د. محمد جنينة - نظرة

في ليلة من ليالي الخريف كنت أمشي بالشارع عائدا لمنزلي بعد يوم عمل طويل، أحمل في يدي حقيبة و في اليد الأخرى كيسا صغيرا به حلوى لابنتي فريدة، التي و لا بد كانت تنتظرني مشتاقة لهذا الكيس قدر ما كنت أشتاق أنا لنظرة الفرحة في عينيها وهي تقف خلف الباب و تخطف مني الحلوي و تجري لأمها تخبرها بعودتي.
كان الجو باردا و الحركة قليله و أنا سائر وجدت على الجانب المقابل طفلة تمشي وحدها تحمل كيسا به كيزان ذرة مشوية توقفت و نظرت لي في خجل و تردد و قالت: عمو يا عمو.!
-ماذا تريدين ؟
سألت سؤالا و لكني لم أسمعها جيدا كان صوتها خافتا
سألتها مرة أخرى
فقالت عايز درة؟
قلت شكرا يا حبيبتي. و أنا أهم بالإنصراف.
فقالت: عاوزة أقولك حاجة..
توقعت أن تطلب مالا فوجدتني أرد عليها بسرعة قائلا شكرا يا حبيبتي.
و انصرفت من أمامها مكملا طريقي،
سرت عدة خطوات ثم نظرت ورائي لأجدها تمشي مطرقة و الكيس في يدها و تنعطف عند أول ناصية على يمينها.
مشيت و أنا أقول لنفسي إن الطفلة ليست من الذين يحترفون التسول هم لا يتكلمون بهذا الخجل
لماذا تركتها و لم أسمعها؟
ماذا كانت ستطلب مقابل ذلك الذرة؟
هل كانت تحتاج لمال أم أعجبتها الحلوى؟
إن ما معي يكفيني و يفيض .
انها في عمر ابنتي كيف عاملتها بهذه القسوة؟
سأعود إليها و أعطيها ما تريد و أطيب خاطرها
التفت و عدت مسرعا و دخلت المنعطف ورائها باحثا عنها و لكني لا أراها !
لقد أضعتها.
عدت الى بيتي و فتحت الباب و خلفه تقف فريدة أعطيتها كيس الحلوى و لكني لم أستطع أن أنظر إلى وجهها لأرى نظرة الفرحة في عينيها.
(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...