وأعرف أنك محبوبي. في حضورك ينتابني الصمت كثيرًا فأعود أختلي بنفسي كي أفكر فيك، وأكتشف أن قليل القليل يكفي لنخفف من أحمال القلب. القليل من الحب يكفيني، والقليل من القرب يكفيني أيضًا. مثل أوراق الفل الهندي، قليل من رذاذ من الود يجعله يتفتح ويهفهف عبيره، ويرتعش القلب كلما هبت نسائم الحب تلك، وينقبض بشدة كلما هبت نسائم الشك تلك.
سأحكي لك الليلة كما لم أحكِ من قبل. ربما أوحى لي الهوى به عن أجمل شاعر في محراب الحب، وعن أرق امرأة في بستان الوجد، وعنا وعمن صادفناهم، والذي مر، والذي لم نَحْكِهِ، والذي أبكانا إلى هذا الحد، وكنا وكنت.
أجمل الأشياء.. أنت.
وأنت البداية وأنت النهاية، لا حيرة ولا غرابة في القص، أنت عليك أن تختار ما شئت محبوبًا أو حبيبًا، مظلومًا أم ظالمًا، وتبين مواضع الخطو، لا شيء يُقاس بالعقل، أحمل في يدي -مثلهم- مقياسًا آخر. خذ ما شئت واترك ما يسيء لك. اختر الهنا والرأفة. اختر البعد والجفاء. والغي قانون في العشق قد سن أنه لا بد لكل شيء جميل أن ينتهي. بل سنظل دونهما نكمل ما لم يقدر عليه أحد. نسطر طريقًا واضحًا وصريحًا ومحددًا ومباشرًا للعدو سريعًا تحت المطر. أينما جئت حلت البهجة. زمان الوصل أنت. وليس هناك أجمل من أن يخبرك أحدهم بأنك أحد أسباب سعادته، وربما تكون السبب الوحيد، ولكنه يخجل أن يقول ذلك أمامك صراحة. وكنت تردد على مسامعي، ما زلت أسمع في قلبي هذا الصوت: “أنتِ نجمتي اللامعة.. أنت محبوبتي الأثيرة”، فصار قلبي يسير إليك ويحنو عليك كلما قسوت. يحمل لك نهاري صباحات بلون القرنفل.
وللعشق طقوس يا سيدي.. هي لك إن رضيت وعفوت، وهي لي إن غضبت وتجاهلت. سأظل أسأل عنك بصوت خفيض أثناء الليل: كيفك أنت يا أنا؟!
وأدنو منك برفق، حتى أُطمئن قلبك الذي يصيبه القلق واليأس، كلما اقتربنا أو نكاد من عتبات بعينها ربما يباغتنا فيها الخوف من أن نضيع أو نتيه منا. من الممكن أن يقتلنا البعد، ومن الممكن أن يقضي على الباقي من العقل والصبر، وربما لأننا نتقاسم بعضًا من ملامح حكاياتهم أو تبدو الصورة
هكذا نفس البدايات والشوق والجرح. وهذا الحنين الجارف الذي يحملنا كطوق نجاة من شط لشط حتى نصل إلينا ولم تكن فيها محطة الوصول هي الهدف، بل كانت الرحلة، تقاسمنا فيها كسرة من أحزاننا وكسرة من أفراحنا، وليال طوال يسهر القمر فيها معنا، يسمع كل منا صدى نبض الآخر ليتأكد أنه على قيد الحياة، وأعود لأسال عنا وعنهم، كيفك أنت يا أنا، قلبك يحزن لقلبي، تنتظرني دائمًا مثل جبران، وحتى إن لم أحضر في الغياب طرف لحظك يجعلني مثلها مي تكتب رسائلها بدموع العين.
ما تكنه له أضعاف مضاعفة، هكذا صرت أحكي حكايتهم جميعًا الليلة وأرسم بحروف صور أحبة علي ضفاف البوح.