بعدما تخلّى "س" عن شرب الخمر، لجأ إلى شراب التوسيرام. فقد شهدت الفترة الاخيرة توعية يومية من قبل بعض الملل أو النحل المتشددة، في التحذير منه وانزال اقسى العقوبات بمن يتعاطاه.
كان يحسب أن ما فعله قفزة نوعية، وعمل شجاع لم يأت على بال أحد مثله من شاربي الخمر. وما زاده حفاوة بالفكرة، أن شراب التوسيرام غير مشمول بتلك التوعية، فما هو إلا واحدًا من العلاجات المضادة للسعال.
في صحوته الاخيرة، كان (س) على دراية تامة بالبديل الذي يتعاطاه، بما فيه: كميته، كلفته، ووصفته السحرية. وانه يدرك ما كان يوفر له جهاز التقطير الذي صنعه بيديه في منزله، في مكان اختاره بعيداً عن الأنظار ، غرفة معزولة بالطابق العلوي. كان يعد الأيام، وينتظر ببالغ الصبر اكتمال تخمّر المكونات وبوادر ظهور أول وجبة لمنتجه المحلي..يتذكر كيف كان يتابع بغبطة القطرات المتساقطة وهي تلاحق بعضها وتتجمع في الإناء بالاسفل. كان الإدمان يضرب كل مناحي جسده، حتى أنه غالبًا ما يستقبل تلك القطرات براحة يده و يرتشفها قبل أن تصل الى الإناء. لكنه حين تجرأ وحطّم الجهاز ، حطّمه دون أن يشعر بالندم.
ليومين متتاليين، شغلهُ موضوع توفير العلب بشكل دائم. خاصة انه يتأمل ان يصل الى حالة إنعاش لا بأس بها، ريثما يستقر جسده ويعود الى طبيعته. وكان سعيدًا لمجرد التفكير في هذا البديل، حتى لو حقق نصف ما يجنيه في جلساته المعتادة حين يحتسي الخمر في نادٍ أو حديقة عامة.
يتساءل: لماذا أهدر كل هذا المال والوقت في سهرات انهض بعدها منهكًا وقد طارت مني لذة الانتعاش كما تطير الأوراق النقدية من جيوبي؟
وجد أن ما توصل إليه صحيحاً ومقنعًا. فهو ليس بحاجة إلى فقدان الكثير من الأموال والسمعة.. وإن خمس علب كافية لإنعاش حظّه العاثر..خمس علب يشربها مرة واحدة .. خمس علب دواء شبه رسمي غير محظور، يعيد إليه اناقته وخفّة دمه .
بسبب ذلك، أخذ يتردد على الصيدليات، مرفوع الهامة، لا يعبأ بأي أحد يراه أو يقابله. على العكس من ذلك، حين كان يذهب لمحال بيع المشروبات الكحولية ، وهو متخفٍ تحت جنح الظلام.
لطمعه وحماسه، فكر بمحاولة تزوير الوصفات الطبية، وكان في كل مرة يقنع نفسه:
"أنا لم أسرق، لم أكذب ولم …لم أخرق الوصايا العشر"
وجد هذا التبرير معقولاً رغم أنه يدرك في الوقت نفسه بأنه لا يختلف عن داعية ما حين ينسى الرب ويسخّر الأحكام لصالحه. ومن دون أن يشعر، انخرط في عملية التزوير كوسيلة سهلة للحصول على العلب من دون اللجوء لمراجعة طبيب. وقد نجح فعلاً في ذلك.
الآن صار يستطيع أن يؤسس لعلاقة مع أحدهم، تلغي كل علاقاته السابقة. ليحظَ، على اقل تقدير، بمن يزوّده دون جهد بما يحتاج من علبٍ. لكنه لم يوفق بذلك وقوبل بالرفض. الا ان هذا الرفض لم يصمد أمام اغراءاته، وتحققَ له -في النهاية- ما يريد وما يسدّ احتياجه.
لكن تعاطي العلب -بمرور الزمن- جرجره دون أن يدري للإدمان عليها.. حتى أصبح مزاجه سيئًا للغاية. و انتابته فجأة هلاوس واضطرابات. نصحه بعض المقربين إليه أن يترك تلك العلب الجنونية. علب المركبات والمكونات الكيميائية ..
كان يحسب أن ما فعله قفزة نوعية، وعمل شجاع لم يأت على بال أحد مثله من شاربي الخمر. وما زاده حفاوة بالفكرة، أن شراب التوسيرام غير مشمول بتلك التوعية، فما هو إلا واحدًا من العلاجات المضادة للسعال.
في صحوته الاخيرة، كان (س) على دراية تامة بالبديل الذي يتعاطاه، بما فيه: كميته، كلفته، ووصفته السحرية. وانه يدرك ما كان يوفر له جهاز التقطير الذي صنعه بيديه في منزله، في مكان اختاره بعيداً عن الأنظار ، غرفة معزولة بالطابق العلوي. كان يعد الأيام، وينتظر ببالغ الصبر اكتمال تخمّر المكونات وبوادر ظهور أول وجبة لمنتجه المحلي..يتذكر كيف كان يتابع بغبطة القطرات المتساقطة وهي تلاحق بعضها وتتجمع في الإناء بالاسفل. كان الإدمان يضرب كل مناحي جسده، حتى أنه غالبًا ما يستقبل تلك القطرات براحة يده و يرتشفها قبل أن تصل الى الإناء. لكنه حين تجرأ وحطّم الجهاز ، حطّمه دون أن يشعر بالندم.
ليومين متتاليين، شغلهُ موضوع توفير العلب بشكل دائم. خاصة انه يتأمل ان يصل الى حالة إنعاش لا بأس بها، ريثما يستقر جسده ويعود الى طبيعته. وكان سعيدًا لمجرد التفكير في هذا البديل، حتى لو حقق نصف ما يجنيه في جلساته المعتادة حين يحتسي الخمر في نادٍ أو حديقة عامة.
يتساءل: لماذا أهدر كل هذا المال والوقت في سهرات انهض بعدها منهكًا وقد طارت مني لذة الانتعاش كما تطير الأوراق النقدية من جيوبي؟
وجد أن ما توصل إليه صحيحاً ومقنعًا. فهو ليس بحاجة إلى فقدان الكثير من الأموال والسمعة.. وإن خمس علب كافية لإنعاش حظّه العاثر..خمس علب يشربها مرة واحدة .. خمس علب دواء شبه رسمي غير محظور، يعيد إليه اناقته وخفّة دمه .
بسبب ذلك، أخذ يتردد على الصيدليات، مرفوع الهامة، لا يعبأ بأي أحد يراه أو يقابله. على العكس من ذلك، حين كان يذهب لمحال بيع المشروبات الكحولية ، وهو متخفٍ تحت جنح الظلام.
لطمعه وحماسه، فكر بمحاولة تزوير الوصفات الطبية، وكان في كل مرة يقنع نفسه:
"أنا لم أسرق، لم أكذب ولم …لم أخرق الوصايا العشر"
وجد هذا التبرير معقولاً رغم أنه يدرك في الوقت نفسه بأنه لا يختلف عن داعية ما حين ينسى الرب ويسخّر الأحكام لصالحه. ومن دون أن يشعر، انخرط في عملية التزوير كوسيلة سهلة للحصول على العلب من دون اللجوء لمراجعة طبيب. وقد نجح فعلاً في ذلك.
الآن صار يستطيع أن يؤسس لعلاقة مع أحدهم، تلغي كل علاقاته السابقة. ليحظَ، على اقل تقدير، بمن يزوّده دون جهد بما يحتاج من علبٍ. لكنه لم يوفق بذلك وقوبل بالرفض. الا ان هذا الرفض لم يصمد أمام اغراءاته، وتحققَ له -في النهاية- ما يريد وما يسدّ احتياجه.
لكن تعاطي العلب -بمرور الزمن- جرجره دون أن يدري للإدمان عليها.. حتى أصبح مزاجه سيئًا للغاية. و انتابته فجأة هلاوس واضطرابات. نصحه بعض المقربين إليه أن يترك تلك العلب الجنونية. علب المركبات والمكونات الكيميائية ..