ضاع يوما الدرع الحربي الخاص بسيدنا على رضى الله عنه، فهو قد أصبح ولم يجده في داره، فحزن عليه كثيرا.
إلى أن شاهده صدفة في يد أحد اليهود،
ولكن اليهودي ادعي بأنه مالكه، وأن الإمام على، لا صلة له به من بعيد او قريب .
مشكلة كبرى، تجمع على إثرها الناس وصاروا يضربون اخماسهم في أسداسهم!!
***.
انفعل سيدنا على غاضبا، فهو يعرف درعه جيدا فكم من المعارك والغزوات التي خاضها مستخدما اياه!!
حاول بعض الناس دفع اليهودي لرده للإمام، غير أن اليهودي رفض أن يتنازل عنه،و تشبث بالدرع، مصرا على أنه مالكه.
ولما رأي الناس سلوك اليهودي غضبوا وهموا أن يفتكوا به، الا أن على منعهم عنه، وحماه من بطشهم، و أمرهم بالابتعاد ، وان يتركوه يمضي لحال سبيله.
***.
وقتئذ كان على أميرا للمؤمنين بيد أنه، لم يستطع سوى أن يهرع شاكيا اليهودي إلى قاضي المسلمين، شأنه شأن أي مواطن عادي.
سأل القاضي عليا ، بعد أن استدعى اليهودي : هل لديك أي إثبات أو دليل على ملكيتك لهذا الدرع ً؟!
ولما لم يأت الإمام على بالبنية، حكم القاضي بأحقية اليهودي في الدرع، لأنه حائزه الحالي، والبنية على من ادعى.
فما كان من الإمام سوى أن يقبل الحكم ويهم خارجا وهو أمير المؤمنين،و
ابن عم رسول الله ص،و والد الحسن والحسين،و زوج فاطمة الزهراء ابنة محمد ص.
الذي حدث أدار عقل اليهودي فهو لم يكن يتوقع إلا أن ينزع منه الدرع، و يلقى في السجن، وكيف لا وهو سارق لدرع خليفة المسلمين؟!
التفت اليهودي إلى القاضي، والإمام على ثم قال : هذا السلوك الذي أراه ليس له معلم غير الله، فهو سلوك أهل بيت النبوة .
لا شك الآن عندي بأن الذي علمكما هذا هو رسول الله ، ثم أعلن اليهودي إسلامه و أن الدرع ملك لعلي، بيد أن على لفرحته بإسلامه، تنازل له عن الدرع.
***
هو الصحابي علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلاب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ابن عمّ النبي -عليه الصلاة والسلام.
أمّا والدته فهي فاطمة بنت أسد بن عبد مناف من بني هاشم، بنت عمّ أبي طالب.
***.
يكنّى علي -رضي الله عنه- بأبي الحسن، وبأبي ترابٍ، وهي كُنيةٌ أطلقها عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما وجده راقداً في المسجد وقد أصاب جسده التراب، بعد أن سقط الرداء عنه، فأخذ النبي يمسح التراب عنه، وهو يردّد:
قُمْ أبَا تُرَابٍ، قُمْ أبَا تُرَابٍ .
اختلفت الروايات في تحديد السنة التي وُلد فيها علي، فرُوي عن ابن إسحاق أنّه وُلد قبل البعثة بعشر سنواتٍ، وهو ما رجحه ابن حجر العسقلاني، بينما رُوي عن الحسن البصري أنّه وُلد قبل البعثة بخمس عشرة أو ست عشرة سنةً، ورُوي عن محمد بن علي الباقر قولاً يُوافق قول ابن إسحاق، وقولاً آخراً أنّه وُلد قبل البعثة بخمس سنواتٍ، ونُقل عن الفاكهي أنّ علياً كان أول من وُلد في جوف الكعبة من الهاشميين، وقال الحاكم بتواتر الأخبار في ولادة علي في الكعبة.
***
وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قد تكفّل بعلي بعد أن أصابت قريش في إحدى السنوات أزمةٌ شديدةٌ تضرّر الناس بسببها، وخاصة وأن أبو طالب كان كثير الأولاد، فأتاه النبي مع العباس، ليكفل كلٌّ منهما أحد أبنائه، فيُخفّفا عنه ضيقه، فكَفِلَ العباس جعفر، وكَفِلَ النبي علياً .
***
والدة علي بن أبي طالب السيدة فاطمة بنت أسد – مَنّ الله عليها بالإسلام ، وبعد أن هاجرت إلى المدينة المنورة، كان النبي يتردّد إلى بيتها، وقد تُوفِّيت في حياته، فصلّى عليها، وألبسها قميصه، ونزل في قبرها، وتولّى أمر دفنها، وأثنى عليها الثناء الحسن.
كان لعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- العديد من الإخوة، أشهرهم ثلاثة، وهم: عَقيل، وطالب، وجعفر، وكان علي أصغرهم.
وكانت له أختان، وهما:
أم هانىء، وجمانة.
لم يُؤمن طالب برسالة محمّدٍ، ومات على دينه بعد مشاركته في غزوة بدر، علماً أنّه شارك فيها مُكرَهاً، إذ كان يحبّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام.
عَقيل:
أُسِرَ بيد المسلمين بعد مشاركته في غزوة بدر، وكان قد شارك فيها مُكرَهاً، ففداه عمّه العباس، ثمّ أسلم يوم فتح مكّة في السنة الثامنة للهجرة.
وقِيل يوم الحديبية في السنة السادسة للهجرة، وشارك بعد ذلك مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزواته، كغزوة مؤتة، وغزوة حُنين.
جعفر: كان من الصحابة الأجلّاء السابقين في الإسلام، حيث هاجر إلى الحبشة مرّتَين، وتزامنت عودته في المرة الثانية مع انتصار المسلمين في غزوة خيبر، وقد أمَّرَه النبيّ على جيش غزوة مؤتة، فأبلى فيها بلاءً حسناً، وقُطِعت يداه، واستُشهِد في مؤتة عن عُمرٍ يناهز الثالثة والثلاثين.
أم هانئ:
كان إسلامها يوم فتح مكّة، فدخل النبيّ إلى بيتها، وصلّى صلاة الضحى ثماني ركعاتٍ.
جُمانة:
و قد أسلمت، وتزوّجت من أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
***
تزوّج عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعددٍ من النساء، ولا يعني ذلك أنّه جمع بينهنّ في الوقت ذاته، وبيان ذلك في ما يأتي:
فاطمة الزهراء،و أنجبت :
الحسن بن علي بن أبي طالب، والحسين بن علي بن أبي طالب، ومُحسن بن علي بن أبي طالب،و زينب الكبرى بنت علي بن أبي طالب، وأمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب.
أم البنين بنت حزام الكلابيّة، وأنجبت :
العبّاس بن علي بن أبي طالب، وجعفر بن علي بن أبي طالب، وعبدالله بن علي بن أبي طالب، وعثمان بن علي بن أبي طالب.
ليلى بنت مسعود التميميّة وأنجبت :
عُبيدالله بن علي بن أبي طالب، وأبو بكر بن علي بن أبي طالب.
أم حبيبة بنت زمعة التغلبيّة، وأنجبت :
عمر بن علي بن أبي طالب ورقية بنت علي بن أبي طالب.
أم سعيد بنت عروة الثقفيّة، وأنجبت :
أم الحسن بنت علي بن أبي طالب، ورملة الكبرى بنت علي بن أبي طالب.
أسماء بنت عُميس الخثعميّة، وأنجبت :
يحيى بن علي بن أبي طالب، ومحمد الأصغر بن علي بن أبي طالب، وعون بن علي بن أبي طالب.
أُمامة بنت أبي العاص وأنجبت :
محمد الأوسط بن علي بن أبي طالب.
خولة بنت جعفر الحنفيّة، وأنجبت :
محمد الأكبر بن علي بن أبي طالب، المعروف بمحمد بن الحنفيّ.
***
ذكر ابن إسحاق أنّ عليّاً بن أبي طالب دخل على النبيّ، ذات مرّةٍ وهو يُصلّي مع السيّدة خديجة -رضي الله عنها- فسأله عن ماهيّة تلك العبادة، فبيّن له أنّها من شعائر الدين الذي اصطفاه الله لعباده، وأرسل به رسوله، وعرض عليه الإيمان برسالته، بتوحيد الله، والتبرُّؤ من الأصنام، فتردّد علي في القبول، وأراد أن يستشير والده في ذلك، فكَرِه النبيّ انتشار خبر الدعوة قبل أن يُعلنها بنفسه، فخيّر علياً بين الإسلام، أو كتم الأمر وعدم إعلام أحدٍ به، فبات عليّ ليلته تلك يُفكّر في أمر الدعوة حتى وقع الإيمان في قلبه، فغدا إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- طالباً منه أن يُعيد عليه ما دعاه إليه أوّل مرّةٍ، فكرّر عليه النبيّ الشهادتَين، والتبرُّؤ من اللات والعُزّى، فأسلم عليّ، ونطق الشهادتَين، وكتمَ إيمانه، خشيةً من أبي طالب.
كان إسلام عليّ -رضي الله عنه- حين بلغ من العُمر ثماني أو تسع سنوات وقِيل إنّه كان قد بلغ من العمر أربع عشرة سنةً.
حينما أراد المشركون قَتل الرسول ، نام علي في فراش النبيّ،فتفاجأ المشركون بوجوده ، فسألوه عن النبيّ، فأجابهم بأنّه يجهل مكانه، فتتبّعوا أثر النبيّ بعد ذلك، علّهم يجدوه بعد فشلهم في تنفيذ مُخطّطاتهم لقَتله،ثمّ هاجر عليّ -رضي الله عنه- إلى المدينة بعد هجرة النبيّ إليها بثلاث ليالٍ بعد أن أدّى الأمانات التي كانت لدى الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى أصحابها.
***.
شارك عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في الغزوات جميعها، ولم يتخلّف إلّا عن غزوة تبوك، حيث استخلفه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يومئذٍ على المدينة المُنوَّرة، ومن الغزوات التي شارك فيها، وأبلى بلاءً عظيماً غزوة بدر:
والتي حَمَلَ عليّ -رضي الله عنه- لواء جيش المسلمين فيها، ولم يتجاوز عُمره حينذاك العشرين سنةً.
غزوة أحد: والتي حَمَلَ عليّ -رضي الله عنه- لواء المسلمين فيها بعد استشهاد مُصعب بن عُمير -رضي الله عنه-، كما دافع عن الرسول وثبت معه في نهاية الغزوة، فأُصِيب بستّ عشرة ضربةً، وقد كلّفه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد انتهاء المعركة بتحسُّس خبر قريش، فخرج مُتتبِّعاً أثرهم، وعَلِم أنّهم مُتَّجهون صَوب مكّة.
غزوة حمراء الأسد: كان عليّ -رضي الله عنه- من الذين استجابوا إلى دعوة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد غزوة أحد، وكان حاملاً للواء المسلمين.
غزوة بني النضير:
والتي تمكّن عليّ -رضي الله عنه- فيها من قتل عَزْوَكَ؛ أحد زعامات اليهود.
غزوة الخندق: والتي بارز عليّ -رضي الله عنه- فيها عمرو بن عبد ودّ العامري؛ وكان أحد أشهر الفرسان، فتمكّن عليّ من قتله.
غزوة بني قريظة: وقد حمل عليّ راية المسلمين فيها، فكان في مُقدّمة الجيش.
غزوة خيبر: حمل عليٌّ الراية يوم خيبر، وفتح الله على يدَيه حصونها.
غزوة حُنين: والتي ثبتَ عليّ -رضي الله عنه- مع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فيها حتى نهايتها.
صلح الحديبية:
وقد رفض على مَحو عبارة: "محمدٌ رسول الله" بعد أن اعترض على كتابتها المشركون.
وقد تغيّرت العاصمة في عهده - فأصبحت الكوفة عاصمة الخلافة، بينما تحوّلت المدينة المُنوَّرة إلى ولايةٍ يرأسها سهل بن حنيف الأنصاري، ولم تتوسّع الفتوحات الإسلامية في عهد علي -رضي الله عنه- بينما انتشر الإسلام بقوة في أذربيجان؛ بفضل الأشعث؛ والي الخليفة عليها.
وقد سار عليّ بالناس على نَهج أقرب إلى عمر بن الخطّاب؛منه إلى عثمان رضي الله عنهم جميعا ، فتشدّد في مَنح الأُعطيات للولاة، ومنع خروج الصحابة من الجزيرة اتقاء للفتنة .
تربّى على في حِجْرالرسول ص ، فكان قريباً إلى قلبه، حائزاً عنده مقاماً رفيعاً، كما زوّجه النبيّ أحبّ بناته إليه؛ السيّدة فاطمة الزهراء، ونهى أمّته عن الإساءة إليه، وحَثّ المسلمين على مَحبّته، وأمرهم بمُوالاته.
وهو أحد الصحابة العشرة الذين بشّرهم رسول الله بالجنّة.
قال له الرسول ص عندما استخلفه على المدينة يوم تبوك:
(ألَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِن مُوسَى إلَّا أنَّه ليسَ نَبِيٌّ بَعْدِي).
تآخي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- معه حينما آخى بين المهاجرين والأنصار في المدينة المُنوَّرة بعد الهجرة.
قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للمسلمين في عليّ:
(اللَّهمَّ مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ اللَّهمَّ والِ من والاهُ وعادِ من عاداهُ).
وقد أعطى النبيّ عليّاً يوم خيبر رايةَ جيش المسلمين، فتقدّم بها حتى فتح الله على يدَيه، وكان قد قال النبيّ للمسلمين قبل أن يُسلّم الراية:
(لَأُعْطِيَنَّ هذِه الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ ورَسوله ويُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ).
ضَرْب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قلبَ عليّ، ودعوته له يوم بعثه قاضياً إلى اليمن؛ فسدّد الله رأيه، وهدى قلبه.
على هو واحد من أهل بيت النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهّرهم تطهيراً.
وقد جَمْعُ القرآن مع عددٍ من الصحابة على عهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
كان عليّ -رضي الله عنه- حَسن الوجه كأنّه القمر ليلة البدر، ضحوك السِّن، عظيم العينين، كثيف اللحية، أصلع الرأس، ضخم البطن والساقين، ربعةً في الرجال، أي ليس بالقصير ولا بالطويل.
شَهِدَت له الميادين بالبطولة، والفداء، كما كان قاضيا عدلا، وخطيبا مفوها، صاحب علمٍ غزيرٍ، وفِقهٍ عميقٍ بالقرآن والسنّة.
وقد كان عليّ -رضي الله- عنه يعلم أنه سيموت قتلاً، فقد بشّره النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه سيُقتل شهيداً فقال:
أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَشْقَى الناسِ رَجلينِ؟
أُحَيْمِرُ ثمودَ الذي عقَرَ الناقَةَ، والذي يضْرِبُكَ يا عَلِيُّ عَلَى هذِه، حتى يَبُلَّ مِنْهَا هذه، يعني لِحيتَه.
إلى أن شاهده صدفة في يد أحد اليهود،
ولكن اليهودي ادعي بأنه مالكه، وأن الإمام على، لا صلة له به من بعيد او قريب .
مشكلة كبرى، تجمع على إثرها الناس وصاروا يضربون اخماسهم في أسداسهم!!
***.
انفعل سيدنا على غاضبا، فهو يعرف درعه جيدا فكم من المعارك والغزوات التي خاضها مستخدما اياه!!
حاول بعض الناس دفع اليهودي لرده للإمام، غير أن اليهودي رفض أن يتنازل عنه،و تشبث بالدرع، مصرا على أنه مالكه.
ولما رأي الناس سلوك اليهودي غضبوا وهموا أن يفتكوا به، الا أن على منعهم عنه، وحماه من بطشهم، و أمرهم بالابتعاد ، وان يتركوه يمضي لحال سبيله.
***.
وقتئذ كان على أميرا للمؤمنين بيد أنه، لم يستطع سوى أن يهرع شاكيا اليهودي إلى قاضي المسلمين، شأنه شأن أي مواطن عادي.
سأل القاضي عليا ، بعد أن استدعى اليهودي : هل لديك أي إثبات أو دليل على ملكيتك لهذا الدرع ً؟!
ولما لم يأت الإمام على بالبنية، حكم القاضي بأحقية اليهودي في الدرع، لأنه حائزه الحالي، والبنية على من ادعى.
فما كان من الإمام سوى أن يقبل الحكم ويهم خارجا وهو أمير المؤمنين،و
ابن عم رسول الله ص،و والد الحسن والحسين،و زوج فاطمة الزهراء ابنة محمد ص.
الذي حدث أدار عقل اليهودي فهو لم يكن يتوقع إلا أن ينزع منه الدرع، و يلقى في السجن، وكيف لا وهو سارق لدرع خليفة المسلمين؟!
التفت اليهودي إلى القاضي، والإمام على ثم قال : هذا السلوك الذي أراه ليس له معلم غير الله، فهو سلوك أهل بيت النبوة .
لا شك الآن عندي بأن الذي علمكما هذا هو رسول الله ، ثم أعلن اليهودي إسلامه و أن الدرع ملك لعلي، بيد أن على لفرحته بإسلامه، تنازل له عن الدرع.
***
هو الصحابي علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلاب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ابن عمّ النبي -عليه الصلاة والسلام.
أمّا والدته فهي فاطمة بنت أسد بن عبد مناف من بني هاشم، بنت عمّ أبي طالب.
***.
يكنّى علي -رضي الله عنه- بأبي الحسن، وبأبي ترابٍ، وهي كُنيةٌ أطلقها عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما وجده راقداً في المسجد وقد أصاب جسده التراب، بعد أن سقط الرداء عنه، فأخذ النبي يمسح التراب عنه، وهو يردّد:
قُمْ أبَا تُرَابٍ، قُمْ أبَا تُرَابٍ .
اختلفت الروايات في تحديد السنة التي وُلد فيها علي، فرُوي عن ابن إسحاق أنّه وُلد قبل البعثة بعشر سنواتٍ، وهو ما رجحه ابن حجر العسقلاني، بينما رُوي عن الحسن البصري أنّه وُلد قبل البعثة بخمس عشرة أو ست عشرة سنةً، ورُوي عن محمد بن علي الباقر قولاً يُوافق قول ابن إسحاق، وقولاً آخراً أنّه وُلد قبل البعثة بخمس سنواتٍ، ونُقل عن الفاكهي أنّ علياً كان أول من وُلد في جوف الكعبة من الهاشميين، وقال الحاكم بتواتر الأخبار في ولادة علي في الكعبة.
***
وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قد تكفّل بعلي بعد أن أصابت قريش في إحدى السنوات أزمةٌ شديدةٌ تضرّر الناس بسببها، وخاصة وأن أبو طالب كان كثير الأولاد، فأتاه النبي مع العباس، ليكفل كلٌّ منهما أحد أبنائه، فيُخفّفا عنه ضيقه، فكَفِلَ العباس جعفر، وكَفِلَ النبي علياً .
***
والدة علي بن أبي طالب السيدة فاطمة بنت أسد – مَنّ الله عليها بالإسلام ، وبعد أن هاجرت إلى المدينة المنورة، كان النبي يتردّد إلى بيتها، وقد تُوفِّيت في حياته، فصلّى عليها، وألبسها قميصه، ونزل في قبرها، وتولّى أمر دفنها، وأثنى عليها الثناء الحسن.
كان لعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- العديد من الإخوة، أشهرهم ثلاثة، وهم: عَقيل، وطالب، وجعفر، وكان علي أصغرهم.
وكانت له أختان، وهما:
أم هانىء، وجمانة.
لم يُؤمن طالب برسالة محمّدٍ، ومات على دينه بعد مشاركته في غزوة بدر، علماً أنّه شارك فيها مُكرَهاً، إذ كان يحبّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام.
عَقيل:
أُسِرَ بيد المسلمين بعد مشاركته في غزوة بدر، وكان قد شارك فيها مُكرَهاً، ففداه عمّه العباس، ثمّ أسلم يوم فتح مكّة في السنة الثامنة للهجرة.
وقِيل يوم الحديبية في السنة السادسة للهجرة، وشارك بعد ذلك مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزواته، كغزوة مؤتة، وغزوة حُنين.
جعفر: كان من الصحابة الأجلّاء السابقين في الإسلام، حيث هاجر إلى الحبشة مرّتَين، وتزامنت عودته في المرة الثانية مع انتصار المسلمين في غزوة خيبر، وقد أمَّرَه النبيّ على جيش غزوة مؤتة، فأبلى فيها بلاءً حسناً، وقُطِعت يداه، واستُشهِد في مؤتة عن عُمرٍ يناهز الثالثة والثلاثين.
أم هانئ:
كان إسلامها يوم فتح مكّة، فدخل النبيّ إلى بيتها، وصلّى صلاة الضحى ثماني ركعاتٍ.
جُمانة:
و قد أسلمت، وتزوّجت من أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
***
تزوّج عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعددٍ من النساء، ولا يعني ذلك أنّه جمع بينهنّ في الوقت ذاته، وبيان ذلك في ما يأتي:
فاطمة الزهراء،و أنجبت :
الحسن بن علي بن أبي طالب، والحسين بن علي بن أبي طالب، ومُحسن بن علي بن أبي طالب،و زينب الكبرى بنت علي بن أبي طالب، وأمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب.
أم البنين بنت حزام الكلابيّة، وأنجبت :
العبّاس بن علي بن أبي طالب، وجعفر بن علي بن أبي طالب، وعبدالله بن علي بن أبي طالب، وعثمان بن علي بن أبي طالب.
ليلى بنت مسعود التميميّة وأنجبت :
عُبيدالله بن علي بن أبي طالب، وأبو بكر بن علي بن أبي طالب.
أم حبيبة بنت زمعة التغلبيّة، وأنجبت :
عمر بن علي بن أبي طالب ورقية بنت علي بن أبي طالب.
أم سعيد بنت عروة الثقفيّة، وأنجبت :
أم الحسن بنت علي بن أبي طالب، ورملة الكبرى بنت علي بن أبي طالب.
أسماء بنت عُميس الخثعميّة، وأنجبت :
يحيى بن علي بن أبي طالب، ومحمد الأصغر بن علي بن أبي طالب، وعون بن علي بن أبي طالب.
أُمامة بنت أبي العاص وأنجبت :
محمد الأوسط بن علي بن أبي طالب.
خولة بنت جعفر الحنفيّة، وأنجبت :
محمد الأكبر بن علي بن أبي طالب، المعروف بمحمد بن الحنفيّ.
***
ذكر ابن إسحاق أنّ عليّاً بن أبي طالب دخل على النبيّ، ذات مرّةٍ وهو يُصلّي مع السيّدة خديجة -رضي الله عنها- فسأله عن ماهيّة تلك العبادة، فبيّن له أنّها من شعائر الدين الذي اصطفاه الله لعباده، وأرسل به رسوله، وعرض عليه الإيمان برسالته، بتوحيد الله، والتبرُّؤ من الأصنام، فتردّد علي في القبول، وأراد أن يستشير والده في ذلك، فكَرِه النبيّ انتشار خبر الدعوة قبل أن يُعلنها بنفسه، فخيّر علياً بين الإسلام، أو كتم الأمر وعدم إعلام أحدٍ به، فبات عليّ ليلته تلك يُفكّر في أمر الدعوة حتى وقع الإيمان في قلبه، فغدا إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- طالباً منه أن يُعيد عليه ما دعاه إليه أوّل مرّةٍ، فكرّر عليه النبيّ الشهادتَين، والتبرُّؤ من اللات والعُزّى، فأسلم عليّ، ونطق الشهادتَين، وكتمَ إيمانه، خشيةً من أبي طالب.
كان إسلام عليّ -رضي الله عنه- حين بلغ من العُمر ثماني أو تسع سنوات وقِيل إنّه كان قد بلغ من العمر أربع عشرة سنةً.
حينما أراد المشركون قَتل الرسول ، نام علي في فراش النبيّ،فتفاجأ المشركون بوجوده ، فسألوه عن النبيّ، فأجابهم بأنّه يجهل مكانه، فتتبّعوا أثر النبيّ بعد ذلك، علّهم يجدوه بعد فشلهم في تنفيذ مُخطّطاتهم لقَتله،ثمّ هاجر عليّ -رضي الله عنه- إلى المدينة بعد هجرة النبيّ إليها بثلاث ليالٍ بعد أن أدّى الأمانات التي كانت لدى الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى أصحابها.
***.
شارك عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في الغزوات جميعها، ولم يتخلّف إلّا عن غزوة تبوك، حيث استخلفه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يومئذٍ على المدينة المُنوَّرة، ومن الغزوات التي شارك فيها، وأبلى بلاءً عظيماً غزوة بدر:
والتي حَمَلَ عليّ -رضي الله عنه- لواء جيش المسلمين فيها، ولم يتجاوز عُمره حينذاك العشرين سنةً.
غزوة أحد: والتي حَمَلَ عليّ -رضي الله عنه- لواء المسلمين فيها بعد استشهاد مُصعب بن عُمير -رضي الله عنه-، كما دافع عن الرسول وثبت معه في نهاية الغزوة، فأُصِيب بستّ عشرة ضربةً، وقد كلّفه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد انتهاء المعركة بتحسُّس خبر قريش، فخرج مُتتبِّعاً أثرهم، وعَلِم أنّهم مُتَّجهون صَوب مكّة.
غزوة حمراء الأسد: كان عليّ -رضي الله عنه- من الذين استجابوا إلى دعوة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد غزوة أحد، وكان حاملاً للواء المسلمين.
غزوة بني النضير:
والتي تمكّن عليّ -رضي الله عنه- فيها من قتل عَزْوَكَ؛ أحد زعامات اليهود.
غزوة الخندق: والتي بارز عليّ -رضي الله عنه- فيها عمرو بن عبد ودّ العامري؛ وكان أحد أشهر الفرسان، فتمكّن عليّ من قتله.
غزوة بني قريظة: وقد حمل عليّ راية المسلمين فيها، فكان في مُقدّمة الجيش.
غزوة خيبر: حمل عليٌّ الراية يوم خيبر، وفتح الله على يدَيه حصونها.
غزوة حُنين: والتي ثبتَ عليّ -رضي الله عنه- مع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فيها حتى نهايتها.
صلح الحديبية:
وقد رفض على مَحو عبارة: "محمدٌ رسول الله" بعد أن اعترض على كتابتها المشركون.
وقد تغيّرت العاصمة في عهده - فأصبحت الكوفة عاصمة الخلافة، بينما تحوّلت المدينة المُنوَّرة إلى ولايةٍ يرأسها سهل بن حنيف الأنصاري، ولم تتوسّع الفتوحات الإسلامية في عهد علي -رضي الله عنه- بينما انتشر الإسلام بقوة في أذربيجان؛ بفضل الأشعث؛ والي الخليفة عليها.
وقد سار عليّ بالناس على نَهج أقرب إلى عمر بن الخطّاب؛منه إلى عثمان رضي الله عنهم جميعا ، فتشدّد في مَنح الأُعطيات للولاة، ومنع خروج الصحابة من الجزيرة اتقاء للفتنة .
تربّى على في حِجْرالرسول ص ، فكان قريباً إلى قلبه، حائزاً عنده مقاماً رفيعاً، كما زوّجه النبيّ أحبّ بناته إليه؛ السيّدة فاطمة الزهراء، ونهى أمّته عن الإساءة إليه، وحَثّ المسلمين على مَحبّته، وأمرهم بمُوالاته.
وهو أحد الصحابة العشرة الذين بشّرهم رسول الله بالجنّة.
قال له الرسول ص عندما استخلفه على المدينة يوم تبوك:
(ألَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِن مُوسَى إلَّا أنَّه ليسَ نَبِيٌّ بَعْدِي).
تآخي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- معه حينما آخى بين المهاجرين والأنصار في المدينة المُنوَّرة بعد الهجرة.
قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للمسلمين في عليّ:
(اللَّهمَّ مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ اللَّهمَّ والِ من والاهُ وعادِ من عاداهُ).
وقد أعطى النبيّ عليّاً يوم خيبر رايةَ جيش المسلمين، فتقدّم بها حتى فتح الله على يدَيه، وكان قد قال النبيّ للمسلمين قبل أن يُسلّم الراية:
(لَأُعْطِيَنَّ هذِه الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ ورَسوله ويُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ).
ضَرْب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قلبَ عليّ، ودعوته له يوم بعثه قاضياً إلى اليمن؛ فسدّد الله رأيه، وهدى قلبه.
على هو واحد من أهل بيت النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهّرهم تطهيراً.
وقد جَمْعُ القرآن مع عددٍ من الصحابة على عهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
كان عليّ -رضي الله عنه- حَسن الوجه كأنّه القمر ليلة البدر، ضحوك السِّن، عظيم العينين، كثيف اللحية، أصلع الرأس، ضخم البطن والساقين، ربعةً في الرجال، أي ليس بالقصير ولا بالطويل.
شَهِدَت له الميادين بالبطولة، والفداء، كما كان قاضيا عدلا، وخطيبا مفوها، صاحب علمٍ غزيرٍ، وفِقهٍ عميقٍ بالقرآن والسنّة.
وقد كان عليّ -رضي الله- عنه يعلم أنه سيموت قتلاً، فقد بشّره النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه سيُقتل شهيداً فقال:
أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَشْقَى الناسِ رَجلينِ؟
أُحَيْمِرُ ثمودَ الذي عقَرَ الناقَةَ، والذي يضْرِبُكَ يا عَلِيُّ عَلَى هذِه، حتى يَبُلَّ مِنْهَا هذه، يعني لِحيتَه.