إبراهيم سلامه إبراهيم - مسجونة فى كيانه

جلست تبكى وتحكى ... عشنا فى الماسأة زمناً ليس بالقصير .. أُصيب بالإكتئاب إحساساً بانه مجرم .. نعم أُصدقهُ بكل جوارحى انه لم يخوننى بعد العهد ، بعد ان كان العوباناً و قبل ان تبداء قصة حبنا ، فدبلة زواجنا تشهد عليه... نعم أُصدقه حتى بعد أن أصبحت أنا أيضاً مريضة ، فلم تكن صدمتى بمرضى مثل ما كنت فيه من حزن على ما هو آتٍ ..

قاومت غريزة الأمومة لدىَّٰ رافضة بكل حزن ان يكون لنا ذريَّة ، مفضلةً خنجر الحرمان ، فلا أريد أن أجلب لهذا العالم المجنون إنساناً مريضاً ثم يُتهم بالخطيئة رغم طفولته وبراءته ، لا أريد ان أُهدى لنفسى إنساناً يعانى ما أُعانيه من ظلم ووجع ، أو يموت قبل أن يعرف لماذا مات وبأى خطاء استحق العقاب ..

وحبيبى لم يعد حبيبى ، لكننى أحبه ، فلم يعد لى حبيب غيره .. كلما رآنى يخفض رأسه خجلاً وندماً وحسرة ، كان يتجنب النظر فى عينى فقد أصبح كطفل يخاف من عقاب أمه لما اقترفه من أخطاء ، ولم تعد العيون تتلاقى اللا صُدفةً ، فيلوح الانكسار على محياه حزناً ..

إكتئابه أصابنى كمداً وحزنه زادنى كآبة ، أصبح سرّه هو ذاته سرّى ، أصبحنا كائنين كشيئين ، ولا يمكن للأشياء ان تتكلم أو تبوح ، و إن كان فى الإمكان التكلم او الحديث فبأى الاشياء نبوح ؟ كان إكتئابه وحزنه فقط من أجلى ، وهذا ما دفعنى لأن أقاوم حتى أساعده للخروج من ورطته ومن حزنه ، رغم أننى الضحية .. لا نستطيع البوح بمعاناتنا لأحد .. فالإيدز الذى نقله لى حبيبى من المحرمات، بل هو ذاته الحرام .. فنحن متهمان بدون شهادة الشهود وبدون أدلة او إعتراف فهذا المرض يتكلم بالنيابة عنّا ، يعترف بالوكالة إننا مذنبان دون ذنباً .. أصبحنا سجينين فى زنزانة كل منا .. لا حوائط حولى اللا كيان حبيبى مسجونة فيه .. غير مسموح خروج كلٍ منا من الآخر لبراح العالم ..

حبيبى إكتئب بحزنه إنزوى فى مكان ما داخل روحه المجروحة ، ورفض كل وسائل المساعدة ، ظل مكانه رافضاً للحياة ، ظل يتقلص وينكمش ويذوب حتى كاد أن يختفى ..

مات من كان حبيبى ... مات حبيباً هنا حولى كنت أحتويه ، بل يحتوينى كسجّاناً فى سجن قلبه المفعم بالحزن والحب ، فمات السجّان ، وتركنى وحيده دونه بين حوائط سجنه المهجور ، لا استطيع التنفس داخله ، و بات الخروج من تلك الشرنقة مستحيلاً .. أصبح حبيبى هناك فى اللاوعى بروحى أراه .. تركنى وراح ، او قل تركنى وهرب .. تركنى عندما دخلنا شارع يسكنه الظلام نسمع فيه اصوات تشبه الأنين و العويل و الزئير ، مختلطين ، اصوات كائنات عالم مجنون ، أصبنا بالرعب من أصوات لا نراها ، كنا نخاف ان نتكلم حتى لا يسمعوننا .. كنا نتساند .. ولكنه هرب وتركنى وحدى .. ليس لى سند ، لا أجد مخرج للشارع المظلم ولا أرى له نهاية ...

العالم حولنا لم يعرف بقصتنا نحن الأثنين .. حبيبى وأنا .. ربما عرفوا بقصة حبنا السعيد كيف بداءت ، ودبلة زواجنا تشهد علينا ، ولكنهم لا يعرفون كيف انتهت .. وهل هى انتهت ؟

ابراهيم سلامه ابراهيم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...