محمد آدم - أين هى الأرصفة لأعلق عليها موسيقاى

أين هى الأرصفة
لأعلق عليها موسيقاى
أوحتى قبعاتى!!
فى ممر الموسيقى الصاخبة هذه
أسمع نغمات البيانو الحارة
هناك
وعلى أعلى شجرة مانجو
وفوق منحدرٍ
تسكن قبرّة
وتنعس بمفردها تحت سقف دراجةٍ هوائية
من أنا ياروحى
أنا الساكن فى الأدوار العليا
للموسيقى
أنا العارف الوحيد بماهية الجسد
وانسيابية الروح في السلخانة الإلهية
والمجزر البشرى
لإله الرأسمالية الحادة
من سيوقف صفير كل تلك القطارت
اللا متحركة
من الأزل
إلى الأبد
وداخل نفسى المنقرضة على الأقل
وأين هى الحقيقة في هذا العصر الحجرى
والتى تبدأ من قاعه اللوغاريتمات
وتنتهى في البلاعات الرسميةِ
لرجال المالِ
والأعمالِ
ومن الذى قام بتعليق كل تلك الصور
على جدران الزمن الرثةِ هذه
والذى يبدأ من العدم
وينتهى إلى العدم
دائماً
وأين هى الأرصفة الشاسعة
والتى سوف أخلع عليها قمصانى
وأعلق عليها قبعاتى
المسمّرة إلى الفوضى
والتى تسمىِ أحياناً بالتاريخ الحىّ
وأحياناً
بمكائد الجغرافيا
لافرق
فى ممر الموسيقى الصاخبة هذه
تركت أوردتى البردانة
أمام صيدلية عمومية
وقلت الروحى المتسخةِ
تمددى ياروحى
تمددى
في الفراغ الغويط
ولتعزفى نغمتك الخالصة بامتيازٍ
ومثل دبٍ أعمى
أمام رجال الشرطة العمومية
ومباحث أمن الدولةِ
وفقهاء الجنة
والجحيم
واللواط الكونى
على سلم اللامعى
فما عاد هناك من صنارةٍ واحدةٍفى جيبى
لألقى بها إلى النهر
وما عاد هناك من صيادٍ واحدٍ
وداخل كل هذه البلاعة التى تسمى العالم
ليلقى بأغنياتهِ
ومواويله إلى البحر
ولم يعد القمر من رحلته
الصيفية بعد
والشمس
آهِ
من كل تلك الشمس الغادرة بامتبار
لقد غاصت هى الأخرى في جلابيب
الفوانيس المعلقة
على محلات الجزارةِ
وضحكات الأطفال
وبكاء العجائز في دور المسنين
والحدائق الدولية للألم
والمستعمرات
روحى قصيدة ممتدة
من الشرق إلى الغرب
ومن الشمال
إلى الجنوب
فوق جدرانها المتسخة يكتب الزمن
أخطاءه التاريخانية
ويعلق عليها صلبانة المزركشة
بالأكاذيب
والخزعبلاتِ
عن البعث والنشورِ
والمخلص الجديد
من يعيد تسريح شعر الليل المتكئ
على حائط النهار
وفوق أرضية غرفتى
أقصدر زنزانتى الكائنة هناك
وفوق أعلى نقطة
من جبل المقطم
وأمام كنيسة سمعان الخرّاز
توقفت بإزاء الجدران
والنوافذ
وسحليات الفراغ الهرمةِ
وقلت
أيتها الجدران
والنوافذ
أليس هناك من أملٍ فى الخلاص حتى ولوكان كاذباً
لنركن كل تلك السماء الشاسعة
فى أنبوبة غازٍ
أو حتى فردةِ حذاء قديمةٍ
لنقعد ونستريح تحت شجرةِ أضاليا
من كل تعب النهار
وسفسطة الفلاسفة
وكل علماء اللاهوت
والسياسة
من يدلنى على شجرة الخلد
أو السوق الداخلى
فأنا جائع جداً
وليس فى جعبتى سوى برتقالةٍ
معطوبةٍ
وبضع كلمات من اللاتينية المنقرضة
والفرعونية العتيقة
والتى لاتصلح حتى كخراءٍ للقطط
والكلاب
أيتها السماءٍ الراسخة بامتياز
كونى طيبة معى على الأقل
وداخل مرآةٍ واحدةٍ
أو داخل علبة صفيح
بمخزوناتها الكمياوية..!!
صنارتى هذه
سوف أتركها لكِ
وشبشبى هذا الذى تعبتْ منه السكك فى الليلِ
أو تعب من السكك
سوف أتركه هو الآخر لكِ
وحتى طاقية أبى
وجلباب أمى
القديم الذى أكلته العتة
أو الكوليرا
لافرق
حتى قصائدى
كل قصائدى التى كتبتها والتى سوف أكتبها
سوف أتركها لكِ هى الأخرى
على مائدة الزمن
وسور مجرى العيون
لكى يمارس عليها لعبته المفضلة
اليوجا
أويضعها فى سلةٍ جانبيةٍ
بجوار مقبرةٍ
قديمةٍ
من مقابر الصدقة
ودون أدنى مقابلٍ
آهِ ياروحى
من سيوقف عمل كل هذه الآلات
التى تمخر بداخلى
وداخل كراساتى الورقية
ويقول لقصائدى البردانة هذه
أيتها القصائد البردانة
لقد مرّ الزمن من هنا
من أمامك
وعلى حصان خشبى
أملس
ولم يترك لك هنا على المائدة
سوى وسخ المائدة!!
Mohamed
Mohamed Adam
أغنية للسلام
السلام على كل ساكنى الأرض
السلام على كل ساكنى السماءْ
السلام على الأبواب
والشبابيك
ومحلات التجارة الدولية
وسوق عكاظ
السلام على الأراجيحْ
والدبابات
ومحاكم التفتيش
وضحكات الأطفال
السلام على حبات الرمل المدكوكة على المحيطات
والأرغفة
على الماندولين العتيق ليسوع المسيح
فوق جبل الموتى
وعلى لوحة دافنشى الأخيرة تحت سنابك التاريخ
على صنادل الأطفال الغرقانة فى الوحل
وأفرانِ الغاز
السلام على كراسات المدارس الإبتدائية
وأكاديميات لصوص الله
السلام على حصص النحو والصرف
وجدول الضرب
وأقلام الرصاص
والبوص
السلام حتى على محفّظ القرآن الأعمى فى قلب زريبة الخنازير الوسخة هذه
وتحت سماء تمطر حجارةً أو كبريتاتٍ من نار ودخانْ
السلام على أشجار التوت
والجميز
ونباتات الخبيز
والحلفاءً
السلام على زلع الجبنة القديمة والتى تمتلئ بالدود والمش
وأفرانِ الجّلة
والقشِ
وأرغفة الخبز المحمص
السلام على الترع الجافة فى الصيف
وانتظار الفيضان فى رحلةِ الشتاء
السلام على السمك الميت تحت الجسور
وفى علب الصفيحِ
وصنارات
الفُقراءْ
السلام على قلايات الأمهات
ونهيق الحمير
وصخب البقر والجواميس
تحت سقف نوارجِ الظهيرةِ
والسواقى المعطلة فى الصيف والشتاء
السلام على سوتياناتِ العجائز المحشوة بالرّدة
وأكفان الموتى
السلام على تراتيل الفوانيس المطفيةِ على أسطح البيوت والعمارات فى الليل
والشوارع المغموسة فى اليتم والخساراتِ
السلام على النهارات السوداء
فى صبح العالم
والليل الغريب على أشرطة السكة الحديد
السلام على الأشجار
والبنايات التى تغص بالجوعى
وعازفى التنانير
وأكلة السحالى
السلام على كل من ماتوا فى الحرب العالمية الأولى
وتركوا ذكرياتهم المالحةَ
تحت أسفل الكبارى
وقلوبهم المعلقة هناك
داخل الخنادق
وكل أحلام العودة
لتتناول سيرتهم كل تلك الشياطين التى تحرس
العالم
من خلايا مجلس الأمن
ومحكمة العدل الدولية
وجمعيات حقوق الانسان
السلام على السراويل المعبأة بالدم
والخرافات
السلام على كل من ماتوا فى الحرب العالمية الثانية
تحت أعين جنرالات اليانكى
وأحذية الصواريخ العابرة للقارات
وضحك المومسات
اللواتى يدخلن ويخرجن من البيت الأبيض
وحدائق الكرملين
ومجلس اللوردات
السلام على ريلكه
وفشته
وشوبنهاور
السلام على إسحق نيوتن
وسلفادور دالى
وضحكات بيكاسو
وكل أولئك الذين تركوا حكاياتهمْ وكلماتهمْ وتصوراتهمْ
على جدران الزمن الضرير
السلام على كل تلك القطارات التى تذهب ولا تعود أبداً
والقطارات التى تعود محملةً بأسرى الحروبِ
والمعتقلاتِ
وكل أرغفة الجوعى
السلام على التواريخ
وحدائق المغول
وتنظيمات تروتسكى
وسيمفونيات إنجلز
ولينين
صاحب السيمفونية الغرائبية
السلام على غمية شانشوبانزا
وحمار دونكيشوت العجوز
السلام على الرب وهو جالس فى شرفته العمومية
وهو ينظر إلى حديقته التى تغص بالجماجم
وأجولة الدم
السلام لكِ يا مريم
وأنت تنظرين إلى مسيحك المصلوبْ
فى كل يوم
ومنذ بدء الخليقة
وحتى نهاية التاريخ لفوكوياما التعس
تحت أرجل الرأسمالية المتوحشة
ولينعم الرب فوق جبل الزيتون!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...