لقاء مع القاصة والرسامة البحرينية أمل خالد أمين المهدي .. أجرت الحوار: شمس الاصيل العابد

نلتقي اليوم في حلقتنا الأولى بمبدعة يافعة تعبر بالقلم وبريشة رسامة خصبة وواسعة الخيال، تحيك بالكلمات والألوان عالما زاهيا وتنسج بهما خيوط المستقبل لتتراءى لنا شخصيتها المرهفة الاحساس وفؤادها النابض بالحياة المتفائلة الزاخرة بالقيم السامية، تنوعت مواهبها وتوجت بالعديد من الجوائز.
مرحبا بك أمل خالد أمين المهدي في برنامج براعم إبداعية.

س(1): في بداية الحوار أود أن أعرف سبب هيامك بالرسم عشقا وبالحرف حبا؟
>> بدأت الرسم منذ أن كنت في مرحلة الروضة، يعتبر الرسم جزء من روحي لا يمكنني الاستغناء عنه ابدا، لاقيت تشجيعا مستمرا في المدرسة من قبل معلمات الفن واهتمام منهن لدفعي بالمشاركة في المسابقات الفنية سواء على مستوى البحرين أو الخليج العربي، كما لاقيت اهتماما من قبل أسرتي للإستمرار في هذا الطريق لأننا أسرة تعشق الفن.
أما الكتابة فمنذ صغري خلقت عالما خاصا بي، عالما خياليا جميلا مليئا بالمغامرة والتشويق، أعتدت حينها على حكاية هذه القصص الخيالية إلى أختي المقربة إلى قلبي أسيل وقيامي بأداء مشاهد تمثيلية لهذه القصص، بعدها شاركت بمسابقة أدب الطفل في مؤسسة عبد الحميد شومان بالمملكة الأردنية الهاشمية، كتبت رواية بعنوان (ايمي والمعطف السحري)، وكتبت ايضا قصة قصيرة بعنوان (المنبوذ) شاركت بها في مسابقة نادي جدحفص الثقافي، كما أن والدتي كاتبة وقاصة ايضا حيث أنها تشجعني باستمرار في خوض تجربة الكتابة ووجدت عندي المقومات في ذلك.

س(2): يبدو جليا أنك تتذوقين الفن بكل أنواعه،فما هي المواهب الأخرى التي تمتلكينها؟
>> أحب كثبرا التصوير الفوتوغرافي والمونتاج والمكياج السينمائي، وايضا اتمنى البدء بتعلم البرمجة ولغاتها مثل الjava script وpascal وflutter وأحب ايضا القراءة.

س(3): كيف تمكنت من إظهار مواهبك؟
>> بادرت بالمشاركة في المسابقات الفنية ووفقني الله إلى نيل مراكز وجوائز عديدة، التحقت بمركز مدينة حمد النموذجي الشبابي، وكذلك مركز رعاية الطلبة الموهوبين، إضافة إلى انضمامي إلى لجنة الموهوبات في المدرسة، ومؤخرا صممت حساب انستجرام للتسلية يتعلق في (أنماط الشخصيات) كونني أحب علم النفس ويتابعني الان ٣٠٠٠ متابع.

س(4): اين نشرت رسوماتك ولوحاتك الجميلة؟
>> علقت لوحاتي الفنية على جدران المدرسة، وكذلك في غرفة التربية الفنية بالمدرسة، واللوحات الفائزة في الوزارة.

س(5): ما اسم أول رواية قرأتها وتأثرت بها منذ نعومة اظفارك؟
>> أول رواية قرأتها هي (اعلان عن جريمة) للروائية البوليسية أجاثا كريستي، بعد انهائي لقراءة الرواية كنت في حالة ذهول وانبهار من روعتها وترابط احداثها، والأسلوب الذكي الذي اتبعته الكاتبة في سرد القصة، حيث أصابتني الحيرة لم اعرف من هو القاتل!
وفي النهاية صدمت جدا، وهذا الأسلوب الذي تبهرنا به دائما أجاثا كريستي.

س (6): كيف اكتشفت موهبتك بالحرف والقلم؟ وما هي سمة خطواتك الأولى في عالم الكتابة؟
>> منذ أن كنت في المرحلة الابتدائية كنت متميزة في التعبير الكتابي وكنت ايضا ابرع في رسم مشاهد كرتونية لمواضيع التعبير، والاقي دائما استحسانا واطراء من معلمات مادة اللغة العربية.
اول خطواتي في عالم الكتابة كانت القراءة لانها توسع المدارك وكذلك امتلاكي للخيال الخصب وهذا الجانب مهم في الكتابة.

س(7): هل كانت لديك مذكرات مع رفاق الدراسة وقمت بتدوينها في دفتر بالقلم والألوان؟
>> نعم.. بكل تأكيد
منذ ثلاث سنوات احتفظ بدفتر خاص اسميته (دفتر الصداقة) يحتوي على كل القصص المضحكة والجميلة في المدرسة، وبعض المواقف المرحة، ورسوماتي ايضا.

س(8): من ساعدك على تنمية مواهبك؟ وهل كانت المدرسة اللبنة الأولى أو الشرارة الأولى للانطلاق في سماء الابداع؟
>> أمي من دفعني وشجعني وانا ادين لها بذلك، وايضا اختي اسيل التي رافقتني في درب الفن والإبداع.
كما كانت معلمات الفن واختصاصية الموهبة لهن الدور الأكبر ايضا في تشجيعي وتنمية موهبتي وفتح الآفاق في المشاركة بمسابقات مختلفة سواء على مستوى المدرسة أو المدارس المتعاونة او البحرين او الخليج العربي.

س(9): كيف تقضين وقتك خلال العطل؟
>> أقضي وقت فراغي في الرسم الورقي والالكتروني، متابعة الافلام الوثائقية، القراءة، والتصوير الفوتوغرافي.
نشكرك آنسة امل على هذا العطاء والموهبة الفتية
ونأمل أن تكوني مشروع فنانة صاعدة ومتعددة الفنون
وحتى نلتقي مجددا مع موهبة شابة جديدة
لكم مني اجمل واعطر تحية

مع تحيات شمس الاصيل العابد


اللقاء في برنامج براعم إبداعية .


* منقــــــــول



**************


المنبــــــــــوذ
(قصة قصيرة)
بقلم /
القاصة البحرينية الواعدة
أمل خالد أمين

عاد (كينيث) من الغابة حاملا معه حزمة الحطب على ظهره، وصل إلى كوخه الصغير في القرية التي كبر وترعرع فيها- قرية هيلتون اوف كادبول- كانت حياته ليست من مستوى زوجته الثرية (كاثلين)، التي كانت تعلم بوضعه المادي ولكنها قبلت بأن تعيش معه حياة الفقر والشقاء، بعد مرور عام من زواجهما انجبت ابنهما الأول، لقد كان ذو شعر بني ناعم وعينان سماويتان، ابتسم (كينيث) بخبث عندما رأه وقال:
ـ يبدو بانه سيكون مثل إبليس!
قالت (كاثلين) بحنان:
ـ كم هو جميل! فلنسمه كالوم.
مرت السنوات، بلغ (كالوم) السابعة من عمره، لقد كان والده معروفاً في هيلتون ولقد انتشر اسمه في القرى المجاورة بانه محتال كبير، لم يتزوج (كاثلين) لأنه يحبها، انما كان يريد أن ينهب ثروتها، لكن أسرتها تركتها دون أن تعطيها جنيهاً واحدا، لم يكن والدها ساذجاً ليتركه يـأخذ ورث ابنته، لم تعلم بحقيقته إلا بعد فوات الأوان، كان يضربها ويشتمها باستمرار، بينما (كالوم) يجلس منطويا يبكي بصمت، يراقب خلسةً أفعال والده الذي كان يقسو على أمه.
في كل ليلة كان يسمع صوت أنين أمه وبكاءها، مما جعله لا ينام جيداً، كان في المدرسة طالبا مخيفا، غريب الاطوار، نحيل البنية، عينيه تكادان تغوصان في محجريهما، دائماً ما كان يجلس في نهاية الفصل، يرسم لوحات غريبة، تجسد معاناة نساء بائسات، والغريب في الأمر أنه لم تكن تمتلك أي من تلك السيدات فماً!
قرر والده إخراجه من المدرسة بسبب ملاحظات المعلمين حول مستواه التحصيلي المتدني، قال له يومها:
ـ بني.. أنت لن تصبح مثل الآخرين، ستصبح مثل أبيك.. فاشلا.. ومفلسا.. ومحتالا خبيثا.
نظر (كالوم) إلى عيني أبيه بنظرات مليئة بالحقد.
بعد ثلاث سنوات، دخل (كينيث) إلى السجن، تنفست (كاثلين) الصعداء لأنها ستتمكن أخيرا من رعاية ابنها بشكل أفضل، عملت في مزرعة جارهم لكي تستطيع اعالة نفسها وابنها، مرت ثمان سنوات أصيبت بعدها بمرض غريب، حيث كان الدود يخرج من جسدها، وصل الحال بأن يأكل عينيها، فأصبحت عمياء!
علم سكان القرية بذلك فأنتابهم القلق من أن يكون هذا المرض معد، أرسلوا لها طبيباً ليشخص حالتها، خرج الطبيب وأخبر الأهالي بأن مرضها خطير ومعد وأنه عاجز عن القيام باي شيء حيالها لأنه لم يسبق له بان تعامل مع اي حالة كهذه مسبقا، اتفق بعدها سكان القرية على أن يقوموا بقتلها كي لا ينتشر المرض ويفتك بهم جميعاً.
اقتحم مجموعة من الرجال منزلها ليلاً، سمع (كالوم) الضوضاء ثم خرج من غرفته ليراها في قبضتهم، حاول منعهم بكل ما أوتي من قوة، وقد تحول في لحظة إلى حيوان مفترس، دفعه أحدهم بشراسة وهو يقول له بنبرة قاسية:
ـ ستودع أمك الآن.
انصرف من أمامه وأخر ما رأه حينها وجه أمه التعيس، مسحت على رأسه وهي تقول:
ـ لا بأس يا صغيري.. سواء قتلوني أم لا.. لا أظن بأنني سأعيش لمدة طويلة.
انهمرت الدموع من عينيه وهو يقول:
ـ إذا.. هذه هي لحظة الوداع.
هزت رأسها نفياً وهي تقول:
ـ سأكون معك دائماً.
ثم اخذوها بعيداً، ولم يرها بعد ذلك اليوم.
مسح دموعه وهو ينهض من سريره ببطء، سيكمل الثالثة والستين من عمره خلال شهر تموز الحالي، كم يسير الوقت بسرعة!
جلس أمام لوحته وتأملها بصمت ثم قام بمسح الفم بأصابعه كما يفعل في كل لوحة، سمع ضحكات وهمسات، التفت خلفه فرأى أطفال ينظرون اليه من النافذة، خافوا من هيئته وبسرعة لاذوا بالفرار، نهض من مكانه، ثم ذهب إلى الخباز ليبتاع بعضا من الارغفة.
قال له الخباز:
ـ لقد قمت بتخفيض أسعار لوحاتك كثيراً.. لماذا؟!"
هز (كالوم) كتفيه:
ـ لا أحد يشتريها.
ثم حمل كيس الخبز وهو يسعل بقوة.
قال له الخباز بتردد:
ـ اسمع.. كالوم.. يجب عليك أن تخرج بين فترة وأخرى لأخذ بعض الهواء النقي.. اعتقد بأن رائحة الأصباغ قد أثرت على رئتيك.
ابتسم (كالوم) ابتسامة شاحبة:
ـ شكراً لاهتمامك.. سأفعل.
خيم الظلام، حمل (كالوم) فانوساً ثم خرج من بيته وجلس على جذع شجرة بأطراف الغابة، سمع أصوات خراف، تلفت ليبحث عن مصدر الصوت فرأى منزلاً خلفه سياج بداخله مجموعة منها، كان راعيها يدخلها وهو يضربها بعصى، ثم دخل إلى منزله، ذهب إلى ذلك السياج خلسةً وفتح لهم الباب.
قال بهمس:
ـ اذهبوا.. أنتم احرار الآن!
فجأة! سمع صوت رجل يصيح خلفه:
ـ أنت هناك.. ما الذي تفعله؟!
نظر إليه نظرة خاطفة ثم حمل فانوسه وهرب، سمع الرجل ينادي أصحابه الفلاحين، حملوا مشاعلهم وركضوا وراءه، تعثر (كالوم) ووقع منه الفانوس وانكسر، اشتعلت النيران.
صرخ أحدهم:
ـ يا رفاق.. لقد أشعل النيران بسحره! أخبرتكم مسبقا بأنه ساحر!
واصل (كالوم) الجري حتى استطاع الخروج من الغابة والعودة إلى منزله، أغلق الباب خلفه بالمفتاح، دفع خزانة ملابسه ثم جلس في الزاوية وهو يلهث بقوة.
رأى قطة سوداء تدخل من النافذة لتجلس بالقرب منها، كانت تنظر إليه بثبات وعينيها تبرقان، لابد أنها الموت، هذا ما اسماها إياه سكان القرية، لأنه عند اقتراب موعد رحيل أحدهم تأتي لتجلس بالقرب منه.
نظر (كالوم) إليها ثم ابتسم قائلاً:
ـ أعلم بأن هذا غريب.. لكنني سعيد حقاً برؤيتكِ.













تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...