رسائل بين عبدالجبار العلمي والروائي ناصر عراق

الصديق العزيز الروائي الفنان الإعلامي المبدع ناصر عراق

أشكرك بحرارة على كل التقدير الذي أوليتني إياه ، وأرجو أن أكون دائماً عند حسن ظنك . ويجدر بي أن أقول لك بكل صدق إن الشكل الروائي الذي تكتبه هو الذي يجد له قراؤه ومتلقيه ، وليس روايات التشظي التي لم يعد لها قراء ، وأنا لا أخفي عنك أن مثل رواياتك الشيقة هي التي تستهويني ، وأجد فيها متعة القراءة ، فضلاً عما تزودني به من معرفة بالإنسان ومشاكله وهمومه الوجودية والنفسية والإجتماعية ، وبالفضاءات المتنوعة التي تدور فيها الأحداث ، هذا بالإضافة إلى اللغة الجميلة المتسربلة بغلائل الشعر ، والمنسابة كماء سلسبيل. أما التقنيات الروائية التي توظفها في عملية السرد من استخدام الشكل الدائري ، والتلاعب بالأزمنة ، وتعدد الأصوات واللغات والحوارات المتقنة والمناسبة لطبيعة الشخصيات وعنصر التشويق الذي لا تخلو منه كل رواياتك التي قرأتها ، فتجعل من أعمالك الروائية فناً رفيعاً جذاباً يأخذ بالألباب ، ويشد أنفاس المتلقي ، فلا يترك الرواية إلا بعد أن يتمها. هل يتعامل المتلقي مع الرواية التجريبة أو رواية التشظي مثل هذا التعامل؟ كم من رواية بدأتها ، وتوقفت عن قراءتها بعد صفحات.أين المتعة الفنية المطلوبة في كل عمل فني ؟ ، وحتى اللغة في بعضها تكون مقعرة وخالية من الجمال.لا أكثر عليك أيها الصديق العزيز ، وإنما وددت هنا أن أعبر لك عن إعجابي بكتابتك ، وتمتعي بفنك الراقي ، وانحيازي إلى الشكل الروائي الذي تكتبه باقتدار

محبتي وتقديري

أخوك : عبدالجبار العلمي

****

2

الصديق الودود الروائي الفنان المبدع ناصر عراق

سعدت بردك الكريم ، كما سعدت بخبر إصدارك الرواية الرابعة في مسار تجربتك الروائية المتميزة " تاج الهدهد "، وسأقرأها يشغف كما قرأت رواياتك السابقة " أزمنة من غبار " و "من فرط الغرام " و " العاطل " التي تمتعت بقراءتها ، وتعرفت من خلالها على الوضع الاجتماعي والإنساني للإنسان العربي ، والمشاكل التي يعاني منها نفسياً واجتماعياً واقتصادياً.إن رواياتك تقدم للقاريء المتعة والمعرفة ، بأسلوب فني مشوق يأخذ بتلابيب القارئ.وهذا أمر أصبحنا نفتقده فيما نقرأ من روايات يدعي البعض أنها تنتمي إلى الرواية التجريبية، فلا يخرج القارئ من بعضها ـ إذا ما أتم قراءتها ـ بأي متعة أومعرفة ، بل نجدها عند بعضهم مجرد هلوسات ذاتية تفتقر إلى مكونات الخطاب الروائي التي تجعلها تنتمي إلى هذا الفن الأدبي الرفيع ، ومع ذلك يضعون على أغلفتها اسم " رواية ". قد يكون هذا الذوق كلاسيكياً حسب رأي بعضهم ، فليكن ، فنحن ننحاز إلى جانب الفن الرفيع القائم على أصول وقواعد وتقنيات فنية ، ولسنا في حاجة إلى قراءة ما يسمى برواية التشظي ، ما دامت تنفرنا من قراءة هذا الجنس الأدبي الممتع الشيق. وقد لاحظ بعض النقاد المهتمين بدراسة الرواية مثل الدكتور محمد برادة إعراض القراء عن قراءة الرواية للسبب الذي ذكرنا ، كما حصل للشعر عندما أمسى مجرد معميات ، وكلام يكتنفه الإبهام والغموض ، والافتقار إلى اللغة الجميلة ، والإيقاع الموسيقي العذب ، وسقوط البعض في مهاوي النثرية فيما يسمى بقصيدة النثر. وقد كان أستاذنا الشاعر المغربي المرحوم أحمد المجاطي يقول : إنني أجد الشعر في الرواية ولا أجده فيما يسمونه شعراً.

معذرة عن هذا الإسهاب، وربما كان اشتياقي لمحادثك ، هو الذي دفعني إليه، وكم نفتقد إلى محاور لبيب في هذا الزمن، تربطنا به أواصر المودة والإخاء والاهتمامات المشتركة. ويسعدني أن نظل على تواصل دائم أيها الصديق البشوش الذي تزرع دائماً بسمتك المشرقة بين الناس ، فتملأ نفوسهم ضياء ومحبة

صادق المودة والتقدير

أخوك : عبدالجبار العلمي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...