سحبان السواح - سهرات حميمية مع الله في زمن الثورة

السهرة الأولى
في قاسيون كنا نجلس
الله وأنا.. وأنت الغائبة الحاضرة
كنا ندخن، ونتلمظ
ونحن نسوق محاسنك
ومواطن الجمال فيك
فالله الذي صاغك بمتعة الخالق المبدع
لم ينس تفصيلا
صغيرا حتى
خلق منك الأنثى الكاملة
وتنازل لي عنك
حين رأى بريق عيني.. وأنا أحدثه
عنك.. وعن مواطن متعتك

***

لماذا اخترت قاسيون لموعدنا يا الله
سألت، وقد خطر لي السؤال فجأة
قرقرت نارجيلته، قرقرة طويلة، طويلة أكثر من أن يقدر عليها بشري مثلنا، وكان الله شاردا يفكر ثم قال بصوت يكاد يسمع:
أحب الشام..
نظرت نحوه كان بعيدا عني، ساهما، مفكرا.. تابع:
أحب مشهد الشام من هنا، كثيرا ما أترك كرسيي في السماء لآتي إلى الشام، إلى هنا، في هذا الموقع بالذات أتفرج عليها، أراها كحواء مرتمية في حضن هذا الجبل ولكنها ماتزال عذراء.
نظرت إليه في عيني استفسارات عدة،
تابع دون أن ينظر إلي:
ولكنها اليوم لم تعد كذلك، لم أعد أسمع سوى أزيز الرصاص، وأصوات المدافع.. دمرها الأبالسة.
وضع المبسم في فمه وسمعت قرقرة نارجيلة الله، كان ثمة دموع في عينيه، مسحها بطرف كم عباءته الفضفاضة البيضاء، ولكن بعضا منها ظل عالقا على لحيته الطويلة.. الطويلة، نظر إليَّ:
ـ بالحب تحيون، وبالكراهية تموتون..
ـ نحن نحب بلدنا يا رب
تمتم، أعلم.. أعلم.. هكذا خلقت العالم حب يواجه كراهية.. وأجمل أشكال الحب هو ذلك الذي يتعمق من خلال الكراهية المحيطة.
صمت بعدها.
السهرة الثانية
كنت أرى دموعا خفية في عينيه، لم أتجرأ على مقاطعة رهبة صمته، منتظرا أن يبادرني الحديث كنت افكر كم كنا سعيدين بالأمس ونحن نتحدث عنكِ، لم سألت هذا السؤال الغبي، كنت أود أن أسترسل في الحديث عنك، وعن مفاتنك عن أسرارنا، وخبايانا الكثيرة، كنت سأحدثه عن أول عناق لنا وقد نسينا باب المنزل مفتوحا من لهفتنا، وحين انتبهنا من غفلتنا كان ثمة رجل وامرأة في الشقة المقابلة يتفرجان علينا.. ابتسمنا لهم.. ابتسما لنا، أغلقنا الباب، أغلقننا الباب، وعاودنا العناق.. ومشينا نحو سرير المتعة ننهل منها ما طاب لنا.. وكثيرة هي أطايبك يا امرأة. أيتها المفضلة عند الله.
كنت أنظر إليه خلسة حين فاجأني:
ـ كان يجب أن يحدث كل ما حدث
ـ كل هذا الدم المسفوك؟؟؟
تساءلت ونسيت نفسي فرفعت صوتي في وجه الله
ـ نعم كل هذا الدم المسفوك.. الدم وحده يطهر نفوسكم.. ويعدكم بشرا من جديد
ـ ولكننا لم نفقد بشريتنا
نظر إليَّ غضب في عينيه
ـ بل فعلتم، صبرتم كثيرا على الأذى الذي ألحقه بكم
ـ ألم يكن ذلك بعلم منك؟؟؟
ـ أنتم مخيرون؟؟ هكذا كانت إرادتي
نظرت إليه وقد قام يلف عباءته على جسده ويغادر.. زوبعة انجرت خلفه فاختفى.

***

مستمرة جلستنا في أعلى قمة قاسيون
وكأن قرارا اتخذ من كلينا بأن لا نتحدث سوى عنك، فأنت التي تبعدين مشاهد الدم المسفوح على تراب البلد.. دم الأطفال والنساء والثوار الشهداء
يلف الله سيجارة تبغ من علية مذهبة،
يبدو مستغرقا بالتفكير
وأنا في قمة النشوة استرسل في الحديث عنك،
هو يتمهل في لف التبغ العربي،
وأنا أسترسل في الحديث، أقول
القبلة من سرتها مثيرة للجدل
والمرور بالشفتين على رقبتها،
عالم من المتعة،
وقبلة شفتيها.. آههه يا الله
كم هي رائعة
يمد يده باللفافة، محدقا بي..
خذ ودخن، وأمتعني أكثر
لا أدري لماذا أحسست بالغيرة في عينيه؟


* نقلا عن موقع ألف لحرية الكشف في الانسان والكتابة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...