عانيت من ترجمة بائسة لكتاب نقد العقد المحض لكانط للمترجم موسى وهبة؛ فلجأت للنسخة الإنجليزية، والتي كانت بسيطة جداً، لا تحتاج لكل ذلك التقعر اللفظي الذي استخدمه المترجم. ولحسن الحظ وجدت ترجمة أفضل، لمترجم آخر اتذكر أنه غانم هنا. ذات الأمر يتكرر مع رواية ساعة نحس لماركيز، التي دوخنا فيها كامل يوسف بالتقعرات اللفظية واستخدام الشارد من المفردات وغريبها، بلا أي مبرر منطقي. وللأسف لم أجد ترجمة أخرى غير ترجمته.
أنا لا أعرف لماذا يفعل المترجم ذلك. لقد لاحظت أن أغلب كتاب ومترجمي المغرب العربي، يمارسون تلك المجاجة في الكتابة والترجمة، في حين سنجد أن الكتابة والترجمة اللبنانية والمصرية تميل إلى الوضوح والبساطة. ولا أعرف الدوافع (الثقافية) التي عززت روح الاستعلاء الفجة تلك عند بعض المترجمين، بلا أي مبرر منطقي. لكنها تؤدي إلى نتائج سلبية جداً على الحراك الثقافي العربي إذا جاز التعبير. إن الترجمة لا تخضع لرقيب ولا لحسيب وهذه خطورتها. كان كونديرا قد راجع ترجمات أعماله إلى الفرنسية، فهاله ما اكتشفه من تشويه، حتى اضطر إلى إعادة ترجمة أعماله بنفسه.
الترجمات المتقعرة تلك تؤدي إلى تكريه القارئ العربي في القراءة، إنه يلفظ العمل بسرعة، أو يكمله على مضض متجاهلاً تلك المجاجة اللفظية، عابراً نحو المعنى الكلي، مكتفياً بالفهم العام.
في مؤلف سمير تناغو عن النظرية العامة للقانون، أشار دكتور سمير إلى أن الإشادة التي وجدها في مؤلفه وإحاطته علماً بالنظريات الفلسفية، نتجت عن أنه ترك الترجمات العربية ولجأ إلى قراءة أصول الأعمال للفلاسفة الغربيين. فوجد في هذه الأخيرة الوضوح الكافي، الذي افتقدته الترجمات، حيث يعمد المترجم إلى تعقيدها لدوافع شخصية، أراها "نفسية" لمحاولة منح نفسه حضوراً داخل النص. وهذا خطر وخطأ.
بعض المترجمين العرب، يحاول منح العمل المترجم أهمية ما عبر التأكيد على صيغ لم يشر إليها العمل أبداً. فعلى سبيل المثال، وأنا أقرأ في بعض المؤلفات عن نظرية التلقي Reception theory اشتركت كل المؤلفات العربية في أن القارئ يخلق المعنى، وكلمة خلق هذه بدت لي أقوى من اللازم، إذ تحدث قطيعة ليس مع المؤلف، بل حتى مع النص نفسه، فرجعت إلى المؤلفات باللغة الإنجليزي والتي كانت تطرح النظرية بشكل مختلف تماماً، ناقضة تلك الترجمات والمؤلفات العربية. أنظر مثلاً:(David Carter,literary theory, 2006).
قد تؤدي ترجمة واحدة خاطئة إلى فهم مغلوط إقليمي شامل. حيث يتم تداول المعلومة الخاطئة على مساحة تداولية واسعة، تشمل كل المتحدثين باللغة المترجم إليها.
إذاً؛ فالترجمات المتقعرة، أو الخاطئة، أو التي يتفلسف فيها المترجم مقحماً أنفه في صناعة معانيها، لا تقل عن أي جريمة لا أخلاقية، بل قد تكون أكبر من جريمة قتل إنسان.
أنا لا أعرف لماذا يفعل المترجم ذلك. لقد لاحظت أن أغلب كتاب ومترجمي المغرب العربي، يمارسون تلك المجاجة في الكتابة والترجمة، في حين سنجد أن الكتابة والترجمة اللبنانية والمصرية تميل إلى الوضوح والبساطة. ولا أعرف الدوافع (الثقافية) التي عززت روح الاستعلاء الفجة تلك عند بعض المترجمين، بلا أي مبرر منطقي. لكنها تؤدي إلى نتائج سلبية جداً على الحراك الثقافي العربي إذا جاز التعبير. إن الترجمة لا تخضع لرقيب ولا لحسيب وهذه خطورتها. كان كونديرا قد راجع ترجمات أعماله إلى الفرنسية، فهاله ما اكتشفه من تشويه، حتى اضطر إلى إعادة ترجمة أعماله بنفسه.
الترجمات المتقعرة تلك تؤدي إلى تكريه القارئ العربي في القراءة، إنه يلفظ العمل بسرعة، أو يكمله على مضض متجاهلاً تلك المجاجة اللفظية، عابراً نحو المعنى الكلي، مكتفياً بالفهم العام.
في مؤلف سمير تناغو عن النظرية العامة للقانون، أشار دكتور سمير إلى أن الإشادة التي وجدها في مؤلفه وإحاطته علماً بالنظريات الفلسفية، نتجت عن أنه ترك الترجمات العربية ولجأ إلى قراءة أصول الأعمال للفلاسفة الغربيين. فوجد في هذه الأخيرة الوضوح الكافي، الذي افتقدته الترجمات، حيث يعمد المترجم إلى تعقيدها لدوافع شخصية، أراها "نفسية" لمحاولة منح نفسه حضوراً داخل النص. وهذا خطر وخطأ.
بعض المترجمين العرب، يحاول منح العمل المترجم أهمية ما عبر التأكيد على صيغ لم يشر إليها العمل أبداً. فعلى سبيل المثال، وأنا أقرأ في بعض المؤلفات عن نظرية التلقي Reception theory اشتركت كل المؤلفات العربية في أن القارئ يخلق المعنى، وكلمة خلق هذه بدت لي أقوى من اللازم، إذ تحدث قطيعة ليس مع المؤلف، بل حتى مع النص نفسه، فرجعت إلى المؤلفات باللغة الإنجليزي والتي كانت تطرح النظرية بشكل مختلف تماماً، ناقضة تلك الترجمات والمؤلفات العربية. أنظر مثلاً:(David Carter,literary theory, 2006).
قد تؤدي ترجمة واحدة خاطئة إلى فهم مغلوط إقليمي شامل. حيث يتم تداول المعلومة الخاطئة على مساحة تداولية واسعة، تشمل كل المتحدثين باللغة المترجم إليها.
إذاً؛ فالترجمات المتقعرة، أو الخاطئة، أو التي يتفلسف فيها المترجم مقحماً أنفه في صناعة معانيها، لا تقل عن أي جريمة لا أخلاقية، بل قد تكون أكبر من جريمة قتل إنسان.