رسائل الأدباء رسالة الشاعر عبد الله بوخالفة إلى الشاعر سمير رايس

14 جانفي( ليلا) 1984

عزيزي سمير. تسلمت خطابك يوم14 جانفي
قبل أن أتسلم خطابك كنت أشعر بفراغ نفسي كبير، كنت حزينا وقلقا ومبعثرا لكن وصول رسالتك جعلتني أشعر بالفرح
فقرأتها أكثر من مرة، وتأكدت أن المبدعَ مبدعٌ في كل ما يكتب.
- حدثتني عن تجربة غرامية تعيشها وهذا ما يدفعني أن أقدم لك تهانيا متمنيًا لك رحلة موفقة في العالم الآخر عالم العشق
الذي يبقى العالم الوحيد الذي لا تطأه أقدام الذين لا قلوب لهم.
سمير أن تعشق فأنت موجود.
أن تعشق فأنت معرض للدهشة، معرض للذهول معرض لما ليس يُفهم. معرض للصراع مع نفسك ومع البحر.معرض لتذكّر
حبيباتك في الجنوب رفيقي سميرأنا كذلك أحب وأعشق
أنا دائما في حالة طفولة... العشق لديا يعني أنني لازلت أرى ... وفي مقدوري أن ابكي على أحضان أمي وبغزارة!!
يعني أنني أتمثل قبر أبي... وقبور الجنوبيين...
- لا تضحك إذا قلت لك أن كل جنوبي يحمل في بطاقة تعريفه كلمة تأبينه.
رفيقي سمير ولكن التي أعشقها برجوازية ووقورة وأنا أصارع في عينيها شواطىء - جان دارك- و- ليزا فتيس- صدقني إنها تجعلني شماليا!! أكثر من اللازم ربما لأنها لا تبدو جنوبية الملامح ولكنني بكل تأكيد لا يمكن أن أتصالح مع الشمال بها أو بغيرها
إن أنا تصالحتُ معها..... ( أنت تقول أنك قد تتصالح معه بها)
فكل تصالح تراجع بل أن كل تصالح معها- في نظري- يزيد من الفجوة بل يعمقها
- إنني لا أحبها إلا بالقدر الذي تجعلني فيه حزينا وطفلا وحتى مهوووسا!!
عندما أفكر فيها ترتسم صورة ملايين فقراء بلادي،، ومتشرديه ومثقفيه،، وعندها اودع فيها حبيبتي أخلد الشعر
وأرحل نحو الداخل وأشعر بالمرارة.إنها الجسر الذي يربطني بالجماهير وبالصحراء وحتى بالبحر
قلتُ أهواكِ
فقالوا للتواريخ التي قد غيروها
- تعب الشمع وهذا الطفل ذكرى
قلت أهواك
فجاءوني بها الصحراء جاءوني
فطوبى للجماهير الفقيرة.
*** **** ****
- اللاموقف- الذي حدثتني عنه جاء نتيجة ترسبات فكرية وضغوط تبلورت نتيجة سياسة- هذا ليس منا- التي مارستها معي بعض- النماذج- البرجوازية الفكر والواقع والطبقة واذكر أنه بعد قراءتي لقصيدة- ليزا- في ملتقى أدب المقاومة الذي أنعقد بباتنة في أواخر سبتمبر 1983 تجمهر حولي - الذين....-
وأعطوني درسًا في وظيفة الشاعر ! ... وفي الحدود التي لايمكن أن يتجاوزها...!!
رغم هذا فقد علمتهم الزاوية التي انظر بها للشعر... إلا أنهم تقززوا... ...
وكان من نتيجة هذا أن أصبحت وحيدا...ودافعت عن أحد ممثلي المدرسة الإقطاعية في الشعر !!
وكم كانت صدمتي كبيرة عندما تحدثت معه- أي الغماري- في قسنطينة فعرفت أنه ليس من الجماهير في شيء وأنه لا يشبه الفقراء!!! ... رغم هذا فقد أعجبتُ به - فموقفه صلب- وهذا ما شجعني على إتخاذ موقف أشد صلابة ممن هم على شاكلته... فهو لا يدافع عن أفكار معينة ولكنه يدافع عن نفسه وعن موقعه الطبقي- البرجوازي- لا أكثر.
ومن ثمة تأكدت أن الفكر هو الإنعكاس الحتمي والبديهي للواقع الإجتماعي والتاريخي والثقافي للفرد او للجماعة.
رفيقي سمير إن جمعك لقصائدك جعلني مسرورا جدا فقد حان الوقت لنقرأ لك- مجموعة- فأنت من القلائل الذين يكتبون القصيدة عن وعي كامل لخلفيات العملية الإبداعية...
كما أنني شخصيا أرتاح لك أكثر مما أرتاح لأي شاعر جزائري معاصر.
وفي حدود ما قرأت لك- فالقضية- واضحة في شعرك- والموقف جلي- والإنتماء- لانقاش فيه- وموقعك - من الجراح
أنا أعرفه جيدا لأن بعض جزيئاته تمسني شخصيا وتدفعني إلى كتابة قصائدك على جبهتي.
صدقني أنت شاعر ونحن في الجنوب ننتظر البقية!
*** ****
كنت قدطلبت مني أن أرسل لك مجموعة من قصائدي..
هذه آخر قصيدة كتبت " قراءات صوفية في الزمن الجنوبي"
11- 1- 1984 ارسلها لك على أمل ان أبعث لك بما لم أنشره لحد الإن ومنها- ليزا- سبتمبر 1983 ( سلمتها لعز الدين ميهوبي وقال أنه سيقدمها لمجلة آمال كما أخذها مني الطاهر ومان وقال أنه سيثبتها في ج (3) من كتاب الشعر الجزائري المعاصر!!؟؟)
- هكذا تكلم عبدالله- أكتوبر 1983-
- إمضاءات طفولية على حذاءابن رحمون- ( 24- 25) أكتوبر
1983وهذامقطع منها وهو الأخير.
أتاكم حديث الغلام فسيروا
أنا ضدكم
ضد هذا الدجى
ضد تلك العصا
ضد كل الشظايا
ولا تفهموني!!
لأني أقول الذي لا أرى
إنما أوقفوا القافلة
حطمو المقصلة
ثم قولوا دماء- ابن رحمون-
ليست تعازي وليست بقايا
ولكنها وطنا

عبدالله بوخالفة. بسكرة

_________________


قراءة صوفية في الزمن الجنوبي
ع.ب

ليتك كنتِ إبتدائي
ليتكِ كنتِ إنتهائي
في الجنوب المرِّ ما ضيعت وجهي
كنت طفلا
صرت طفلا
وتعلمت الغرابة
هذه أول مرة
أبصر البدو يحبون النبوءاتَ
يحبون الخطيئة
واضح صوتي
ففكي صورة النهرِ
وعيدي لي حضوري
هذه أول مرة
أتعاطى في المقاهي
في الجنوب المرِّ قلب الأبجدية
هؤلاء البدو مثلي
هذه الصحراء مثلي
أتراني أعشق الثلج بباريس الحضارة!؟
أم تراني أكشف الآفاق وحدي!؟
إعتقي الآن غموضي
واستعدي للولادات الجديدة
هو ذا موتي يعود الآن من منفاه حرا
يحمل الفجر ويبكي
ولعينيك يهاجر
واضح صوتي
خذيني - خبئيني من رموزي
في كهوف الجرح عل الجرح يبقى
خبئيني
أكره الرمز ولكن أرغموني
منعوا التجوال عني
أسقطوا مني الطفولة
علقوا جوعي على باب المدينة
فتعلمتُ تعلمتُ الغرابة
قلت: أهواكِ
فقالوا للتواريخ التي قد غيروها
- تعب الشمع وهذا الطفل ذكرى
قلت: أهواكِ
فجاءوني بها الصحراء جاءوني
ليتك كنت إبتدائي
ليتك كنت إنتهائي
سقط الحرف وصارت لغة الجوع قصيدة
لم أعلقْ صمتكِ العاري هوية
إنما غيرت حزني
وتذكرت بكائي
يوم أهْدًوْني المدينة
في الجنوب المرَّ ما ضيعتُ وجهي
فاحمليني
علّكِ يوما تصيرين
تصيرين رفيقة

(11) جانفي 1984

كنت أرسلتها للأفق الثقافي- النصر- قبل وصول خطابك


عيناك
__________

إلى سمير رايس

أتساءل دوما في سري
أتساءل خلف الأحزانٍ
أَ أُ حبكِ لكن لي قلبٌ
لو كان كان لقلبي قلبان
لو كان لحرفي أجنحة
لو كنتِ أنتِ إثنان
واحدة تمضي للمنزل
والأخرى تبقى بأجفاني
يا أروع دنيا أعرفها
ما أجمل هذا الوجدانِ
عيناك شراع أرسمه
عيناكِ ورود الأغصانِ
عيناك سأبحر مرتعدًا
عيناكٍ ستبقى عنواني

ع.ب













تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...