بسم الله الرحمن الرحيم..
القنيطرة 21/11/84
أخي الشاعر محمد.. أطيب تحياتي إليك..
وصلتني رسالتك منذ أيام .. وهذه الليلة أخصصها للإجابة على كل ما ورد وما لم أجد الفرصة للإجابة عليه.. الموت علينا حق.. وحقيقة مؤكدة تلازمنا باستمرار ولا يجهلها إلا مغرور أوْ جَهُول.. وبعد.. رسالتك قرأتها أكثر من مرة.. أعجبتني حقا.. رغم أن حكمك على الديوانين معا قابل للنقاش.. أقول قابل للنقاش ليس دفاعا عن الديوانين فأنا لا أدافع عادة عن أية قصيدة أنشرها.. هي وحدها تدافع عن نفسها لأن علاقتي بها تنتهي بمجرد أن تفْلت من يدي وتصبح أمرا مشاعا..
وبعد.. مفهوم الشعر لدى كل شاعر يختلف حسب التأطير والتكوين العام لكل شاعر.. إنما عندي هو عملية ضد الخوف من الموت ..هذا الهاجس الجميل الذي أحياه منذ زمن منذ أن اكتشفت أن الحياة قذرة بشكل بائس وفاجع.. والقصيدة هي النزيف المضاد لموقفي من التناقضات التي تحاصرني من كل الجهات.. القصيدة هي واقعي الآخر الذي هو أقل بؤسا من الواقع اليومي الذي يحمل الطعنات المتلاحقة كدقّات الساعة حين تسقط مريضا أو ابنك مريضا وجيبك خاوٍٍ..
حين تتعرض للظلم والقهر.. حين.. وحين.. ما قيمة بطاقة حزب؟.. ما قيمة تبني فلسفة اجتماعية؟.. ما قيمة كل هذا.. حين تجد نفسك محاصرا بالكلاب عفواً ربما أعتقد أن الكلاب لها أخلاق لا يتمتع بها البشر.. أقول، في اللحظة الحرجة البائسة.. يسْقط كل شيء.. كل شيء تافه وحقير..
لهذا لا أحاول ولن أحاول مستقبلاًأن أرتبط بأي علاقة تزيدني قيوداً ولستُ في حاجة للمزيد من القيود.. أعيش حياتي كما هي.. صعلوك بائس.. باختصار.. وأعرف مسبقا أني زائل ولا بدّ في لحظة ما سأموت.. خطأ فادح ارتكبته في حياتي أني تزوجتُ وضرتُ أباً.. هذا يرهقني بالشعور – بذنب عظيم - .. والأرض يابسة وبائسة بلا امرأة يُكابدها السؤال.. أية امرأة هي سؤال .. قد تعطيك لحظة إشراق هائلة في لحظة ما .. وقد تعطيك عذاباً ههولاً في أغلب اللحظات.. و"البوهيمية" يا أخي محمد.. يلزمها الفلوس.. وأنا ما أقبضه يتبخّر بين مصاريف البيت والشؤون الصغيرة اليومية.. وأُكمل الشهر بالسلف.. وهكذا كل شهر.. هكذا..ف"البوهيمية" غالية و لا أستطيع إليها سبيلا..
وبعد قد أكون على خطأ والله أعلم.." كل المساجد لله..
كل الكنائس لله..
كل المعابد لله..
والله في ملْكِهِ ملكٌ فوق كل الملوك"
هكذا أقول في آخر قصيدة أكتبها.. ربما تقرأها كاملة في مجلة ما .. يوماً ما..
وبعد ماذا أيضا أقول؟..
لم أكن غاضباً حين كتبتُ للأخ الشاعر محمد بنعمارة.. كتبتُ له أستفسره عن وصول الديوان إليك وأطلب منه جواباً للاطمئنان على أن الأمانة وصلتْ إليك.. لأني لا أثق في البريد فكثيرة هي الأشياء التي ضاعت مني في البريد.. أصدقاء أرسلتُ لهم طلباتهم وبعضهم يكتب لي عاتباً لأني – حسب اعتقاده – لم أُلبِّ طلبه.. فأُفاجأ بذلك.. لهذا حين أرسلتُ لك الديوان ولم تجبني.. اعتقدتُ أنه ربما ضاع وأنك تنتظر.. وما أكره في حياتي هو الانتظار.. لا أحب أن أنتظر أحدا أو ينتظرني أحد..
وبعد.. أرجو أن تخبر الأخ بنعمارةأنه هذا الأسبوع إن شاء الله سأرسل له بالمجلة التي طلب.. أخيرا وجدتُها .. لأن الفوضى التي عليها المجلات والكتب لا تسمح بإيجاد مجلة أوْ كتاب دون عناء.. مكتبتي عبارة عن " كرطونات" مكدسة والفائض من المجلات والكتب على الأرض..
وإلى رسالة قادمة .. مع تحياتي..
أخوك: محمد الطوبي
.
القنيطرة 21/11/84
أخي الشاعر محمد.. أطيب تحياتي إليك..
وصلتني رسالتك منذ أيام .. وهذه الليلة أخصصها للإجابة على كل ما ورد وما لم أجد الفرصة للإجابة عليه.. الموت علينا حق.. وحقيقة مؤكدة تلازمنا باستمرار ولا يجهلها إلا مغرور أوْ جَهُول.. وبعد.. رسالتك قرأتها أكثر من مرة.. أعجبتني حقا.. رغم أن حكمك على الديوانين معا قابل للنقاش.. أقول قابل للنقاش ليس دفاعا عن الديوانين فأنا لا أدافع عادة عن أية قصيدة أنشرها.. هي وحدها تدافع عن نفسها لأن علاقتي بها تنتهي بمجرد أن تفْلت من يدي وتصبح أمرا مشاعا..
وبعد.. مفهوم الشعر لدى كل شاعر يختلف حسب التأطير والتكوين العام لكل شاعر.. إنما عندي هو عملية ضد الخوف من الموت ..هذا الهاجس الجميل الذي أحياه منذ زمن منذ أن اكتشفت أن الحياة قذرة بشكل بائس وفاجع.. والقصيدة هي النزيف المضاد لموقفي من التناقضات التي تحاصرني من كل الجهات.. القصيدة هي واقعي الآخر الذي هو أقل بؤسا من الواقع اليومي الذي يحمل الطعنات المتلاحقة كدقّات الساعة حين تسقط مريضا أو ابنك مريضا وجيبك خاوٍٍ..
حين تتعرض للظلم والقهر.. حين.. وحين.. ما قيمة بطاقة حزب؟.. ما قيمة تبني فلسفة اجتماعية؟.. ما قيمة كل هذا.. حين تجد نفسك محاصرا بالكلاب عفواً ربما أعتقد أن الكلاب لها أخلاق لا يتمتع بها البشر.. أقول، في اللحظة الحرجة البائسة.. يسْقط كل شيء.. كل شيء تافه وحقير..
لهذا لا أحاول ولن أحاول مستقبلاًأن أرتبط بأي علاقة تزيدني قيوداً ولستُ في حاجة للمزيد من القيود.. أعيش حياتي كما هي.. صعلوك بائس.. باختصار.. وأعرف مسبقا أني زائل ولا بدّ في لحظة ما سأموت.. خطأ فادح ارتكبته في حياتي أني تزوجتُ وضرتُ أباً.. هذا يرهقني بالشعور – بذنب عظيم - .. والأرض يابسة وبائسة بلا امرأة يُكابدها السؤال.. أية امرأة هي سؤال .. قد تعطيك لحظة إشراق هائلة في لحظة ما .. وقد تعطيك عذاباً ههولاً في أغلب اللحظات.. و"البوهيمية" يا أخي محمد.. يلزمها الفلوس.. وأنا ما أقبضه يتبخّر بين مصاريف البيت والشؤون الصغيرة اليومية.. وأُكمل الشهر بالسلف.. وهكذا كل شهر.. هكذا..ف"البوهيمية" غالية و لا أستطيع إليها سبيلا..
وبعد قد أكون على خطأ والله أعلم.." كل المساجد لله..
كل الكنائس لله..
كل المعابد لله..
والله في ملْكِهِ ملكٌ فوق كل الملوك"
هكذا أقول في آخر قصيدة أكتبها.. ربما تقرأها كاملة في مجلة ما .. يوماً ما..
وبعد ماذا أيضا أقول؟..
لم أكن غاضباً حين كتبتُ للأخ الشاعر محمد بنعمارة.. كتبتُ له أستفسره عن وصول الديوان إليك وأطلب منه جواباً للاطمئنان على أن الأمانة وصلتْ إليك.. لأني لا أثق في البريد فكثيرة هي الأشياء التي ضاعت مني في البريد.. أصدقاء أرسلتُ لهم طلباتهم وبعضهم يكتب لي عاتباً لأني – حسب اعتقاده – لم أُلبِّ طلبه.. فأُفاجأ بذلك.. لهذا حين أرسلتُ لك الديوان ولم تجبني.. اعتقدتُ أنه ربما ضاع وأنك تنتظر.. وما أكره في حياتي هو الانتظار.. لا أحب أن أنتظر أحدا أو ينتظرني أحد..
وبعد.. أرجو أن تخبر الأخ بنعمارةأنه هذا الأسبوع إن شاء الله سأرسل له بالمجلة التي طلب.. أخيرا وجدتُها .. لأن الفوضى التي عليها المجلات والكتب لا تسمح بإيجاد مجلة أوْ كتاب دون عناء.. مكتبتي عبارة عن " كرطونات" مكدسة والفائض من المجلات والكتب على الأرض..
وإلى رسالة قادمة .. مع تحياتي..
أخوك: محمد الطوبي
.