إلى متى ستظلّ ساكنة جحرها، ونهاياتها الملتوية تظهرُ في الجهة الأخرى؟. سألتني جدّتي هذا السؤال في لحظة مفاجأة فتغيّرت ملامحي. وكأنّي مسؤول عليها أو مروّضها، وضعتني جدّتي في موقف محرج لمواجهة الصراع الكبير الذي يحدثُ في نفسي، وعدم الرضا والراحة بين جلابيب أفكاري وعقلي الذي يلزمني بإخراجها من جحرها بعد أن إبتلعت جسدَ أرنبي الصغير، مشاعري الصادقة تشدّني بقدرة إنفعالاتها. ولهذا أعترف أنّها عنيفة وغير أليفة، لم أردّ على جدّتي، فكررّت السؤال وهي تُشبكُ بكفّيها بشدّة، ومن نظرات عينيها تصرخُ بإلحاح وإستفزاز منّي تهمسُ بطريقة إخراجها، والرغبة الجامحة تجسّدت فيها أمنيتي لتلتصق بأملي المعدوم رُغم إنقشاع الضباب من حول بصري، أتحرّك.. أتوقّفُ فتقودني خيالاتي المستحيلة نحو السراب.أتشجّعُ وأقول: هل أنا جبان لهذا الحد كوني لا أجرؤ على سحبها من ثقب جحرها الملولب مجرّد كلمات خرساء أردّدها في داخلي إلى الأبد، وأتيه في صمتي...
جدّتي... إسمحي لي أن أصارحك بعمق خيبتي وجبني،أنا الضالُ الذي لا يستطيعُ أن يهدي نفسهُ فكيفَ يستطيع أن يهدي مخلوقة خرافية كالأفعى؟، قالت: لا تقل ذلك يا بني، تجرّأتُ وإجتزتُ كلّ حواجز أزمنة الدهر الممرّغة بلون التحرّر رغم تعدّد أشكال الصراع، أهربُ من نفسي إليها لحمقي وغبائي.أختلي طرقي المعبّدة بإحساس خافق يعبثُ مع ستائر أيّامي المجهولة.سحبتُ الأفعى من ذيلها وكأنّي أسحبُ سمكة من ماء النهر وهي تنفخُ في وجهي وكأنّهُ هواء النار من منفاخ الحدادين يطرقُ بوجهي. كم أحسّها بلهاء بتصرّفاتها ولكنّي تيقّنت أنّها مجرّد محطة عابرة في حياتي، ومهما سحبتُ وكيفما ألتفتُ إليها تسرقني بغضبها فأعودُ إلى الأمس البعيد، فأرى مفعولَ سمّها مستمرّاً،في تلك اللحظات أنفصلُ عن بوصلتي وأتجاوزُ حدودَ المعقول، فأجدها تتسرّبُ من تحت صخرة كبيرة، ذهلتني بجلدها الممشوق وعظامها المطقطقة،بعدَ هنيهة حاولتُ إمساكها بيد مثقلة فشلتُ حاولتُ مرّة أخرى إنهارت قوّتي فسخرت منّي وهي في عزّ الليل تتحدّى الزمان، صرختُ مستسلماً. وأنا أتذوّقُ طعم الفجيعة. تعمّقت في داخلي شهوة الخوف، وتنامت وحدة الرعب فيّ، خيّلَ إليّ أنّ جدّتي سوفَ تخرجُ الأفعى بنفسها، ولكن يدها إنهزمت إلى المستحيلات، حاولتُ الولوجَ إلى مملكتها المحصّنة بعد الخوف والمرارة... ضمّني ثمّة شيء بحنان رغم زمني الضارب في شواغل الدنيا ومتاعبها، حكموا على أفعتي بالتآمر ومنعها من التجوال في الدروب، وبعد ذلك قهرها بالنسيان، فأدركتُ فيما بعد أنّي ألهثُ وراء سراب مزمن يختلسُني بأنيابه ومخالبه الحادة، رغم حزني.. ودموعي.. وألمي عليها حاولتُ في تلك اللحظة أن أسحبها من جحرها المسكون. يومها إخترتُ عصاً صغيرة تفتحُ لي الطريق نحو مضجعها، وحينَ إستقرّت نظراتي عليها إنهمرت دموعي...حتى تلك اللحظة لم أعرف سبباً مقنعاً لتلك الدموع، بعد برهة من الزمن تصوّرتها حيواناً خرافياً ليس له حدود، ولكن أراها ملقية على الأرض إلى حد التخمة تعاني من ألم في بطنها بسبب إبتلاعها أرنبي الصغير الذي كان ما زالَ في مقتبل الحياة.يا للكارثة كيفَ أداويها؟. وأنا أريدُ إصطيادها والوقتُ ما زالَ ليلاً وفي فصل الخريف،ربّما كنتُ مجرّد مجنون يحاولُ أن ينتقم من نفسه في لحظات عابرة،وحتى تلك اللحظات باتت ممزوجة بالألم،كل ما أذكرهُ هو إقتحام عالمها الحيواني رغم كلّ الدموع التي قد ذرفت فصارت عندي الأسمى والأعظم. آمنتُ بالقدر المكتوب إلى حين النهاية المطلقة. أتساءلُ إن كنّا قد تلاقينا أنا وهي في فصل من فصول السنة وبيننا الزمان والمكان... أشكّ كثيراً في لحظة تزلزلي... وهل لجنوني بحبّها حدود؟!. حرام أن لا يحيا هذا الحب الكبير إلاّ في حدود الأطر المتلاشية. تبتلعني نظراتها الحزينة، إستمرّ صمتي، نهرتني بنظراتها اليائسة، ثمّ نهضتُ وأدرتُ ظهري ومشيت، غابت عن عيني بذاك المشهد المشحون بالأسى، أتمتمُ مع نفسي هل كان قدرك حقّاً أن تكوني هناك؟ أم وجدت جلاّدك في هذا المكان؟. ما الذي دعاني بأن أقحمَ نفسي في هكذا صمت محيّر، ربّما كان قدري الحقيقي الذي قادني إلى هنا.. أنعشُ روحي، ولكن على يقين أنّي لن أتركها... لأنّ روحي ستحلمُ بها بعد مماتي. أتنهّدُ بين لحظة وأخرى، يُطاردني السؤال حول شبح ظلّها فأخافُ أكثرَ ممّا أخافُ من الظلمة. ماذا سأفعل؟. هل أخبرُ الرعاية الصحية لحقوق الحيوان عنها؟، المشكلة أنّي لا أستطيع أن أكونَ جزءاً من واقعها، ولا أجرؤ على تخطية ما يجولُ في فكري ومعتقداتي، أسيرُ والقهرُ يواجهني ملطّخاً بعراقة الماضي، المهم في هذه الحياة أن تتعافى أفعتي الخرافية لا طريق أمامي سوى الخطى المظلّلة، إلى متى ستظلينَ خائفة ومحكوم عليك بالقلق؟، ستعيشين حياتك الطبيعية، هكذا شاءت الأقدار لأصوّرَ زمني المتلاشي، بعدَ عقد من الجفاء، آنَ الأوان كي أعلنَ على الملأ ما تبقّى منّي بشأن أفعتي في ليل خريفي أتلهّفُ جيداً وأهمسُ في أذني الغائبة عسى ولعلّهُ أمضي معها بقية أيّام عمري وهي فرحةٌ تتمطّى هنا وهناك مع زميلاتها في أروقة حديثة التي خصّصت لهنّ في حديقة الحيوانات مكوّنة صداقات حميمة وما زالت تذكرني وأنا أذكرها هي في مكانها وأنا في مكاني....
جدّتي... إسمحي لي أن أصارحك بعمق خيبتي وجبني،أنا الضالُ الذي لا يستطيعُ أن يهدي نفسهُ فكيفَ يستطيع أن يهدي مخلوقة خرافية كالأفعى؟، قالت: لا تقل ذلك يا بني، تجرّأتُ وإجتزتُ كلّ حواجز أزمنة الدهر الممرّغة بلون التحرّر رغم تعدّد أشكال الصراع، أهربُ من نفسي إليها لحمقي وغبائي.أختلي طرقي المعبّدة بإحساس خافق يعبثُ مع ستائر أيّامي المجهولة.سحبتُ الأفعى من ذيلها وكأنّي أسحبُ سمكة من ماء النهر وهي تنفخُ في وجهي وكأنّهُ هواء النار من منفاخ الحدادين يطرقُ بوجهي. كم أحسّها بلهاء بتصرّفاتها ولكنّي تيقّنت أنّها مجرّد محطة عابرة في حياتي، ومهما سحبتُ وكيفما ألتفتُ إليها تسرقني بغضبها فأعودُ إلى الأمس البعيد، فأرى مفعولَ سمّها مستمرّاً،في تلك اللحظات أنفصلُ عن بوصلتي وأتجاوزُ حدودَ المعقول، فأجدها تتسرّبُ من تحت صخرة كبيرة، ذهلتني بجلدها الممشوق وعظامها المطقطقة،بعدَ هنيهة حاولتُ إمساكها بيد مثقلة فشلتُ حاولتُ مرّة أخرى إنهارت قوّتي فسخرت منّي وهي في عزّ الليل تتحدّى الزمان، صرختُ مستسلماً. وأنا أتذوّقُ طعم الفجيعة. تعمّقت في داخلي شهوة الخوف، وتنامت وحدة الرعب فيّ، خيّلَ إليّ أنّ جدّتي سوفَ تخرجُ الأفعى بنفسها، ولكن يدها إنهزمت إلى المستحيلات، حاولتُ الولوجَ إلى مملكتها المحصّنة بعد الخوف والمرارة... ضمّني ثمّة شيء بحنان رغم زمني الضارب في شواغل الدنيا ومتاعبها، حكموا على أفعتي بالتآمر ومنعها من التجوال في الدروب، وبعد ذلك قهرها بالنسيان، فأدركتُ فيما بعد أنّي ألهثُ وراء سراب مزمن يختلسُني بأنيابه ومخالبه الحادة، رغم حزني.. ودموعي.. وألمي عليها حاولتُ في تلك اللحظة أن أسحبها من جحرها المسكون. يومها إخترتُ عصاً صغيرة تفتحُ لي الطريق نحو مضجعها، وحينَ إستقرّت نظراتي عليها إنهمرت دموعي...حتى تلك اللحظة لم أعرف سبباً مقنعاً لتلك الدموع، بعد برهة من الزمن تصوّرتها حيواناً خرافياً ليس له حدود، ولكن أراها ملقية على الأرض إلى حد التخمة تعاني من ألم في بطنها بسبب إبتلاعها أرنبي الصغير الذي كان ما زالَ في مقتبل الحياة.يا للكارثة كيفَ أداويها؟. وأنا أريدُ إصطيادها والوقتُ ما زالَ ليلاً وفي فصل الخريف،ربّما كنتُ مجرّد مجنون يحاولُ أن ينتقم من نفسه في لحظات عابرة،وحتى تلك اللحظات باتت ممزوجة بالألم،كل ما أذكرهُ هو إقتحام عالمها الحيواني رغم كلّ الدموع التي قد ذرفت فصارت عندي الأسمى والأعظم. آمنتُ بالقدر المكتوب إلى حين النهاية المطلقة. أتساءلُ إن كنّا قد تلاقينا أنا وهي في فصل من فصول السنة وبيننا الزمان والمكان... أشكّ كثيراً في لحظة تزلزلي... وهل لجنوني بحبّها حدود؟!. حرام أن لا يحيا هذا الحب الكبير إلاّ في حدود الأطر المتلاشية. تبتلعني نظراتها الحزينة، إستمرّ صمتي، نهرتني بنظراتها اليائسة، ثمّ نهضتُ وأدرتُ ظهري ومشيت، غابت عن عيني بذاك المشهد المشحون بالأسى، أتمتمُ مع نفسي هل كان قدرك حقّاً أن تكوني هناك؟ أم وجدت جلاّدك في هذا المكان؟. ما الذي دعاني بأن أقحمَ نفسي في هكذا صمت محيّر، ربّما كان قدري الحقيقي الذي قادني إلى هنا.. أنعشُ روحي، ولكن على يقين أنّي لن أتركها... لأنّ روحي ستحلمُ بها بعد مماتي. أتنهّدُ بين لحظة وأخرى، يُطاردني السؤال حول شبح ظلّها فأخافُ أكثرَ ممّا أخافُ من الظلمة. ماذا سأفعل؟. هل أخبرُ الرعاية الصحية لحقوق الحيوان عنها؟، المشكلة أنّي لا أستطيع أن أكونَ جزءاً من واقعها، ولا أجرؤ على تخطية ما يجولُ في فكري ومعتقداتي، أسيرُ والقهرُ يواجهني ملطّخاً بعراقة الماضي، المهم في هذه الحياة أن تتعافى أفعتي الخرافية لا طريق أمامي سوى الخطى المظلّلة، إلى متى ستظلينَ خائفة ومحكوم عليك بالقلق؟، ستعيشين حياتك الطبيعية، هكذا شاءت الأقدار لأصوّرَ زمني المتلاشي، بعدَ عقد من الجفاء، آنَ الأوان كي أعلنَ على الملأ ما تبقّى منّي بشأن أفعتي في ليل خريفي أتلهّفُ جيداً وأهمسُ في أذني الغائبة عسى ولعلّهُ أمضي معها بقية أيّام عمري وهي فرحةٌ تتمطّى هنا وهناك مع زميلاتها في أروقة حديثة التي خصّصت لهنّ في حديقة الحيوانات مكوّنة صداقات حميمة وما زالت تذكرني وأنا أذكرها هي في مكانها وأنا في مكاني....