الكيذاوي - مشارب كأس الحب أحلى المشارب

مَشاربُ كأسِ الحبّ أَحلى المشارب
وَأَعذب دهر المرءِ دهر الشبائبِ
وَأَهدى ضياءً لِلنواظرِ إِن رَنت
ضياء شموسٍ في الخدورِ غواربِ
دَعاني الهَوى شرخ الشبابِ فَقادَني
إِلى البهكناتِ الناعِمات الكواعبِ
أَلا هَل دَرَت سُعدى بأنّي بِهجرها
ظللتُ أَسيراً في قيود المعاطبِ
فَيا حبَّها يوم العتاب وقَد أَتت
بنطقٍ بهِ يشفي غليل المعاتبِ
غَدته إِذ لا يكتم السرّ بَيننا
وَلَم يكُ فيما بيننا مِن مراقبِ
وَقَد سَفرت والدمعُ يَمحي خطوطهُ
عَلى وردِ خدّيها خطوطَ الرواحبِ
شموعٌ كأنّ الخَيزرانة قدّها
إِذا خطَرت في خطوِها المتقاربِ
فَفي كَبدي سحرٌ قَضَته بِسحرِها
عَقاربُ صدغيها كَلسعِ العقاربِ
أَتوبُ عنِ السلوانِ عنها ولا أنا
وَإِن طالتِ الأيّام عنها بتائبِ
وَيشعل صَحبي في هواها تغزّلي
فَهُم فيه أضحَوا بينَ قارٍ وكاتبِ
أَرى الدهرَ يجري في تقلّبِ حكمهِ
بِعيني مَدى أَوقاته بالعجائبِ
صَحى لي عَن غيمِ الغياهبِ جوّهُ
وَأَوضحَ لي ما كان خلف الغياهبِ
فَكدّرَ عَيشي كشفه لي وصدقه
لِعلميَ أَنّ العيشَ كسوة سالبِ
وَقَد كان عَيشي صافياً حيث أنّني
أُعلّل نَفسي بالظنون الكواذبِ
حَنانيكَ يا دهر إلى كَم تنوبُني
وَتقرعني بِالحادثاتِ النوائبِ
وَلي فيك ممّا أَصطفيه مآربٌ
فَدَعني حتّى منك أقضي مآربِ
فَيا ليتَ لا ينفكّ في الناس طالباً
صَديقاً به تَقضي نجاح المطالبِ
وَإِن خانَني في مدّةِ الدهرِ صاحبٌ
تَعوّضتُ منه في زماني بصاحبِ
فإنّي رأيتُ الزاخرَ البحرَ لم تجز
بهِ فُلكه المشحون إلّا بقاربِ
صَديقي صَديقي لا صديق أواملي
وماليَ مالٌ ليسَ مال الأقاربِ
وَمبتسمٌ بالحقّ يضحكُ باكياً
أَجمّ الحواسي بالبكا متجاوبِ
إِذا اِفترّ مِن تحتِ السما باسماً بكى
بِدمعٍ عَلى وجهِ البسيطةِ ساكبِ
يَسلّ حساماً راقصاً في عراصهِ
رَقيصَ سفيهٍ في عراصِ الملاعبِ
يَشقُّ صدورَ المزنِ شَقّاً كأنّه
حسامُ فلاحٍ في صدور الكتائبِ
فَتىً تهربُ الأبطالُ خوفَ نزالهِ
كَما يَهربُ الشيطانُ خوف الكواكبِ
مَتى تَنتَصِر يوماً بهِ أنت تنتصر
بِأغلب قرنٍ في الثعالب غالبِ
وَإن تستمحه في السماحةِ تَستَمح
أبرّ جوادٍ للمَواهبِ غالبِ
يفكّر في أَمرِ العواقبِ ناظراً
بِعينِ الحِجا وَالقلب ما في العواقبِ
أمدّ ظلالَ العدلِ في ملكهِ على
مَشارق أَقصى ملكه والمغاربِ
وَلا يوم إِلّا وهو أهلٌ لعصره
شبيه بنعماه بيوم السبايبِ
وَأَفضلُ حافٍ في البلادِ وناعلٍ
وَأفخرُ ماشٍ في البلادِ وراكبِ
أَقمتَ حدودَ الحقِّ في الملك عادلاً
وَقارعتَ عنه بالقنا والقواضبِ
وَكَم مَعشرٍ للبغيِ رُدتَ دِيارَهم
لِبعد المَدى بِالصاهلات الشواذبِ
فَما شَعروا إلّا وَأَنت على القضا
أَحطتَ بهمِ بِالأسدِ مِن كلّ جانبِ
وَلا نعل منهم من ثَرى الأرضِ لاثماً
تُراباً سِوى هاماتهم والترائبِ
سَقَيتهم كأسَ الردى فأَرَحتَهم
وَلا راحَة في الموتِ يوماً لشاربِ
فَجدتَ على الدُّنيا بكون زوالهم
وَجدتَ عَلى طُلسِ الفلا بالمآدبِ
فَهذا جزاءُ البغيِ واللّه ناصرٌ
لكلِّ موالٍ في الإله مغاضبِ
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...