محمد بشكار - رسائل الكفران.. (الجزء العشرون)

1
إذا كانت عيِّنةٌ من الدم أو بِضْعةٌ من الجسم تُسافر في قوارير لِتخضَع لتحاليل في مختبرات طبية بفرنسا وأمريكا، أليس الأجدر أن تجعل الدولة الأديب والناقد إبراهيم الحجري يُسافر كُلياً للعلاج على نفقتها عوض تضييع الوقت والروح في الحلقوم، أعرف أنَّ الدولة لا تحفل بخطابات من مثل إن المثقف ثروة وطنية، ومن حقِّها ذلك ما دامت كل بنود الدستور وضمنها ما يُشبه الخطاب الثقافي الذي تتآكل بصداعه بعض الرؤوس، تنتظر النزول لأرض الواقع لتكتسب فاعليتها ولا تبقى مجرد كرسي وثير في الوزارة، ومن حقِّنا أيضا أن نغضب ونقول إنه على قَدْر الإمكانيات والآليات يُصْدِر بعض الأطباء الأحْكَام، ولا أصدِّق ما قيل إنَّ العلاج نفسه سيتلقاه إبراهيم الحجري دون أن يخرج من غيبوبة تكاد تمتد شهراً، هل هو "سنو وايت" أو بياض الثلج التي سمَّمتها الملكة الشريرة بتفاحة، لكن ما أعلمه أن الطب في بلدنا تجاوز العلم إلى الحلم، وأن الأقزام المتحلقِّين حول الأديب والناقد إبراهيم الحجري، أصبحوا أكثر من سبعة، لنقل إن أفظع من الغيبوبة تحت أجهزة الإنعاش بالمستشفى، غيبوبة المَحْمُولين على النَّعش أقصد رهْط المسؤولين عن قطاع الثقافة ببلدنا الذين لم يستجيبوا لكل النداءات من أجل تدخل مُسْتَعجل لإنقاذ حياة هذا الرجل، هو ما زال في الحياة ينتظر الجميع كل يوم أن يفتح عينيه تسبقهما ابتسامته المعهودة، أما هم في قطاع الثقافة أو الخرافة بدار لقمان التي عادت لعهودها الغابرة، فكل المساعي الجامدة تؤشِّر أن الروح غادرت الجسد وتطمع في الفردوس الأعلى!
2
يَظلِمُ المرأة من يعتبرها مُسْرِفة في التَّبْدير حين تشتري مع كلِّ لبْسة حقيبة يد تُناسب خرْجتها، والحقيقة أنَّها غاية في التَّدْبير، أليس تنقل نفس الأغراض بين كل حقائبها الصَّالحة لفتح متجر يُواكب الموضة !
3
تَفقد بعض عبارات التهاني بريقها بكثرة الاستعمال كما تفْقِد العلْكة أو اللُّبان بِشدَّة المَضْغ حلاوتها، ومنها عبارة (بمزيد من التألق..)، خصوصا أنَّ ثمة في أيامنا مَنْ أصبح يُصْدِر كتاباً كل أسبوع أو يفوز بجائزة كل شهر، فلا يدور عليه العام حتى يحْترق !
4
تَحرُّشْ: الجميلات لا يَمشين على كُعوبِهنَّ العالية بكل توازن إلا لِيفقد مَنْ حوْلَهُنَّ التَّوازُن !
5
يُصحِّح المُحرِّر أخطاء الآخرين وحين ينعطفُ ليكتب أوَّل جُملة يقع في حُفرها !
6
كثرة التَّفْصيل في ثوب الكلام يَنسُج للمعنى أكثر من كفن !
7
يَعْزُو رجلٌ التحاقَه بالأوزان الثَّقيلة لسوء معاملة زوجته، لا لشيء إلا لأنَّهُما كلما خرجا لِيَسْترْوِحا عن الجيب في المُنْتزهات والمطاعم، أكَلَ هُو بنهم ودون ندم، بينما هي لا تأكل لتحافظ على رشاقتها إلا ما قلَّ ودلَّ وتُوهمه أنها تُحافظ على ميزانية البيت !
8
دون عودة الفلسفة لمكانتها الاعتبارية في جميع أسلاك التعليم، لن تُفرِّخ الجامعات في مُستقبل الأيام إلا شهادات بدون عقول !
9
مع مُحرِّك البحث التكنولوجي (غوغل)، ما عاد أحدٌ يحتاج لذاكرة في الجمجمة، وماذا يُفيد أن تُخزِّن مثقال حبَّة خردل من ركام المعلومات وكل شيء مُفَكرٌ فيه سلفاً !
10
ليس المُجرم من سرق خبزة بل المجرم من أفْقَره واضْطرَّهُ لسرقتها، ليس المُجْرم مَنْ يحمل السلاح لقتل العُزَّل في حروب غير متكافئة، بل المُجرم من يُجيِّشه واضعاً في يده السِّلاح، هذا المجرم الأخير الذي تسْتعِر على يديه كل الحروب في العالم، يستطيع أن يزيغ بالدم عن مجراه في العروق، لتجدهُ يتدفَّق وأنت تغسل وجهك كل صباح من الصنبور!
11
أحاول أن أكتسب طبيعة غير جغرافية لأقاوم أعْتى الزلازل !
12
تطفو بوفرة هذه الأيام على مِنصَّات المحاكم قضايا الاتِّجار بالبشر على اختلاف أشكالها حتى لا أقول ملابسها العارية، ويحمل وِزْر التُّهْمة هذه المرة ليس ذلك النَّخَّاس الذي كان يبيع الجواري مع قطيع الأغنام في الأسواق الأسبوعية، إنما فتياتٌ في مُقتَبل العُمْر بأظافر ناعمة، يَعرضْنَ خدماتٍ من خلال مواقع ومضاجع تمدُّ أسِرَّتَها على الأنترنيت، ويسْتَقْطِبْن الجميلات بعمر الزهور لِيُقدِّمن منتوجاً إغرائياً وعلى قَدْرِ ما تَجحظ أعين المشاهدة يكون الرِّبْح أوفر، ولأنهن يَمْتهِنَّ هذه الطُّرق السهلة لِكسب عُملةٍ صعبة، فقد صدرت في حقِّهن بمصر مثلا، أحكامٌ قاسية تتراوح بين عشر وست سنوات مِمَّا يعْني ضياع الحاضر والمستقبل، ولكن أليس الأجدر أن يُحَاكَم من فتح هذه الأسواق ومنحها شرعية التداول على الأنترنيت داخل البلد، كيف نتركُ مالك سوق النِّخاسة طليقاً يتمتَّع من السلطات بكل التَّراخيص القانونية، ونَسجنُ بضاعةً أصبحتْ في زمننا للأسف مِن بشر!


............................................
افتتاحية ملحق"العلم الثقافي" ليوم الخميس 8 يوليوز 2021.






تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...