حين مات أخي
كنت قلقة أن الوقت لا يكفي
لتسليم مئة دعوة
كتبتها على عجلٍ والمَشرَحة على الهاتف:
لضيق الوقت، لا تحتاجون للرد.
ولسوء الحظ، لن يأتي رجال الإطفاء.
(كنت أتمنى لو أقلّونا معهم مجانا).
فقد سبق أن وافقوا من قبل على القدوم
واللف بنا حول المنزل
وأضواء صفارات الإنذار مضاءة
لقد كانت حفلة بالنسبة لنا.
عهدت لأمي وأبي بالبالونات،
ليملآها ما استطاعا بهواء يعصف، بما أمضى أخي من سنوات
في السجون ، وبفواتير العشرين دولارًا، ومكالمات منتصف الليل
واللكمات، وزيارات غرف الطوارئ.
البالونات تخطط السقف بلونها القرمزي
وكأنما مُلئت بالهيليوم.
نفخت أمي العديد منها حتى راحت في سبات.
نامت لعشرة أعوام فوّتت عليها الحفل كاملا.
إخوتي وأخواتي أصيبوا بالدوار،
وهم يمزقون قمصانه المبقعة وسراويله البالية،
ويلقونها في الهواء كقصاصات الورق الملونة.
حين دخل المهرجون،
تسللت بعض البالونات من الباب الأمامي.
بدت كأنها تعرف وجهتها كحفنة من الابتسامات الوردية
في نهاية طريقنا المسدود. المهرجون يعزفون على أبواق غير حقيقية
حتى ملأت رائحة التوت الفاسد الهواء.
كانوا يخرجون الأوشحة من أذن أمي وهي نائمة.
صنعت كعكة أخي المفضلة بالشوكولاتة المغطاة بمعجون السكر الأبيض.
كنا تسعة وتسعين فردًا في المطبخ
أصابعنا عالقة في وعاء خلط الكعكة.
جاءت إلى النافذة بعض الكلاب الضالة.
غطّى صوت نباحها وأمعائها الخاوية
على موسيقى الفريق المكسيكي في الحمّام.
(لم يكن هناك مكان في الردهة بسبب الساحر).
اشتكى الفريق من الصوتيات في حوض الاستحمام.
قلت للكلاب، لا مزيد من الكعك هنا، وأغلقت النافذة. جاءت سيارة الإطفاء بصفارات الإنذار. فهربت الكلاب.
قسّمت الكعكة إلى تسع وتسعين قطعة
لممت كل المعدات الإلكترونية في المنزل،
وربطتها بشرائط برّاقة وردية-
أجهزة التحكم عن بعد، والكاميرا، والستريو، والمكنسة الكهربائية،
حتى موتور شاحنة أبي- كل الأشياء التي أخذها أخي وفككها
وأعاد تجميعها، للقيام بحيل المخدرات التي يجيدها-
لطالما كان ساحر الأصناف.
اثنان من المسوخ جاءا إلى الباب.
بدا أحدهما كما لو كان من البشر.
أرادا أن يعرفا إن كان أخي قد أوصى لهما بأواني الطهو
والمقالي والملاعق المكدسة في حجرة نومه بالقبو.
قالا إنهما يفتقدان ما كان يعده من طعام
وسألا إن كان لدينا كعك. لا مزيد من الكعك هنا، قلت لهم.
قالا حسنًا، ماذا يوجد في الوعاء المعلق للهدايا والحلوى.
قلت: الإله. فهربا إلى الصحراء حافيين.
أعطيت أبي قطعته ووضعت لأمي في البرّاد أخرى.
أحضرت الأواني والملاعق والمقالي
(كان أخي طاهيًا فاشلًا حقًا)، أطرقها
ببعضها وكأني أحتفل بليلة رأس السنة.
وأخيرًا ظهر أخي يتساءل
لماذا لم ندعه، ومن خبز الكعكة.
قال إني يجب ألا أبتسم، وإن الحفل كلّه محض هراء
قال لأني تخيلته كله. أسوأ ما في الأمر قوله
إنه مازال حيًا، وأسوأ ما في الأمر قوله إنه لم يمت حتّى.
أعتقد أنه محقً، لكن أسوأ ما في الأمر، ربما، أني مازلت أتخيل الاحتفال
ومازال طعم الكعكة في فمي.
*شاعرة من السكان الأصليين لأميركا من شعب الموهافي، والقصيدة من مجموعتها "حين كان أخي من الأزتك" الصادرة عام 2012. إلى جانب كتابتها الشعرية فهي أستاذة جامعية وتعمل على إعادة إحياء اللغة الموهافية. وهي من مشاركي "احتفالية فلسطين للأدب" التي تنطلق اليوم في فلسطين المحتلة.
** ترجمة: ندى حجازي
كنت قلقة أن الوقت لا يكفي
لتسليم مئة دعوة
كتبتها على عجلٍ والمَشرَحة على الهاتف:
لضيق الوقت، لا تحتاجون للرد.
ولسوء الحظ، لن يأتي رجال الإطفاء.
(كنت أتمنى لو أقلّونا معهم مجانا).
فقد سبق أن وافقوا من قبل على القدوم
واللف بنا حول المنزل
وأضواء صفارات الإنذار مضاءة
لقد كانت حفلة بالنسبة لنا.
عهدت لأمي وأبي بالبالونات،
ليملآها ما استطاعا بهواء يعصف، بما أمضى أخي من سنوات
في السجون ، وبفواتير العشرين دولارًا، ومكالمات منتصف الليل
واللكمات، وزيارات غرف الطوارئ.
البالونات تخطط السقف بلونها القرمزي
وكأنما مُلئت بالهيليوم.
نفخت أمي العديد منها حتى راحت في سبات.
نامت لعشرة أعوام فوّتت عليها الحفل كاملا.
إخوتي وأخواتي أصيبوا بالدوار،
وهم يمزقون قمصانه المبقعة وسراويله البالية،
ويلقونها في الهواء كقصاصات الورق الملونة.
حين دخل المهرجون،
تسللت بعض البالونات من الباب الأمامي.
بدت كأنها تعرف وجهتها كحفنة من الابتسامات الوردية
في نهاية طريقنا المسدود. المهرجون يعزفون على أبواق غير حقيقية
حتى ملأت رائحة التوت الفاسد الهواء.
كانوا يخرجون الأوشحة من أذن أمي وهي نائمة.
صنعت كعكة أخي المفضلة بالشوكولاتة المغطاة بمعجون السكر الأبيض.
كنا تسعة وتسعين فردًا في المطبخ
أصابعنا عالقة في وعاء خلط الكعكة.
جاءت إلى النافذة بعض الكلاب الضالة.
غطّى صوت نباحها وأمعائها الخاوية
على موسيقى الفريق المكسيكي في الحمّام.
(لم يكن هناك مكان في الردهة بسبب الساحر).
اشتكى الفريق من الصوتيات في حوض الاستحمام.
قلت للكلاب، لا مزيد من الكعك هنا، وأغلقت النافذة. جاءت سيارة الإطفاء بصفارات الإنذار. فهربت الكلاب.
قسّمت الكعكة إلى تسع وتسعين قطعة
لممت كل المعدات الإلكترونية في المنزل،
وربطتها بشرائط برّاقة وردية-
أجهزة التحكم عن بعد، والكاميرا، والستريو، والمكنسة الكهربائية،
حتى موتور شاحنة أبي- كل الأشياء التي أخذها أخي وفككها
وأعاد تجميعها، للقيام بحيل المخدرات التي يجيدها-
لطالما كان ساحر الأصناف.
اثنان من المسوخ جاءا إلى الباب.
بدا أحدهما كما لو كان من البشر.
أرادا أن يعرفا إن كان أخي قد أوصى لهما بأواني الطهو
والمقالي والملاعق المكدسة في حجرة نومه بالقبو.
قالا إنهما يفتقدان ما كان يعده من طعام
وسألا إن كان لدينا كعك. لا مزيد من الكعك هنا، قلت لهم.
قالا حسنًا، ماذا يوجد في الوعاء المعلق للهدايا والحلوى.
قلت: الإله. فهربا إلى الصحراء حافيين.
أعطيت أبي قطعته ووضعت لأمي في البرّاد أخرى.
أحضرت الأواني والملاعق والمقالي
(كان أخي طاهيًا فاشلًا حقًا)، أطرقها
ببعضها وكأني أحتفل بليلة رأس السنة.
وأخيرًا ظهر أخي يتساءل
لماذا لم ندعه، ومن خبز الكعكة.
قال إني يجب ألا أبتسم، وإن الحفل كلّه محض هراء
قال لأني تخيلته كله. أسوأ ما في الأمر قوله
إنه مازال حيًا، وأسوأ ما في الأمر قوله إنه لم يمت حتّى.
أعتقد أنه محقً، لكن أسوأ ما في الأمر، ربما، أني مازلت أتخيل الاحتفال
ومازال طعم الكعكة في فمي.
*شاعرة من السكان الأصليين لأميركا من شعب الموهافي، والقصيدة من مجموعتها "حين كان أخي من الأزتك" الصادرة عام 2012. إلى جانب كتابتها الشعرية فهي أستاذة جامعية وتعمل على إعادة إحياء اللغة الموهافية. وهي من مشاركي "احتفالية فلسطين للأدب" التي تنطلق اليوم في فلسطين المحتلة.
** ترجمة: ندى حجازي