من الأمور المهمة في سماع، أو قراءة، القصص الشعبي هو كسب المعرفة، والتعليم، إضافة للتسلية والمتعة. والمعرفة هذه تشمل معرفة وتعليم الأخلاق الحسنة، وتجنب الأخلاق السيئة، والابتعاد عنها.
والأخلاق : ((هي منظومة قيم يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردةً للشر، وهي ما يتميز به الإنسان عن غيره.))(1).
ومنذ القدم تتشارك الناس في هذه القيم والأخلاق. تتشارك في ما هو محمود ومذموم، وما هو سيء، وما هو حسن، وبالمناقب والمثالب، والفضائل والرذائل.
ولما كانت الأخلاق هي كذلك، فأن القصص الشعبي بصورة عامة، يحمل بين كلماته، وأفكاره، مجموعة من تلك المنظومة، الحسنة والسيئة، لتبيانها للناس بصورة مباشرة، أوغير مباشرة، وهذه الغاية الرئيسية لبث القصص الشعبي بين الناس، اضافة للتسلية، والمتعة، والمعرفة.
***
يحمل القصص الشعبي، بكل أنواعه، مجموعة من تلك المنظومة. فهو يطرح بصورة غير مباشرة القيم، والسلوكيات الحسنة التالية: الصدق،الأمانة، الشجاعة، المودة،الصبر،الإيثار، الوفاء، التعاون.
وكذلك تعرفهم بالأخلاق السيئة ليتجنبوها في حياتهم اليومية، من مثل: الكذب، الجبن، الطمع، الخيانة، الغدر. وكذلك الأخلاق والقيم التي لها علاقة بالحياة الجنسية.
***
كما الحياة المعاشة، فان القصص الشعبي طرح في سياق موضوعاته الكثيرة من القيم والأخلاق الحسنة، وفي الوقت نفسه القيم والأخلاق غير الحسنة، وكما يلي:
- الأخلاق الحسنة:
- حفظ الأمانة:
يطرح القصص الشعبي الجانب الايجابي والجانب السلبي الذي يرتبط بالأمانة. ففي الجانب الايجابي، أي صيانة الأمانة، والمحافظة عليها، نجد ان حكاية "صاحب الخيمة الزرقاء" وبصورة غير مباشرة، تطرح موضوعة حفظ الأمانة، إذ حافظ التاجر، صاحب المظلة الزرقاء أمام محله، على الأمانة التي أحالها اليه، بصورة غير مياشرة، الأجير "علي" عند سفره لأداء فريضة الحج ، كما تصورت زوجته وابنتها ذلك.
***
- الإيثار:
هو تفضيل الغير عن النفس، وتقديم مصلحتهِ علَى المصلحة الذاتية، وهو أَعلى درجات الكرم والجود.
للايثار عدة أنواع، منها الايثار على النفس أمام الأخوة، كما في حكاية "الفرسان الثلاثة"، إذ يخطف "محمد" الأميرات ويزوج أخوته منهن، ثم يتزوج هو بالأميرة الثالثة.
والايثار أمام الحبيب كما في حكاية "الملك وأولاده الثلاثة"، واعطاء البطل الكبش الأبيض للفتاة التي يختارها زوجة له ليخرجها من العالم السفلي، وأخذ الكبش الأسود الذي يغوص به داخل طبقات الأرض.
***
- الشجاعة:
تطرح الشجاعة في القصص الشعبي من خلال نتائجها وليس من خلال نقل صورة لما يحدث من معارك مثل بعض حكايات ألف ليلة وليلة، وحكايات السير الشعبية، إذ تنقل لنا هذه الحكايات نتائج المعارك التي يقوم بها البطل، وبالمقابل الجُبن عند الشخص المقابل.
قلنا ان الشجاعة في القصص الشعبي تتبدى من خلال النتائج، فهذا الابن الأصغر للملك يقضي على العدو في حكاية "الملك وأولاده الثلاثة" دون ذكر مفردات الصراع. وكذلك في حكاية "أخت البدوي".
وليست الشجاعة تتوقف على المعارك بالسيف وانما تتعدى ذلك الى شجاعة الموقف كما في حكاية "حسن آكل قشور الباقلاء" وموقف "حسن" من سقي جماعته. وكذلك موقف العروس في وجه الفرعون في حكاية "العروس والفرعون". وأيضا شجاعة الصبية في حكاية "الفتاة الذكية"، وغير ذلك من صور للشجاعة.
***
- الصبر:
عندما يطرح القصص الشعبي أي موضوع كان فانه يقوم بتفكيك طريق معالجته لكي يطيل على السامع الحكاية، ويشوقه اليها. وفي موضوعة الصبر يقوم بتكرار الفعل ثلاث مرات ليؤكد هذه المسألة غير الصريحة. فمثلا في حكاية "الملك وابنائه الثلاثة" يكرر فعل معرفة السارق ثلاث مرات، وهذا التكرار قد جاء لبيان ان الملك قد صبر كثيرا على السارق.
وفي حكاية "الشيخ الكريم"، نجد صبر هذا الشيخ على المحن والمصائب التي مرت به وطالت زوجته وأبنائه، وفي الأخير يعود اليه كل ما فقده.
***
- المودة:
كما في حكاية "تضحية أخت"، إذ تعرض لنا مودة وحب الأخوة لأختهم إذ تركوا المملكة من أجل المحافظة على حياتها. وكذلك حب ومودة الأخت لهم عندما تكبر فترحل للبحث عنهم.
***
- الصدق:
كما ورد في حكاية "الفأس الذهبية"، إذ نرى الشواك يقول الصدق لرجل النهر عندما سأله عن فأسه فيخبره انها ليست هذه الفأس الفضية، ولا الذهبية، فيعطيه الفأسين اكراما لصدقه.
***
- التدبير:
كما في حكاية "حسن آكل قشور الباقلاء"، وكيف ان بنت الملك المطرودة قد تدبرت أمور حياتها مع زوجها "التنبل" وأوصلته الى الغنى، وفازت في النهاية في تأكيد اجابتها لوالدها الملك في ان المرأة هي التي تدبّر شؤون البيت.
***
- الأخلاق غير الحسنة:
وهناك أخلاق غير حسنة، وغير صحيحة اجتماعيا، وعرفيا، ودينيا، وقانونيا، تتصف بها بعض الشخصيات، إذ ان القصص الشعبي يشيّد بناء قصصه على أساس شخصية "أو مجموعة شخصيات" خيرة مقابل شخصية "مجموعة شخصيات" شريرة، أي الخير مقابل الشر، وفي النهاية فان المنتصر هو الخير، لأنه يريد أن ينشر القيم والأخلاق الحسنة بين الناس.
ومن الأخلاق غير الحسنة، وغير الصحيحة، والشريرة، نذكر منها:
- الكذب:
كما في حكاية "الفأس الذهبية"، فعندما يكذب الشخص الثاني على رجل النهر الذي بيده الفأس الذهبية ويخبره بأنها هي فأسه فيعطيه اياها، فانها، في البيت، يجدها قد تحولت الى فأسه الأصلية. وكذلك ما ورد في حكاية "الشواك".
***
- الطمع:
كما في حكاية "أرذل الصفات" وكيف ان الوزير يقوم بتقليد أصوات الحيوانات مقابل بعض الليرات الذهبية لطمعه.
***
- الجُبن:
كثير هو القصص الشعبي الذي ترد فيه شخصيات غير شجاعة، ان كانت الشجاعة هذه جسدية أو كانت شجاعة موقف، أي ان الشخصية جبانة في كلا الحالتين. مثل حكاية الأخوين الكبير والوسطي في حكاية "الملك وأولادة الثلاثة". وحكاية "الأخوة الثلاثة" انهم لم يكملوا مهمتهم لجبنهم.
***
- الخيانة:
* خيانة الأمانة:
هناك من يخون الأمانة كما في حكاية "خيانة العهود" إذ يخون "القصاب" أمانة الصديق بحفظ إبنته، ((وحاول إفساد البنت فصدته، فإنتقم منها أمام والدها بعد عودته بإتهامها بالزنا، فأستشاط الوالد غضباً وطلب من ابنه أن يقتل أخته، ولكن الأخ أشفق على أخته وتركها في الصحراء.)).
***
* خيانة العهود:
كما في حكاية "ثلاث نصائح"، إذ يخون مرافق البطل البطل ويحاول قتلة تمثلا للنصيحة التي تقول: "أزرق العينين.. أفرق السنين لا تخاوي". وكان هذا المرافق يتصف بهذه الصفات.
***
* الخيانة الزوجية:
كما في حكاية "زوجة الصياد".
***
- الغدر:
كما في حكاية "الأخوة الثلاثة"، إذ يغدر الأخوة بأخيهم من أبيهم ويتركوه في البئر ويحاولوا الزواج من الفتاة التي اختارها.
***
- الأخلاق والقيم التي لها علاقة بالحياة الجنسية:
يبتعد القصص الشعبي، عدا حكايات الليالي، الى أقصى حد في طرحه للمسائل الجنسية، على العكس من المثل الشعبي الذي هو متخم بمثل هذه المسائل بصورة مكشوفة، وهو، أي القصص الشعبي، يقترب من الأساطير في طرحه لتك المسائل. وخير مثال على ذلك، أسطورة "جلجامش" الرافدينية.
نجد مسألة الجنس في هذه الأسطورة على أشدها وضوحا في قضية تغيّر أنكيدو من الحالة الوحشية التي كان عليها، الى الحالة الانسانية التي صار عليها بعد أن التقى بالبغي "شمخات".
* ((إذهب بني وأحضر معك شمخات الغانية
إغراؤها يضارع حتى الصلد
حينما يأتي القطيع الى الترعة
تخلع ثيابها لتبدي مفاتنها
سوف يراها ويتقرب منها
حينها القطيع سينفر منه، رغم أنه تربى معه.
أصغى الصياد لنصيحة أبيه
ذهب وأستعد لرحلته.)).
لم تذكر لنا الأسطورة ما تم من فعل وقع بين أنكيدو والبغي، أي الفعل الميكانيكي للعملية الجنسية، وانما أكتفت بالقول:
* ((نضت عنها ثيابها فوقع عليها.
لقد أظهرت له فن المرأة
بشغف لاطفها وعانقها
لستة أيام وسبعة ليال
إنكيدو كان مثارا طول إتصاله بشمخات.
بعد أن شبع من لذتها
أدار ناظره الى قطيعه
فلما رأته الظباء، ولت هاربة منه.
بهائم الحقل جفلت مبتعدة من مكان وجوده.
إنكيدو تلوثَ، فجسده كان نقيا جدا.
تعبت ساقاه، رغم إن القطيع لا زال يجري
إنه خائر القوى، لم يعد يطيق العدو كما السابق
لكن الآن له لبٌّ، وإدراك واسع
رجع وجلس عند قدمي الغانية))(2).
والقصص الشعبي اذا أراد ذلك يفعل مثل هذا الفعل. فهو طارد لكل مسائل الجنس المكشوف، ومنها ميكانيكية العملية الجنسية.
جميع القصص الشعبي عندما يأتي على ذكر الجنس فإنه يذكر ان الرجل دخل بالمرأة، أو حبيبته، أو ان الفتى والفتاة قد تزوجا، وهكذا.
وترى الدراسة في ذلك ان القصص الشعبي أدب اجتماعي متداول، يقرأ في التجمعات العائلية، وخاصة الأطفال، وفي المقاهي العامة.
وكما في حكاية "تضحية أخت"، فالحكاية تذكر ما يلي: ((يلتقي بها أحد الأمراء ويتزوجها)).
وتذكر حكاية "حسن آكل قشور الباقلاء" قائلة حول ذلك: ((وبحث الوزير عن هذا الرجل فوجده، انه "حسن آكل قشور الباقلاء" وتزوجته رغماً عنها، وطردهما الملك من قصره.)).
وتذكر حكاية "الأمير نور الدين والأميرة فتيت الرمان" ذلك فتقول: ((فذهب الأمير وحبيبته الى السلطان وأخبراه، ففرح بعودتهما، وانقلب الحزن الى فرح، وتزوجا.)).
فيما تذكر حكاية "الملك وأولاده الثلاثة" ذلك فتقول: ((فقام والده وزوجه الى فتاته التي وافقت على ذلك، وتنازل عن عرشه لولده.)).
وتذكر حكاية "صاحب الخيمة الزرقاء" ذلك فتقول: ((وبعد أيام خطب هذا التاجر بنت "علي" لابنه الوحيد وتزوجا وعاشا بقية أيامهما بسعادة لا مثيل لها.)).
وتذكر حكاية "شكر وخلف الراعي": ((وقال الملك له: ابنتي زوجتك، وأنت الملك فهاك تاجي. وتنازل الملك لخلف الراعي عن العرش وصار هو حاجباً له.)).
ولأول مرة نقرأ حكاية يذكر فيها الراوي "فض بكارة" الفتاة، في حكاية "الأخوة الثلاثة"، وترى الدراسة ان ذلك مقحم على الحكاية لانه لا مسوغ لذكرة. ((ودخل على الفتاة وأغلق الباب وفض بكارتها وخرج وأخبر أبيه بالقصة، فتنازل الاب عن الملوكية لابنه.)).
***
الهوامش:
1 – موقع ويكيبيديا الألكتروني.
2 - ملحمة جلجامش - سين ليفي أونيني - ترجمها عن الإنجليزية الى العربية د. أنور غني الموسوي.
والأخلاق : ((هي منظومة قيم يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردةً للشر، وهي ما يتميز به الإنسان عن غيره.))(1).
ومنذ القدم تتشارك الناس في هذه القيم والأخلاق. تتشارك في ما هو محمود ومذموم، وما هو سيء، وما هو حسن، وبالمناقب والمثالب، والفضائل والرذائل.
ولما كانت الأخلاق هي كذلك، فأن القصص الشعبي بصورة عامة، يحمل بين كلماته، وأفكاره، مجموعة من تلك المنظومة، الحسنة والسيئة، لتبيانها للناس بصورة مباشرة، أوغير مباشرة، وهذه الغاية الرئيسية لبث القصص الشعبي بين الناس، اضافة للتسلية، والمتعة، والمعرفة.
***
يحمل القصص الشعبي، بكل أنواعه، مجموعة من تلك المنظومة. فهو يطرح بصورة غير مباشرة القيم، والسلوكيات الحسنة التالية: الصدق،الأمانة، الشجاعة، المودة،الصبر،الإيثار، الوفاء، التعاون.
وكذلك تعرفهم بالأخلاق السيئة ليتجنبوها في حياتهم اليومية، من مثل: الكذب، الجبن، الطمع، الخيانة، الغدر. وكذلك الأخلاق والقيم التي لها علاقة بالحياة الجنسية.
***
كما الحياة المعاشة، فان القصص الشعبي طرح في سياق موضوعاته الكثيرة من القيم والأخلاق الحسنة، وفي الوقت نفسه القيم والأخلاق غير الحسنة، وكما يلي:
- الأخلاق الحسنة:
- حفظ الأمانة:
يطرح القصص الشعبي الجانب الايجابي والجانب السلبي الذي يرتبط بالأمانة. ففي الجانب الايجابي، أي صيانة الأمانة، والمحافظة عليها، نجد ان حكاية "صاحب الخيمة الزرقاء" وبصورة غير مباشرة، تطرح موضوعة حفظ الأمانة، إذ حافظ التاجر، صاحب المظلة الزرقاء أمام محله، على الأمانة التي أحالها اليه، بصورة غير مياشرة، الأجير "علي" عند سفره لأداء فريضة الحج ، كما تصورت زوجته وابنتها ذلك.
***
- الإيثار:
هو تفضيل الغير عن النفس، وتقديم مصلحتهِ علَى المصلحة الذاتية، وهو أَعلى درجات الكرم والجود.
للايثار عدة أنواع، منها الايثار على النفس أمام الأخوة، كما في حكاية "الفرسان الثلاثة"، إذ يخطف "محمد" الأميرات ويزوج أخوته منهن، ثم يتزوج هو بالأميرة الثالثة.
والايثار أمام الحبيب كما في حكاية "الملك وأولاده الثلاثة"، واعطاء البطل الكبش الأبيض للفتاة التي يختارها زوجة له ليخرجها من العالم السفلي، وأخذ الكبش الأسود الذي يغوص به داخل طبقات الأرض.
***
- الشجاعة:
تطرح الشجاعة في القصص الشعبي من خلال نتائجها وليس من خلال نقل صورة لما يحدث من معارك مثل بعض حكايات ألف ليلة وليلة، وحكايات السير الشعبية، إذ تنقل لنا هذه الحكايات نتائج المعارك التي يقوم بها البطل، وبالمقابل الجُبن عند الشخص المقابل.
قلنا ان الشجاعة في القصص الشعبي تتبدى من خلال النتائج، فهذا الابن الأصغر للملك يقضي على العدو في حكاية "الملك وأولاده الثلاثة" دون ذكر مفردات الصراع. وكذلك في حكاية "أخت البدوي".
وليست الشجاعة تتوقف على المعارك بالسيف وانما تتعدى ذلك الى شجاعة الموقف كما في حكاية "حسن آكل قشور الباقلاء" وموقف "حسن" من سقي جماعته. وكذلك موقف العروس في وجه الفرعون في حكاية "العروس والفرعون". وأيضا شجاعة الصبية في حكاية "الفتاة الذكية"، وغير ذلك من صور للشجاعة.
***
- الصبر:
عندما يطرح القصص الشعبي أي موضوع كان فانه يقوم بتفكيك طريق معالجته لكي يطيل على السامع الحكاية، ويشوقه اليها. وفي موضوعة الصبر يقوم بتكرار الفعل ثلاث مرات ليؤكد هذه المسألة غير الصريحة. فمثلا في حكاية "الملك وابنائه الثلاثة" يكرر فعل معرفة السارق ثلاث مرات، وهذا التكرار قد جاء لبيان ان الملك قد صبر كثيرا على السارق.
وفي حكاية "الشيخ الكريم"، نجد صبر هذا الشيخ على المحن والمصائب التي مرت به وطالت زوجته وأبنائه، وفي الأخير يعود اليه كل ما فقده.
***
- المودة:
كما في حكاية "تضحية أخت"، إذ تعرض لنا مودة وحب الأخوة لأختهم إذ تركوا المملكة من أجل المحافظة على حياتها. وكذلك حب ومودة الأخت لهم عندما تكبر فترحل للبحث عنهم.
***
- الصدق:
كما ورد في حكاية "الفأس الذهبية"، إذ نرى الشواك يقول الصدق لرجل النهر عندما سأله عن فأسه فيخبره انها ليست هذه الفأس الفضية، ولا الذهبية، فيعطيه الفأسين اكراما لصدقه.
***
- التدبير:
كما في حكاية "حسن آكل قشور الباقلاء"، وكيف ان بنت الملك المطرودة قد تدبرت أمور حياتها مع زوجها "التنبل" وأوصلته الى الغنى، وفازت في النهاية في تأكيد اجابتها لوالدها الملك في ان المرأة هي التي تدبّر شؤون البيت.
***
- الأخلاق غير الحسنة:
وهناك أخلاق غير حسنة، وغير صحيحة اجتماعيا، وعرفيا، ودينيا، وقانونيا، تتصف بها بعض الشخصيات، إذ ان القصص الشعبي يشيّد بناء قصصه على أساس شخصية "أو مجموعة شخصيات" خيرة مقابل شخصية "مجموعة شخصيات" شريرة، أي الخير مقابل الشر، وفي النهاية فان المنتصر هو الخير، لأنه يريد أن ينشر القيم والأخلاق الحسنة بين الناس.
ومن الأخلاق غير الحسنة، وغير الصحيحة، والشريرة، نذكر منها:
- الكذب:
كما في حكاية "الفأس الذهبية"، فعندما يكذب الشخص الثاني على رجل النهر الذي بيده الفأس الذهبية ويخبره بأنها هي فأسه فيعطيه اياها، فانها، في البيت، يجدها قد تحولت الى فأسه الأصلية. وكذلك ما ورد في حكاية "الشواك".
***
- الطمع:
كما في حكاية "أرذل الصفات" وكيف ان الوزير يقوم بتقليد أصوات الحيوانات مقابل بعض الليرات الذهبية لطمعه.
***
- الجُبن:
كثير هو القصص الشعبي الذي ترد فيه شخصيات غير شجاعة، ان كانت الشجاعة هذه جسدية أو كانت شجاعة موقف، أي ان الشخصية جبانة في كلا الحالتين. مثل حكاية الأخوين الكبير والوسطي في حكاية "الملك وأولادة الثلاثة". وحكاية "الأخوة الثلاثة" انهم لم يكملوا مهمتهم لجبنهم.
***
- الخيانة:
* خيانة الأمانة:
هناك من يخون الأمانة كما في حكاية "خيانة العهود" إذ يخون "القصاب" أمانة الصديق بحفظ إبنته، ((وحاول إفساد البنت فصدته، فإنتقم منها أمام والدها بعد عودته بإتهامها بالزنا، فأستشاط الوالد غضباً وطلب من ابنه أن يقتل أخته، ولكن الأخ أشفق على أخته وتركها في الصحراء.)).
***
* خيانة العهود:
كما في حكاية "ثلاث نصائح"، إذ يخون مرافق البطل البطل ويحاول قتلة تمثلا للنصيحة التي تقول: "أزرق العينين.. أفرق السنين لا تخاوي". وكان هذا المرافق يتصف بهذه الصفات.
***
* الخيانة الزوجية:
كما في حكاية "زوجة الصياد".
***
- الغدر:
كما في حكاية "الأخوة الثلاثة"، إذ يغدر الأخوة بأخيهم من أبيهم ويتركوه في البئر ويحاولوا الزواج من الفتاة التي اختارها.
***
- الأخلاق والقيم التي لها علاقة بالحياة الجنسية:
يبتعد القصص الشعبي، عدا حكايات الليالي، الى أقصى حد في طرحه للمسائل الجنسية، على العكس من المثل الشعبي الذي هو متخم بمثل هذه المسائل بصورة مكشوفة، وهو، أي القصص الشعبي، يقترب من الأساطير في طرحه لتك المسائل. وخير مثال على ذلك، أسطورة "جلجامش" الرافدينية.
نجد مسألة الجنس في هذه الأسطورة على أشدها وضوحا في قضية تغيّر أنكيدو من الحالة الوحشية التي كان عليها، الى الحالة الانسانية التي صار عليها بعد أن التقى بالبغي "شمخات".
* ((إذهب بني وأحضر معك شمخات الغانية
إغراؤها يضارع حتى الصلد
حينما يأتي القطيع الى الترعة
تخلع ثيابها لتبدي مفاتنها
سوف يراها ويتقرب منها
حينها القطيع سينفر منه، رغم أنه تربى معه.
أصغى الصياد لنصيحة أبيه
ذهب وأستعد لرحلته.)).
لم تذكر لنا الأسطورة ما تم من فعل وقع بين أنكيدو والبغي، أي الفعل الميكانيكي للعملية الجنسية، وانما أكتفت بالقول:
* ((نضت عنها ثيابها فوقع عليها.
لقد أظهرت له فن المرأة
بشغف لاطفها وعانقها
لستة أيام وسبعة ليال
إنكيدو كان مثارا طول إتصاله بشمخات.
بعد أن شبع من لذتها
أدار ناظره الى قطيعه
فلما رأته الظباء، ولت هاربة منه.
بهائم الحقل جفلت مبتعدة من مكان وجوده.
إنكيدو تلوثَ، فجسده كان نقيا جدا.
تعبت ساقاه، رغم إن القطيع لا زال يجري
إنه خائر القوى، لم يعد يطيق العدو كما السابق
لكن الآن له لبٌّ، وإدراك واسع
رجع وجلس عند قدمي الغانية))(2).
والقصص الشعبي اذا أراد ذلك يفعل مثل هذا الفعل. فهو طارد لكل مسائل الجنس المكشوف، ومنها ميكانيكية العملية الجنسية.
جميع القصص الشعبي عندما يأتي على ذكر الجنس فإنه يذكر ان الرجل دخل بالمرأة، أو حبيبته، أو ان الفتى والفتاة قد تزوجا، وهكذا.
وترى الدراسة في ذلك ان القصص الشعبي أدب اجتماعي متداول، يقرأ في التجمعات العائلية، وخاصة الأطفال، وفي المقاهي العامة.
وكما في حكاية "تضحية أخت"، فالحكاية تذكر ما يلي: ((يلتقي بها أحد الأمراء ويتزوجها)).
وتذكر حكاية "حسن آكل قشور الباقلاء" قائلة حول ذلك: ((وبحث الوزير عن هذا الرجل فوجده، انه "حسن آكل قشور الباقلاء" وتزوجته رغماً عنها، وطردهما الملك من قصره.)).
وتذكر حكاية "الأمير نور الدين والأميرة فتيت الرمان" ذلك فتقول: ((فذهب الأمير وحبيبته الى السلطان وأخبراه، ففرح بعودتهما، وانقلب الحزن الى فرح، وتزوجا.)).
فيما تذكر حكاية "الملك وأولاده الثلاثة" ذلك فتقول: ((فقام والده وزوجه الى فتاته التي وافقت على ذلك، وتنازل عن عرشه لولده.)).
وتذكر حكاية "صاحب الخيمة الزرقاء" ذلك فتقول: ((وبعد أيام خطب هذا التاجر بنت "علي" لابنه الوحيد وتزوجا وعاشا بقية أيامهما بسعادة لا مثيل لها.)).
وتذكر حكاية "شكر وخلف الراعي": ((وقال الملك له: ابنتي زوجتك، وأنت الملك فهاك تاجي. وتنازل الملك لخلف الراعي عن العرش وصار هو حاجباً له.)).
ولأول مرة نقرأ حكاية يذكر فيها الراوي "فض بكارة" الفتاة، في حكاية "الأخوة الثلاثة"، وترى الدراسة ان ذلك مقحم على الحكاية لانه لا مسوغ لذكرة. ((ودخل على الفتاة وأغلق الباب وفض بكارتها وخرج وأخبر أبيه بالقصة، فتنازل الاب عن الملوكية لابنه.)).
***
الهوامش:
1 – موقع ويكيبيديا الألكتروني.
2 - ملحمة جلجامش - سين ليفي أونيني - ترجمها عن الإنجليزية الى العربية د. أنور غني الموسوي.