ثقافة شعبية بهيجة الزوهري - حادة وعكي ومريريدا نايت عتيق.. ثائرتان أمازيغيتان في زمن العبيد

النضال النسائي ليس حكرا فقط على "الطبقة" المخملية لنساء ذوات شارات النصر وشالات فلسطين أو لذوات الشعر القصير والأنوف و"السرة" المثقوبة ، بل يتعداه لكل تمرد على النمط السائد وكل من تجرأت على لعن نظام "صلاة الشكر" للذكر المهيمن وعقليته الاستبدادية . نساء ثرن على الأعراف وخلقن نويات للخروج عن طاعة البيت والقبيلة والشيخ والمريد ...
حادة وعكي ، نموذج المرأة الفنانة المحاربة بصوتها الشامخ ، الديفا الخارجة من أعماق الجبل تناجي بشجن وصوت حزين كل السجون الذكورية التي أرادت احتواء المرأة في أقفاص الخضوع . ذاقت مرارة زواج القاصرات لرجل سبعيني ، وما أبشعه من زواج أو اغتصاب على سنة لا يرض عنها قطعا الإله "ياكوش" الذي تمت بغير شريعته الأمازيغية المتحررة .. تطلقت وهي طفلة وذهبت للدار البيضاء أنداك لا يتجاوز عمرها السادسة عشرة لتنطلق في رحلة البحث عن الآهات المحررة لطاقة الشجن القصي في الجبال ..في تاماوايت خاصتها تترجم الحنين لزاوية أيت إسحاق وخنيفرة وكل البهاء المحاط بها .. صوت يحاكي الظلم الذي طال الأمازيغ كشعب حرم من لغته الأم في السهول ، وحرم من التحليق بحرية في ظل شرائع ما أنزل بها من سلطان سوى حسد من عند هؤلاء لشعب يتنفس تحررا..
النموذج الثاني المغرق في "أفروديته" لا أحد تقريبا يعرفها ، القيت بطيفها يوما في نواحي دمنات وعلى وادي تاساوت ، ولأن روحي تنبع من جينات "فينوس" سمعت تلك الأغاني لشاعرة مغرقة في تجرير الجسد، متبنية لنهج "فوكو" اللذة حتى الألم والألم حتى اللذة دون هوادة . مريريدة أو لقب سيدة أغاني أيت عتيق ، شاعرة الإغواء والحزن والجسد المستباح .. لم نكن لنعرف وجود هكذا ثائرة لولا لقائها بمعلم فرنسي إبان فترة الاستعمار يدعى رينيه أولوج ، افتتن بالمرأة جسدا وشعرا وقرر جمع قصائدها في كتاب ليعود بعد الاستعمار ليبحث عنها لكنه لم يجدها ، اختفت الشاعرة في مواخير الحياة وعبث الجسد إلى الأبد ولم يراها أو يسمع عنها أحد شيئا بعد ذلك سوى الباحثين مثلي عن أطياف ألهات العشق المنسيات....مريريدة نايت عتيق بشعرها الشفوي كانت تترجم تأوهات الجسد المنسحق بالغربة عن قبيلتها ونبذ مجتمعها واستغلال لحمها في طابور العبث.
نموذج من قصيدة ترجمها الأديب الجويطي للعربية لكن قبل الجويطي رأيت في أحد فنادق دمنات جدرانا مزينة بشعرها لأفتتن بها بدوري إلى الأبد ...
مــريريــدة
لقبوني بمريريدة، مريريدة،
مريريدة، ضفدعة البراري الخضراء الرشيقة...
وليس لي،
ليس لي عيناها الذهبيتان.
ليس لي،
ليس لي عنقها الأبيض
ليس لي،
ليس لي رداؤها الأخضر
لي فقط مثلها، مريريدة،
لي «زغاريدي»، «زغاريدي»
التي تصل حتى المراعي،
لي «زغاريدي»، «زغاريدي»
التي يتحدث عنها في كل الوادي
وفي الجهة الأخرى من الجبال
زغاريدي التي تثير الإعجاب والحسد...
فأنا ومنذ خطواتي الأولى في الحقول،
أمسكت برفق بضفدعتي الخضراء الرشيقة،
وهي خائفة ومرتعشة بين يدي
وضعت طويلاً عنقها الأبيض
فوق شفتي وأنا صبية وأنا شابة





















تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...