وأنا أوالي كتابة هذه السلسلة من المقتضبات عن شباب غفساي الذين رحلوا باكرا، أنتبه إلى أن الأكثر عطاء وتفاعلا، كان يعاني من مشاكل صحية في القلب. فبعد المرحومين مصطفى الخمسي وعبدالرحمان السنون، نجد الحالة نفسها تتكرر مع المرحومة قاضي لطيفة.
قاضي لطيفة تنتمي للمناخ نفسه تقريبا الذي عاشته الدكتورة قطر الندى الدرقاوي. وهي فترة كان المجتمع فيها يتلمس هوية. و لذلك غابت فيها الأجوبة بقدر ما حضرت الأسئلة. و استحضر هنا شهادة للدكتورة قطر الندى التي افادت بإن الدعوات كانت تبث من ابواق المساجد، وتدعو الى سحب الإناث من المدارس. ولعل الدعاة هنا كانوا ينطلقون من اعتبارات لعل اهمها ان تمدرس الفتاة هي ثقافة وتقاليد استعمارية، وأن آن الأوان للحسم فيها.
لاشك ان هذا يفيد أن الأسر التي لم تتفاعل مع تلك النداءات ، هي أسر توفر لديها من الوعي و الإدراك ما اهلها لوضع حد بين ما هو عام، و ما هو خاص بها لا يدخل ضمن توجهات او فتاوي ووجهات نظر تخدم حسابات ظرفية. وهذا يبرز نوعية المحيط الذي نشأت فيه لطيفة. فالأب المرحوم عبدالله قاضي كان من اكثر الرجال هدوء وحكمة. و الام المرحومة رقية لا يمكنني نسيان مقدار دهشتي حين جالستها أول مرة. اذ لم اتوقف عن التساؤل ما ان كان في جيل والدتي نساء بذلك الرقي والوعي. و تلك القدرة على التواصل والحوار بذلك الاسلوب الذي يستطيع ان يروض اكثر الناس مشاكسة واندفاعا.
اعود للموضوع و اذكر ان المرحومة لطيفة كانت من مواليد 1955. تابعت دراستها بمدرسة غفساي المركزية. و لا ادري ما ان كانت قد مرت بثانوية قرية ابا محمد. لكنها حصلت على شهادة الباكالوريا بفاس 1975. وكان هذا يعد انجازا كبيرا لدى الذكور فبالاحرى لفتاة قادمة من عمق الهامش.
انتبست بعد ذلك لكلية الطب في الرباط. ولعل هذا كان يعد انذاك اشبه بتطاول على مجال كان محفوظا باسم ابناء الاعيان و النخب. وفي هذه الفترة بدا ان الاجهاد قد اخذ مأخذه من لطيفة. و صارت الأزمات تلازمها. و في إحدى الدروس التطبيقية عن مشاكل القلب، تطلب الأمر متطوعا يقوم الطلبة بفحصه، وكانت هي المتطوعة، ليكتشف الطلبة انهم كانوا امام حالة حقيقية لموضوع الدرس.
على غكس المسار المزهر الذي كان الجميع يتبأ به لها، عادت لطيفة الى غفساي في نعش. منهية بذلك قصة جميلة لأمل ركضت خلف تحقيقه بإصرار، لتجد نفسها كطفلة كانت تطارد فراشة جميلة، و من غير ان تدري، لاجت قدماها في لحة الفراغ. و استطيع ان استعيد بمنتهى الوضوح الجو الجنائزي الذي غلف حياة القرية لأمد طويل، للحد الذي يمكن القول معه ان رحيليها كان فاجعة جماعية صدمت كل سكان القرية كبارا وصغارا.
قاضي لطيفة تنتمي للمناخ نفسه تقريبا الذي عاشته الدكتورة قطر الندى الدرقاوي. وهي فترة كان المجتمع فيها يتلمس هوية. و لذلك غابت فيها الأجوبة بقدر ما حضرت الأسئلة. و استحضر هنا شهادة للدكتورة قطر الندى التي افادت بإن الدعوات كانت تبث من ابواق المساجد، وتدعو الى سحب الإناث من المدارس. ولعل الدعاة هنا كانوا ينطلقون من اعتبارات لعل اهمها ان تمدرس الفتاة هي ثقافة وتقاليد استعمارية، وأن آن الأوان للحسم فيها.
لاشك ان هذا يفيد أن الأسر التي لم تتفاعل مع تلك النداءات ، هي أسر توفر لديها من الوعي و الإدراك ما اهلها لوضع حد بين ما هو عام، و ما هو خاص بها لا يدخل ضمن توجهات او فتاوي ووجهات نظر تخدم حسابات ظرفية. وهذا يبرز نوعية المحيط الذي نشأت فيه لطيفة. فالأب المرحوم عبدالله قاضي كان من اكثر الرجال هدوء وحكمة. و الام المرحومة رقية لا يمكنني نسيان مقدار دهشتي حين جالستها أول مرة. اذ لم اتوقف عن التساؤل ما ان كان في جيل والدتي نساء بذلك الرقي والوعي. و تلك القدرة على التواصل والحوار بذلك الاسلوب الذي يستطيع ان يروض اكثر الناس مشاكسة واندفاعا.
اعود للموضوع و اذكر ان المرحومة لطيفة كانت من مواليد 1955. تابعت دراستها بمدرسة غفساي المركزية. و لا ادري ما ان كانت قد مرت بثانوية قرية ابا محمد. لكنها حصلت على شهادة الباكالوريا بفاس 1975. وكان هذا يعد انجازا كبيرا لدى الذكور فبالاحرى لفتاة قادمة من عمق الهامش.
انتبست بعد ذلك لكلية الطب في الرباط. ولعل هذا كان يعد انذاك اشبه بتطاول على مجال كان محفوظا باسم ابناء الاعيان و النخب. وفي هذه الفترة بدا ان الاجهاد قد اخذ مأخذه من لطيفة. و صارت الأزمات تلازمها. و في إحدى الدروس التطبيقية عن مشاكل القلب، تطلب الأمر متطوعا يقوم الطلبة بفحصه، وكانت هي المتطوعة، ليكتشف الطلبة انهم كانوا امام حالة حقيقية لموضوع الدرس.
على غكس المسار المزهر الذي كان الجميع يتبأ به لها، عادت لطيفة الى غفساي في نعش. منهية بذلك قصة جميلة لأمل ركضت خلف تحقيقه بإصرار، لتجد نفسها كطفلة كانت تطارد فراشة جميلة، و من غير ان تدري، لاجت قدماها في لحة الفراغ. و استطيع ان استعيد بمنتهى الوضوح الجو الجنائزي الذي غلف حياة القرية لأمد طويل، للحد الذي يمكن القول معه ان رحيليها كان فاجعة جماعية صدمت كل سكان القرية كبارا وصغارا.