رسائل الأدباء 11 رسالة من ألبير كامو إلى رونيه شار

1-

(باريس) 26 أكتوبر 1951م

عزيزي رينيه،

أفترض أنك تسلَّمتَ الآن «الإنسان المتمرد». تأخر صدوره قليلًا بسبب مشاكل الطباعة. بطبيعة الحال، أحتفظ لك عند عودتك بنسخة أخرى، وستكون النسخة الجيدة. قبل نشر الكتاب بمدة طويلة، أثارت صفحات لوتريامون المنشورة في «Cahiers du Sud» (دفاتر الجنوب) رد فعل غبي وساذج بشكل خاص، الذي كان شريرًا من جانب بروتون….. بالتأكيد، لن يصلح أموره مع الثانوية.

أجبت بنبرة أخرى، وفقط لأن تأكيدات بروتون المجانية كان بإمكانها أن تخاطر بجعل الكتاب يبدو على خلاف ما هو في الحقيقة. هذا لإطلاعك على الأخبار الباريسية، التي دائمًا ما تكون تافهة ومتعبة، كما ترى.

أشعر بذلك أكثر وأكثر، لسوء الحظ. إقصاء هذا الكتاب جعلني فارغًا تمامًا، وفي حالة غريبة من الاكتئاب «الجوى». ومن ثم، شعورٌ بالوحدة… ولكن لست أنت من أستطيع أن أعلمه ذلك، فكّرت كثيرًا في محادثتنا الأخيرة، وفيك، وفي رغبتي بمساعدتك. ولكن هناك شيء ما فيك يقلب العالم. ببساطة، أنت تبحث، وأنا أبحث عن نقطة ارتكاز. على الأقل تعلم أنك لست وحدك في هذا البحث. ما قد لا تدركه جيدًا هو إلى أي حد أنت بحاجة لأولئك الذين يحبونك، والذين من دونك سيكونون بلا قيمة. أتحدث أولًا عن نفسي، أنا الذي لم يستسلم قط لرؤية الحياة تفقد معناها ونسغها. لأقلْ لك الحقيقة: إنها الوجه الوحيد الذي لم يسبق لي أن عرفته عن الألم. أتحدث هنا عن آلام العيش.

ولكن هذا غير صحيح، يجب القول: إنه ألم عدم العيش. وكيف السبيل إلى العيش في عالم الظلال هذا؟ من دونك، من دون اثنين أو ثلاثة من البشر الذين أحترمهم وأعتز بهم، فإن كثافة ما ستنقض الأشياء بشكل نهائي. ربما لم أقل لك هذا بما يكفي، ولكن لن أتوانى عن قول ذلك عند اللحظة التي أشعر بك فيها حائرًا قليلًا. ثمة قليل جدًّا من فرص الصداقة الحقة اليوم، حيث أصبح البشر متحفظين جدًّا حيالها أحيانًا، ومن ثم كل واحد يظن أن الآخر أقوى مما هو عليه، بيد أن قوتنا هي في مكان آخر؛ إذ هي تكمن في الإخلاص.

هذا يعني أنها موجودة أيضًا لدى أصدقائنا وأننا نفتقدها جزئيًّا إن اشتقنا لهم. لهذا السبب أيضًا، يا عزيزي رينيه، عليك ألا تشك في نفسك، ولا في عملك الذي لا يضاهى؛ إذ سيكون ذلك شكًّا في أنفسنا أيضًا، وفي كل ما يجعلنا أسمى. هذا الكفاح المستمر أبدًا، هذا التوازن المنهك (ولأي درجة أشعر أحيانًا بإنهاكه!) يوحدنا، بعض منا، اليوم. الشيء الأسوأ في نهاية المطاف هو أن تموت وحيدًا، ممتلئًا بالازدراء. وكل ما أنت عليه، أو ما تفعله، يوجد أبعد من الازدراء.

عدْ بسرعة، على أي حال. أغبطك على خريف «لاني» و«السوروغ»، وأرض الأرتيديين. حل الشتاء هنا وسماء باريس جهّمت سحنتها السرطانية. اختزنْ بعضًا من الشمس وشاركني بها.

خالص المودة لك.

مع صداقتي لعائلة ماتيو، ورو وللجميع.

****

2-

«لو بانولييه» 30 يونيو 1947م

عزيزي رينيه شار

سعدت جدًّا برسالتك. هناك عدد قليل من البشر اليوم الذين أحب لغتهم وسلوكهم. وأنت واحد من هؤلاء – الشاعر الوحيد اليوم الذي تجرأ على الدفاع عن الجمال، وعن قول هذا لك صراحة، وإثبات أنه يمكن للمرء أن يناضل من أجله كما يناضل للقمة العيش في الوقت ذاته. أنت تذهب أبعد من الآخرين، من دون أن تستبعد شيئًا.

هل يمكنني الآن أن أطلب منك خدمة، مثل رفيق قديم؟ الأمر أنني: قد سئمت من باريس والعالم المجرمين الذين ألتقيهم فيها. رغبتي العميقة هي العودة مجددًا إلى بلدي الجزائر، هي بلد الرجال، بلدٌ حقيقي، قاس، ولا يمكن أن ننساه. لكن لأسباب شديدة الاختلاف، فإن هذا غير ممكن. في حين أن فرنسا البلد الذي أفضله هو بلدك، وبالتحديد سفح «لوبيرون» وجبل «لوري» و«لوريس» و«لورمارين»… إلخ.

حتى الآن، لم أغتنِ من الأدب. لكن رواية «الطاعون» ستدرّ عليَّ بعض المال. أودّ شراء منزل في هذا البلد. هل يمكنك مساعدتي؟

ربما تتخيل ما يمكن أن يناسبني. منزلٌ بسيط جدًّا، وأيًّا كان اتساعه (لدي طفلان وأود أن أستضيف فيه من حين لآخر والدتي)، وأن يكون بعيدًا أكثر ما يمكن، مؤثثًا إن أمكن، وأن يكون أكثر ملاءمة من أن يكون مريحًا، ومطلًّا على منظر طبيعي يمكننا النظر إليه مدة طويلة. أعتذر عن هذا الطلب وسأستعلم أيضًا حول هذا الموضوع لدى آخرين. لكن أنت من أثق فيه: فأنت ستضع نفسك في مكاني. لهذا السبب أكتب لك كل هذا، ببساطة. إذا كنت لا تعرف أي شيء حول ذلك، فلا تقلق نفسك. سأفكر بك دومًا بشعور أخوي.

ألبير كامو

****

3-

ليل 17 أغسطس 1949م

صديقي العزيز، هذا الصباح مفاجأة جميلة من البريد مع رسالتك… الصيف طويل من دونك و«ليل» حيث أنا موجود منذ مدة خمسة أيام (حتى نهاية سبتمبر) ترغب في رؤيتك مرة أخرى. هل أنت قادم هنا بعد رجوعك؟ أرجوك أبهج قلبي بحضورك. رأيت فرانسين بالأمس. يبدو أن الأمور جيدة في باليرمو. قالت لي: إنها تجد الوقت طويلًا؛ بسبب الطريق الطويل -ذي مئة الفرسخ- الذي تغوص فيه محتذية حذاء (عقلة الأصبع) لكنها تأمل في عودتك قريبًا.

شكرًا لك من القلب، ما هو أفضل من أنك تذكرتني، هو أنك تؤكد وتشجع وجودي الشعري.

مع ذلك، عد يا عزيزي ألبير؛ لأنني أفتقدك كثيرًا.

في باريس، استمر سلام اليرقات حتى مغادرتي التي على الأرجح لن تؤدي إلى انقطاعه.

سأحيل كلير إلى الأسماء التي تشير إليها، وسأكتب إلى هيرش من أجل تقديم ما هو حار ومستعر وغامض للقراء الجيدين في ريو سان باولو.

لك ما عندي من المودة الأخوية يا صديقي العزيز

****

4-

ليل سور سورغ 4 أكتوبر 1949م

عزيزي ألبير

أرسل لك خطابًا تلقيته للتو. كاتبه هو الناقد فرانك إلجار (واسمه الحقيقي روجر ليسباتس، 25 شارع لا مارك باريس هاتف مونت 96-35). إنه رجل شجاع ومخلص جدًّا، وأصم أيضًا، للأسف! هل أنت في شامبون؟ كان من المحزن رؤيتك تغادر بسرعة هكذا، ولكنه شيء مفهوم طبعًا!

آمل أن مسرحيتك «العادلون»لا تسبب لك الكثير من الهموم.

أطيب المشاعر لفرانسين وكثير من المودة لك.

****

5-

ليل سور سورغ الجمعة أكتوبر 1949م

عزيزي ألبير

أود جدًّا من أجلك أن تنتهي همومك بدلًا من أن تنهيك هي. يزعجني الأمر عندما لا تكون «سعيدًا» (لك الحق في السعادة)، للصيف شيخوخة جميلة هنا، يستمر في العبور، ويجوب الحقول وعصاه المورقة في يده. ولكن يا لهذا القلق المغناطيسي في الهواء والأشياء! تتأذى الكائنات ببساطة، وثمة دائمًا الفجر من أجل الجروح. أن تحب، لا تحب؟ يا للدوار الطويل… ولا يمكننا أبدًا البقاء اثنين. بمجرد أننا اثنان قطعيًّا! الآخرون، أصحاب الأخلاق التي بنيت مسبقًا والتي لا يوجد شيء يسمح بهدمها إلا سعادة المرء… هل هذا يكفي؟ لم نعد نعرف، نستمر في البقاء. لقد أرسلت لغاستون غاليمار قصائد الصباحيات اليوم. الجزء الثاني من هذا الكتاب كلفني كثيرًا. إنه حديث العهد، ويحتوي على «التجربة» التي ألمح لها أعلاه. سأكون سعيدًا لو أنك تقرؤه بعيون القلب التي هي عيناك، قبل أن يتدخل فيه مسؤولو الطباعة. لو لم أخف أن أزعجك، لكنت قد أرسلت لك المخطوطة مباشرةً. لم أجرؤ.

أرجو أن تبلغ صداقتي لفرانسين، وتقبل الأطفال.

بمودة لك

****

6-

7 نوفمبر 1949م

عزيزي رنيه

نعم، أظن أنني فهمت – وأتفق معك. والحقيقة هي أن المرء يجب أن يلتقي الحبَّ قبل أن يلتقي الأخلاقَ، وإلا هلك الاثنان. الأرض قاسية. أولئك الذين يحبون بعضهم يجب أن يولدوا معًا. لكننا نحب أفضل كلما تقدمنا في الحياة، والحياة هي نفسها التي تفصلنا عن الحب. لا يوجد مخرج – باستثناء الحظ أو البرق أو الألم.

«الصباحيات» جعلتك أهم. تتقدم بثقة – على هذا المسار على الأقل، لن تتردد أبدًا. كل شيء يثمر من أجلك- أحد المبدعين القلائل اليوم.

أنا أكتب لك من السرير. انتكاسة من مرضي القديم. ستة أسابيع مستلقٍ وبعد ذلك سيكون هنالك أشهر لاستعادة قواي. التحصن صعب. لقد تجاوزت عمر الحلم. ومن ثم، فإن جهدي المستمر كان لصد الوحدة. الاختلاف، الحميم. ما أردت أن أكون معه، ولكن ثمة قدر، وهذا هو إيماني الوحيد. أما أنا فهو في هذه المعركة حيث لا يوجد شيء سهل.

أكتب لك كما أكتب لصديقي ولأخي. لكن، لا تظنني حزينًا جدًّا، أنت تعلم أن لدي فلسفة. لدي أمنيات لك، الأمنيات الأكثر حرارة، وأدعو لك بالحظ… إلى لقاء قريب مع خالص المودة.

****

7-

باريس 19 سبتمبر 1950م

كنت أنوي الكتابة لك، ولكنك سبقتني في ذلك. بيد أن «الفوج» جعلني «ألزاسيًّا». أزن (معنويًّا) طنًّا. تمطر هنا، في باريس بسحنتها المليئة بالبثور. أحسدك أن تكون في البلد، البلد الوحيد. لقد وصل الشاب سيناك إلى العاصمة وكله شوق لك. إنه على حامل ثلاثي حرفيًّا، حين يتحدث عما أنت عليه. أنا سعيد بهذا، لكنني أرجو، بسذاجتي، أنه لم يثقل عليك. ارتجفت قليلًا حين حدثني عن الأيام الثمانية في ليل. إذا كان هذا قد أعجبك فهذا أفضل. ولكن لا تحتمل شيئًا بدافع الصداقة من أجلي، أحبك حرًّا كما أنت.

أنتظر هنا الحكم الذي قد يقودني قريبًا منك. لكنني سأحتاج إلى البقاء قليلًا في باريس، من أجل عملي على الأقل.

العمل يتقدم في «الفوج» حيث السماء تمطر ليومين من ثلاثة أيام. لكن ما زال لدي الكثير لأفعله. لا أستطيع الانتظار لإنهاء ذلك، أنت تعرف ذلك. يخيل إلي بغباء أن الحياة ستبدأ بعد ذلك. متى تعود؟ أخبرني عن خططك لأوفر لك بضعة أيام. أفكر كثيرًا بك وفرانسين تطلب مني أن أبلغك بصداقتها. أراك قريبًا، بكل إخلاص.

ألبير كامو

تحياتي للأصدقاء

****

8-

ليل الثلاثاء سبتمبر 1950م

عزيزي ألبير،

كانت رسالتك أفضل من رسالة. أجد المنحى الذي تأخذه التبادلات بين الكائنات التي تعارفت واختار بعضها بعضًا تمامًا مثل حبال مهجورة في الحقل. العُقد تحت رحمة الاضطراب ونزوات الحرارة! لم أكن أعرف أين أجدك، على الأقل كي أرمقك بإحدى تلك النظرات، نظرات رفيق صموت لكن محب. لا تظن أن بعدك مقبول باستخفاف. بالطبع، ولست أريد الإشارة إلى أثر الأمكنة والفراغات التي تحدد كل صداقة جادة. وأخيرًا ها أنت.

لم يثقل سيناك علي (بمجرد أن فهم أنه من المناسب إغلاق آلته التصويرية…) هو شاب صريح وعاقل ومليء بالشغف كما نحب أن نكتشف أمثاله كذلك في الأدغال السوداء التي يشكلها شباب اليوم. يمكن بالتأكيد الاعتماد عليه. سينضج من دون أن يفسد نفسه. فرصة كبيرة أنك تحمل في طريقه الكأس المضادة للسموم بيدك. يعشقك (تهذيب مقابل تهذيب!)

عزيزي ألبير، إذا أتيت إلى الجنوب، فأرجو أن تبلغني بذلك. أتسكع هنا قدر الإمكان في طيات معطف الصيف الذي يوشك على الانتهاء. مع ذلك فإن النباتات الموسمية ماتت في السورغ. نأكل في المساء على نور المصباح المضاء جيدًا. أسمح لنفسي أن أطلب منك أن تعتني بنفسك بقسوة وتصميم. هذه ليست أمنية بسيطة، أمنية غامضة. الرغبة في كتابة القصائد لا تتحقق إلا في حدود دقيقة، حيث تكون القصائد مفكّر فيها ومحسوسة من خلال أصحاب نادرين جدًّا.

أنا صديقك من كل قلبي.

رينيه شار

صداقتي لفرانسين. أفكر بجان وكاترين

****

9-

ليل 29 سبتمبر 1950م

عزيزي ألبير

حدثتك هذا الشتاء عن «بوتيجه أوسكوريه» مجلة مارغريت دو باسيانو وإمكانيتها أن تحسن شكل هذه المجلة الرائعة التي دسها نجم «البلياد» في المطبخ! لقد أُنجز ذلك ببطء. على الرغم من ميلي القليل للمجلات الأدبية، فإنني أعتقد أن هذه المجلة تستحق ألا ندعها تسقط وأن نساعدها من وقت لآخر بنصوصنا، نصوصك أنت خاصة، ولا سيما تلك التي تشغف بها مارغريت دو باسيانو كثيرًا. الشباب المثيرون للاهتمام الذين نقدرهم أنا وأنت يمكن أن يُنشر لهم فيها بشكل دوري. مارغريت دو باسيانو أنيقة جدًّا، سخية جدًّا. لقد ساعدت بالفعل عددًا غير قليل من هؤلاء الشباب من بين زملائي. أعلم أنها ستكون سعيدة جدًّا بأن تراك. إن لم يزعجك ذلك، فستكون نصائحك مفيدة جدًّا لها، حين تأتي. أتحدث معك بحرية.

عزيزي ألبير، أتطلع إلى رؤيتك قريبًا وأرسل لك عاطفتي الأخوية.

رينيه شار

باسيانو: هاتف إليزيه، 81-54 شارع سيرك 8

****

10-

الإثنين 23 أكتوبر 1950م باريس

عزيزي رينيه

افتتح عودتي إلى باريس أسبوع طويل من الأنفلونزا. صحيح، المدينة كلها تستخدم محارم تنظيف الأنف. ومع ذلك، كان لدي الوقت للاتصال بالسيدة دو باسيانو ووعدتها بنص للعدد القادم من المجلة. بدا لي أنها سعيدة جدًّا بذلك، وأنا، أردت فقط أن أكون لطيفًا معها ومعك، بما أنك اصطفيتها. رأيت أيضًا رينيه مينارد، الذي بدا لي شخصًا جيدًا، وافترقنا على أن نلتقيك مرة أخرى. إضافة إلى ذلك، فقد ذهبت إلى فندق قرب «القصر الملكي» هروبًا من المنزل حيث تتكدس فرانسين ووالدتها والأطفال، حيث أعمل هناك كل يوم، بشكل جيد، أمام الحديقة.

هل قلت لك: إنني وجدت شقة في شارع «مدام»؟ لكنني غارق في الديون حتى رقبتي الآن، وهو ما يجعلني أبدو أصغر سنًّا. ومن المقرر أن أنتقل في أول سبتمبر، وهذا يعني أنك سوف تشارك كما آمل في تدشين منزلي.

إنه النهار بالطبع، والجو حار ورطب. أفضل الخريف في «السروج» أكثر. لكنني أعمل وهذا ينقذني من كل شيء. لديّ أيضًا انطباع بأنني أسيطر على الوضع، جسديًّا على الأقل، وكنت بحاجة إلى تلك الثقة حقًّا. شهر آخر من الراحة هذا الشتاء وكل شيء سيكون على ما يرام.

متى تصل؟ أنتظرك الآن كي نسخر قليلًا من مؤتمر معرض البيع هذا الذي تُعلق عليه بحرارة. من وجهة النظر هذه، فإن باريس لا خيار لديها. صحيح أنني لا أرى أي شخص هنا.

سامحني يا عزيزي رينيه، هذه الفراغات وهذا الصمت الذي تتحدث عنه. لقد كان هذا العام صعبًا جدًّا لي، وعلى جميع المستويات، أعتقد أنني أخبرتك ذلك، ولا أحب أن أتحدث عن نفسي بالتحديد. ولكن في كل هذا، ساعدني عددٌ قليلٌ جدًّا من الناس على العيش. كان هناك حضورك، كن متأكدًا، صداقتك ونوع الأمل الذي تفترضه. إنني محظوظ كثيرًا بأنني التقيتُك.

أراك قريبًا أليس كذلك؟ أتصور أنك ستأتي مع قصائد الصيف وأنتظرها أيضًا.

بمودة جدًّا لك.

ألبير كامو

مع مودتي للأتريديين! أعني لآل ماتيز بالطبع.

***

11-

سوريل – موسيل

أور لو سوار 30 في سوريل – موسيل

17 سبتمبر 1957م

أنا في النورماندي مع الأطفال، باختصار بالقرب من باريس، وأقرب إليك بالقلب. الزمن يفصل بيننا، هو جبان فقط للمتباعدين- وإلا فإنه النهر الذي يحمل الحركة ذاتها. نحن متشابهان جدًّا، وأنا أعلم أننا نريد أن «نختفي»، وألا نكون شيئًا في النهاية. لكنك لو تختفي مدة عشر سنوات، ستجد في نفسي لك الصداقة نفسها، شابة يانعة كما كانت حالتها قبل سنوات عندما اكتشفتك في الوقت ذاته الذي اكتشفت فيه عملك. وأنا لا أعرف لماذا، لدي شعور بأن الأمر هو ذاته لك، تجاهي. في أي حال، أريد منك أن تشعر دائمًا بالحرية الواثقة معي.

كلما ازددت سنًّا، كلما وجدت أنه لا يمكن العيش إلا مع البشر الذين يحررونا، الذين يحبوننا بعاطفة خفيفة حين نحملها بمقدار ما هي قوية حين نشعر بها. الحياة اليوم قاسية جدًّا، ومريرة جدًّا، ومنهكة جدًّا؛ كي نتحمل عبوديات جديدة من الذين نحبهم. في النهاية سنموت من الحزن، حرفيًّا. وعلينا أن نعيش، وأن نجد الكلمات والزخم والتفكير والتأمل الذي يؤسس للفرح، الفرح. لكن هكذا أنا صديقك، أحب سعادتك أحب حريتك. مغامرتك في كلمة واحدة، وأود أن أكون لك الصاحب الذي تثق فيه دائمًا.

سأعود في غضون أسبوع. لم أفعل شيئًا خلال هذا الصيف، والذي كنت أعتمد عليه كثيرًا مع ذلك، ولكن هذا العقم، هذه اللاحساسية المفاجئة والمستمرة، تؤثر فيَّ كثيرًا. إن كان لديك الوقت في نهاية الأسبوع المقبل (الخميس أو الجمعة، وقت عودتي)، يمكننا تناول الغداء أو العشاء. ضع كلمة في صندوق بريدي وسنتفق. أفرح من أعماق قلبي، لرؤيتك مرة أخرى.

صديقك ألبير كامو

النورماندي الحزينة! حكيمة، فقيرة وضيعة، وشعرها مسرح بعناية. ثم صيف من الحلزونات. أموت من العطش، محروم من الضوء (مكتوب في الهامش الأيسر من الرسالة).

عند ميشيل غاليمار

في سوريل- موسيل،أور أي لوار



==========================





Paris] 26 octobre 1951
Mon cher René,
Je suppose que vous avez maintenant reçu L'Homme révolté. La sortie en a été un peu retardée par des embarras d'imprimerie. Naturellement, je réserve pour votre retour un autre exemplaire, qui sera le bon. Bien avant que le livre soit sorti, les pages sur Lautréamont, parues dans les Cahiers du Sud, ont suscité une réaction particulièrement sotte et naïve, et qui se voulait méchante de Breton. Décidément, il n'en finira jamais avec le collège. J'ai répondu, sur un autre ton, et seulement parce que les affirmations gratuites de Breton risquaient de faire passer le livre pour ce qu'il n'était pas. Ceci pour vous tenir au courant de l'actualité bien parisienne, toujours aussi frivole et lassante, comme vous le voyez.
Je le ressens de plus en plus, malheureusement. D'avoir expulsé ce livre m'a laissé tout vide, et dans un curieux état de dépression « aérienne ». Et puis une certaine solitude... Mais ce n'est pas à vous que je peux apprendre cela. J'ai beaucoup pensé à notre dernière conversation, à vous, à mon désir de vous aider. Mais il y a en vous de quoi soulever le monde. Simplement, vous recherchez, nous recherchons le point d'appui. Vous savez du moins que vous n'êtes pas seul dans cette recherche. Ce que vous savez peut-être mal c'est à quel point vous êtes un besoin pour ceux qui vous aiment et, qui sans vous, ne vaudraient plus grand chose. Je parle d'abord pour moi qui ne me suis jamais résigné à voir la vie perdre de son sens, et de son sang. A vrai dire, c'est le seul visage que j'aie jamais connu à la souffrance. On parle de la douleur de vivre. Mais ce n'est pas vrai, c'est la douleur de ne pas vivre qu'il faut dire. Et comment vivre dans ce monde d'ombres ? Sans vous, sans deux ou trois êtres que je respecte et chéris, une épaisseur manquerait définitivement aux choses. Peut-être ne vous ai-je pas assez dit cela, mais ce n'est pas au moment où je vous sens un peu désemparé que je veux manquer à vous le dire. Il y a si peu d'occasions d'amitié vraie aujourd'hui que les hommes en sont devenus trop pudiques, parfois. Et puis chacun estime l'autre plus fort qu'il n'est, notre force est ailleurs, dans la fidélité. C'est dire qu'elle est aussi dans nos amis et qu'elle nous manque en partie s'ils viennent à nous manquer. C'est pourquoi aussi, mon cher René, vous ne devez pas douter de vous, ni de votre œuvre incomparable : ce serait douter de nous aussi et de tout ce qui nous élève. Cette lutte qui n'en finit plus, cet équilibre harassant (et à quel point j'en sens parfois l'épuisement !) nous unissent, quelques-uns, aujourd'hui. La pire chose après tout serait de mourir seul, et plein de mépris. Et tout ce que vous êtes, ou faites, se trouve au-delà du mépris.
Revenez bien vite, en tous cas. Je vous envie l'automne de Lagnes, et la Sorgue, et la terre des Atrides. L'hiver est déjà là et le ciel de Paris a déjà sa gueule de cancer. Faites provisions de soleil et partagez avec nous.
Très affectueusement à vous
A.C.
Amitiés aux Math


===========

"Cher René,
Je suis en Normandie avec mes enfants, près de Paris en somme, et encore plus près de vous par le cœur. Le temps ne sépare, il n’est lâche que pour les séparés — Sinon, il est fleuve, qui porte, du même mouvement. Nous nous ressemblons beaucoup et je sais qu’il arrive qu’on ait envie de « disparaître », de n’être rien en somme. Mais vous disparaîtriez pendant dix ans que vous retrouveriez en moi la même amitié, aussi jeune qu’il y a des années quand je vous ai découvert en même temps que votre œuvre. Et je ne sais pourquoi, j’ai le sentiment qu’il en est de même pour vous, à mon égard. Quoi qu’il en soit, je voudrais que vous vous sentiez toujours libre et d’une liberté confiante, avec moi.
Plus je vieillis et plus je trouve qu’on ne peut vivre qu’avec les êtres qui vous libèrent, qui vous aiment d’une affection aussi légère à porter que forte à éprouver. La vie d’aujourd’hui est trop dure, trop amère, trop anémiante, pour qu’on subisse encore de nouvelles servitudes, venues de qui on aime. À la fin, on mourrait de chagrin, littéralement. Et il faut que nous vivions, que nous trouvions les mots, l’élan, la réflexion qui fondent une joie, la joie. Mais c’est ainsi que je suis votre ami, j’aime votre bonheur, votre liberté, votre aventure en un mot, et je voudrais être pour vous le compagnon dont on est sûr, toujours.
Je rentre dans une semaine. Je n’ai rien fait pendant cet été, sur lequel je comptais, beaucoup, pourtant. Et cette stérilité, cette insensibilité subite et durable m’affectent beaucoup. Si vous êtes libre à la fin de la semaine prochaine (jeudi ou vendredi, le temps de me retourner) déjeunons ou dînons. Un mot dans ma boîte et ce sera convenu. Je me réjouis du fond du cœur, de vous revoir.
Votre ami"
Albert Camus​

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...