لا يمكن لأيّ دارس أو مهتمّ بالأدب التونسي وتاريخه ألّا يعترضه خلال بحثه اسم "مقهى تحت السّور". هذا المقهى الموجود في حيّ "باب سويقة العتيق"، والذي يستمدّ اسمه من موقعه تحت سور باب سويقة التاريخيّ.
منذ أواخر العشرينيات ومطلع الثلاثينيات من القرن العشرين، برز في تونس جيل جديد من الأدباء والمفكّرين أثروا تأثيراً بالغاً في الفكر والأدب والثقافة التونسية عموماً، ومن هؤلاء: أبو القاسم الشابي، والطاهر صفر، وزين العابدين السنوسي، والهادي العبيدي، والطاهر الحدّاد، وبيرم التونسي في سنوات منفاه، ومحمد الصالح المهيدي. وكان ّمقهى "تحت السّور" هو المكان الذي يضمّهم ويحتضن لقاءاتهم الفكرية ومطارحاتهم ونقاشاتهم.
هذا المقهى البسيط الذي لا يضمّ من الأثاث غير بعض الطّاولات والكراسي الخشبية، وبعض الحصَر و"الكليمات" القماشية التونسية المفروشة مباشرة على أرضية المقهى، كان مشتلاً لأعظم حركة ثقافية عرفتها الساحة التونسية في تاريخها، حيث أنّ جماعة تحت السّور لم تضمّ فقط أدباء وشعراءَ، بل ضمّت موسيقيين وملحّنين، وفنانات غيّرن وجه الموسيقى التونسية والعربية. أطلقت هذه الجماعة على نفسها: "جماعة تحت السور".
أحداث هذا العصر ماثلة في آثار هؤلاء الروّاد الذين نَجَحُوا في تصوير الواقع التونسي تصويراً صادقاً؛ فكان بعضهم يدعو إلى تعليم المرأة، ويلحّ على منحها حقوقها، وبعضهم الآخر يدافع عن الشخصية التونسية العربية الإسلامية المهدّدة بالذوبان. وهناك من آزر الزّعيم النقابي محمد علي الحامي، مؤسّس "جامعة عموم العملة التونسية" في محنته، ومنهم من شهّر بسياسة التجنيس، مثل الطاهر الحدّاد، الذي خاطب الشعب قائلاً : "أفقْ أيها الشعب المهان، فقد أتوا إليك بتجنيس لعلّك تخدعُ/ وأيّد لهم بالحسّ أنك ماجد وإن كنت في بؤس فجنسك أرفعُ".
هذا المقهى البسيط الذي لا يضمّ من الأثاث غير بعض الطّاولات والكراسي الخشبية، وبعض "الكليمات" القماشية التونسية المفروشة مباشرة على أرضية المقهى، كان مشتلاً لأعظم حركة ثقافية عرفتها الساحة التونسية في تاريخه
مواكبة الأدباء لهذه الأحداث لفتت الأنظار ووحّدت مسؤولية النخبة ودورها في تصعيد المقاومة، كما عالجت مواضيع جديدة أمْلتها الظروف السياسية آنذاك.
كانت مجموعة "تحت السور" على صلة بنخبة من الموسيقيين والمطربين والمطربات، أمثال الهادي الجويني، والصادق ثريّا، وصالح الخميسي، وحسيبة رشدي، وفتحيّة خيري. وكانت لهم علاقات بعدد من رجال المسرح والتمثيل، منهم صالح الزواوي، ومحمد عبد العزيز العقربي، وأحمد بوليمان، وشافية رشدي. وكان على صلة بهم أيضاً بعضٌ من الرسّامين، من أمثال علي بن سالم، وحاتم المكّي، وعمر الغرايري الكاريكاتوري.
مثّلت "جماعة تحت السور" من الأدباء والصحافيين والفنّانين والرسّامين، أسرة أدبية تشابهت في المشاعر والأحاسيس، وكانت لأكثرهم ميول إلى الحياة الهامشية. وبالرغم من ذلك فقد كانت لجميعهم مواقف تقدّمية رائدة من القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية التي شغلت بال الرأي العام التونسي طيلة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي.
منذ أواخر العشرينيات ومطلع الثلاثينيات من القرن العشرين، برز في تونس جيل جديد من الأدباء والمفكّرين أثروا تأثيراً بالغاً في الفكر والأدب والثقافة التونسية عموماً، ومن هؤلاء: أبو القاسم الشابي، والطاهر صفر، وزين العابدين السنوسي، والهادي العبيدي، والطاهر الحدّاد، وبيرم التونسي في سنوات منفاه، ومحمد الصالح المهيدي. وكان ّمقهى "تحت السّور" هو المكان الذي يضمّهم ويحتضن لقاءاتهم الفكرية ومطارحاتهم ونقاشاتهم.
هذا المقهى البسيط الذي لا يضمّ من الأثاث غير بعض الطّاولات والكراسي الخشبية، وبعض الحصَر و"الكليمات" القماشية التونسية المفروشة مباشرة على أرضية المقهى، كان مشتلاً لأعظم حركة ثقافية عرفتها الساحة التونسية في تاريخها، حيث أنّ جماعة تحت السّور لم تضمّ فقط أدباء وشعراءَ، بل ضمّت موسيقيين وملحّنين، وفنانات غيّرن وجه الموسيقى التونسية والعربية. أطلقت هذه الجماعة على نفسها: "جماعة تحت السور".
أحداث هذا العصر ماثلة في آثار هؤلاء الروّاد الذين نَجَحُوا في تصوير الواقع التونسي تصويراً صادقاً؛ فكان بعضهم يدعو إلى تعليم المرأة، ويلحّ على منحها حقوقها، وبعضهم الآخر يدافع عن الشخصية التونسية العربية الإسلامية المهدّدة بالذوبان. وهناك من آزر الزّعيم النقابي محمد علي الحامي، مؤسّس "جامعة عموم العملة التونسية" في محنته، ومنهم من شهّر بسياسة التجنيس، مثل الطاهر الحدّاد، الذي خاطب الشعب قائلاً : "أفقْ أيها الشعب المهان، فقد أتوا إليك بتجنيس لعلّك تخدعُ/ وأيّد لهم بالحسّ أنك ماجد وإن كنت في بؤس فجنسك أرفعُ".
هذا المقهى البسيط الذي لا يضمّ من الأثاث غير بعض الطّاولات والكراسي الخشبية، وبعض "الكليمات" القماشية التونسية المفروشة مباشرة على أرضية المقهى، كان مشتلاً لأعظم حركة ثقافية عرفتها الساحة التونسية في تاريخه
مواكبة الأدباء لهذه الأحداث لفتت الأنظار ووحّدت مسؤولية النخبة ودورها في تصعيد المقاومة، كما عالجت مواضيع جديدة أمْلتها الظروف السياسية آنذاك.
كانت مجموعة "تحت السور" على صلة بنخبة من الموسيقيين والمطربين والمطربات، أمثال الهادي الجويني، والصادق ثريّا، وصالح الخميسي، وحسيبة رشدي، وفتحيّة خيري. وكانت لهم علاقات بعدد من رجال المسرح والتمثيل، منهم صالح الزواوي، ومحمد عبد العزيز العقربي، وأحمد بوليمان، وشافية رشدي. وكان على صلة بهم أيضاً بعضٌ من الرسّامين، من أمثال علي بن سالم، وحاتم المكّي، وعمر الغرايري الكاريكاتوري.
مثّلت "جماعة تحت السور" من الأدباء والصحافيين والفنّانين والرسّامين، أسرة أدبية تشابهت في المشاعر والأحاسيس، وكانت لأكثرهم ميول إلى الحياة الهامشية. وبالرغم من ذلك فقد كانت لجميعهم مواقف تقدّمية رائدة من القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية التي شغلت بال الرأي العام التونسي طيلة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي.