ردّاً على مقال (مآخذ أربعة) على قصيدة شهرزاد
حول “مآخذ أربعة”
1949/3/18
تفضَّل الأديب الطُّلعة “سامي حسين حبش ـ في العدد 819 من مجلة الرّسالة الغرّاءـ فشمل قصيدتي “شهرزاد” بثنائه الكريم ونقده الرّفيق؛ ورأى في القصيدة مآخذ أربعة أخذها عليَّ.
وردّي عليه كما يلي:
ذهب الأخ الناقد في تفسيره لكلمة “مغنى” الواردة في البيت التالي:
” كأسكِ الفنُّ. ومغناكِ أغاريدُ العصورِ”
مذاهبَ، خرج منها بأنه لا وجهَ لاستعمالي هذه الكلمة في هذا المقام.
أمّا أنا فأقول بأنَّ كلمة “مغنى” ـ كما وردتْ في البيت ـ إنَّما قصدتُ منها المنزل؛ وليس المنزل مجرَّداً عُرياناً، أو “الموضع الذي كان به أهلوه” ولكنه المنزل الذي تدلُّ عليه كلمة مغنى نفسها. وأظنُّ أنَّ الأديب الفاضل معي ومع المرحوم أمير البيان الأرسلاني حينما وجَّه هذه اللفظة ـ مغنى ـ توجيهاً خاصّاً خرج منه إلى أنَّها منزل الأُنْس والطّرب والهناءة والسَّمَر، وهي اختصار السّامر، وعلى هذا يكون المعنى الذي رميتُ إليه: أنَّ مغناها ـ وهو موطن سَمَر شهرزاد وأُنْسِها ـ أصبح أغرودةً من أغاريد الزّمن، يُلهم الشعراء ويوحي للكتّاب؛ إذ لا وجهَ للقول مطلقاً بأنَّ مغنى شهرزاد (بمعنى غناء) قد أصبح غناء العصور … إذ يركُّ المعنى ويسفُّ؛ فما كانت شهرزاد تُغنّي أصلاً، وليس غناؤها هو الذي يدوّي في أجواء العصور، وإنَّما الذي يدوّي إنَّما هو سامرُها وأصداء ذاك السّامر!
2- واعترض الناقد الفاضل على البيت التالي:
” ونداماكِ عشيقٌ فاترُ اللَّحظِ الكسيرِ”
بقوله: كان الصّواب أن يقول: ونديمُك عشيقٌ أي أن يأتي بالمُفرد دون الجمع!
وواضحٌ هنا شيءٌ من الإبهام لدى الأخّ الناقد. لأنني عنيتُ تماماً اتجاهي عندما قلتُ ” ونداماك عشيقٌ……” لأنَّ الأبيات السابقة توضّح هذا الاتّجاه؛ إذ قلتُ:
ولـيـاليــك غـرامٌ بين أحـضـان الدهـــور
كأسُك الفنُّ. ومغناكِ أغاريدُ العصور
ونــداماك عشيـــقٌ فاترُ اللَّحظِ الكسير
فتلك الليالي، وتلك الكأس، وذاك السّامر بحاجةٍ إلى ندامى لا إلى نديم .. وقد جُمع أولئك النّدامى فكانوا ذاك العشيق” شهريار” الفاتر اللَّحظ الكسير! وواضحٌ أنَّ اللغة تقرُّني على ما ذهبتُ إليه، تأويلاً ” كلُّ نداماكِ عشيقٌ…” ودون تأويل أيضاً!
3- وأخذ عليَّ حضرة الأخ النّاقد قولي:
” ورواهُ الدهرُ فاستلقاه خفّاقي وثارا”
ذهاباً منه إلى أنَّ “استلقى” إنَّما هي من “استلقى على قفاه ـ ولا معنى لها هنا”.
وأنا معه حقّاً فيما إذا كانت استلقى بالمعنى الذي ذهب إليه. ولكنَّ اللغة وحدها هي التي تقول بأنَّ الاستفتاح بالسّين والتّاء إنَّما للدلالة على الطّلب؛ قياساً على قولنا “رضيَ واسترضى ، بكى واستبكى، غنيَ واستغنى … لقيَ واستلقى … إلخ..” ومن هذه الزاوية القياسيّة الصحيحة يتَّضح أنني كنتُ على صوابٍ في هذا الاستعمال.
4 – أمّا المأخذ الأخير حول “السُّمار حيرى”: فوجهة نظري أنَّ كلَّ جمعٍ مؤنَّثٌ؛ فعاملتُ الجمعَ معاملة المفرد المؤنَّث.
وإنني في الختام أشكر للأخ الغالي هذه الفرصة التي جمعتني وإيّاه لنتعارف على صفحات ” الرّسالة” الأمّ! وأنعِمْ به من تعارف، وأعظِمْ بها من رسالة تؤدّيها “الرّسالة” .
زهير ميرزا
حول “مآخذ أربعة”
1949/3/18
تفضَّل الأديب الطُّلعة “سامي حسين حبش ـ في العدد 819 من مجلة الرّسالة الغرّاءـ فشمل قصيدتي “شهرزاد” بثنائه الكريم ونقده الرّفيق؛ ورأى في القصيدة مآخذ أربعة أخذها عليَّ.
وردّي عليه كما يلي:
ذهب الأخ الناقد في تفسيره لكلمة “مغنى” الواردة في البيت التالي:
” كأسكِ الفنُّ. ومغناكِ أغاريدُ العصورِ”
مذاهبَ، خرج منها بأنه لا وجهَ لاستعمالي هذه الكلمة في هذا المقام.
أمّا أنا فأقول بأنَّ كلمة “مغنى” ـ كما وردتْ في البيت ـ إنَّما قصدتُ منها المنزل؛ وليس المنزل مجرَّداً عُرياناً، أو “الموضع الذي كان به أهلوه” ولكنه المنزل الذي تدلُّ عليه كلمة مغنى نفسها. وأظنُّ أنَّ الأديب الفاضل معي ومع المرحوم أمير البيان الأرسلاني حينما وجَّه هذه اللفظة ـ مغنى ـ توجيهاً خاصّاً خرج منه إلى أنَّها منزل الأُنْس والطّرب والهناءة والسَّمَر، وهي اختصار السّامر، وعلى هذا يكون المعنى الذي رميتُ إليه: أنَّ مغناها ـ وهو موطن سَمَر شهرزاد وأُنْسِها ـ أصبح أغرودةً من أغاريد الزّمن، يُلهم الشعراء ويوحي للكتّاب؛ إذ لا وجهَ للقول مطلقاً بأنَّ مغنى شهرزاد (بمعنى غناء) قد أصبح غناء العصور … إذ يركُّ المعنى ويسفُّ؛ فما كانت شهرزاد تُغنّي أصلاً، وليس غناؤها هو الذي يدوّي في أجواء العصور، وإنَّما الذي يدوّي إنَّما هو سامرُها وأصداء ذاك السّامر!
2- واعترض الناقد الفاضل على البيت التالي:
” ونداماكِ عشيقٌ فاترُ اللَّحظِ الكسيرِ”
بقوله: كان الصّواب أن يقول: ونديمُك عشيقٌ أي أن يأتي بالمُفرد دون الجمع!
وواضحٌ هنا شيءٌ من الإبهام لدى الأخّ الناقد. لأنني عنيتُ تماماً اتجاهي عندما قلتُ ” ونداماك عشيقٌ……” لأنَّ الأبيات السابقة توضّح هذا الاتّجاه؛ إذ قلتُ:
ولـيـاليــك غـرامٌ بين أحـضـان الدهـــور
كأسُك الفنُّ. ومغناكِ أغاريدُ العصور
ونــداماك عشيـــقٌ فاترُ اللَّحظِ الكسير
فتلك الليالي، وتلك الكأس، وذاك السّامر بحاجةٍ إلى ندامى لا إلى نديم .. وقد جُمع أولئك النّدامى فكانوا ذاك العشيق” شهريار” الفاتر اللَّحظ الكسير! وواضحٌ أنَّ اللغة تقرُّني على ما ذهبتُ إليه، تأويلاً ” كلُّ نداماكِ عشيقٌ…” ودون تأويل أيضاً!
3- وأخذ عليَّ حضرة الأخ النّاقد قولي:
” ورواهُ الدهرُ فاستلقاه خفّاقي وثارا”
ذهاباً منه إلى أنَّ “استلقى” إنَّما هي من “استلقى على قفاه ـ ولا معنى لها هنا”.
وأنا معه حقّاً فيما إذا كانت استلقى بالمعنى الذي ذهب إليه. ولكنَّ اللغة وحدها هي التي تقول بأنَّ الاستفتاح بالسّين والتّاء إنَّما للدلالة على الطّلب؛ قياساً على قولنا “رضيَ واسترضى ، بكى واستبكى، غنيَ واستغنى … لقيَ واستلقى … إلخ..” ومن هذه الزاوية القياسيّة الصحيحة يتَّضح أنني كنتُ على صوابٍ في هذا الاستعمال.
4 – أمّا المأخذ الأخير حول “السُّمار حيرى”: فوجهة نظري أنَّ كلَّ جمعٍ مؤنَّثٌ؛ فعاملتُ الجمعَ معاملة المفرد المؤنَّث.
وإنني في الختام أشكر للأخ الغالي هذه الفرصة التي جمعتني وإيّاه لنتعارف على صفحات ” الرّسالة” الأمّ! وأنعِمْ به من تعارف، وأعظِمْ بها من رسالة تؤدّيها “الرّسالة” .
زهير ميرزا