السيد ليوندبرج مواطن سويدي، أجريت له منذ شهور في بريطانيا عملية جراحية جريئة وخطيرة، هي الأولى من نوعها في هذا البلد، ألا وهي زرع قلب ورئة من أحد المعطين في صدر السيد ليوندبرج مكان قلبه ورئته التالفين.
وقد أجريت هذه العملية للسيد ليوندبرج السويدي في بريطانيا، لا عن ضعف في كفاءة جراحي السويد بلده الشخصي، بل لأن قانون بلده ذاك يقف عقبة أمام بعض جراحات نقل الأعضاء.
قالقانون السويدي لا يعترف بما يسمى بالموت الدماغي، وهو المرحلة التي تعتبر فيها القوانين الأخرى الإنسان ميتا، عندما ينعدم نشاط دماغه انعداما تاما لا رجعة فيه، ولو ظلت بقية أعضائه ومنها القلب، تعمل عملها الصحيح. ولذلك فإن القانون في السويد لا يقبل بانتزاع قلب إنسان ماتت جملته العصبية المركزية، بمعنى أن دماغه فقد كل أثر للحياة، كي ينقل هذا القلب إلى إنسان آخر، ولو كان في هذا النقل حياة الإنسان الأخير، الذي تلف قلبه بينما ظلت سائر أعضاء جسمه سليمة.
وعلى هذا أجريت تلك الجراحة الخطيرة لذلك المواطن السويدي في بريطانيا، برضا الحكومة السويدية نفسها بل بتبنيها لها.
فقد تولت هي، أعني الحكومة السويدية، دفع تكاليف العملية كما تولت بلدية مدينة السيد ليوندبرج دفع نفقات إقامة مواطنها في المستشفى. وبلغت تلك التكاليف والنفقات مبلغا لا يستهان به: خمسة وثلاثين ألف جنيه إسترليني، من جنيهات صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا العظمى!
هل يبدو هذا المبلغ كبيرا لإنجاز تلك العملية الفذة، التي أبقت شعلة الحياة متقدة في صدر السيد ليوندبرج وأطالت عمره؟
إنه كبير حقا إلا أنه يهون أمام ما تكلفه عمليات أخرى لنقل الأعضاء، أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل عميلة زرع كبد استبدلت فيها بكبد معطوبة كبد صحيحة، مأخوذة من مدهوس بسيارة أو من ضحية حادث مات فيه صاحبها، موتا دماغيا بينما ظلت بقية أعضاء جسمه سليمة.
عملية زرع الكبد هذه كلفت بالدولارات ما يعادل مائة وثلاثين ألف جنيه إسترليني!
ترى ماذا يكون رد فعل ذلك العاشق القديم، حين يأتيه الجواب بهذا الرقم من آلاف الجنيهات على السؤال الذي طرحه ذات يوم في بيت شعره المشهور:
ولي كبد مقروحة من يبيعني
بها كبدا ليست بذات قروح؟
إذن فإن مبلغ خمسة وثلاثين ألف جنيه إسترليني مبلغ معقول لعملية زرع قلب ورئة جديدين للسيد ليوندبرج السويدي، تلك العملية التي نجحت من الناحية الفنية والعلمية نجاحا كاملا ولكنها ويا للأسف، لم تفلح في إطالة عمره أكثر من أسبوعين أسلم بعدهما الروح لخالقه.
وكذلك فلأن مئات الآلاف من الدولارات تنفق على تبديل كبد الواحد من رعايا الولايات المتحدة الأمريكية قد تبدو مقبولة في إنفاقها، لتحقيق ما أنجزه العلم من تقدم ولإنقاذ حياة إنسان، ولو كان هذا الإنسان قد أتلف كبده في شرب الكحول، وكان الإنقاذ لمدة لا تتجاوز أسابيع محدودة.
أقول إن هذه المبالغ وتلك تبدو معقولة ومقبولة، بل إن إنفاقها فيما أنفقت فيه يثير في أنفسنا الإعجاب بما حققه العلم في عصرنا من إنجازات، لولا أننا نقرأ في المجلة التي تحدثت عن هذه الأمور ما يدعونا إلى إعادة النظر في تقديرنا وفي إعجابنا. ففي الوقت الذي تشيد فيه تلك المجلة العلمية بعملية زرع القلب والرئة، الناجحة لمدة أسبوعين فقط، في صدر السيد ليوندبرج، نجدها تشير إلى أن عشرات الآلاف من أطفال العالم الثالث مهددون بالموت من نقص السوائل وقلة الإماهة في أبدانهم، وأن هذا التهديد يمكن رفعه عن حياة عشرات الآلاف بتزويدهم بظروف إعادة الإماهة.
هذه الظروف تحوي مركبات ملحية بسيطة، ولا تكلف كثيرا.
فنفقات زرع الكبد في جنب أحد الأمريكيين من الكحوليين، أو نفقات عملية مثل التي أجريت للسيد ليوندبرج، تكفي لشراء كميات هائلة من ظروف الإماهة القادرة على إنقاذ حياة مئات الآلاف من الأطفال، الذين فقدوا سوائل أبدانهم بالانتانات والإسهالات..
لا بد لهذه المقارنة، بين ما أنفق لإنقاذ حياة فرد واحد وما يمتنع عن إنفاقه لإنقاذ حيوات عشرات الألوف، من أن تمحو من نفوسنا إعجابا خالجها في البدء بمقدرة الجراحين في عصرنا هذا، على تبديل عضو بعضو في الجسد البشري، وبتقدم العلم الذي سمح بنقل قلب ورئة من صدر ميت فعلا، ليبعث بهذا النقل الحياة في صدر إنسان آخر.
وقد أجريت هذه العملية للسيد ليوندبرج السويدي في بريطانيا، لا عن ضعف في كفاءة جراحي السويد بلده الشخصي، بل لأن قانون بلده ذاك يقف عقبة أمام بعض جراحات نقل الأعضاء.
قالقانون السويدي لا يعترف بما يسمى بالموت الدماغي، وهو المرحلة التي تعتبر فيها القوانين الأخرى الإنسان ميتا، عندما ينعدم نشاط دماغه انعداما تاما لا رجعة فيه، ولو ظلت بقية أعضائه ومنها القلب، تعمل عملها الصحيح. ولذلك فإن القانون في السويد لا يقبل بانتزاع قلب إنسان ماتت جملته العصبية المركزية، بمعنى أن دماغه فقد كل أثر للحياة، كي ينقل هذا القلب إلى إنسان آخر، ولو كان في هذا النقل حياة الإنسان الأخير، الذي تلف قلبه بينما ظلت سائر أعضاء جسمه سليمة.
وعلى هذا أجريت تلك الجراحة الخطيرة لذلك المواطن السويدي في بريطانيا، برضا الحكومة السويدية نفسها بل بتبنيها لها.
فقد تولت هي، أعني الحكومة السويدية، دفع تكاليف العملية كما تولت بلدية مدينة السيد ليوندبرج دفع نفقات إقامة مواطنها في المستشفى. وبلغت تلك التكاليف والنفقات مبلغا لا يستهان به: خمسة وثلاثين ألف جنيه إسترليني، من جنيهات صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا العظمى!
هل يبدو هذا المبلغ كبيرا لإنجاز تلك العملية الفذة، التي أبقت شعلة الحياة متقدة في صدر السيد ليوندبرج وأطالت عمره؟
إنه كبير حقا إلا أنه يهون أمام ما تكلفه عمليات أخرى لنقل الأعضاء، أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل عميلة زرع كبد استبدلت فيها بكبد معطوبة كبد صحيحة، مأخوذة من مدهوس بسيارة أو من ضحية حادث مات فيه صاحبها، موتا دماغيا بينما ظلت بقية أعضاء جسمه سليمة.
عملية زرع الكبد هذه كلفت بالدولارات ما يعادل مائة وثلاثين ألف جنيه إسترليني!
ترى ماذا يكون رد فعل ذلك العاشق القديم، حين يأتيه الجواب بهذا الرقم من آلاف الجنيهات على السؤال الذي طرحه ذات يوم في بيت شعره المشهور:
ولي كبد مقروحة من يبيعني
بها كبدا ليست بذات قروح؟
إذن فإن مبلغ خمسة وثلاثين ألف جنيه إسترليني مبلغ معقول لعملية زرع قلب ورئة جديدين للسيد ليوندبرج السويدي، تلك العملية التي نجحت من الناحية الفنية والعلمية نجاحا كاملا ولكنها ويا للأسف، لم تفلح في إطالة عمره أكثر من أسبوعين أسلم بعدهما الروح لخالقه.
وكذلك فلأن مئات الآلاف من الدولارات تنفق على تبديل كبد الواحد من رعايا الولايات المتحدة الأمريكية قد تبدو مقبولة في إنفاقها، لتحقيق ما أنجزه العلم من تقدم ولإنقاذ حياة إنسان، ولو كان هذا الإنسان قد أتلف كبده في شرب الكحول، وكان الإنقاذ لمدة لا تتجاوز أسابيع محدودة.
أقول إن هذه المبالغ وتلك تبدو معقولة ومقبولة، بل إن إنفاقها فيما أنفقت فيه يثير في أنفسنا الإعجاب بما حققه العلم في عصرنا من إنجازات، لولا أننا نقرأ في المجلة التي تحدثت عن هذه الأمور ما يدعونا إلى إعادة النظر في تقديرنا وفي إعجابنا. ففي الوقت الذي تشيد فيه تلك المجلة العلمية بعملية زرع القلب والرئة، الناجحة لمدة أسبوعين فقط، في صدر السيد ليوندبرج، نجدها تشير إلى أن عشرات الآلاف من أطفال العالم الثالث مهددون بالموت من نقص السوائل وقلة الإماهة في أبدانهم، وأن هذا التهديد يمكن رفعه عن حياة عشرات الآلاف بتزويدهم بظروف إعادة الإماهة.
هذه الظروف تحوي مركبات ملحية بسيطة، ولا تكلف كثيرا.
فنفقات زرع الكبد في جنب أحد الأمريكيين من الكحوليين، أو نفقات عملية مثل التي أجريت للسيد ليوندبرج، تكفي لشراء كميات هائلة من ظروف الإماهة القادرة على إنقاذ حياة مئات الآلاف من الأطفال، الذين فقدوا سوائل أبدانهم بالانتانات والإسهالات..
لا بد لهذه المقارنة، بين ما أنفق لإنقاذ حياة فرد واحد وما يمتنع عن إنفاقه لإنقاذ حيوات عشرات الألوف، من أن تمحو من نفوسنا إعجابا خالجها في البدء بمقدرة الجراحين في عصرنا هذا، على تبديل عضو بعضو في الجسد البشري، وبتقدم العلم الذي سمح بنقل قلب ورئة من صدر ميت فعلا، ليبعث بهذا النقل الحياة في صدر إنسان آخر.