ليماسول / قبرص في 21 اذار 1986
اخي الكريم الاستاذ الجليل عزيز جاسم الحجية المحترم..
السلام عليك ورحمة الله وبركاته، اسأله تعالى ان يطيل بقاءك في سلامة بدن واطمئنان بال.
وبعد، فان من تحصيل الحاصل ان اكرر عليك ما سبق ان اثنيت به على بغدادياتك، وما افضت عليها من اماديح وقد اسلفت في رسائل سابقة مقدار اعجابي بها، فانك في بغدادياتك هذه سددت فراغاً كان التقصير فيه ظاهرا واضحا وفقك الله وسدد خطاك واطال بقاءك ومد في عمرك واعانك على ما انت بصدده من نشر الثقافة وتعميم العلم والمعرفة.
ملاحظات وتعليقات على الجزء الخامس من بغداديات الصورة المطبوعة على غلاف الجزء الخامس هي عين الصورة المطبوعة على غلاف الجزء الاول في طبعته الثانية وقد كان في الامكان تنويع الصور المطبوعة على الغلاف فان المناظر في بغداد القديمة ليست بالقليلة.
* (ص5) في الجملة المنسوبة الى الرحالة ابن جبير نقص بين.
* في (ص25) حاسية (15) فسرت (الديوه خانة) بانها (مسكن خاص بالرجال) وانما هي (محل استقبال الرجال من الاضياف).
* في الصفحة (29) وصفت الحمام في دور بغداد القديمة بانه يتألف من غرفتين متداخلتين واغفلت ذكر قسم من الدور القديمة في بغداد التي كان فيها دار خاصة للحمام وقد ابصرت انا دارا من هذه الدور كانت دار الحمام فيها في زاوية من الدار الكبيرة وتشمل على مجلس ومنزع وغرف للحطب وغرف تحفظ فيها ادوات الحمام وفرش المجلس الذي يستريح فيه المستحمون قبل الحمام وبعده اضافة الى الغرفة التي يجري فيها الاستحمام. واروي لك على سبيل المفاكهة اني كنت في السنة 1929 كاتبا في مجلس النواب وكان اذ ذاك في الكرخ اي الجانب الغربي من بغداد فحدثني احسن الدين الحافاتي وكان كاتبا مثلي في المجلس عن دار لهم قديمة في بغداد ، وعن دار حمام كانت فيها ووصف ما استملت عليه من غرف ومرافق وقال: ان هذا الحمام كان لسعته وكثرة مرافقه كثير الكلفة فكنا نتحاشى اشعاله الا في اوقات متباعدة وفي حمام السوق غنى، فسألته عن آخر مرة اشعل فيها الحمام عندهم فقال: اشعلناه اخر مرة قبيل الحرب العامة، فقلت له: مادام حمامكم بهذا العظموت فيظهر ان الحرب العامة اشتعلت بعيد اشتعال حمامكم.
* ص(34) الارسي: ذكرتم ان اللفظة لارستانية، ويظهر لي انها عربية الاصل واصلها (العرضي) نسبة الى عرض الدار، وهي حجرة تكون في عرض الدار مطلة على ساحتها وكانت تهيأ لمجلس المشرف على الدار من اجل استقبال لاضياف وملاحظة ما يحصل في ساحة الدار، وقد حرف اسمها من لم يطق النطق بالضاد فاصبحت (العرزي) ثم اصبحت (الارسي).
(ص54) قلت: ان الثريا مجموعة مصابيح كهربائية مع ان الثريا كانت موجودة قبل الكهرباء وكانت تنار بالشموع.
* (ص57) اللحم الرخيص يغطس الجدر (القدر) – قلتم انه يجعله كلحم الفطيس، واحسب ان المقصود منه هو ان اللحم الرخيص اعجف لادهن فيه فتؤثر النار في القدر وتتلفه حتى ينخسف وتعنى الكناية ان اختيار الارخص قد يؤدي الى تلف الاصل.
* (ص58) يا حية ام راسين
خشي بجدرهم
سمي لي اهل البيت
بس لا ابنهم
هذا يا عزيزي عزيز شعر من الطراز الفائق الرائق النفيس الممتاز. اما قولك: ليخلو لها الجو في وصال حبيبها "انى شاءت" فتعليقي عليه ان المفسرين اختلفوا في تفسير كلمة وردت في آية من آيات القرآن الكريم وهي قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم، اذ قال قوم معناها (متى شئتم) وقال آخرون ان المقصود منها (كيف شئتم).
* (ص72) اوردت المثل (هذا موحجي ربع) وذكرتم ان للمثل قصة طريفة، وانا اروي قصة عن رجل جاء الى خمارة خمار نصراني اسمه ميخا، وشرب فاكثر ولما حان وقت اداء ثمن ما شرب انكر انه شرب اكثر من ربع قنينة وقال للخمار: شوف ميخا وحق سميك سلمان باك الذي قال انا الله اني ما شارب اكثر من ربع، فقال ميخا للحاضرين: يا جماعة هل ان هذا حجي ربع؟
*(ص 79) ورد ان البغداديين اذا نعبت من سمائهم حدأة صرخوا (سجين وملح) اقول: قال التوحيدي (من رجال القرن الرابع الهجري) ان البغداديين اذا نعبت في سمائهم اليوم صاحوا (منا السكين ومنك اللحم) والظاهر ان هذا النداء اختصر وحرف فاصبح (سجين وملح).
*(ص 83) الف شربة تنكسر والجرة منصوبة – احسب انها تقال لتسلية كبير القوم اذا مات احد صغارهم.
* (ص 86) حاشية (88) على ذكر الثلج ونصب اول ماكنة ثلج ببغداد، حدثني المرحوم خان صاحب عبد العلي ادمجي قال: استأجرت في العهد العثماني قطعة ارض من وقف الملا حمادي ونصبت عليها ماكنة لصنع الثلج (هذه القطعة اتخذت بعد ذلك مقهى مقابل سينما الزوراء) ولما قمنا بادارة الماكنة وكان موضعها قريبا من دور قناصل الدول اذ كانت دورهم على النهر في شريعة السيد سلطان علي احضرني مامور القلع (مأمور المركز) وانذرني بوجوب ايقاف الماكنة لان القناصل شكوا من الضجة التي احدثتها الماكنة فحرمتهم من النوم، فراجعنا القناصل وترضيناهم فسمحوا لنا بادارة الماكنة من شروق الشمس الى غروبها يعني خلال النهار فقط وسرنا على ذلك اسبوعا ثم اخذنا نتحيف على الوقت فنمطه من جانبيه حتى عدنا الى ادارة الماكنة اربعا وعشرين ساعة، ولم اشعر ذات يوم إلا ومأمور القلع يطلبني مرة اخرى، ولما حضرت قال لي: ان ماكنة الثلج قد توقفت عن العمل وكان القناصل قد اعتادوا ان يناموا على صوتها، فلما توقفت اضطرب نومهم وهم يطالبون بان تعجل في اصلاحها وادارتها ليصلح لهم نومهم.
* (ص94) انك وصفت الفانوس الذي انتشر استعماله بعد الاحتلال البريطاني في بغداد واغفلت وصف الفانوس البغدادي الاصلي من صنع التنكجي البغدادي وكأن مركبا من لمبة بدون قاعدة عالية بل انها تستقر على قاعدة من التنك ويوضع على اللمبة شيشة وتحاط اللمبة بسياج مربع او مسدس من الزجاج يجمعها من اعلاها سقف من التنك له مقبض يحمل به. واذكر على سبيل المفاكهة اني في يوم من الايام في اواخر الخمسينيات كنت احدث اولادي عن عيشنا في بغداد قبل شيوع الكهرباء واخبرتهم باني قضيت ايام الدروس في الثانوية وفي الكلية اراجع دروسي على ضوء الفانوس اذ ان التيار الكهربائي لم يكن قد وصل الينا فاظهر ولدي علي حيدر وكان في الخامسة تعجبه وقال: اذا لم يكن لديكم تيار كهربائي فكيف كنتم تشغلون التلفزيون؟ واقول: علي حيدر الان حائز على شهادة p.h.d وهو دكتور في الكومبيوتر.
* ص96) ذكرت ان القاصة صندوق حديد ثقيل الحمل دخل بيوت الاثرياء لحفظ النقود والمخشلات، اقول: مررت ذات يوم بخان دلة فوجدت قاصة ضخمة اشبه بحجرة صغيرة كانت لصراف يهودي افلس اسمه ساسون زلخة، وهي معروضة للبيع فاشتريتها بستين دينارا واردت نقلها الى داري، وسالني خالي الحاج حمودي القاموسي حفظه الله عما اصنع بها؟ فقلت: ابنيها في داخل الحائط واحفظ فيها بعض المستندات فقال: الا ترى ان وجود مثل هذه القاصة في دارك يفتح عليك العيون ويوهم الاشرار انك تحفظ فيها اموالا وجواهر فتكون بادخالها دارك قد ادخلت عليك الاذى والضرر. فانبهني قوله لشيء كنت عنه غافلا، فاهملت نقلها وبعتها.
(ص104) أنا احفظ شطرا ثالثا للشطرين الواردين وتمام الاشطر الثلاثة:
يا بليس حل الجيس
مو مالنا مال الناس
ننطيك فردة مداس
(ص123) ذكرت ان النفطية تتخذ من التنك، وهذا صحيح وقد رأيت – انا – في حجرة جدة امي الحاجة اسمه بنت الحاج عيسى الشماع رحمها الله نفطية من البلور على شكل نصف كرة تضاء بالنفط الابيض.
(ص128) خبز عروك اصل اسمه (خبز عراق) بعين مضمومة، والعراق بقايا اللحم العالقة بالعظم فاذا تعشش العظم احد قالوا: انه تعرقه.
(ص145) بقلاوة الفكر يسمونها في محلتنا " بقلاوة المكادي"
(ص146) ذكرت انه يتخذ من الخبز البائت لونان من الثريد، ثريد البامية، شريباية، واغفلت ذكر ثريد الحامض شلغم وهو الذ الثلاثة.
(160) ذكرت ان القديفة ضرب من الديباج، والذي اعرفه ان الديباج هو الويز اما القديفة فهي القطيفة.
(ص160) وين اليرحم الفقير بليلة الجمعة تذكرني هذه الجملة بما روي عن احد الوزراء بالاندلس طرق باب بيته سائل ذات ليلة فاطعموه فدعا لهم وقال:
اسأل الله تعلالى ان يطعمكم في هذه الليلة من طعام اهل الجنة فقال القاضي لاهله: ان جيبت فيكم دعوة هذا السائل فما فيكم من يصبح حيا.
(ص181) ذكرت ان حلاقة المجيدي او "ابو الطرة" بان يحلق الشعر بالموسى وعلى دكة طرة بحجم المجيدي موسى وتحاط الكوكة بشعر دائرية.
اقول: هذا النهج من الحلاقة يسمى (الكعكولة) اما حلاقة المجيدي فيحلق جميع الرأس بالماكنة وتحلق طرة في وسط الرأس بالموس في حجم المجيدي، وكنت وانا صبي لي شعري على هذا الطراز اي حلاقة المجيدي.
(ص183) قلت: "ظهرت مودة اطالة الزلفين وقصهما قصا مائلا"، اقول: انا اعجب بذاكرتك القوية التي يندر وجود مثلها، فان هذه المودة حصلت منذ امد بعيد ودامت قصيرا ثم زالت ولكن ذاكرتك استوعبتها فلم تفلت منها.
(ص184) وصفت الشوارب الطويلة المفتلة (قعيدي) وذكرت ان منهم من يسميها شوارب "ابو الزمير".
اقول: شوارب "ابو الزمير" هي المهطلة (المنسدلة) على جانبي الفم بعكس القعيدي.
(ص186) اذا طلعت لحية ابنك زين لحيتك، احسب ان تفسيرها الاقرب للصواب هو قولهم: تنح عن الرئاسة لولدك اذا شب.
(ص187) الذي سمعته اكثر من مرة ان المثل او الكتابة: من الشارب للحية ويقال للحث على التعاون بين افراد العائلة الواحدة او الجماعة الواحدة.
(ص193 – 198) لي بحث عن المسبحة مدرج في كتاب الفرج بعد الشدة ج2 / ص323 – 325 وفي موسوعة الكنايات العامية البغدادية / الجزء الاول.
(ص235) التباعة – اقول: كانت التباعة في ايامنا ونحن اطفال في الملا ان يتخذ عود دقيق طوله يزيد قليلا عن الشبر، تلف عليه خيوط ملونة من الحرير فاذا اراد التلميذ ان يقرأ تناول التباعة بيده ووضعها على حروف الكلمة التي يتهجاها من القرآن الكريم، وكلما قرأ حرفا تجاوزه الى الحرف الذي يليه والتباعة تنتقل من حرف الى حرف، فاذا اتم التلميذ القراءة وضع التباعة بين الصحائف واطبق الكتاب.
(ص242) الخوب، اغفلت ذكر طريقة اخرى لتحضير الخوبة، وهي ان تخذر كما يخدر الشاي ويشربها المحموم حارة محلاة بالسكر كما يشرب الشاي ويكون ماؤها اصفر اللون، وقد ابتليت بشربها على هذا الشكل مراراً وكنت اكرهها واعافها واضطر الى تجرعها والظاهر ان كرهي لها لم يكن لرداءة طعمها وانما لاني كنت محموما والمحموم يعاف حتى الطيبات من الطعام.
(ص252) ذكرت ان العنزوت صمغ احمر او اصفر يداوي المصاب بمرض المفاصل. وقد قرأت منذ امد ولا اتذكر المصدر، قصة فيها ذكر للانزوت يستدل منه على انه دواء للرمد، وانا اروي لك القصة راجيا منك التحقيق عن الانزروت وهل يصلح دواء للعين ايضا؟.
قالوا: ابصر رجل صاحبه ارمد العين فسأله: بم تتداوى من الرمد؟ فقال: بقراءة القرآن ودعاء الوالدة فقال له: فاجعل بينهما شيئا من انزروت.
(ص260) ذكرت ان الملح الفرنكي مسهل يداوي به الامساك الشديد، وهذا صحيح، واروي لك على سبيل المفاكهة ما قرأته في مجلة لبنانية عن رستم باشا الذي كان حاكما في لبنان في عهد من العهود العثمانية وكان عفيفا نظيفا وكان قد اتخذ من دفتر صغير مفكرة يكتب فيها الفقرات التي يرغب في درسها وانفاذها ويضع الدفتر في جيب البنطلون الخلفي فوق العجيزة، وحدث ان شكا اليه احد الخازنيين حاله فكتب رستم باشا اسمه في الدفتر واعاده الى جيب البنطلون الخلفي، وكلما عرض عليه الخازني امره قال له: قضيتك هنا واشار بيده الى موضع الدفتر في عجيزته، وفي احد الايام عاد الخازني المراجعة وعاود الباشا الاشارة الى موضع الدفتر فاخرج الخازني من جيبه لفة بيضاء واوما يريد ان يقدمها للباشا، وحسب الباشا انه يريد ان يقدم له رشوة لان الليرات الذهب كانت تقدم ملفوفة في اوراق بيضاء، فاغتاظ واستشاط فقال له الخازني: لا تغضب يا باشا وفتح له اللفافة واذا بها تحتوي على ملح افرنكي وقال له: ياسيدي الباشا كلما راجعتك اشرت الى مؤخرك وقلت لي:
قضيتك هاهنا، فقدمت لك هذا المسهل القوي وانا واثق بانه سوف يخرج قضيتي من موضعها الذي احتبست فيه، فضحك الباشا وقضى حاجته.
(ص270) الركية المكية او المكة فصيحها المقة وقد اشرت الى ذلك في موسوعة الكتابات في الجزء الاول.
(ص266 – 267) اوردت اسماء عطارين بغداديين يعالجون بالاعشاب والبذور، وكنت اتمنى لو اضفت اليهم اسمي الوسواسيين الحاج عباس والحاج محمد حسين اللذين تحدثت عنهما في موسوعة الكتابات ج3/ ص271 فانهما كانا اشهر العطارين ببغداد في اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين وكانت شهرتهما قد تعدت بغداد وامتدت الى جميع المدن المجاورة، وكانت شهرتهما بالديانة والامانة والخلق الكريم تعادل شهرتهما بالمعرفة والاحاطة بالعلاج والحشائش والبذور.
وفي الختام اكرر لك شكري الجزيل على هديتك الثمينة، واكرر لك اعجابي بها وثنائي عليك وعليها واسأل الله تعالى ان يمدك بعون من عنده لكي تمضي على سبيلك في نشر الثقافة وتعميم العلم والمعرفة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته من المخلص عبود الشالج
اخي الكريم الاستاذ الجليل عزيز جاسم الحجية المحترم..
السلام عليك ورحمة الله وبركاته، اسأله تعالى ان يطيل بقاءك في سلامة بدن واطمئنان بال.
وبعد، فان من تحصيل الحاصل ان اكرر عليك ما سبق ان اثنيت به على بغدادياتك، وما افضت عليها من اماديح وقد اسلفت في رسائل سابقة مقدار اعجابي بها، فانك في بغدادياتك هذه سددت فراغاً كان التقصير فيه ظاهرا واضحا وفقك الله وسدد خطاك واطال بقاءك ومد في عمرك واعانك على ما انت بصدده من نشر الثقافة وتعميم العلم والمعرفة.
ملاحظات وتعليقات على الجزء الخامس من بغداديات الصورة المطبوعة على غلاف الجزء الخامس هي عين الصورة المطبوعة على غلاف الجزء الاول في طبعته الثانية وقد كان في الامكان تنويع الصور المطبوعة على الغلاف فان المناظر في بغداد القديمة ليست بالقليلة.
* (ص5) في الجملة المنسوبة الى الرحالة ابن جبير نقص بين.
* في (ص25) حاسية (15) فسرت (الديوه خانة) بانها (مسكن خاص بالرجال) وانما هي (محل استقبال الرجال من الاضياف).
* في الصفحة (29) وصفت الحمام في دور بغداد القديمة بانه يتألف من غرفتين متداخلتين واغفلت ذكر قسم من الدور القديمة في بغداد التي كان فيها دار خاصة للحمام وقد ابصرت انا دارا من هذه الدور كانت دار الحمام فيها في زاوية من الدار الكبيرة وتشمل على مجلس ومنزع وغرف للحطب وغرف تحفظ فيها ادوات الحمام وفرش المجلس الذي يستريح فيه المستحمون قبل الحمام وبعده اضافة الى الغرفة التي يجري فيها الاستحمام. واروي لك على سبيل المفاكهة اني كنت في السنة 1929 كاتبا في مجلس النواب وكان اذ ذاك في الكرخ اي الجانب الغربي من بغداد فحدثني احسن الدين الحافاتي وكان كاتبا مثلي في المجلس عن دار لهم قديمة في بغداد ، وعن دار حمام كانت فيها ووصف ما استملت عليه من غرف ومرافق وقال: ان هذا الحمام كان لسعته وكثرة مرافقه كثير الكلفة فكنا نتحاشى اشعاله الا في اوقات متباعدة وفي حمام السوق غنى، فسألته عن آخر مرة اشعل فيها الحمام عندهم فقال: اشعلناه اخر مرة قبيل الحرب العامة، فقلت له: مادام حمامكم بهذا العظموت فيظهر ان الحرب العامة اشتعلت بعيد اشتعال حمامكم.
* ص(34) الارسي: ذكرتم ان اللفظة لارستانية، ويظهر لي انها عربية الاصل واصلها (العرضي) نسبة الى عرض الدار، وهي حجرة تكون في عرض الدار مطلة على ساحتها وكانت تهيأ لمجلس المشرف على الدار من اجل استقبال لاضياف وملاحظة ما يحصل في ساحة الدار، وقد حرف اسمها من لم يطق النطق بالضاد فاصبحت (العرزي) ثم اصبحت (الارسي).
(ص54) قلت: ان الثريا مجموعة مصابيح كهربائية مع ان الثريا كانت موجودة قبل الكهرباء وكانت تنار بالشموع.
* (ص57) اللحم الرخيص يغطس الجدر (القدر) – قلتم انه يجعله كلحم الفطيس، واحسب ان المقصود منه هو ان اللحم الرخيص اعجف لادهن فيه فتؤثر النار في القدر وتتلفه حتى ينخسف وتعنى الكناية ان اختيار الارخص قد يؤدي الى تلف الاصل.
* (ص58) يا حية ام راسين
خشي بجدرهم
سمي لي اهل البيت
بس لا ابنهم
هذا يا عزيزي عزيز شعر من الطراز الفائق الرائق النفيس الممتاز. اما قولك: ليخلو لها الجو في وصال حبيبها "انى شاءت" فتعليقي عليه ان المفسرين اختلفوا في تفسير كلمة وردت في آية من آيات القرآن الكريم وهي قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم، اذ قال قوم معناها (متى شئتم) وقال آخرون ان المقصود منها (كيف شئتم).
* (ص72) اوردت المثل (هذا موحجي ربع) وذكرتم ان للمثل قصة طريفة، وانا اروي قصة عن رجل جاء الى خمارة خمار نصراني اسمه ميخا، وشرب فاكثر ولما حان وقت اداء ثمن ما شرب انكر انه شرب اكثر من ربع قنينة وقال للخمار: شوف ميخا وحق سميك سلمان باك الذي قال انا الله اني ما شارب اكثر من ربع، فقال ميخا للحاضرين: يا جماعة هل ان هذا حجي ربع؟
*(ص 79) ورد ان البغداديين اذا نعبت من سمائهم حدأة صرخوا (سجين وملح) اقول: قال التوحيدي (من رجال القرن الرابع الهجري) ان البغداديين اذا نعبت في سمائهم اليوم صاحوا (منا السكين ومنك اللحم) والظاهر ان هذا النداء اختصر وحرف فاصبح (سجين وملح).
*(ص 83) الف شربة تنكسر والجرة منصوبة – احسب انها تقال لتسلية كبير القوم اذا مات احد صغارهم.
* (ص 86) حاشية (88) على ذكر الثلج ونصب اول ماكنة ثلج ببغداد، حدثني المرحوم خان صاحب عبد العلي ادمجي قال: استأجرت في العهد العثماني قطعة ارض من وقف الملا حمادي ونصبت عليها ماكنة لصنع الثلج (هذه القطعة اتخذت بعد ذلك مقهى مقابل سينما الزوراء) ولما قمنا بادارة الماكنة وكان موضعها قريبا من دور قناصل الدول اذ كانت دورهم على النهر في شريعة السيد سلطان علي احضرني مامور القلع (مأمور المركز) وانذرني بوجوب ايقاف الماكنة لان القناصل شكوا من الضجة التي احدثتها الماكنة فحرمتهم من النوم، فراجعنا القناصل وترضيناهم فسمحوا لنا بادارة الماكنة من شروق الشمس الى غروبها يعني خلال النهار فقط وسرنا على ذلك اسبوعا ثم اخذنا نتحيف على الوقت فنمطه من جانبيه حتى عدنا الى ادارة الماكنة اربعا وعشرين ساعة، ولم اشعر ذات يوم إلا ومأمور القلع يطلبني مرة اخرى، ولما حضرت قال لي: ان ماكنة الثلج قد توقفت عن العمل وكان القناصل قد اعتادوا ان يناموا على صوتها، فلما توقفت اضطرب نومهم وهم يطالبون بان تعجل في اصلاحها وادارتها ليصلح لهم نومهم.
* (ص94) انك وصفت الفانوس الذي انتشر استعماله بعد الاحتلال البريطاني في بغداد واغفلت وصف الفانوس البغدادي الاصلي من صنع التنكجي البغدادي وكأن مركبا من لمبة بدون قاعدة عالية بل انها تستقر على قاعدة من التنك ويوضع على اللمبة شيشة وتحاط اللمبة بسياج مربع او مسدس من الزجاج يجمعها من اعلاها سقف من التنك له مقبض يحمل به. واذكر على سبيل المفاكهة اني في يوم من الايام في اواخر الخمسينيات كنت احدث اولادي عن عيشنا في بغداد قبل شيوع الكهرباء واخبرتهم باني قضيت ايام الدروس في الثانوية وفي الكلية اراجع دروسي على ضوء الفانوس اذ ان التيار الكهربائي لم يكن قد وصل الينا فاظهر ولدي علي حيدر وكان في الخامسة تعجبه وقال: اذا لم يكن لديكم تيار كهربائي فكيف كنتم تشغلون التلفزيون؟ واقول: علي حيدر الان حائز على شهادة p.h.d وهو دكتور في الكومبيوتر.
* ص96) ذكرت ان القاصة صندوق حديد ثقيل الحمل دخل بيوت الاثرياء لحفظ النقود والمخشلات، اقول: مررت ذات يوم بخان دلة فوجدت قاصة ضخمة اشبه بحجرة صغيرة كانت لصراف يهودي افلس اسمه ساسون زلخة، وهي معروضة للبيع فاشتريتها بستين دينارا واردت نقلها الى داري، وسالني خالي الحاج حمودي القاموسي حفظه الله عما اصنع بها؟ فقلت: ابنيها في داخل الحائط واحفظ فيها بعض المستندات فقال: الا ترى ان وجود مثل هذه القاصة في دارك يفتح عليك العيون ويوهم الاشرار انك تحفظ فيها اموالا وجواهر فتكون بادخالها دارك قد ادخلت عليك الاذى والضرر. فانبهني قوله لشيء كنت عنه غافلا، فاهملت نقلها وبعتها.
(ص104) أنا احفظ شطرا ثالثا للشطرين الواردين وتمام الاشطر الثلاثة:
يا بليس حل الجيس
مو مالنا مال الناس
ننطيك فردة مداس
(ص123) ذكرت ان النفطية تتخذ من التنك، وهذا صحيح وقد رأيت – انا – في حجرة جدة امي الحاجة اسمه بنت الحاج عيسى الشماع رحمها الله نفطية من البلور على شكل نصف كرة تضاء بالنفط الابيض.
(ص128) خبز عروك اصل اسمه (خبز عراق) بعين مضمومة، والعراق بقايا اللحم العالقة بالعظم فاذا تعشش العظم احد قالوا: انه تعرقه.
(ص145) بقلاوة الفكر يسمونها في محلتنا " بقلاوة المكادي"
(ص146) ذكرت انه يتخذ من الخبز البائت لونان من الثريد، ثريد البامية، شريباية، واغفلت ذكر ثريد الحامض شلغم وهو الذ الثلاثة.
(160) ذكرت ان القديفة ضرب من الديباج، والذي اعرفه ان الديباج هو الويز اما القديفة فهي القطيفة.
(ص160) وين اليرحم الفقير بليلة الجمعة تذكرني هذه الجملة بما روي عن احد الوزراء بالاندلس طرق باب بيته سائل ذات ليلة فاطعموه فدعا لهم وقال:
اسأل الله تعلالى ان يطعمكم في هذه الليلة من طعام اهل الجنة فقال القاضي لاهله: ان جيبت فيكم دعوة هذا السائل فما فيكم من يصبح حيا.
(ص181) ذكرت ان حلاقة المجيدي او "ابو الطرة" بان يحلق الشعر بالموسى وعلى دكة طرة بحجم المجيدي موسى وتحاط الكوكة بشعر دائرية.
اقول: هذا النهج من الحلاقة يسمى (الكعكولة) اما حلاقة المجيدي فيحلق جميع الرأس بالماكنة وتحلق طرة في وسط الرأس بالموس في حجم المجيدي، وكنت وانا صبي لي شعري على هذا الطراز اي حلاقة المجيدي.
(ص183) قلت: "ظهرت مودة اطالة الزلفين وقصهما قصا مائلا"، اقول: انا اعجب بذاكرتك القوية التي يندر وجود مثلها، فان هذه المودة حصلت منذ امد بعيد ودامت قصيرا ثم زالت ولكن ذاكرتك استوعبتها فلم تفلت منها.
(ص184) وصفت الشوارب الطويلة المفتلة (قعيدي) وذكرت ان منهم من يسميها شوارب "ابو الزمير".
اقول: شوارب "ابو الزمير" هي المهطلة (المنسدلة) على جانبي الفم بعكس القعيدي.
(ص186) اذا طلعت لحية ابنك زين لحيتك، احسب ان تفسيرها الاقرب للصواب هو قولهم: تنح عن الرئاسة لولدك اذا شب.
(ص187) الذي سمعته اكثر من مرة ان المثل او الكتابة: من الشارب للحية ويقال للحث على التعاون بين افراد العائلة الواحدة او الجماعة الواحدة.
(ص193 – 198) لي بحث عن المسبحة مدرج في كتاب الفرج بعد الشدة ج2 / ص323 – 325 وفي موسوعة الكنايات العامية البغدادية / الجزء الاول.
(ص235) التباعة – اقول: كانت التباعة في ايامنا ونحن اطفال في الملا ان يتخذ عود دقيق طوله يزيد قليلا عن الشبر، تلف عليه خيوط ملونة من الحرير فاذا اراد التلميذ ان يقرأ تناول التباعة بيده ووضعها على حروف الكلمة التي يتهجاها من القرآن الكريم، وكلما قرأ حرفا تجاوزه الى الحرف الذي يليه والتباعة تنتقل من حرف الى حرف، فاذا اتم التلميذ القراءة وضع التباعة بين الصحائف واطبق الكتاب.
(ص242) الخوب، اغفلت ذكر طريقة اخرى لتحضير الخوبة، وهي ان تخذر كما يخدر الشاي ويشربها المحموم حارة محلاة بالسكر كما يشرب الشاي ويكون ماؤها اصفر اللون، وقد ابتليت بشربها على هذا الشكل مراراً وكنت اكرهها واعافها واضطر الى تجرعها والظاهر ان كرهي لها لم يكن لرداءة طعمها وانما لاني كنت محموما والمحموم يعاف حتى الطيبات من الطعام.
(ص252) ذكرت ان العنزوت صمغ احمر او اصفر يداوي المصاب بمرض المفاصل. وقد قرأت منذ امد ولا اتذكر المصدر، قصة فيها ذكر للانزوت يستدل منه على انه دواء للرمد، وانا اروي لك القصة راجيا منك التحقيق عن الانزروت وهل يصلح دواء للعين ايضا؟.
قالوا: ابصر رجل صاحبه ارمد العين فسأله: بم تتداوى من الرمد؟ فقال: بقراءة القرآن ودعاء الوالدة فقال له: فاجعل بينهما شيئا من انزروت.
(ص260) ذكرت ان الملح الفرنكي مسهل يداوي به الامساك الشديد، وهذا صحيح، واروي لك على سبيل المفاكهة ما قرأته في مجلة لبنانية عن رستم باشا الذي كان حاكما في لبنان في عهد من العهود العثمانية وكان عفيفا نظيفا وكان قد اتخذ من دفتر صغير مفكرة يكتب فيها الفقرات التي يرغب في درسها وانفاذها ويضع الدفتر في جيب البنطلون الخلفي فوق العجيزة، وحدث ان شكا اليه احد الخازنيين حاله فكتب رستم باشا اسمه في الدفتر واعاده الى جيب البنطلون الخلفي، وكلما عرض عليه الخازني امره قال له: قضيتك هنا واشار بيده الى موضع الدفتر في عجيزته، وفي احد الايام عاد الخازني المراجعة وعاود الباشا الاشارة الى موضع الدفتر فاخرج الخازني من جيبه لفة بيضاء واوما يريد ان يقدمها للباشا، وحسب الباشا انه يريد ان يقدم له رشوة لان الليرات الذهب كانت تقدم ملفوفة في اوراق بيضاء، فاغتاظ واستشاط فقال له الخازني: لا تغضب يا باشا وفتح له اللفافة واذا بها تحتوي على ملح افرنكي وقال له: ياسيدي الباشا كلما راجعتك اشرت الى مؤخرك وقلت لي:
قضيتك هاهنا، فقدمت لك هذا المسهل القوي وانا واثق بانه سوف يخرج قضيتي من موضعها الذي احتبست فيه، فضحك الباشا وقضى حاجته.
(ص270) الركية المكية او المكة فصيحها المقة وقد اشرت الى ذلك في موسوعة الكتابات في الجزء الاول.
(ص266 – 267) اوردت اسماء عطارين بغداديين يعالجون بالاعشاب والبذور، وكنت اتمنى لو اضفت اليهم اسمي الوسواسيين الحاج عباس والحاج محمد حسين اللذين تحدثت عنهما في موسوعة الكتابات ج3/ ص271 فانهما كانا اشهر العطارين ببغداد في اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين وكانت شهرتهما قد تعدت بغداد وامتدت الى جميع المدن المجاورة، وكانت شهرتهما بالديانة والامانة والخلق الكريم تعادل شهرتهما بالمعرفة والاحاطة بالعلاج والحشائش والبذور.
وفي الختام اكرر لك شكري الجزيل على هديتك الثمينة، واكرر لك اعجابي بها وثنائي عليك وعليها واسأل الله تعالى ان يمدك بعون من عنده لكي تمضي على سبيلك في نشر الثقافة وتعميم العلم والمعرفة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته من المخلص عبود الشالج