يقول الفيلسوف جورج إدوارد مور " الإنسان حياته عبارة عن كتاب، بعض أوراقه ممزقة "
عندما يقترب المفكر أو الأديب والسياسي من شاطئ حياته، يسعى جاهدا لكتابة سيرته الذاتية؛ سواء كانت مقالات أو مذكرات، والمشهور في الأدب روايات السير الذاتية أو كما يسمونه أدب السير.
كما تقول الحكمة "الشاب يعيش على الأمل والشيخ يعيش على الذكرى "
هذا التصنيف الأدبي الذي ظهر في بدايته عند الغرب ويتميز بالبوح والصراحة المفرطة لحد لا محمود.
كل هذا نابع من تصورات عقائدية "النصرانية" التي كان لها أثر كبير في بناء أهم شيء، والذي يميز أدب السير عن غيرها، وعند الغرب أن البوح بكل الحقائق هو سمة من سمات الغفران .
وأشرت بالتحديد إلى هذه النقطة لتزاحم عدد كبير من الروايات العربية في أدب السير حيث تتفاوت في قدرتها على الصدق أو ذكر الحقائق من رواية إلى أخرى
وعلى سبيل المثال رواية طه حسين " الأيام " وكتاب "فيض الخاطر"أحمد آمين والذي نال اعتراف مصطفى محمود العقاد .
فالسؤال الذي يطرح نفسه : إلى أي مدى يمكن للمجتمع أن يفهم هذا النوع من الكتابة و لا يعتبره رغبة في تسويق الذات أو نبش المحذور؟
بطبيعة الحال نحن نعيش في وسط اجتماعي محاط بجملة من المحذورات وهذا ينافي شروط الكتابة التي تتمثل في عدة خصائص : - الحرية
- الصدق
- وإظهار المحذور بصوره الحقيقية
قال الكاتب أحمد آمين في كتابه "فيض الخاطر"، ويصنف من أدب السير
" أنا لم أقل إلا الحقيقة لكن لم أقل كل الحقيق " وهذه إشارة واضحة لتجنب أو إخفاء، أو عدم التطرق إلى حقبة زمنية من حقب حياته .
وهنا نرجع أيضا إلى قول جورج إدوارد مور " الإنسان حياته عبارة عن كتاب، بعض أوراقه ممزقة " .
السؤال : "قد يعمد بعض الأدباء إلى الرواية كغطاء أو حيلة لتمرير تجارب شخصية في فن أدبي بديل.
فهل ذاتية هذا الفن قد تنحى ببعض كتاب السيرة وخاصةً في العالم العربي إلى الارتياب والتكتم مما يؤثر على مصداقية السرد؟"
من المستحيل فصل ذاتية الكاتب على النص ولذا يتطلب من القارئ أن يبدأ بالسيرة الذاتية لصاحب الكتاب عندما يتفرغ لقراءة أعمال كاتبها من أجل فهم ما يدور في فلكه ولو مقال بسيط عن حياة صاحبه.
فالكتاب الكبار الذين ظلت كتاباتهم غير مفهومة إلا عند ظهور سيرهم الذاتية وعلى سبيل المثال الكاتب القاص هوراسيو كيروغا (١٨٧٨ – ١٩٣٧)، شاعر من الأوروغواي، وكاتب قاص ومسرحي.
ولذلك حيلة الكاتب لتمرير بعضا من حياته هو إبداع بحد ذاته، لأن النص هو روح الكاتب ، فميلاد النص هو ميلاد الكاتب، والهندسة ليست علما دقيقا في بناء الرواية، لأنها في الأخير رؤية لعمل ناضج وسأعطي مثال للتقريب " الفكرة هي بمثابة العجينة ولإيصالها إلى مرحلتها النهائية سوف تصبح خبزا ... إذا الذي يهمني هو النضوج ( الخبز / الفكرة ) وليست الكيفية.
وفي الأخير كتابة السيرة الذاتية هو سرد كاشف لجملة من الحياة، وإلا لم يكن كذلك
وهنا نضع أنفسنا أمام خيار يطرح السؤال : " هل هناك ملامح فنية محددة لهذا الجنس الأدبي كغيره من الأجناس وفرضية عمر ووقت محددة أم يسعى كل أديب أن يضع بصمته الخاصة فيما يكتب ومتى ما أراد ؟"
عندما نتكلم لابد من تسمية الأشياء بمسمياتها، هذه التسمية لأدب السير أو التصنيف...لم يظهر إلى الساحة من عدم بل هناك خصائص وشروط ميزته عن باقي الأعمال الأخرى، فكلهم يجمعون على جملة حياة بسرد كاشف وصادق لمسار المفكر أو الكاتب و المعاناة التي مر بها في الواقع لا يشوبها الخيال أو صناعة الشخصيات ، فقدرتها الجمالية هي الحقيقة ومن الواقع إلى ساحل حياته.
أما سير الغير وهي كتابات وترجمات منسوبة لغير صاحبها وتسمى سير الغيرية وقد تظل على السطح أو تنزل إلى القاع بعد أي ظهور غير متوقع، إما من الذي ألفقت إليه السيرة ويسمى بصاحب السيرة ، أو أحد أفراد عائلته.
كما ظهر مؤخرا في سيرة المفكر محمد أركون، وسيرته التي كُتبت من طرف ابنته سيلفي أركون.
وفي هذا الموضوع، أي أدب السير أود أخذ رواية الخبز الحافي للكاتب محمد شكري كأحسن أنموذج والعجيب في الأمر!.. لم تكن آخر أعماله أو على ساحل حياته ...أليست هذه مفارقة في حد ذاتها ؟!
بعد ظهورها ترجمت إلى ثمانية وثلاثين لغة، وتصويرها إلى فيلم والعجيب نالت حقها من الاعتراف ومن طرف الغرب ، وتعتبر الرواية الفريدة على الإطلاق في أدب السير الذاتية .
"وفي مقاربة صدوق نور الدين لرواية الخبز الحافي لمحمد شكري ،يشير الناقد إلى أن إبـداع الأديـب يشـكل ظاهرة أدبية متميزة ،كونه( فتح نافذة المسكوت عنه ،فيما يتعلق بقضايا المحرم: الجنس ،سلطة الأب ،الـدين وغيرهـا ".
لقد حملت كتاباته الكثير من الصراحة والجرأة على البوح إلى حد البذاءة، وهذا النوع من الكتابة لم تشهده الكتابـات الروائية العربية من قبل.
يرى الناقد صدوق نور الدين أن محمد شكري لم ينصف كأديب كونه عرف بثلاثيته السير ذاتية :"الخبز الحـافي "،"زمن الأخطاء" ،و "وجوه" وفي المقابل أسهم ذلك في تجاهل الأدباء والنقاد (قوته الأدبية الإبداعية التي تلفت النظر عنصرا أساسيا في تقويم الإبداعات الأدبية "
وفي الأخير ليس من السهل كتابة أدب السير لأن فيه تأثير عميق لدى القراء، ومن منا لم يؤثر فيه قراءة كتاب لحد أنه أعاد قراءته أكثر من مرة.
فكتابة أدب السير هي ابتسامة التاريخ لأنها كاشفة، تؤطر لجيل يبشر بتكسير كل الطابوهات . النهاية
عندما يقترب المفكر أو الأديب والسياسي من شاطئ حياته، يسعى جاهدا لكتابة سيرته الذاتية؛ سواء كانت مقالات أو مذكرات، والمشهور في الأدب روايات السير الذاتية أو كما يسمونه أدب السير.
كما تقول الحكمة "الشاب يعيش على الأمل والشيخ يعيش على الذكرى "
هذا التصنيف الأدبي الذي ظهر في بدايته عند الغرب ويتميز بالبوح والصراحة المفرطة لحد لا محمود.
كل هذا نابع من تصورات عقائدية "النصرانية" التي كان لها أثر كبير في بناء أهم شيء، والذي يميز أدب السير عن غيرها، وعند الغرب أن البوح بكل الحقائق هو سمة من سمات الغفران .
وأشرت بالتحديد إلى هذه النقطة لتزاحم عدد كبير من الروايات العربية في أدب السير حيث تتفاوت في قدرتها على الصدق أو ذكر الحقائق من رواية إلى أخرى
وعلى سبيل المثال رواية طه حسين " الأيام " وكتاب "فيض الخاطر"أحمد آمين والذي نال اعتراف مصطفى محمود العقاد .
فالسؤال الذي يطرح نفسه : إلى أي مدى يمكن للمجتمع أن يفهم هذا النوع من الكتابة و لا يعتبره رغبة في تسويق الذات أو نبش المحذور؟
بطبيعة الحال نحن نعيش في وسط اجتماعي محاط بجملة من المحذورات وهذا ينافي شروط الكتابة التي تتمثل في عدة خصائص : - الحرية
- الصدق
- وإظهار المحذور بصوره الحقيقية
قال الكاتب أحمد آمين في كتابه "فيض الخاطر"، ويصنف من أدب السير
" أنا لم أقل إلا الحقيقة لكن لم أقل كل الحقيق " وهذه إشارة واضحة لتجنب أو إخفاء، أو عدم التطرق إلى حقبة زمنية من حقب حياته .
وهنا نرجع أيضا إلى قول جورج إدوارد مور " الإنسان حياته عبارة عن كتاب، بعض أوراقه ممزقة " .
السؤال : "قد يعمد بعض الأدباء إلى الرواية كغطاء أو حيلة لتمرير تجارب شخصية في فن أدبي بديل.
فهل ذاتية هذا الفن قد تنحى ببعض كتاب السيرة وخاصةً في العالم العربي إلى الارتياب والتكتم مما يؤثر على مصداقية السرد؟"
من المستحيل فصل ذاتية الكاتب على النص ولذا يتطلب من القارئ أن يبدأ بالسيرة الذاتية لصاحب الكتاب عندما يتفرغ لقراءة أعمال كاتبها من أجل فهم ما يدور في فلكه ولو مقال بسيط عن حياة صاحبه.
فالكتاب الكبار الذين ظلت كتاباتهم غير مفهومة إلا عند ظهور سيرهم الذاتية وعلى سبيل المثال الكاتب القاص هوراسيو كيروغا (١٨٧٨ – ١٩٣٧)، شاعر من الأوروغواي، وكاتب قاص ومسرحي.
ولذلك حيلة الكاتب لتمرير بعضا من حياته هو إبداع بحد ذاته، لأن النص هو روح الكاتب ، فميلاد النص هو ميلاد الكاتب، والهندسة ليست علما دقيقا في بناء الرواية، لأنها في الأخير رؤية لعمل ناضج وسأعطي مثال للتقريب " الفكرة هي بمثابة العجينة ولإيصالها إلى مرحلتها النهائية سوف تصبح خبزا ... إذا الذي يهمني هو النضوج ( الخبز / الفكرة ) وليست الكيفية.
وفي الأخير كتابة السيرة الذاتية هو سرد كاشف لجملة من الحياة، وإلا لم يكن كذلك
وهنا نضع أنفسنا أمام خيار يطرح السؤال : " هل هناك ملامح فنية محددة لهذا الجنس الأدبي كغيره من الأجناس وفرضية عمر ووقت محددة أم يسعى كل أديب أن يضع بصمته الخاصة فيما يكتب ومتى ما أراد ؟"
عندما نتكلم لابد من تسمية الأشياء بمسمياتها، هذه التسمية لأدب السير أو التصنيف...لم يظهر إلى الساحة من عدم بل هناك خصائص وشروط ميزته عن باقي الأعمال الأخرى، فكلهم يجمعون على جملة حياة بسرد كاشف وصادق لمسار المفكر أو الكاتب و المعاناة التي مر بها في الواقع لا يشوبها الخيال أو صناعة الشخصيات ، فقدرتها الجمالية هي الحقيقة ومن الواقع إلى ساحل حياته.
أما سير الغير وهي كتابات وترجمات منسوبة لغير صاحبها وتسمى سير الغيرية وقد تظل على السطح أو تنزل إلى القاع بعد أي ظهور غير متوقع، إما من الذي ألفقت إليه السيرة ويسمى بصاحب السيرة ، أو أحد أفراد عائلته.
كما ظهر مؤخرا في سيرة المفكر محمد أركون، وسيرته التي كُتبت من طرف ابنته سيلفي أركون.
وفي هذا الموضوع، أي أدب السير أود أخذ رواية الخبز الحافي للكاتب محمد شكري كأحسن أنموذج والعجيب في الأمر!.. لم تكن آخر أعماله أو على ساحل حياته ...أليست هذه مفارقة في حد ذاتها ؟!
بعد ظهورها ترجمت إلى ثمانية وثلاثين لغة، وتصويرها إلى فيلم والعجيب نالت حقها من الاعتراف ومن طرف الغرب ، وتعتبر الرواية الفريدة على الإطلاق في أدب السير الذاتية .
"وفي مقاربة صدوق نور الدين لرواية الخبز الحافي لمحمد شكري ،يشير الناقد إلى أن إبـداع الأديـب يشـكل ظاهرة أدبية متميزة ،كونه( فتح نافذة المسكوت عنه ،فيما يتعلق بقضايا المحرم: الجنس ،سلطة الأب ،الـدين وغيرهـا ".
لقد حملت كتاباته الكثير من الصراحة والجرأة على البوح إلى حد البذاءة، وهذا النوع من الكتابة لم تشهده الكتابـات الروائية العربية من قبل.
يرى الناقد صدوق نور الدين أن محمد شكري لم ينصف كأديب كونه عرف بثلاثيته السير ذاتية :"الخبز الحـافي "،"زمن الأخطاء" ،و "وجوه" وفي المقابل أسهم ذلك في تجاهل الأدباء والنقاد (قوته الأدبية الإبداعية التي تلفت النظر عنصرا أساسيا في تقويم الإبداعات الأدبية "
وفي الأخير ليس من السهل كتابة أدب السير لأن فيه تأثير عميق لدى القراء، ومن منا لم يؤثر فيه قراءة كتاب لحد أنه أعاد قراءته أكثر من مرة.
فكتابة أدب السير هي ابتسامة التاريخ لأنها كاشفة، تؤطر لجيل يبشر بتكسير كل الطابوهات . النهاية