأس مالي الحاصل من إحصاء البضائع والموازنة المبنية عليهم وأودعت السند في مصرفي أمس وأعتقد أنّ المبلغ يكون حاصلاً غداً.
تبقى مسألة تحصيل الديون التي لي عند تجار أكثرهم في داخلية الولاية وتبلغ نحو ثلاثة آلاف فاس. ومسألة بيع بضاعة الألعاب التي لم يشأ الشاري التعامل بها. وفي هاتين المسألتين سأتعرض لبعض الخسائر الطفيفة، فلا بأس. واني مطمئن لأني عوضت معظم الخسائر السابقة التي لحقت بي من جراء الاحتيال والسرقة، وسأتمكن من إيفاء الدين الذي عليّ لابن حمي ويبقى معي شيء قليل لنفقة العائلة. وأرى هذه النتيجة حسنة جدًّا بعد ما جرى في توكومان وانتصاراً كاملاً على مكائد المنافقين والخونة.
لم تتم مسألة بيع المحل بلا فصل أخير لأهل الشر. فبعد صدور إعلان عرض المحل للبيع في جريدة محلية بعدة أيام سعى المدعو محمد إبراهيم الكردي الذي تعرف خبره والذي كان أقام عليّ دعوى باطلة طالباً إعلان فسخ الشركة المشؤومة معه قضائيا وتعويض ما يدعيه من "عطل وضرر"، وقدّم كفيلاً وطلب الحجز الاحتياطي على محلي وبضائعه استناداً على أنّ له دعوى عليّ قيد البتّ. وقد أجاز القاضي الجديد، الذي يظهر انه قليل الاختبار في المسائل، طلبه وأمر بإجراء الحجز الاحتياطي. ولكن الكردي لم يتجاسر على القدوم مع مفوض الإجراء فأتى هذا وحده وأعلن لي أمر القاضي، فأراه رفيق جديد، اتفق وجوده في المحل، صعوبة الحجز على البضائع لكثرة أصنافها وما يتطلبه إحصاؤها من وقت فضلاً عن أنّ قيمتها فوق ما يمكن أنّ يكون مطلوباً بكثير. فخابر المفوض المحامي بالتلفون فقبل هذا بإجراء الحجز على الرفوف، إلا بعضها، وعلى المستعرضات فتبلغت ذلك. في اليوم التالي طلب الكردي تمديد الحجز، لانه بعد ما حجز عليه غير كاف للتعويض على "خسائره" وأخذ يطبل ويزمّر للحجز في قهاوي السوريين فطلبت من القاضى إيقاف التنفيذ لان المدّعي لا يعيّن مبلغاً لما يطلبه وطلبت إعادة النظر في إجازة الحجز ورفعه والاستئناف إذا لم يرفع الحجز فتوقفت هذه المسائل وبعد بضعة أيام صدر حكم القاضي في 9 الجاري في دعوى الكردي الأساسية مجيباً طلب الكردي إعلان فسخ الشركة قضائيًّا "بلا غرامة ولا ذنب للمدّعى عليه" ورافضاً طلب الكردي تعويض "العطل والضرر" مع تغريم المدّعي. وقد استأنف الكردي هذا الحكم إلى محكمة الاستتناف، وأظن أنّ النتيجة الأخيرة تحصل بعد نحو عشرين يوماً.
وهكذا تنحل نهائيًّا جميع مشاكل سفالات المجموع السوري في توكومان انتقل الآن إلى أمر آخر: أمر قبض مبلغ مالي هنا يحوّل إلى الوطن من أفريقية الغربية. الان يمكن قبول ما عرضته عليّ سابقاً. فان منفذية الشاطئ الذهبي قد وضعت تحت تصرّفي ما يلزم من نفقات رحلتي وعودتي إلى الوطن مبلغ مئة ليرة استرلينية يمكنها أنّ تحوّلها في الحال إلى شخص في الوطن أرسل إليها اسمه وعنوانه وصولاً بتسلّمي ما يعادل المبلغ المطلوب دفعه. فإذا كان الأشخاص الذين ذكرتهم سابقاً على استعداد لإجراء هذه المعاملة فخابرهم وأخبرني ما يكون من وراء المخابرة. والآن يجب السرعة، لانه يجب أنّ لا أخسر وقتاً فعودتي إلى الوطن أصبحت ضرورية جداً.
وردني بالبريد الجوي من أيام عددان من (صدى) النهضة وفيهما وصف المهرجان القومي الاجتماعي الذي جرى في الشوير في ساحات فندق القاصوف والأراضي التي حوله على ذلك التل البديع المشرف على زرعون، في أول سبتمبر/ أيلول الماضي. سارت من بيروت خمس مئة سيارة بين كبيرة من نوع الأمنبيص وعادية للركاب إلى بيت مري ومنها إلى الشوير. فكان حشداً عظيماً وملأت الهتافات جميع القرى. وتجمّع في ساحات القاصوف خلق كثير من القوميين الاجتماعيين ومن السكان ومن المصطافين من سوريين ومصريين وغيرهم. وحضر القوميين الاجتماعيين وفود من الشام وفلسطين. فألقيت خطب وختم الاجتماع بتلاوة رسالة خاصة من الزعيم إلى القوميين الاجتماعيين في هذا الاجتماع. وذلك أنّ المركز أبرق إليّ في أول أغسطس/آب الماضي يطلب رسالة للاجتماع المذكور فانشأت الرسالة يوم وصول البرقية ووضعتها في البريد الجوي فوصلت وتليت في الاجتماع.
لن أبقى في توكومان أكثر من المدة التي تقتضيها تصفية بقية العلاقات وقد يكون ذلك نحو شهر آخر. وسأهتم بالإسراع بمعاملات السفر الذي لست أدري الان هل يكون بحراً أم جوًّا.
أتمنى أنّ أراك قبل السفر. قد أذهب إلى بوينُس آيرس مع الذي اشترى المحل لأعرّفه المحلات التي يشتري منها. وقد أؤجل السفر معه إلى حين انتقالي نهائيًّا إلى بوينس آيرس، والأمور تتقطع شيئاً فشيئاً.
جولييت وصفية وأليسار يشتركن معي في إهدائك والعائلة السلام القومي.
ولتحيى سورية.
حاشية: نشطت الحركة السورية الاجتماعية في توكومان بانضمام نحو ثمانية مواطنين أكثرهم من رباح. وتتحرك الان أوساط جديدة نحو الحزب.
بعد: لمّا كان قصدي إقامة دعوى تعويض عطل وضرر على الكردي وكفيله وكانت الوثائق ضرورية لإثبات العطل والضرر، فإني مرفق بهذا الكتاب نسخة كتاب موجّه إلي معلناً إلغاء الإتفاق على شراء محلي بالكمية المعينة مع الكمية المتفق عليها تعويض "خلو رجل" فإذا استحسنت أنّ توجه إليّ على ورق رسمي لعنوانك التجاري أو عنوان تاجر معروف، والأول آلافضل فافعل وارسله إليّ على جناح السرعة. ويبقى عنواني في صورة الكتاب المرسلة كما هو ولكن على الغلاف يكون عنواني إلى شارع كوردبة 822 أي عنوان البيت.
=============
إلى نعمان ضو
بوينُس آيرس، 30/6/1939
عزيزي الشيخ نعمان،
بكل سرور تسلمت كتابيك، خصوصاً الثاني منهما المؤرخ في 26 الجاري. ومعظم سروري هو لعودة الاتصال بيننا الذي كان قد انقطع بسبب نزوحك عن الوطن، وما خضت أنا من معارك شغلتني عن كل أمر آخر وعن نفسي وصحبي.
إني كنت أتصور ما سأجده في المهاجر السورية من أغراض خصوصية ودعاوات وعنعنات. فإني أعرف جيداً نفسية شعبي العتيقة، وأعرف المهجر، وأعرف أعمال أعداء الأمة ومحبي مصالحهم الخصوصية. ولكني أعرف أن عامة الشعب طيبة القلب قابلة للإصلاح متى أنقذناها من سيطرة النفعيين، وأريناها الطريق القويم نحو الحياة المثلى والفضائل الباقية. وإن لي ثقة بوجود نفوس كبيرة، نبيلة تميّز بين النور والظلمة وتعمل في النور لنشر النور.
إن الصحافيين في هذه العاصمة و«ذوي المكانة» جربوا أن يتعصبوا ضد زيارتي، ظانين أني سألتجئ إليهم. وقد ساء فألهم. إنهم يجهلون خطورة الحركة السورية القومية وقوة فعليتها. وظنوا أن زيارتي للمهجر هي كزيارة أولئك التجار السياسيين الذين تعودوا زيارة المهجر لاستغلال بعض الحوادث وكسب المال، فكانوا يلتجئون إلى بعض «الكبار» ويتوددون إليهم ويحدثون ضجة ويجمعون مبلغاً من المال ويعودون من حيث أتوا.
أما أنا فقد حافظت على حقيقة الرسالة التي أؤديها. وابتدأت الأوساط تتعرف إلى مرافقيّ [أسد الأشقر وخالد أديب] أولاً، ثم تطلب التقدم إليّ. وقد تبين أن لي بعض الأصدقاء القدامى من الشبيبة أمّوا الأرجنتين من زمن غير بعيد مثلك، وبعضهم في هذه العاصمة لهم مركز جيد. وإني متفائل بالنتيجة.
أحب أن أعرف ما يمكن أن تعمل من جهتك بين معارفك وأصدقائك؟ وما هي أهمية المكان الذي أنت فيه؟ وهل الأوساط عندكم تهتم لقضية وطنها؟
وهل هنالك عناصر تريد أن تعمل بإخلاص لمصلحة الشعب السوري عامة والجالية عموماً بوجه خاص؟ وهل هنالك استعداد لمساعدة حركة الإنقاذ القومي التي نقوم بها، وما يمكن أن ينتظر من زيارة أقوم أنا بها أو يقوم أحد ناموسيّ إلى الداخلية؟
أعتقد أنه يمكنك أن تؤدي خدمة كبيرة أثناء زيارتك لمندوسة بالاتصال بالأوساط التي لك علاقة بها وتهيئة الأفكار، حتى إذا وجدت استعداداً طيباً تخبرني بسرعة. إن الاستعداد هنا ينمو والاهتمام يزداد وستتحرك قريباً بعض الأوساط. فإذا وجدت استعداداً حسناً في الداخلية فقد نقوم برحلة سريعة إليها بعد أن نفرغ من هنا، أي بعد بضعة أسابيع.
إني مرسل إليك بعض نسخ قليلة من مبادئ النهضة السورية القومية، واحدة خصوصية لك والبقية لتوزعها على من ترى فيهم الأهلية والاستعداد الطيب. وإني مسرور جداً من استعدادك الروحي، الذي لا يزال كما أعهده. فأنت تمثّل قوة النفسية السورية الحية.
كذلك سرّني أن تكون وعائلتك العزيزة بخير. فسلامي لك ولها.
ولتحيى سورية.
إلى الرفيق المجاهد نعمان ضو
كوساته - سان خوان
أيها الرفيق العزيز،
تسلّمت رسائلك الاخيرة وآخرها ما ورد معه مقالة في صدد فلسطين. لم أتمكن من إرسال جواب قبل الان لان انهماكي بأمور التصفية وبالمخابرات المتعددة مع عدة جهات حزبية كان يستغرق كل وقتي.
تأسفت لانك لم تتمكن من تصفية النبيذ الذي صنعته ولتعرّضك لبعض الخسائر التي أرجو أنّ تعوّض عليك أرباحاً مضاعفة.
أبشّرك، اني قد بعت محلي التجاري الذي استدرجني إليه لغاية سافلة في نفسه المدعو جبران مسّوح، وقد تمّ البيع أول أمس إلى رجل إسباني مهذب كان سابقاً مدة في سان خوان ومعه رأسمال مبلغه واحد وعشرون ألف فاس، وقد أعطاني سنداً على المصرف الإسباني بمبلغ رأس مالي الحاصل من إحصاء البضائع والموازنة المبنية عليهم وأودعت السند في مصرفي أمس وأعتقد أنّ المبلغ يكون حاصلاً غداً.
تبقى مسألة تحصيل الديون التي لي عند تجار أكثرهم في داخلية الولاية وتبلغ نحو ثلاثة آلاف فاس. ومسألة بيع بضاعة الألعاب التي لم يشأ الشاري التعامل بها. وفي هاتين المسألتين سأتعرض لبعض الخسائر الطفيفة، فلا بأس. واني مطمئن لأني عوضت معظم الخسائر السابقة التي لحقت بي من جراء الاحتيال والسرقة، وسأتمكن من إيفاء الدين الذي عليّ لابن حمي ويبقى معي شيء قليل لنفقة العائلة. وأرى هذه النتيجة حسنة جدًّا بعد ما جرى في توكومان وانتصاراً كاملاً على مكائد المنافقين والخونة.
لم تتم مسألة بيع المحل بلا فصل أخير لأهل الشر. فبعد صدور إعلان عرض المحل للبيع في جريدة محلية بعدة أيام سعى المدعو محمد إبراهيم الكردي الذي تعرف خبره والذي كان أقام عليّ دعوى باطلة طالباً إعلان فسخ الشركة المشؤومة معه قضائيا وتعويض ما يدعيه من "عطل وضرر"، وقدّم كفيلاً وطلب الحجز الاحتياطي على محلي وبضائعه استناداً على أنّ له دعوى عليّ قيد البتّ. وقد أجاز القاضي الجديد، الذي يظهر انه قليل الاختبار في المسائل، طلبه وأمر بإجراء الحجز الاحتياطي. ولكن الكردي لم يتجاسر على القدوم مع مفوض الإجراء فأتى هذا وحده وأعلن لي أمر القاضي، فأراه رفيق جديد، اتفق وجوده في المحل، صعوبة الحجز على البضائع لكثرة أصنافها وما يتطلبه إحصاؤها من وقت فضلاً عن أنّ قيمتها فوق ما يمكن أنّ يكون مطلوباً بكثير. فخابر المفوض المحامي بالتلفون فقبل هذا بإجراء الحجز على الرفوف، إلا بعضها، وعلى المستعرضات فتبلغت ذلك. في اليوم التالي طلب الكردي تمديد الحجز، لانه بعد ما حجز عليه غير كاف للتعويض على "خسائره" وأخذ يطبل ويزمّر للحجز في قهاوي السوريين فطلبت من القاضى إيقاف التنفيذ لان المدّعي لا يعيّن مبلغاً لما يطلبه وطلبت إعادة النظر في إجازة الحجز ورفعه والاستئناف إذا لم يرفع الحجز فتوقفت هذه المسائل وبعد بضعة أيام صدر حكم القاضي في 9 الجاري في دعوى الكردي الأساسية مجيباً طلب الكردي إعلان فسخ الشركة قضائيًّا "بلا غرامة ولا ذنب للمدّعى عليه" ورافضاً طلب الكردي تعويض "العطل والضرر" مع تغريم المدّعي. وقد استأنف الكردي هذا الحكم إلى محكمة الاستتناف، وأظن أنّ النتيجة الأخيرة تحصل بعد نحو عشرين يوماً.
وهكذا تنحل نهائيًّا جميع مشاكل سفالات المجموع السوري في توكومان انتقل الآن إلى أمر آخر: أمر قبض مبلغ مالي هنا يحوّل إلى الوطن من أفريقية الغربية. الان يمكن قبول ما عرضته عليّ سابقاً. فان منفذية الشاطئ الذهبي قد وضعت تحت تصرّفي ما يلزم من نفقات رحلتي وعودتي إلى الوطن مبلغ مئة ليرة استرلينية يمكنها أنّ تحوّلها في الحال إلى شخص في الوطن أرسل إليها اسمه وعنوانه وصولاً بتسلّمي ما يعادل المبلغ المطلوب دفعه. فإذا كان الأشخاص الذين ذكرتهم سابقاً على استعداد لإجراء هذه المعاملة فخابرهم وأخبرني ما يكون من وراء المخابرة. والآن يجب السرعة، لانه يجب أنّ لا أخسر وقتاً فعودتي إلى الوطن أصبحت ضرورية جداً.
وردني بالبريد الجوي من أيام عددان من (صدى) النهضة وفيهما وصف المهرجان القومي الاجتماعي الذي جرى في الشوير في ساحات فندق القاصوف والأراضي التي حوله على ذلك التل البديع المشرف على زرعون، في أول سبتمبر/ أيلول الماضي. سارت من بيروت خمس مئة سيارة بين كبيرة من نوع الأمنبيص وعادية للركاب إلى بيت مري ومنها إلى الشوير. فكان حشداً عظيماً وملأت الهتافات جميع القرى. وتجمّع في ساحات القاصوف خلق كثير من القوميين الاجتماعيين ومن السكان ومن المصطافين من سوريين ومصريين وغيرهم. وحضر القوميين الاجتماعيين وفود من الشام وفلسطين. فألقيت خطب وختم الاجتماع بتلاوة رسالة خاصة من الزعيم إلى القوميين الاجتماعيين في هذا الاجتماع. وذلك أنّ المركز أبرق إليّ في أول أغسطس/آب الماضي يطلب رسالة للاجتماع المذكور فانشأت الرسالة يوم وصول البرقية ووضعتها في البريد الجوي فوصلت وتليت في الاجتماع.
لن أبقى في توكومان أكثر من المدة التي تقتضيها تصفية بقية العلاقات وقد يكون ذلك نحو شهر آخر. وسأهتم بالإسراع بمعاملات السفر الذي لست أدري الان هل يكون بحراً أم جوًّا.
أتمنى أنّ أراك قبل السفر. قد أذهب إلى بوينُس آيرس مع الذي اشترى المحل لأعرّفه المحلات التي يشتري منها. وقد أؤجل السفر معه إلى حين انتقالي نهائيًّا إلى بوينس آيرس، والأمور تتقطع شيئاً فشيئاً.
جولييت وصفية وأليسار يشتركن معي في إهدائك والعائلة السلام القومي.
ولتحيى سورية.
حاشية: نشطت الحركة السورية الاجتماعية في توكومان بانضمام نحو ثمانية مواطنين أكثرهم من رباح. وتتحرك الان أوساط جديدة نحو الحزب.
بعد: لمّا كان قصدي إقامة دعوى تعويض عطل وضرر على الكردي وكفيله وكانت الوثائق ضرورية لإثبات العطل والضرر، فإني مرفق بهذا الكتاب نسخة كتاب موجّه إلي معلناً إلغاء الإتفاق على شراء محلي بالكمية المعينة مع الكمية المتفق عليها تعويض "خلو رجل" فإذا استحسنت أنّ توجه إليّ على ورق رسمي لعنوانك التجاري أو عنوان تاجر معروف، والأول آلافضل فافعل وارسله إليّ على جناح السرعة. ويبقى عنواني في صورة الكتاب المرسلة كما هو ولكن على الغلاف يكون عنواني إلى شارع كوردبة 822 أي عنوان البيت.
=============
إلى نعمان ضو
بوينُس آيرس، 30/6/1939
عزيزي الشيخ نعمان،
بكل سرور تسلمت كتابيك، خصوصاً الثاني منهما المؤرخ في 26 الجاري. ومعظم سروري هو لعودة الاتصال بيننا الذي كان قد انقطع بسبب نزوحك عن الوطن، وما خضت أنا من معارك شغلتني عن كل أمر آخر وعن نفسي وصحبي.
إني كنت أتصور ما سأجده في المهاجر السورية من أغراض خصوصية ودعاوات وعنعنات. فإني أعرف جيداً نفسية شعبي العتيقة، وأعرف المهجر، وأعرف أعمال أعداء الأمة ومحبي مصالحهم الخصوصية. ولكني أعرف أن عامة الشعب طيبة القلب قابلة للإصلاح متى أنقذناها من سيطرة النفعيين، وأريناها الطريق القويم نحو الحياة المثلى والفضائل الباقية. وإن لي ثقة بوجود نفوس كبيرة، نبيلة تميّز بين النور والظلمة وتعمل في النور لنشر النور.
إن الصحافيين في هذه العاصمة و«ذوي المكانة» جربوا أن يتعصبوا ضد زيارتي، ظانين أني سألتجئ إليهم. وقد ساء فألهم. إنهم يجهلون خطورة الحركة السورية القومية وقوة فعليتها. وظنوا أن زيارتي للمهجر هي كزيارة أولئك التجار السياسيين الذين تعودوا زيارة المهجر لاستغلال بعض الحوادث وكسب المال، فكانوا يلتجئون إلى بعض «الكبار» ويتوددون إليهم ويحدثون ضجة ويجمعون مبلغاً من المال ويعودون من حيث أتوا.
أما أنا فقد حافظت على حقيقة الرسالة التي أؤديها. وابتدأت الأوساط تتعرف إلى مرافقيّ [أسد الأشقر وخالد أديب] أولاً، ثم تطلب التقدم إليّ. وقد تبين أن لي بعض الأصدقاء القدامى من الشبيبة أمّوا الأرجنتين من زمن غير بعيد مثلك، وبعضهم في هذه العاصمة لهم مركز جيد. وإني متفائل بالنتيجة.
أحب أن أعرف ما يمكن أن تعمل من جهتك بين معارفك وأصدقائك؟ وما هي أهمية المكان الذي أنت فيه؟ وهل الأوساط عندكم تهتم لقضية وطنها؟
وهل هنالك عناصر تريد أن تعمل بإخلاص لمصلحة الشعب السوري عامة والجالية عموماً بوجه خاص؟ وهل هنالك استعداد لمساعدة حركة الإنقاذ القومي التي نقوم بها، وما يمكن أن ينتظر من زيارة أقوم أنا بها أو يقوم أحد ناموسيّ إلى الداخلية؟
أعتقد أنه يمكنك أن تؤدي خدمة كبيرة أثناء زيارتك لمندوسة بالاتصال بالأوساط التي لك علاقة بها وتهيئة الأفكار، حتى إذا وجدت استعداداً طيباً تخبرني بسرعة. إن الاستعداد هنا ينمو والاهتمام يزداد وستتحرك قريباً بعض الأوساط. فإذا وجدت استعداداً حسناً في الداخلية فقد نقوم برحلة سريعة إليها بعد أن نفرغ من هنا، أي بعد بضعة أسابيع.
إني مرسل إليك بعض نسخ قليلة من مبادئ النهضة السورية القومية، واحدة خصوصية لك والبقية لتوزعها على من ترى فيهم الأهلية والاستعداد الطيب. وإني مسرور جداً من استعدادك الروحي، الذي لا يزال كما أعهده. فأنت تمثّل قوة النفسية السورية الحية.
كذلك سرّني أن تكون وعائلتك العزيزة بخير. فسلامي لك ولها.
ولتحيى سورية.