جدي كان عالما اخر من الحنين، كان دنيا اخري اهرب إليها، دائماً يقرؤني قبل أن أنطق ببنت شفه، يعلم مابي من احزان، كان يخرج في وقت الدجي علي صياح ديكه الكبير، يقفز برشاقة في الحمار، يذهب إلي الأرض يحرث ويهتم بها ويعود وقت القيلولة وبعدها لايفارق سجادته ومسبحته لاتفارق يديه، كان دنيا اخري من الوقار، بجسده النحيل ولحيته الشيباء يأتيه الناس من القري المجاورة كان يعالج امراضا مستعصية، ويعالج لدغات الثعابين والعقارب ويجبر الكسور، كانت له حكمة ووقار وهيبة، وحكمته في الحياة لا تقارن بهذا الكم الهائل من العلم الذي عاصرناه في المجلدات والكتب، حينما كنت صغيرا اتي مهرولا اليه، ارتمي في حضنه، يقرأ علي رأسي ايات من القران الكريم، ثم يدخل يده في جيب جلابيته يعطيني جنيهين كنت اطير فرحا، ثم اذهب معه الي الارض، ثم يستوقفنا احد معارفنا يسأل جدي ويسشيره في امر ما، فيجيبه جدي بحكمة، ثم يأتيه اخر تخاصم مع زوجته فيدخل جدي كواسطة خير بينهما، كنت افخر به في كل المحافل، لاتفارق المسبحة يديه، يحكي لي الحكايات التي فاتتني صغيرا، وعن بعض اصدقاءه الانجليز، اخذت منه الحكمة في الحياة، كما قيل ان الحكمة القريبة المنال تخرج من افواه البسطاء، وقبل ثلاثة سنوات جدي رحل ببساطة
يحي عبدالله
يحي عبدالله