لفت نظري في إحدى الجرائد المصفوفة على الحامل المعدني في المدخل صورتي أو صورة شبيهي، أو أحد أشباهي الكثر. عرض مختصر لتحقيق يحتل صفحة من الصفحات الداخلية. اقتنصت النسخة المتبقية من العدد وتوجهت نحو إحدى الطاولات، ولما جاء النادل – وبينما أطلب كوبًا من عصير الليمون- قلبت الجريدة لئلا يرى صورتي، أو صورة شبيهي.
لا أدري منذ متى بدأت، ولكن ملامح الليلة الأولى ترتسم في ذاكرتي طازجة تغص بالصور والألوان والروائح. ليلة باردة غبشت نظارتي الطبية من كثرة البخار المتصاعد من فمي، والحائط أملس مشوه بإعلان لمدرس من محترفي الدروس الخصوصية، وثمة خط من البول الذي أوشك على الجفاف ينحدر من الحائط إلى الرصيف، يبعث بخارًا نتنًا بفعل الرطوبة، والحقيبة على كتفي مثقلة بالأدوات.
التحقيق الذي كتبه صحفي لا يفرق بين أنواع الهمزات عن مجنون أو مختل عقليًا ونفسيًا، أو شيء من هذا القبيل، طريف يتساءل عن الجنون، وفي صفحة الرأي مقال عن هيبة القانون الذي تتحداه هذه "الظاهرة"، وثمة خبر عن ارتفاع عدد من استدعوا للتحقيق لتطابق صفاتهم مع الصفات المعروفة إلى عشرين. وفي ذهني لم يكن غير تساؤل عن دقة المخبرين ورجال المباحث، ونشاطهم الدائم.
نظرات الرجل على الطاولة المقابلة ثقبتني بخوف جليدي بارد، وفي ظهري أحسست بأشواك المتربصين والمتلصصين، عيون ترصد وتصور وتسجل أبسط الخلجات والنظرات والالتفاتات والتواءات الفم واتساع الحدقات غير المرئي. وثمة هاجس يدفعني للخروج كأنما بغريزة إجرامية نبتت في نفسي، أو لعلها متأصلة فطرية. ولكن شعورًا بالتلكؤ يواجه شعور الانسحاب يقعدني كأنه الجاثوم.
يصرفني عن العيون قليلًا انشغال الذهن بذكرى الحيرة الأولى. والحيرة الأولى تولدت حين فتحت الحقيبة لأمس الأدوات ولأتأكد من كمالها. حيرة كأنها حيرة آدم أمام التفاحة تملكتني وامتلكت رأسي الفارغ والمشحون بلا شيء. أقلب كل ذكرى وأستدعي صورًا وأحلامًا وأماكن وروائح ومشاعر معلومة وغير معلومة، والصورة ضبابية رمادية باهتة تستعصي على الخضوع، كأن يدًا عبثت في مراكز الذاكرة والشعور. صورة واحدة ارتسمت في ذهني المشوش، هي صورة وجهي.
ولما أعملت فرشاتي في الحائط ثبت لي أنها الصورة الوحيدة الثابتة والباقية في رأسي كأطلال ذاكرة تهدمت دون علمي، أو لعلي كنت أعلم ولكنني نسيت.
باغتني وجود كوب الليمون على طاولتي، والثلج ذائب لم يترك إلا نتفًا تستلقي على سطح السائل المعكر كأنها جثث طافية. النادل جاء منذ وقت غير قصير، ولا بد أنه قدم لي الليمون ولم أرد، ولا بد أن الرجل على الطاولة المقابلة – يمنعه حر الصيف من ارتداء المعطف - لاحظ ذلك، وكذلك لاحظت الكاميرات المثبتة في ظهري، النافذة إلى صدري، ولكن كل شيء على ما يرام ما دمت جالسًا وحدي.
لا أدري ما الذي دعاني لأرسم وجهي دون أي شيء آخر، ولا تهمني أو تقنعني تحليلات الصحفيين الذين خاضوا في أمر "الظاهرة" كثيرًا، أو نظريات خبراء علم النفس والاجتماع وثرثراتهم التي استعانت بها الصحف لملء فراغها، وسد نهم القارئ المتطلع والمتحرق شوقًا. أنهيت الرسم، وتراجعت ناظرًا لوجهي المرسوم بإعجاب أنساني الإرهاق.
حين وقفت في ليلة تالية أمام حائط مهيأ، وانسدت ذاكرتي ونضبت من كل شيء إلا من صورتي، أنا الدارس للرسم المتمرس به منذ سنين رغم أنني لم أحترفه، لم أقلق، ورسمت ثانية، وكذلك نظرت بإعجاب إلى ما أنتجت.
لم يكن يشغلني سوى اختيار شارع منعدم الحركة في ساعة متأخرة من الليل، وحائط مهيأ، لا يعوقني كون هذا الحائط مبولة لأناس ساهرين أو لكلب ضال، ولم يضعف من رغبتي ما رأيته ذات يوم حين مررت بجانب إحدى صوري التي احتلت أحد الحوائط، ووجدت أن شخصًا كتب – أسفل الصورة وبطباشير عريض وغليظ - عبارة "حمار للبيع" بخط الرقعة.
ولم يقلقني كذلك الذعر الذي أثارته صوري حين انتشرت، وفي سفرة لي خارج العاصمة جربت الرسم، فخرجت الصحف في اليوم التالي لتعلن أن "صورة المجهول تخرج من العاصمة". ظنوها في البدء صورة لسياسي رسمها أشياعه، ولكن غياب الإعلان أو الشعارات أضعف هذه الاحتمالية وإن لم يبددها، وأنقذني عدم احترافي الرسم من الوقوع في خطأ قاتل: أن أوقع باسمي تحت اللوحة.
جو المقهى خانق رغم الهواء المكيف، تركت الحساب على الطاولة وخرجت شاعرًا بثقوب الكاميرات المتنقلة في ظهري، وبالتفاتة الرجل الذي منعه الحر من ارتداء المعطف. أمر في الشارع بصوري على حوائط متعددة، وللمرة الأولى ألحظ أنها لا تتطابق فيما بينها، ثم سمات مشتركة: الصلعة الفسيحة، الجبهة العريضة، الأنف الضخم، النظارة التي تشبه نظارة أستاذ جامعي أو بقال في حارة شعبية، والشارب الكث المنمق، والغضون والأخاديد التي يشقها العقد السادس.
يستعصي على ذاكرتي تحديد تاريخ كل منها أو أسبقية أي منها على الآخر، بعضها طمسته البلدية بطلاء أبيض رتيب ومقبض، كان هذا سلاحهم في البداية، ثم راحوا يتركون الصور دليلًا على الفاعل، كأنها إعلان رسمي من الشرطة، ولم ينقصه سوى كلمة "مطلوب" أو جملة "ابحث مع الشرطة"، تمامًا كتلك التي وجدتها سابقًا "حمار للبيع"، ولم أمحها.
ما لا يستعصي على ذاكرتي هو صور الأشباه الذين استدعتهم الشرطة للتحقيق معهم، ثم خرجوا بعد ذلك في حوارات صحفية أو استضافتهم برامج حوارية ينفون صلتهم بهذه الصور. أستاذ جامعي يدرس الجيولوجيا، سباك له أربعة أطفال، ضابط شرطة متقاعد، سائق تاكسي، إمام أحد الجوامع، وهارب من أحكام أوقعته رسوماتي في شر صحيفته الجنائية.
لطالما رغبت في الاتصال بأحدهم ولكن الخوف من انكشاف السر أقعدني. الصور كثيرة، ولكنها لا تتطابق، تجمعها السمات المشتركة الأساسية وتفرقها اختلافات عديدة. تتطابق إحداها مع صورة أحد الأشباه تطابقًا تامًا، كأنه طبع وجهه على الحائط، أو كأن صورة فوتوغرافية له فرغت فخرجت كما هي، ومن عجب أن أيًا من الصور لم يتطابق مع صورتي أنا، صاحب الصورة والرسم والأدوات والألوان.
أفكر وأنا أمر في أحد الشوارع الجانبية الخالية من إحدى صوري في أن هذا ربما هو السبب في أنهم لم يستدعوني حتى الآن، أنا لست واحدًا من صوري العديدة التي رسمتها بنفسي، بفرشاتي وألواني، وذاكرتي.
هل رسمت بعد كل هذا التعب والمجهود والاعتصار للذاكرة أشباهًا غيري ولم أرسم نفسي؟ هل ضللتني ذاكرتي، ضمن ما ضللتني، عن صورتي؟ ينتابني شعور بالحقد ورغبة في القتل تجاه المرآة التي ضللتني فطبعت على صفحتها صور أشباهي وأخفت صورتي. أم لعلها بريئة من هذا الجرم، ولعل عقلي هو من خانني فترجم كذبًا الصورة إلى غيرها.
يتخللني – رغم ذلك - شعور بالأمان وأنا أتطلع إلى الوجوه المارة فأراهم أشباهي. ثمة اختلافات طفيفة، وربما كبيرة، ولكن سماتي على صفحات وجوههم، يداخلني شعور بأنني رسمت أحدهم، أو كلهم، قبل ذلك، وأنني سأكشف كثيرًا منهم حين أرسم، وسأرسم كثيرًا؛ فالأدوات موجودة، ولن يكفوا عن صناعة الألوان أو بناء الحوائط، ولن يمنعني أحدهم يكتب تحت صورتي "حمار للبيع"، لعله أصلًا أحد أولئك الأشباه ينتقم من نفسه.
ولن يخيفني الرجل في المقهى الذي منعه الحر من ارتداء معطفه الخالد، والذي أحس بنظراته تثقب ظهري صاعدة بقدراتها اللامحدودة إلى وجهي، ورغم شعور قد يصل إلى اليقين بأنه أحد أشباهي، وربما وقع أصلًا في الشرك الذي نصبه، ورغم رغبة في أن ألتفت لأتأكد، أمضي مسرعًا حين أكتشف أنني أقف بجوار إحدى صوري، أو صور أشباهي.
لا أدري منذ متى بدأت، ولكن ملامح الليلة الأولى ترتسم في ذاكرتي طازجة تغص بالصور والألوان والروائح. ليلة باردة غبشت نظارتي الطبية من كثرة البخار المتصاعد من فمي، والحائط أملس مشوه بإعلان لمدرس من محترفي الدروس الخصوصية، وثمة خط من البول الذي أوشك على الجفاف ينحدر من الحائط إلى الرصيف، يبعث بخارًا نتنًا بفعل الرطوبة، والحقيبة على كتفي مثقلة بالأدوات.
التحقيق الذي كتبه صحفي لا يفرق بين أنواع الهمزات عن مجنون أو مختل عقليًا ونفسيًا، أو شيء من هذا القبيل، طريف يتساءل عن الجنون، وفي صفحة الرأي مقال عن هيبة القانون الذي تتحداه هذه "الظاهرة"، وثمة خبر عن ارتفاع عدد من استدعوا للتحقيق لتطابق صفاتهم مع الصفات المعروفة إلى عشرين. وفي ذهني لم يكن غير تساؤل عن دقة المخبرين ورجال المباحث، ونشاطهم الدائم.
نظرات الرجل على الطاولة المقابلة ثقبتني بخوف جليدي بارد، وفي ظهري أحسست بأشواك المتربصين والمتلصصين، عيون ترصد وتصور وتسجل أبسط الخلجات والنظرات والالتفاتات والتواءات الفم واتساع الحدقات غير المرئي. وثمة هاجس يدفعني للخروج كأنما بغريزة إجرامية نبتت في نفسي، أو لعلها متأصلة فطرية. ولكن شعورًا بالتلكؤ يواجه شعور الانسحاب يقعدني كأنه الجاثوم.
يصرفني عن العيون قليلًا انشغال الذهن بذكرى الحيرة الأولى. والحيرة الأولى تولدت حين فتحت الحقيبة لأمس الأدوات ولأتأكد من كمالها. حيرة كأنها حيرة آدم أمام التفاحة تملكتني وامتلكت رأسي الفارغ والمشحون بلا شيء. أقلب كل ذكرى وأستدعي صورًا وأحلامًا وأماكن وروائح ومشاعر معلومة وغير معلومة، والصورة ضبابية رمادية باهتة تستعصي على الخضوع، كأن يدًا عبثت في مراكز الذاكرة والشعور. صورة واحدة ارتسمت في ذهني المشوش، هي صورة وجهي.
ولما أعملت فرشاتي في الحائط ثبت لي أنها الصورة الوحيدة الثابتة والباقية في رأسي كأطلال ذاكرة تهدمت دون علمي، أو لعلي كنت أعلم ولكنني نسيت.
باغتني وجود كوب الليمون على طاولتي، والثلج ذائب لم يترك إلا نتفًا تستلقي على سطح السائل المعكر كأنها جثث طافية. النادل جاء منذ وقت غير قصير، ولا بد أنه قدم لي الليمون ولم أرد، ولا بد أن الرجل على الطاولة المقابلة – يمنعه حر الصيف من ارتداء المعطف - لاحظ ذلك، وكذلك لاحظت الكاميرات المثبتة في ظهري، النافذة إلى صدري، ولكن كل شيء على ما يرام ما دمت جالسًا وحدي.
لا أدري ما الذي دعاني لأرسم وجهي دون أي شيء آخر، ولا تهمني أو تقنعني تحليلات الصحفيين الذين خاضوا في أمر "الظاهرة" كثيرًا، أو نظريات خبراء علم النفس والاجتماع وثرثراتهم التي استعانت بها الصحف لملء فراغها، وسد نهم القارئ المتطلع والمتحرق شوقًا. أنهيت الرسم، وتراجعت ناظرًا لوجهي المرسوم بإعجاب أنساني الإرهاق.
حين وقفت في ليلة تالية أمام حائط مهيأ، وانسدت ذاكرتي ونضبت من كل شيء إلا من صورتي، أنا الدارس للرسم المتمرس به منذ سنين رغم أنني لم أحترفه، لم أقلق، ورسمت ثانية، وكذلك نظرت بإعجاب إلى ما أنتجت.
لم يكن يشغلني سوى اختيار شارع منعدم الحركة في ساعة متأخرة من الليل، وحائط مهيأ، لا يعوقني كون هذا الحائط مبولة لأناس ساهرين أو لكلب ضال، ولم يضعف من رغبتي ما رأيته ذات يوم حين مررت بجانب إحدى صوري التي احتلت أحد الحوائط، ووجدت أن شخصًا كتب – أسفل الصورة وبطباشير عريض وغليظ - عبارة "حمار للبيع" بخط الرقعة.
ولم يقلقني كذلك الذعر الذي أثارته صوري حين انتشرت، وفي سفرة لي خارج العاصمة جربت الرسم، فخرجت الصحف في اليوم التالي لتعلن أن "صورة المجهول تخرج من العاصمة". ظنوها في البدء صورة لسياسي رسمها أشياعه، ولكن غياب الإعلان أو الشعارات أضعف هذه الاحتمالية وإن لم يبددها، وأنقذني عدم احترافي الرسم من الوقوع في خطأ قاتل: أن أوقع باسمي تحت اللوحة.
جو المقهى خانق رغم الهواء المكيف، تركت الحساب على الطاولة وخرجت شاعرًا بثقوب الكاميرات المتنقلة في ظهري، وبالتفاتة الرجل الذي منعه الحر من ارتداء المعطف. أمر في الشارع بصوري على حوائط متعددة، وللمرة الأولى ألحظ أنها لا تتطابق فيما بينها، ثم سمات مشتركة: الصلعة الفسيحة، الجبهة العريضة، الأنف الضخم، النظارة التي تشبه نظارة أستاذ جامعي أو بقال في حارة شعبية، والشارب الكث المنمق، والغضون والأخاديد التي يشقها العقد السادس.
يستعصي على ذاكرتي تحديد تاريخ كل منها أو أسبقية أي منها على الآخر، بعضها طمسته البلدية بطلاء أبيض رتيب ومقبض، كان هذا سلاحهم في البداية، ثم راحوا يتركون الصور دليلًا على الفاعل، كأنها إعلان رسمي من الشرطة، ولم ينقصه سوى كلمة "مطلوب" أو جملة "ابحث مع الشرطة"، تمامًا كتلك التي وجدتها سابقًا "حمار للبيع"، ولم أمحها.
ما لا يستعصي على ذاكرتي هو صور الأشباه الذين استدعتهم الشرطة للتحقيق معهم، ثم خرجوا بعد ذلك في حوارات صحفية أو استضافتهم برامج حوارية ينفون صلتهم بهذه الصور. أستاذ جامعي يدرس الجيولوجيا، سباك له أربعة أطفال، ضابط شرطة متقاعد، سائق تاكسي، إمام أحد الجوامع، وهارب من أحكام أوقعته رسوماتي في شر صحيفته الجنائية.
لطالما رغبت في الاتصال بأحدهم ولكن الخوف من انكشاف السر أقعدني. الصور كثيرة، ولكنها لا تتطابق، تجمعها السمات المشتركة الأساسية وتفرقها اختلافات عديدة. تتطابق إحداها مع صورة أحد الأشباه تطابقًا تامًا، كأنه طبع وجهه على الحائط، أو كأن صورة فوتوغرافية له فرغت فخرجت كما هي، ومن عجب أن أيًا من الصور لم يتطابق مع صورتي أنا، صاحب الصورة والرسم والأدوات والألوان.
أفكر وأنا أمر في أحد الشوارع الجانبية الخالية من إحدى صوري في أن هذا ربما هو السبب في أنهم لم يستدعوني حتى الآن، أنا لست واحدًا من صوري العديدة التي رسمتها بنفسي، بفرشاتي وألواني، وذاكرتي.
هل رسمت بعد كل هذا التعب والمجهود والاعتصار للذاكرة أشباهًا غيري ولم أرسم نفسي؟ هل ضللتني ذاكرتي، ضمن ما ضللتني، عن صورتي؟ ينتابني شعور بالحقد ورغبة في القتل تجاه المرآة التي ضللتني فطبعت على صفحتها صور أشباهي وأخفت صورتي. أم لعلها بريئة من هذا الجرم، ولعل عقلي هو من خانني فترجم كذبًا الصورة إلى غيرها.
يتخللني – رغم ذلك - شعور بالأمان وأنا أتطلع إلى الوجوه المارة فأراهم أشباهي. ثمة اختلافات طفيفة، وربما كبيرة، ولكن سماتي على صفحات وجوههم، يداخلني شعور بأنني رسمت أحدهم، أو كلهم، قبل ذلك، وأنني سأكشف كثيرًا منهم حين أرسم، وسأرسم كثيرًا؛ فالأدوات موجودة، ولن يكفوا عن صناعة الألوان أو بناء الحوائط، ولن يمنعني أحدهم يكتب تحت صورتي "حمار للبيع"، لعله أصلًا أحد أولئك الأشباه ينتقم من نفسه.
ولن يخيفني الرجل في المقهى الذي منعه الحر من ارتداء معطفه الخالد، والذي أحس بنظراته تثقب ظهري صاعدة بقدراتها اللامحدودة إلى وجهي، ورغم شعور قد يصل إلى اليقين بأنه أحد أشباهي، وربما وقع أصلًا في الشرك الذي نصبه، ورغم رغبة في أن ألتفت لأتأكد، أمضي مسرعًا حين أكتشف أنني أقف بجوار إحدى صوري، أو صور أشباهي.