زهير ميرزا – دمشق
في الثامن من تشرين الثاني سنة خمس وأربعين وتسعمائة وألف للميلاد
أخي الأستاذ الفاضل عادل الغضبان
تحية وبعد.
أرجو ألّا تضيق مجلة “الكتاب” الغرّاء بمثل هذا النقد البريء. وأرجو ألّا يفُتَّ في عضُدِها سطوةُ المكتوب عنه وطولُ باعِه في الأدب بالنسبة إلى الكاتب. فنحن لم نكنْ، ولن نكونَ، إلّا في معرِض سَوق الأدب للأدب والنقد لتلافي مزالق القلم والفِكْر اتّجاهاً إلى أدبٍ أسمى وفِكْرٍ أبقى على الدّهر. والله من وراء القصد.
المُخلِص “زهير”
********
تلقَّفنا العدد الأوّل من مجلّة “الكتاب” الناشئة. وما إن أنفقنا بعضاً من الوقت في مطالعة ما اختاره أدباؤنا لكتابة الحواشي على الجوهر حتى أيقنّا بأنَّ ما ذهب إليه (أبو تمّام) ينطبق على هذا العمل الأدبي الرّاقي.
نحن كثيراً ما نطالع للأديب الشّيخ الأستاذ الكبير “عبّاس محمود العقّاد”ـ إنْ على صفحات “الرّسالة “طوراً وإنْ على صفحات مجلّة “الإثنين” و “الهلال” وغيرهما وغيرهما ـ فنقف عند الذي يكتبه وقفة الحَيْران الضّائع الاتّجاه الذي يصافح هذه الألوان المتباينة من مكتوبات هذا الأديب المُفكِّر؛ فما نملكُ دَفْعاً لشكٍّ وما نملكُ سُبُلاً ليقين؛ فهو حيناً فيلسوفٌ أو في طريق الفلسفة، وهو حيناً عالِمٌ متأثِّر خُطى العُلَماء، وهو حيناً آخذٌ بنصيبٍ من الشِّعر، وهو بعد هذا وذاك مُنتِجُ “عبقريّاتٍ” ومحلِّلُ شخصياتٍ لها قيمتُها لا شكَّ.
وهو مؤرِّخٌ وكاتبُ مَقالة، وهو قبل كلّ هذا وبعد كلّ ذاك نقّادةٌ عميق؛ إنْ أمسك بقلم النقد حقَّ لنا أن نهتف معه “ليتني أحطِّمُ إلّا قلماً واحداً”. هو قلم النقد؛ فكنّا في جميع ما نطالع له لا نقف وقفةَ متدبِّرٍ طُلَعةٍ لعِلمِنا بأنَّ هذا قَطْرٌ من غيثٍ سوف ينهمر. والغيثُ المنهمرُ هو هنا “إنتاجُه” الشّخصيّ الذي يوم يُعرَض الناسُ صفّاً صفّاً سيحتمل كلٌّ نتاجَه ومحصولَ بَيدره بيمينه، واقتباسه وترجماته بشماله، فما يُغنيه ما في شماله “إن لم يسىء إليه” إنْ كان مَسَخَ أو صَدَقَ. ويُغنيه ما في يمينه “إنْ لم يحسنْ إليه” إنْ كان أفاد جيلاً أو بعضه أو وجَّه خُطى إنسانٍ واحدٍ.
كنت أقول كنّا ونحن نُطالع ما يَعرضُ علينا أستاذنا الشيخ ننتظر أبداً الغيث. فدواوينه ومنظوماته قطْرٌ و”ابن روميّة” قطْرٌ، و”عبقريّاته” و”هتلره” و”قمبيزُ في ميزانه” و”سارته” و”فرانسيس باكونه” و”عرائسه وشياطينه” و”هذه امرأته” وما إلى هنالك قَطْرٌ. وإنْ كنّا في الحقيقة شِمْنا أوّل الغيث في “مُطالعاته” فنحن أبداً ظِماءٌ إلى الغيث المتواصل المنهمر الذي يُليّنُ من قساوة التّربة ويُنبتُ الأرضَ بعد جَدْبها ويسكبُ عليها فيضاً من الرّبيع الأخضر البهيج. وما نظنُّ أن انتظارنا سيطول.
في الثامن من تشرين الثاني سنة خمس وأربعين وتسعمائة وألف للميلاد
أخي الأستاذ الفاضل عادل الغضبان
تحية وبعد.
أرجو ألّا تضيق مجلة “الكتاب” الغرّاء بمثل هذا النقد البريء. وأرجو ألّا يفُتَّ في عضُدِها سطوةُ المكتوب عنه وطولُ باعِه في الأدب بالنسبة إلى الكاتب. فنحن لم نكنْ، ولن نكونَ، إلّا في معرِض سَوق الأدب للأدب والنقد لتلافي مزالق القلم والفِكْر اتّجاهاً إلى أدبٍ أسمى وفِكْرٍ أبقى على الدّهر. والله من وراء القصد.
المُخلِص “زهير”
********
تلقَّفنا العدد الأوّل من مجلّة “الكتاب” الناشئة. وما إن أنفقنا بعضاً من الوقت في مطالعة ما اختاره أدباؤنا لكتابة الحواشي على الجوهر حتى أيقنّا بأنَّ ما ذهب إليه (أبو تمّام) ينطبق على هذا العمل الأدبي الرّاقي.
نحن كثيراً ما نطالع للأديب الشّيخ الأستاذ الكبير “عبّاس محمود العقّاد”ـ إنْ على صفحات “الرّسالة “طوراً وإنْ على صفحات مجلّة “الإثنين” و “الهلال” وغيرهما وغيرهما ـ فنقف عند الذي يكتبه وقفة الحَيْران الضّائع الاتّجاه الذي يصافح هذه الألوان المتباينة من مكتوبات هذا الأديب المُفكِّر؛ فما نملكُ دَفْعاً لشكٍّ وما نملكُ سُبُلاً ليقين؛ فهو حيناً فيلسوفٌ أو في طريق الفلسفة، وهو حيناً عالِمٌ متأثِّر خُطى العُلَماء، وهو حيناً آخذٌ بنصيبٍ من الشِّعر، وهو بعد هذا وذاك مُنتِجُ “عبقريّاتٍ” ومحلِّلُ شخصياتٍ لها قيمتُها لا شكَّ.
وهو مؤرِّخٌ وكاتبُ مَقالة، وهو قبل كلّ هذا وبعد كلّ ذاك نقّادةٌ عميق؛ إنْ أمسك بقلم النقد حقَّ لنا أن نهتف معه “ليتني أحطِّمُ إلّا قلماً واحداً”. هو قلم النقد؛ فكنّا في جميع ما نطالع له لا نقف وقفةَ متدبِّرٍ طُلَعةٍ لعِلمِنا بأنَّ هذا قَطْرٌ من غيثٍ سوف ينهمر. والغيثُ المنهمرُ هو هنا “إنتاجُه” الشّخصيّ الذي يوم يُعرَض الناسُ صفّاً صفّاً سيحتمل كلٌّ نتاجَه ومحصولَ بَيدره بيمينه، واقتباسه وترجماته بشماله، فما يُغنيه ما في شماله “إن لم يسىء إليه” إنْ كان مَسَخَ أو صَدَقَ. ويُغنيه ما في يمينه “إنْ لم يحسنْ إليه” إنْ كان أفاد جيلاً أو بعضه أو وجَّه خُطى إنسانٍ واحدٍ.
كنت أقول كنّا ونحن نُطالع ما يَعرضُ علينا أستاذنا الشيخ ننتظر أبداً الغيث. فدواوينه ومنظوماته قطْرٌ و”ابن روميّة” قطْرٌ، و”عبقريّاته” و”هتلره” و”قمبيزُ في ميزانه” و”سارته” و”فرانسيس باكونه” و”عرائسه وشياطينه” و”هذه امرأته” وما إلى هنالك قَطْرٌ. وإنْ كنّا في الحقيقة شِمْنا أوّل الغيث في “مُطالعاته” فنحن أبداً ظِماءٌ إلى الغيث المتواصل المنهمر الذي يُليّنُ من قساوة التّربة ويُنبتُ الأرضَ بعد جَدْبها ويسكبُ عليها فيضاً من الرّبيع الأخضر البهيج. وما نظنُّ أن انتظارنا سيطول.