أمل الكردفاني- الخونة (سيناريو اسكيتش قصير)

مشهد١/ خارجي/ نهار/شارع خالي من المارة

ظهر فتاة تسير بسرعة، يتدلى جزء من شعرها الخلفي من وراء طرحتها..
يهبط عادل من سيارته الفاخرة، دون أن يراها، ويغلق أبواب السيارة بمفتاح اتوماتيك..وحين يلتفت يبدو على وجهه الذعر.
الفتاة تشهر مسدسها وهي تمسكه بكلتا يديهها وبذراعين مستقيمين.
عادل- شهد؟
شهد- مش حرام عليك ياخي تلاتة سنين غاشيني بالزواج وانا زاحة معاك من ضل لي ضل زي غطا الكفتيرة..ياخ بترضى لي اختك كدة..انت مفروض اسمك يكون ظالم مش عادل..
عادل- استهدي بالله..
شهد- وكمان بتذكر اسم الله على لسانك النجس..ياخ حرام عليك..انت ما عندك احساس..انت جلدك تخين كدة ليه..
عادل- انت عاوزة شنو حسي؟ عاوزة تقتليني مثلاً..ياخ ما بعرسك هو العرس بالرجالة..
شهد- ما دايرة عرس لكن العملتو فيني ما برضاهو الله..كم واحد اتقدم لي وانا رفضت عشانك..
عادل- ياخي ما عايز اعرسك ياخ..
(تطلق رصاصة على ركبته اليسرى فيسقط ممسكا بركبته وهو يتألم وعيناه محمرتان)
شهد- انت قايل العمر لعبة..قايل عمري لعبة يا كلب يا وسخ..
عادل- مجنونة..
(تطلق رصاصة ثانية على ركبته اليمنى، ويصرخ هو)
عادل- الحقونييييي...
شهد- مافي زول في الشارع ولو زول جا ينقذك حقتلو هو كمان..متذكر .. متذكر كيف كنت بركب معاك المواصلات من محطة لي محطة لمن كنت مفلس وما لاقي شغل..أول ما جات الثورة يا منافق ركبتا على اكتاف الشهدا وبقيت وزير كبير وأول حاجة عملتها انك اتخليت عني .. لا وكمان حظرت تلفوناتي وحظرتني من الواتس..
عادل-(من بين ألمه) تلفوني ضاع ..وقع وضاع..
شهد- طلس يا كذاب.. لسة بتكذب..ليه ما بتعرف بيتنا..ما بتعرف تلفونات أصحابنا المشتركين..ما بتعرف الفيس بوك بتاعي..ليه حظرتني في الفيس يا مجرم؟
عادل- حسابي اتقفل..
شهد- اسكت يا كضاب..
(تطلق راصاصة على كتفه الأيسر فيميل عليه ممسكا به بألم)..
شهد- ومشيت خطبتا ميشو..بت رجل الاعمال الرشحك للوزارة عشان تزبط ليهو صفقات اللحوم يا حرامي..
عادل- (بفزع) أرحميني يا شهد..ارحميني..لو قتلتيني بعدموك..لو قتلتيني ما حتكسبي شي...
شهد- بكسب كتير..سنين حتى قبل ما تخطبني..سنين زاحين سوا زي أسلاك الكهربا..نسيت العملتو معاي.. ونسيت تضحياتي عشانك..وأول ما تلقى تغدر..يا غدار..يا كلب..انا الليلة لقيتك من غير بودي قارد وحقتلك يا خاين..
عادل- شهد...اهدي..اهدي..العنف ما بحل حاجة..السلمية اسقطت نظام كامل..
شهد- السلمية الجابتكم انتم يا منافقين يا حرامية يا غدارين يا عملا..سلمية خلاص بلفان..تاني مافي سلمية..وطلسك تسفو كترابة..
عادل- كترابة؟!
شهد- مالك ما بتعرف الكترابة يا صايع يا ضايع..انت الكنت من ضل لي ضل زي كلب الحر بقيت ما بتعرف الكترابة
(تطلق رصاصة في ساقه فيصرخ)
شهد- قول واي..
عادل- واي..
شهد- قول واااااي..
عادل- واااااي..
شهد- قول بي حس عالي..
عادل- وااااااااي..
شهد- ود الكب..
(قطع)

مشهد٢/ نهار/ داخلي/ قسم الشرطة

الشرطي المتحري على مكتب قديم، وأمامه شهد..
الشرطي- طقيتي الزول دة رصاص؟
شهد- أيوة..
(يكتب الشرطي على دفتر أمامه)
الشرطي- نعم أطلقت عليه الرصاص..
الشرطي- (يوجه سؤاله لشهد)- ضربتيهو كم رصاصة؟
شهد- ما متذكرة؟
الشرطي-(يكتب) لا أتذكر كم عدد الرصاصات التي أطلقتها عليه..
شهد- (تصيح بغضب) هوووي انت بتقولني كلام ما قلتو ليه؟
الشرطي- (بفزع) مش دة كلامك؟
شهد- لا ما كلامي..
الشرطي- كيف ما كلامك؟
شهد- ما كلامي.. انت بتزود كلامي ليه..وبعدين انا اتكلمت معاك بالعربي الفصحى متين..نحن في مسلسل ديني ولا شنو؟
الشرطي- يا شذى انا بكتب الكلام البتقوليهو بعد أعيد صياغتو عشان لمن المحضر يمشي النيابة والمحكمة يتفهم..
شهد- لا ما بتعيد صياغتو..انت قايل نفسك عبد الله الطيب عشان تعيد صياغتو..انا ما بوقع على المحضر دة لو ما كتبت كلامي زاتو البقولو من غير زيادة ولا نقصان..
الشرطي- سمح..
(قطع)

مشهد٣/ داخلي/ نهار/ منزل والد شهد

تجلس شهد ووالدها ووالدتها وشقيقها الذي يفلفل شعره ويرتدي بنطلون داقي سيستم

الأب- يا شهد يا بتي.. الحمد لله جات على كدة.. ناس الحكومة خافو من الفضيخة وشطبوا البلاغات وعادل في المستشفى نجا من الموت..عليك الله يا بتي ما تجيبي سيرة الموضوع دة لي زول تاني..
أم شهد- لاااا إله الا الله..كان الود مات كان أعدموك وكان قالو دية كنا نجيب قروش من وين؟
شقيق شهد- وحاة الله لو كلمتيني كان ردمناهو انا والشفوت..
الأب- أسكت يا حيوان..
(الشقيق يطأطئ راسه خجلا ويغطي وجهه بأصابع يده)
شهد- خلاص يا أبوي..سبتو لي الله بس..
الأب- سبتيهو؟ سبتيهو بعد بقيتيهو غربال؟
شهد- أسوي شنو بس يا ابوي..ما قدرت استحمل..
الأب- الحمد لله على كل حال..جات سليمة..ويا بتي انتي لسة صغيرة عرس شنو ليك..
شهد- صغيرة شنو يا ابوي..خلي الطلس بتاعك دة عليك الله..النقوم نعمل شاي..
(قطع)

مشهد ٤/ داخلي/ نهار/ في المستشفى

الشبلي صديق عادل يجلس قرب سرير عادل في المستشفى

الشبلي- الزولة دي مجنونة..ربنا لطف بيك والله..
عادل- المشكلة انو خربت علي خطوبة هالة..
الشبلي- ليه؟..
عادل- أبوها خاف على بنتو..قال المجنونة دي ممكن تقتل بنتو..
الشبلي- مش خلاص شطبتو البلاغات؟
عادل- السبب الحقيقي هو الفضيحة دي...الواتساب ما ببتبلا في خشمو فولة..اقصد في شاشتو فولة..
الشبلي- في ثواني الخبر انتشر في السودان كلو..
عادل- انا خايف يشيلوني من الوزارة..
الشبلي- يا زول ترتاح من الهم..
عادل- ارتاح شنو يا الشبلي..عايزني أرجع لي صف العيش والغاز واحوم في المواصلات بي سفنجتي المقطوعة..ياخ نحن ناس أرخميدس ديل ما بنقدر نرجع للماضي الكئيب داك تاني..
الشبلي- أرخميدس كيف يعني؟
عادل- أرخميدس دة بتاع نظرية الطفو الدرسونا ليها في الابتدائي..
الشبلي- أها..
عادل- نحن طفينا من القاع وما حنرجع للقاع تاني..كان أفجر نفسي..انت ما ضقت النعمة يا الشبلي..
الشبلي- ضقتها مش شغلتني مدير مكتبك؟
عادل- مدير مكتب حاجة ووزير حاجة يا الشبلي.. انا بخش اي مكان بقيفو لي..متذكر يا الشبلي لمن كنا نمشي نضهب في الحفلات ويطردونا..الليلة انا برسلو دعوات عقد الزواج ولمن أخش الجامع الناس بتخلي الإمام والمازون وبجوني جارين..ما بقيف في صف عيش ولا غاز ولا بعرف الأسعار زادت ولا نقصت يا الشبلي..بيتي اربعة طوابق..عندي اربعة عربات وبودي قارد وعشرة حراس جنب باب البيت..تفتكر أقدر ارجع للفقر داك تاني..حرام..وكلو بي سبب الكلبة الاسمها شهد دي..
الشبلي- لسة ما أقالوك من الوزارة..
عادل- الزول الكبير لمن جا زارني بقى يحمر لي عيونو..عرفت انو موضوعي استحمى..وانا الشهور الفاتت ما قدرت أعمل لي ضمان..
الشبلي- بحمر ليك عيونو؟
عادل- أيوة..
الشبلي- احتمال بس عشان بنتو؟
عادل- بنتو موضوعا اتحسم خلاص وما حنكمل الزواج..وواضح إنو قرر يشيلني من الوزارة..
الشبلي- لكن دة رجل أعمال بس ما رئيس وزرا..يشيلك كيف؟
عادل- (ينظر للسقف بتأمل) انت ما عارف حاجة ساي..القصة دي كبيرة شديد..
(قطع)

مشهد ٥/ داخلي/نهار/ مطبخ بلدي بمنزل شهد

شهد تعوس في الصاج بيمينها وتحمل الموبايل بيسراها..
شهد- قلت شنو يا الشبلي..صحي؟ النبي فيك؟ وووب علي..شالوهو من الوزارة..وااااي لكن..(تسعل) دقيقة الأنزل صاجي..
(قطع)

مشهد٦/ داخلي/ نهار/ غرفة شهد

تواصل الحديث بالتلفون مع الشبلي

شهد- شالوهو متين؟ ..بري بري .. يطرشني..ما سمعت إلا منك.. أها..مالو؟ حالتو شنو؟ حالتو النفسية متأزمة.. ليه مش طلع ليهو بي بيت وعربية؟ كيف ما طلع بي شي؟ ما لحق كيف هو قعد في الوزارة سبعة شهور.. منو المتربص بيهو؟..شلة الكبري؟ وديل مالوم معاهو؟ الأعور منو؟ سجمي؟ أها؟ زازوهو يعني مزازا شديدة..وما قدر ياكل ليهو أكلة حلوة..عارفاهو حمار من يومو..
(قطع)

مشهد ٧/ خارجي/ نهار/ كافتيريا

شهد والشبلي يجلسان على طاولة وأمامهما أكواب عصير

الشبلي- والله يا شهد انا كنت من زمان بريدك..لكن عادل كان عراضة..وانا زول جادي وبتاع عرس ما بتاع سكسكة
شهد- أنا يا الشبلي بطلت موضوع العرس دة خلاص..حرمت..
الشبلي- ليه بس..هو مافي راجل غير عادل يعني؟
شهد- في طبعا.. ومقدرة عواطفك..لكن الشفتو من عادل عقدني من الرجال..
الشبلي- والله يا شهد يوم عرفت انك شلتي المسدس وطقيتي عادل بالرصاص حبيتك زيادك..زولة قوية للدرجة دي ما ساهلة أصلو..
شهد- ما بتخاف مني أقتلك كان اتجننت يوم؟
الشبلي- ما انتي قتلتيني من زمان..تمي الباقي..
(تضحك)
شهد- وحسي صحبك يعرف انك عرستني ما بزعل..
الشبلي- ما مهم يزعل ولا ما يزعل..وبصراحة أقول ليك شي..
شهد- أها؟
الشبلي- الزول الكبير جايبني وزير بدلو..
شهد- صحي؟!
الشبلي- صحي والله..
شهد- والغدار عرف؟
الشبلي- الغدار عرف .. ضربتا ليهو كلمتو.. وقفل فيني التلفون..مشيت لقيتو قاعد في ضل اللستك زي زمان..
(قطع)

مشهد ٨/خارجي/نهار/ الشارع

عادل يلبس عراقي ويضع سفة وهو جالس على (إطار سيارة مدفون لنصفه في الأرض).. تمر سيارة الشبلي اللاندكروزر الكبيرة وتتوقف أمامه..ينزل القزاز من نافذة شهد التي تلتفت وتنظر إليه وهي تنزل نظارة الشمس من عينيها بشماتة.. فينظر عادل إليها وينهض غاضبا..
عادل- خونة..خونة..
يدير الشبلي محرك السيارة ويندفع بها هاربا من صيحات عادل الذي يجمع الحجارة ويقذف بها السيارة..
عادل- خونة..خونة .. خونة..
وتختفي قهقهات شهد مع اختفاء السيارة

(النهاية)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...