حين أنتهى الذاكر الحسيني، ونزل عن المنبر، أنفض أكثر الناس، ولم يبق إلا خاصة صاحب المجلس "الشيخ أحمد". وهو رجل وقور ومتزهد متعبد، ومن فقهاء البلد، ومتخصص بالتأليف في تراجم العلماء والأدباء.
ديوانه عبارة عن غرفة واحدة، متوسطة، ينفسح عنها ساحة، يتوسطها مربع يحتوي شجرة كرم، وزهور موسمية. ديوانه هذا يكتض بالوافدين، عصر كل جمعة، وعصر كل يوم يتجمع فيه الخاصة من أصحابه، والطلبة الذين يدرسون عنده.
وبدون مناسبة، قال أحد الحاضرين: يا جماعة، مرَّ زمن طويل لم نرَ فيه الشيخ جاسم، خلافاً لما أعتاد عليه. فهو كثير الأسفار، سريع العودة من أسفاره!
- مسكين، على فضله، حظه في الرزق شحيح. أينما وجّهَ وجهه لا يحضى بخير!
قال هذا رجل محترم، فعلق آخر: لكل أمرٍ سبب يا مولانا. فالشيخ –غفر الله له- سريع الغضب! ولا أقول فيه حمق؟!
- لا. الواقع، فيه حمقٌ، ويغلب عليه، والله لا يجعلها غيبة! أنا أقول هذا إشفاقاً عليه!
قال هذا آخر، عُرِفَ بصلته الوثيقة بالشيخ جاسم؟ وأنفجر ضحك من آخرين. وعلق أحدهم. وقال:
كفعل جزّار اليهود بالبقر بَرَأها من العيوب وعَقَرْ(1)
عرف الأول ما يرمي إليه صاحبه هذا، فقال: أعتقد أنكم تعلمون الكثير من المحرجات التي يورط نفسه فيها. أذكر لكم واحدة منها. حلَّ مرة ضيفاً على الزعيم "عطية" كانت ليلة جمعة، فالتمس الآخرون منه، أن يتفضل فيرقى المنبر، وذكر الحسين فيه أجر عظيم! لكنه أجاب: انا لست من صنف –الروزخونية(2)- أنا رجل فقه وشرعيات؟! ردّ عليه أحد البارزين من حاشية الزعيم:
-شيخنا ذكر الحسين، يشرف كل واحد، ما يعلو عليه واحد، وإذا ما إلك إطلاع، نكتفي لو تسمعنه –حديث الكساء(3)؟
أنتفض الشيخ، وبدون تروي قال:
- يو ...ه، حديث الكساء، حديث الكساء، هوَّ كله لحاف عتيق، تمزق وانتهى!
أضطرب الديوان من هياج الحاضرين، كاد بعضهم يعتدي عليه، لولا تدخل الزعيم بإشارة من يده، فسكتوا. وعاد أكثرهم من الديوان غضبان أسفاً.
وضج الحاضرون في الضحك. وأنهالت النكات بالمناسبة حول الشيخ جاسم، ومواقفه المحرجة.
في هذه الأثناء دخل الشيخ عبد الحسين. انه من أقارب الشيخ جاسم، حين أستقر، سأله أحدهم، إن كان له علم بالشيخ؟
هَزَّ الرجل رأسه، وبدت منه أبتسامة عريضة، وقال: هذه المرّة يبدو أنه وُفقَ. نسأل الله له ذلك!!
عجّ السامعون بلهفة يستفهمون؟
- ايه ... ياالله، يا الله ... انشاء الله موّفق. وَضّح.
- على غير نيه أتجه إلى قرية من قرى السماوة، وفي مضيف لشيخ القرية، أستقبل بحفاوة، فتحدث وأجاد الحديث ...؟!
- يبدو أن حظه أستيقظ! هذه فاتحة خير.
هكذا قطع حديث قريبه أحد الجالسين، فضجوا بالضحك وتتالت الطُرَف.
وعاد المتحدث يكمل حديثه ..
- وفي المضيف جرى بين الحاضرين الحديث عن شابٍ جُنَّ على أثر مروره بعد الغروب على -ايشان(4)- في نهاية بستان. قالوا انه صُرع من الجِن المقيمين فيه(5). وسألوا الشيخ جاسم، إن كان له علم بهذا الأمر، ولا أدري كيف أستجاب الشيخ، وانتقل إلى ذوي المصروع، حيث أتخذ من مضيفهم الصغير مقاماً له. ولا أطيل عليكم، يبدو أن الله تلطف عليه فنجح بمهمته!! وعاد للشاب عقله! وبناءً على هذا النجاح إلتمسوا منه الأقامة بينهم. وأفهمهم هو: أنه رجل فقه وشرعيات. فزاد أحترامهم له. وأسرعوا فعملوا كوخين محترمين. أحاطوها بسياج من سعف النخيل. وعما قريب سينتقل بعياله للأقامة هناك!
قال أحد الشيوخ من المعممين أمثاله: نسأل الله التوفيق وسعة الرزق.
فعلق آخر: وأن يهديه للتروي، وتدبر الأمور بعقل وأناة!
قال ثالث، موجهاً كلامه إلى فقيه، عُرِفَ في مجال الفلسفة بإطلاع واسع، ومعرفة عميقة:
- ما ترى مسألة الجن؟ الأمر يلتبس علينا. اَهُمْ شياطين من صنف إبليس، أم هم خلقٌ أدنى من الملائكة؟ إن القرآن الكريم أشار إليهم في أكثر من موضع. إن منهم من يؤمن بالله ومنهم كفرة! مايهمني أن وجودهم في الواقع أشبه ما يكون بـ -العنقاء- و –الغيلان-؟ انا لا تهمني التعاريف. يتشكلون بكل شكل(6) حتى الكلب والخنزير. والناس يخلطون في الحديث عنهم. بين مايشير إليه القرآن، وبين ماتذكره الأساطير، في كتب شتى، معتمدة وعادية. أتساءل، إذا كانت لمخلوق ما هذه القدرة الخارقة، فلماذا الأختفاء؟! لماذا لا يحتل هذه الأرض كلها، ويخضع الناس لسلطانه؟!! يزعم الناس أنهم يظهرون في الأماكن المهجورة دون العامرة؟ ثم أخيراً، لم تعد هذه الأسطورة تذكر إلا قليلاً في المدن. حين أنتشرت المدارس الحديثة؟ وعمَّ المصباح الكهربائي، لكنها ماتزال في القرى والأرياف، حيث يعم الجهل والفقر؟!
وتنحنح الشيخ أحمد. فوجّه الجميع أنتباههم إليه. لكنه أكتفى: نحن نؤمن بالله الواحد الأحد، وانه على كل شيئ قدير، وبرسله وكتبه، وبمحمد خاتم النبيين، فلا يسعنا مع هذا أن نشكك أو نناقش؟!
وحان وقت الصلاة، وهبَ الجميع يستعدون لأداء الفريضة.
* * * * *
ألوقت ليل والريح شمال، والبرد قارس، تمس الجسم وكأنها مشرط الحجّام. فالفصل شتاء في أواسط كانون الثاني. الشيخ جاسم في بيته، أمامه الموقد، فيه عدة القهوة، وقد حجب الدخان كل شيئ حتى عمامته البيضائ! كان وحده، لا يستطيع أحد أن يبقى خارج بيته لشدة البرد والظلام. أنه يتشاغل بنفخ جمرات النار، لتشب وتخف وطأة الدخان. ويسعل أثناء ذلك سعالاً مزعجاً، كلما أمعن نفخاً في الموقد أزداد سعالاً! أحس بحركة قادم، فأعتدل وتنحنح، وحولق، وأستغفر بصوته الأجش. كانت أمرأة نَصَف، رحب بها، وبدا عليه أنه أستغرب أن تجرأ أمرأة على الخروج في مثل هذا الوقت، وفي الظلام الحالك والبرد الشديد؟؟
- شيخنا آنه نشيده آل حطيحط. جيتك بأمر واحـﭼـي وياك دِشر (بصراحة)!
- براحتـﭻ ينشيده؟!
- شيخنه! لا بالايشان شياطين ولا جن؟! ابن آدم أشطن من الجن؟ خَلنَه من هاي كِلهَه ...
- لا تطوليهه، ولا تعرضيهه ينشيده، بيني مگصدج ومرادج؟
- شيخنه. آنه اَعَرف سالفة –العوذة والتمايم- وعزيمة الجن(7)! أگول وياك عَدْلَه، بلا ميلَه، ولا توسَلْ؟! عِمله؟ أگول. وگول؟؟ زين ...
- أمرج، ينشيده!
- حسنه بتي، اوْحَيّدتي. حَبَّت وزَلَتْ، وهَسَه أريدك تدبرهَه!؟. "شليبه" ابن عمهَه تجَدَمْ لخطبتهَ، خَلِصهَه من الموت والفضيحة؟!
أطرق الشيخ فترةً، عزف في تفكيره لحظات. وأدركت نشيده سر وجومه. وترجمت هي في سرها، ما راح يفكر به؟ قالت في سرها: ابو عمَيْمَه، أحسب حسابك، هسَّه شكبرهه الفرحة بسَدرك (بصدرك)؟ گول، لزمتج ينشيده من بلعومـﭻ؟! أطلب ما تريد، آنه حاسبه حسابي ومستعده!!
قال الشيخ بصوت متهدج: شلون ما تصير القضية، التدبير يستاهل كل ما اطلب.
- لـﭼن سايم الله عليك، أنصف وياي، وآنه ما قصر. وهَمْ الك عند الله ثواب، تخلص روح، وتستر فضيحه؟!!
- نشيده؟ عشرة صفر ... واعتبري حسنه امعلگه بها اللحية –وامسك لحيته بقبضته- أظن مطلبي موش زَحِم؟ حياة حسنه أغلى ينشيده؟
- موافجه!!
- وبعد..؟
- وشِبَعَد يشيخنه؟!!
- أتفق ويّ ابن عمهَه. وافرض واهُوَ -مثل ماتريدين- مايدري بحـﭼيتج! هاي شتگولين بيه؟
- أمرك!
- أسمعي ينشيده! اعلمـﭻ وعَلمي حسنه بلي تسمعي مني. أضبطي الكلام، كلمة كلمة. المسألة متوقفه على ضبط حسنه بالتمام، مودعه الله. وآنه أنتظر يوم يومين ثلاث، المهم، البدوة بعد الغروب؟! والأحسن ستشيري الحبايب، والجارات ، ها ....ولا تنسين! لازم ماتجين وَحَّدﭺ، شليبه لازم وياﭺ!
* * * * *
ليلة الأربعاء بعد الغروب، هرع نساء القرية من بيوتهن، وقد ذهلن من صياح وأستنجاد.
نشيده تستغيث ...!؟ حسنه، منفوشة الشعر، ممزقة الملابس. ملامح وجهها مفزعة، أمها تخشى الدنو منها. إنها ترمي من يدنو منها بأي شيئ في متناول يدها، حجر، أم حديدة، أو أية آلة جارحة. تعض من يمسك بها، تتعلق بعنقه، أو بشعر رأسه. لقد جُنَّت الفتاة !!
قالت إحدى الجارات، الليلة أربعاء، يَعَلهَه (لعلها) مارة بالايشان؟ لو دايسه بزون (قط) أسود، لو ﭽابَّه (كَبّت) فوح (ماء الرز المغلي) بالموگد؟!.
- من دون الأيام مرّت بالهوايش من صوب الايشان! قالت أحداهن.
- وَهي غافلة عن روحهَه؟ وشفت البت مخلوسه، وعيونهَ مزوغله، وتصيح من راسه! ... وينك يبو فاضل أريد بنيتي منك؟ هكذا ردَّت نشيده على جارتها.
النسوة ذاهلات، عيون حسنه الجميلة، بدت لهن كعيون ثور هائج! لا تكاد تقترب منها أمرأة حتى تبادرها بلطمة على خدها، أو تقذفها ببصقة، وشتيمة!
- شيرن عَليَّ يَخواتي؟ شنهو الأسوي؟
قالت هذا نشيده، بصوت محزونة منهدة القوى من هول الصدمة.
أجابت إحدى الجارات: هٰذَ، الخضر، ابو محمد بعد عيني جِريب. اليدخل عليه مايخيب!
قالت أخرى: أم حسنه، لا تصفنين، بعَجَل دَبري أمرﭺ. أبعجَل! لا تتركين البت لمن تصير حسبته صعبه. اليِمّه (الأئمة) كلهم ما يقصرون، الخضر، الحمزة، ابو فاضل(8)، هُم المندوبين بالشِدّات؟ بس لا تتوانين!
وحضر شليبه مذهولاً. وقال، مستفهماً بلهجة مرتبك:
- صِدك، ﭽذب؟ شها الطرگاعة، منين أجت؟ وشگلتو هِسَّه وشنهو العمل؟
قالت نشيده بلهجة المحزون الحائر: حِرتْ، وحيرني زماني. هاي جبرتي من الله. حرمهه الله من الأبو، وما إطاها أخو، ويرميهَه بها البليه؟
- اَفَه، عليـﭻ عمَّه! آنه عندج، بس گولي.
- شوف نروح للشيخ، لو اُهو ما فادنه بشي، ذاك الوكت، ما اِلهَه غير أبو فاضل! خو كلكم تدرون شلون خَلَص الشيخ، خزعل ابن سنيدح!. وَيْ حِسهَه وبيومهَه؟!
- توكلوا على الله، الشيخ ما هو بعيد، والله بعونكم؟! ردَّ شليبه
ودنا شليبه من حسنه، يتكلف الأبتسامة، وقد أتخذت من خصاص(9) البيت مسنداً. كانت بيد حسنه عصا من جريد النخل، كانت تهدد بها من يحاول الدنو منها....
- حسنه. آنه ابن عمـﭻ. ذِبي الجريده يَبَعد روحي، اطيني أيدﭺ يحبابة البنات.
فلوحت بعصاها في وجهه، لكنه بادرها بخفة، واحتضنها، وصاح: يا الله عمّه وياي!
وهَبت نشيده، وشدّت قوام أبنتها إلى صدرها، وأتجها حيث يقيم الشيخ.
أخذت حسنه تصرخ وتشتم، وتتوعد. تَحجِل بمشيتها مرة وتحرن مرة. تحاول أن تفلت فما تقوى. بصقت على شليبه، حاولت أن تعضه. فعلت كل ما استطاعت من صياح وعويل. وأخيراً وصلوا بها.
الشيخ في ديوانه وحده، أمام الموقد، وقد ملأ الدخان فضاء الديوان. بينما الريح تصارع النخيل والأشجار، فتحس كأن البستان بحرٌ هائج. وخيل لهم، أن الجن فعلت كل هذا، وإنها تتراقص أمامهم. أما الشيخ فأنه ساكن لم يتحرك.
- شيخنه، أدركنه!
صاحت نشيده.
وتنحنح شليبه، فنهض الشيخ مرحباً.
- أهلاً، خير انشاء الله. شنهو الأمر؟
أخذ شليبه يحدث الشيخ عما حدث بلهجة المحزون، والشيخ مصغ يعلن الأسف، ويهوّن الأمر!
- كَتِّفها يا شليبه بشرباكك. قال الشيخ.
ونادى على مصباح ثان من بيته، بينما أخذ يخط دائرة وهمية وسط الكوخ. وأمرَ أن يجلسوها وسط الدائرة! توضأ وتوجه إلى القبلة، رافعاً يديه إلى السماء، مبتهلاً متوسلاً، إلى الله العلي القدير أن يعينه على رد العافية إلى الصريعة. بعد هذا أمسك بعصا خيزران، ودنا من نشيده، وهمس في إذنها "وَصَيتيهَه تتحمل؟" فأجابت بحركة من حاجبيها! عند هذا رفع عصاه، وقال بصوت متهدج: إن كنت من عباد الله الصالحين، فانا أقسم عليك بالأنبياء والأولياء أن تغادر جسدها حالاً؟!"
وكأن هذه الكلمات أنصبت حمماً على حسنه. فهاجت واضطربت، وصرخت تهدد الشيخ وتتوعده، بلسان الجني المارد؟ فحولق الشيخ وأنذره.
- كافر، نجس، أحرقك باسم الله الأعظم! أحرقك. أسمع. أنذرك. وستندم أخيراً!
فزاد هياجها، وأضطرابها. فأهوى بخزرانته يضربها ضرباً مبرحاً. وصار يلهث كأنه يشعر بالرهبة، والمجازفة، مع جني من الكفرة؟ كان الشيخ يصرخ، ويلفظ كلمات مبهمة ... "يحق ..هـ ع، و حوحو، أتركها، أتسمع؟ نصيحتي لك.
ردت حسنه – أبدا ما اتزحزح، إنتَ مالك حتى تأمرني، آنه مو مِنكم!
- هـ ...ا! انتَ مو مِنّا! صار معلوم!
- نشيده، يا الله بعجل، حضري دجاجة سوده، مابيه ريشة وحدة بيضه؟! وزعفران، ولوز وكشمش، وتمن عنبر!
ها اليلة أعمل وليمة لريس الجان، ومنّه أعرف ها العنيد،واعَلمَه بعدين عاقبة عناده؟!
حين خرجت نشيده، أنتحى الشيخ بشليبه ناحية، وقال:
شليبه، إتحبهَه؟ وتريد حياتهَه؟
- يشيخنه، اهي بت عمي ورادتي. ومستعد اشتري حياتهَه بماي عيوني!
- وآنه أطيك عهد بالله ورسوله، أرجع حسنه مثل ماتعرفهَه إلا بشرط!
- ﮔول شيخنه، أطلب، آنه حاضر.
- عشر ليرات صفر ... عثمانيه! توافق؟
- أبشر شيخنه، بسْ ترد العافية لحسنه!
وعادت الأم ومعها ما أمر به الشيخ، فقال:
- وهساعه، خلّو البِت الليله إهنا، وروحوا الله وياكم؟! آمنوا بالله ورسوله، الليلة أعزم والصباح رباح!
خرجوا، ففك الشيخ وثاقها، وراح يلقنها تعليماته الأخيرة.
ذبح الدجاجة وأحتفظ بدمها في الحوصلة بعد تنظيفها.
- اخذي الآن راحتك يحسنه، صرفت أمك وشليبه، وأجَلت القضية للصبح. ديري بالـﭻ، لا تغلطين بـﭼلمه، وحده من اللي فهمتـﭻ بيه. أريدﭺ تصيرين مسودنه تمام. إشتميني، هينيني، إحملي وجع الخيزرانة، حياتج، وسلامتـﭻ معلگه باللي علمتـﭻ. مفهوم؟
* * * * *
بعد شروق صباح الخميس، توجه دَحام بالأبقار، والأغنام، توقف عند ساقية يجري فيها الماء. دفع حيواناته ترد منها. لمح قريباً منها تحت شجرة سدر ضخمة "هيله" غريمة حسنه في حب دحام.
أبتسمت هيله وأدرك دحام ما تريد، قالت: ها! يدحام عِمَلتْه؟ هسه عرفتك غدار، والله نجاني منك!
- أنتِ شامته يهيله؟
- لا. أبد .... أحمد الله واشكره على سلامتي من الجني! والحمد للله. وانت تعرف ما عندي أم مثل نشيده! وانت تدري وآنه أدري نشيده تحبك مثل حسنه وأزود.
وبقفزة مرحة عبرت الساقية، تهش على حيواناتها. والتفتت وقالت: عيش وشوف، الوكت ما يظل صافي للدوم، لابد ما يصير خابط وعلگم؟!
في هذه الأثناء توجه شليبه ونشيده إلى الشيخ. قالا بعد السلام: ها شيخنه، خير انشاء الله؟
- ماكو غير الخير. استريحوا، آنه وحسنه، ما غمضت إلنه عين طول الليل. لكن عرفت سر الملعون! ريس الجان يـﮕول: هذا الجني كافر، مايفيد وياه غير اسم الله الأعظم! أستريحوا هالساعه، ينتهي كل شي؟!
حسنه، كأنها لم تبرح الدائرة، ولم يفك وثاقها، وكما رآها شليبه أمس.عيناها كأنها تقدحان الشرر. تديرهما وراءه أينما أتجه، وتنظر إليه نظرات الغضب الحاقد. عاد الشيخ يقول:
- كل حركة تصدر من حسنه من لسانها، من عيونهه، في الواقع هيَّ من حركات هذا الجني الملعون! الذي سكن جسدها الطاهر؟! وبعون الله اليوم اطرده. وإلى جهنم وبئس المصير! قال الشيخ وأعتمَّ بعمامته، وطوق عنقه بـ-الحنك- وهزّ الخيزرانة بيده هزاً عنيفاً، وصاح:
- أسمعْ، إفهمْ. أطلع واسلم على نفسك، وإلا احرقتك باسم الله الأعظم؟
- صرخت حسنه، ولْوَلَتْ، واضطربتْ، وأنهال الشيخ عليها بالخيزرانة. أسمَعَتْ الشيخ كلمات الهزء بلحيته، وعمامته، وأعلنت باسم الجني، الأصرار على البقاء!
أرتد الشيخ إلى الوراء، وعاد يحمل صحيفةً، كتبت بالزعفران، مؤطرة بماء الذهب، وقال:
- هذا آخر إنذار. أنظر هذه الصحيفة، فيها أسم الله الأعظم. وخاتم سليمان الذي سجنكم في القماقم! أتَسمعْ، ها، ها؟ أجبْ؟
فصاحت حسنه، تعال يا شيخ، أسمع ما أشترِط. نَفِّذ وآنه اَنْفِذْ!!
دنا الشيخ، وضع أذنه قريباً من فمها. وأرتد مزبداً مرعداً يصيح: ملعون، كافر، نجس، خسيس!
والتفت إلى شليبه ونشيده:
- تعالوا أسمعوا. تعالوا! وأخذ بيده شليبه وقال بصوت واطئ، وهو يلهث فزعاً:
- تدري بشرط هالكافر؟ ابتعدي أنتِ ينشيده -موجها كلامه لنشيده-، خليني أتفاهم ويّ شليبه... أبني هذا الجني كافر وملعون ونجس. خيرني، واحد من أربعة؟ ما يطلع إلا من واحد منهن! يبني اعرفت اشگلتْ؟ يبني، اعيونه، آذانهه، بلعومه والرابع ....؟عَرفتْ؟!
وتحمس الشيخ منفعلاً: لأن هو نجس، يرغب بدرب نجس؟ وهذا أول وتالي هَمْ ينفَض على أيدك؟ من عيونه، تعمه. من آذانه، تصير طرشه. من بلعومه، تختنق وتموت! رِد عليّ؟
شليبه أحس كأن الأرض تدور به دورة سريعة، سريعة جداً. لم يسيطر على نفسه، فقد توازنه. أصفر لونه، تصبب جسمه عرقاً. وكأن سحابة قاتمة غطت عينيه. أرتبك فلم يحر جواباً! أمسك به الشيخ وأجلسه، سقاه ماء، بعد أن أذاب فيه شيئاً. وأعاد عليه الخيار؟
- يبني، أسم الله الأعظم، يزلزل الأرض والسماوات، مو أمر هيّن!
شليبه غرق بتفكير عميق، كأنه في غيبوبة، وكأنه يتكلم دون وعي، ردد:
- آه، يحسنه، حِسنـﭻ ميَسرني، ما تطيني نفسي أعوفـﭻ. والشرط هذا ... مَدري، شگول عنَه ...؟
صاح الشيخ: شليبه اطيني رايك، گول، گبل ماتروح الفرصة من أيدينه؟
وبدون وعي، أنفلتت من شفتيه "موافج!" باهتة حزينة!
وعاد الشيخ يصرخ مهدداً، متوعداً. ويأتيه الجواب .... أبداً ... نَفِذ؟! اَنَفِذْ ...!؟
قال الشيخ: لاحول ولا قوة إلا بالله.
أيها النجس، أخرج من درب النجاسة ....
وأهتزت حسنه، واضطربت، ولْوَلَتْ. ارتفعت وهي جالسة، كأن أنسان حملها ليبطش بها، فغشى شليبه عينيه بيديه. وأنهارت حسنه، واضطربت ثم تراخت، وتمددت كأنها في سباتٍ أو أنها ماتت! صاح الشيخ: نشيده، شوفي شغلـﭻ!
وامسك بيد شليبه، وخرج إلى ظاهر البيت. وبعد لحظات نادته نشيده، واَرَته الأثر؟! الذي كان يحلم أن يكون على يده!
شاع الخبر، مكرمة للشيخ، دون أن يعلم أحد بالحقيقة. لكن شليبه راح يطرح على نفسه هذا السؤال الذي لم يجرأ أن يوجهه للشيخ نفسه.
- آه، لَوَن أعرف منين دخل الجني؟ ما ﭼـان لازم يطلع من الدرب الدخَل مِنه؟!
علي محمد الشبيبي
الناصرية 13/02/1948
---------------------------------------------
1- من شعر أحمد شوقي في مسرحية -مجنون ليلى-
2- المعلوم، أن هذه الكلمة فارسية. ومعناها –روز- وتعني اليوم، و-خون- أي قارئ. وتغلبت عليها اليوم كلمة منبري أو قارئ.
3- كنت طفلاً وقد سمعت كثيراً من الناس يتحدثون عنه. وأنهم اليوم كانوا في بيت فلان، فتلاه عليهم فلان. وكانت لنا جارة عجوز متعبدة وتزورنا كثيراً وقد تقيم في بيتنا ليال. وطالما قرأته في كتاب للأدعية تحمله معها دائماً.خلاصته ان النبي محمد (ص) دخل بيته وطلب أن يغطى بكساء. وجاء علي(ع) وسأل عن النبي ثم نام تحت الكساء، وهكذا الزهراء والحسن والحسين. وأن جبريل هبط يبلغ النبي عن أن الله جل جلاله قوله: ما خلقت سماءً مبنية ولا أرض مدحية إلا من أجل هؤلاء الذين تحت الكساء. ولكن هذا لم يعد يذكر منذ تبدلت الأرض والناس والحياة والأنارة ؟!
4- الايشان: كلمة أصلها الشأن، يبدو أن هذا المصطلح جاء من أرتفاعه. وعلى أكثر الأحتمالات، أنه مكان مطمور من الآثار القديمة. ويعتقد القرويون أن الأمكنة الموحشة، هي من مساكن الجن!
5- يعتقد القرويون أن الجن قد تتعشق فتاة أو فتى فتتقمص جسده. أو أنه داس مكاناً محترماً لهم، فينتقمون منه!
6- مازلت أذكر ما كانت تحدثنا به جدتنا، وأن بعضهم يظهر على شكل جمرة. وقد يظهر لأمرأة على شكل –جزة صوف- فتهم المرأة لحملها فتهرب منها وتظل المرأة تلاحقها فتختفي، وقد تصاب المرأة عند هذا بالجنون؟! وسمعت من بعض المعممين المحترمين أيضاً أن بيتاً غير مسكون من أهله ولا مستأجر، وأثناء ما كان هؤلاء يتحدثون، إذ بالحجارة تنهال عليهم، فنظروا الشارع فما رأوا شيئاً، ثم رُموا بفحم المراكب، ثم برؤوس البصل، ثم لاح لهم نعاج وخراف عندما سمعوا ثغاءها فأطلوا على البيت ورأوها بعيونهم. وأن أحدهم كان قد صعد إلى السطح ليأتي بقدر فيه رز مطبوخ فلما أمسك بالبرادة، وإذا به يدور بسرعة فائقة وهو ممسك بالبرادة وصار يستغيث، فهرع إليه جملة من أصحابه وأنقذوه؟!
7- العوذة: من تعويذة بالله من الشياطين والجن. والتمايم: شبيه بها. أما عزيمة الجن، فهي لعبة من الذي يدعي ان يتصل بالجن ويدعو كبارهم ورؤساءهم لوليمة خاصة، يأخذ موادها من صاحب الحاجة المعتقد بهذا من لوز وجوز وكشمش وزعفران ودجاج ...ألخ.
8- الخضر- معروف لدى كل الناس وفي كثير من قرى الجنوب، له قبة وحضرة، فيزار ويعيش على سدانة قبته وحضرته قرويون بالوراثة.
أما الحمزة، فمتعدد لا نعلم من هو؟ أما الذي هو في الطريق إلى الديوانية فالمعروف أنه علوي من البحرين جاء لزيارة جده الأمام علي فقتله اللصوص ونهبوا متاع عياله، ومات ودفن. ولا نعلم لماذا أطلقوا عليه أسم الحمزة بينما أسمه الحقيقي "سيد أحمد الغريفي" .
ابو فاضل: العباس ابن الأمام علي قتل في كربلاء. اليَمّة: جمع إمام.
9- جدار البيت وسياجه الذي يحوطه وهو من قصب أو الجريد.
ديوانه عبارة عن غرفة واحدة، متوسطة، ينفسح عنها ساحة، يتوسطها مربع يحتوي شجرة كرم، وزهور موسمية. ديوانه هذا يكتض بالوافدين، عصر كل جمعة، وعصر كل يوم يتجمع فيه الخاصة من أصحابه، والطلبة الذين يدرسون عنده.
وبدون مناسبة، قال أحد الحاضرين: يا جماعة، مرَّ زمن طويل لم نرَ فيه الشيخ جاسم، خلافاً لما أعتاد عليه. فهو كثير الأسفار، سريع العودة من أسفاره!
- مسكين، على فضله، حظه في الرزق شحيح. أينما وجّهَ وجهه لا يحضى بخير!
قال هذا رجل محترم، فعلق آخر: لكل أمرٍ سبب يا مولانا. فالشيخ –غفر الله له- سريع الغضب! ولا أقول فيه حمق؟!
- لا. الواقع، فيه حمقٌ، ويغلب عليه، والله لا يجعلها غيبة! أنا أقول هذا إشفاقاً عليه!
قال هذا آخر، عُرِفَ بصلته الوثيقة بالشيخ جاسم؟ وأنفجر ضحك من آخرين. وعلق أحدهم. وقال:
كفعل جزّار اليهود بالبقر بَرَأها من العيوب وعَقَرْ(1)
عرف الأول ما يرمي إليه صاحبه هذا، فقال: أعتقد أنكم تعلمون الكثير من المحرجات التي يورط نفسه فيها. أذكر لكم واحدة منها. حلَّ مرة ضيفاً على الزعيم "عطية" كانت ليلة جمعة، فالتمس الآخرون منه، أن يتفضل فيرقى المنبر، وذكر الحسين فيه أجر عظيم! لكنه أجاب: انا لست من صنف –الروزخونية(2)- أنا رجل فقه وشرعيات؟! ردّ عليه أحد البارزين من حاشية الزعيم:
-شيخنا ذكر الحسين، يشرف كل واحد، ما يعلو عليه واحد، وإذا ما إلك إطلاع، نكتفي لو تسمعنه –حديث الكساء(3)؟
أنتفض الشيخ، وبدون تروي قال:
- يو ...ه، حديث الكساء، حديث الكساء، هوَّ كله لحاف عتيق، تمزق وانتهى!
أضطرب الديوان من هياج الحاضرين، كاد بعضهم يعتدي عليه، لولا تدخل الزعيم بإشارة من يده، فسكتوا. وعاد أكثرهم من الديوان غضبان أسفاً.
وضج الحاضرون في الضحك. وأنهالت النكات بالمناسبة حول الشيخ جاسم، ومواقفه المحرجة.
في هذه الأثناء دخل الشيخ عبد الحسين. انه من أقارب الشيخ جاسم، حين أستقر، سأله أحدهم، إن كان له علم بالشيخ؟
هَزَّ الرجل رأسه، وبدت منه أبتسامة عريضة، وقال: هذه المرّة يبدو أنه وُفقَ. نسأل الله له ذلك!!
عجّ السامعون بلهفة يستفهمون؟
- ايه ... ياالله، يا الله ... انشاء الله موّفق. وَضّح.
- على غير نيه أتجه إلى قرية من قرى السماوة، وفي مضيف لشيخ القرية، أستقبل بحفاوة، فتحدث وأجاد الحديث ...؟!
- يبدو أن حظه أستيقظ! هذه فاتحة خير.
هكذا قطع حديث قريبه أحد الجالسين، فضجوا بالضحك وتتالت الطُرَف.
وعاد المتحدث يكمل حديثه ..
- وفي المضيف جرى بين الحاضرين الحديث عن شابٍ جُنَّ على أثر مروره بعد الغروب على -ايشان(4)- في نهاية بستان. قالوا انه صُرع من الجِن المقيمين فيه(5). وسألوا الشيخ جاسم، إن كان له علم بهذا الأمر، ولا أدري كيف أستجاب الشيخ، وانتقل إلى ذوي المصروع، حيث أتخذ من مضيفهم الصغير مقاماً له. ولا أطيل عليكم، يبدو أن الله تلطف عليه فنجح بمهمته!! وعاد للشاب عقله! وبناءً على هذا النجاح إلتمسوا منه الأقامة بينهم. وأفهمهم هو: أنه رجل فقه وشرعيات. فزاد أحترامهم له. وأسرعوا فعملوا كوخين محترمين. أحاطوها بسياج من سعف النخيل. وعما قريب سينتقل بعياله للأقامة هناك!
قال أحد الشيوخ من المعممين أمثاله: نسأل الله التوفيق وسعة الرزق.
فعلق آخر: وأن يهديه للتروي، وتدبر الأمور بعقل وأناة!
قال ثالث، موجهاً كلامه إلى فقيه، عُرِفَ في مجال الفلسفة بإطلاع واسع، ومعرفة عميقة:
- ما ترى مسألة الجن؟ الأمر يلتبس علينا. اَهُمْ شياطين من صنف إبليس، أم هم خلقٌ أدنى من الملائكة؟ إن القرآن الكريم أشار إليهم في أكثر من موضع. إن منهم من يؤمن بالله ومنهم كفرة! مايهمني أن وجودهم في الواقع أشبه ما يكون بـ -العنقاء- و –الغيلان-؟ انا لا تهمني التعاريف. يتشكلون بكل شكل(6) حتى الكلب والخنزير. والناس يخلطون في الحديث عنهم. بين مايشير إليه القرآن، وبين ماتذكره الأساطير، في كتب شتى، معتمدة وعادية. أتساءل، إذا كانت لمخلوق ما هذه القدرة الخارقة، فلماذا الأختفاء؟! لماذا لا يحتل هذه الأرض كلها، ويخضع الناس لسلطانه؟!! يزعم الناس أنهم يظهرون في الأماكن المهجورة دون العامرة؟ ثم أخيراً، لم تعد هذه الأسطورة تذكر إلا قليلاً في المدن. حين أنتشرت المدارس الحديثة؟ وعمَّ المصباح الكهربائي، لكنها ماتزال في القرى والأرياف، حيث يعم الجهل والفقر؟!
وتنحنح الشيخ أحمد. فوجّه الجميع أنتباههم إليه. لكنه أكتفى: نحن نؤمن بالله الواحد الأحد، وانه على كل شيئ قدير، وبرسله وكتبه، وبمحمد خاتم النبيين، فلا يسعنا مع هذا أن نشكك أو نناقش؟!
وحان وقت الصلاة، وهبَ الجميع يستعدون لأداء الفريضة.
* * * * *
ألوقت ليل والريح شمال، والبرد قارس، تمس الجسم وكأنها مشرط الحجّام. فالفصل شتاء في أواسط كانون الثاني. الشيخ جاسم في بيته، أمامه الموقد، فيه عدة القهوة، وقد حجب الدخان كل شيئ حتى عمامته البيضائ! كان وحده، لا يستطيع أحد أن يبقى خارج بيته لشدة البرد والظلام. أنه يتشاغل بنفخ جمرات النار، لتشب وتخف وطأة الدخان. ويسعل أثناء ذلك سعالاً مزعجاً، كلما أمعن نفخاً في الموقد أزداد سعالاً! أحس بحركة قادم، فأعتدل وتنحنح، وحولق، وأستغفر بصوته الأجش. كانت أمرأة نَصَف، رحب بها، وبدا عليه أنه أستغرب أن تجرأ أمرأة على الخروج في مثل هذا الوقت، وفي الظلام الحالك والبرد الشديد؟؟
- شيخنا آنه نشيده آل حطيحط. جيتك بأمر واحـﭼـي وياك دِشر (بصراحة)!
- براحتـﭻ ينشيده؟!
- شيخنه! لا بالايشان شياطين ولا جن؟! ابن آدم أشطن من الجن؟ خَلنَه من هاي كِلهَه ...
- لا تطوليهه، ولا تعرضيهه ينشيده، بيني مگصدج ومرادج؟
- شيخنه. آنه اَعَرف سالفة –العوذة والتمايم- وعزيمة الجن(7)! أگول وياك عَدْلَه، بلا ميلَه، ولا توسَلْ؟! عِمله؟ أگول. وگول؟؟ زين ...
- أمرج، ينشيده!
- حسنه بتي، اوْحَيّدتي. حَبَّت وزَلَتْ، وهَسَه أريدك تدبرهَه!؟. "شليبه" ابن عمهَه تجَدَمْ لخطبتهَ، خَلِصهَه من الموت والفضيحة؟!
أطرق الشيخ فترةً، عزف في تفكيره لحظات. وأدركت نشيده سر وجومه. وترجمت هي في سرها، ما راح يفكر به؟ قالت في سرها: ابو عمَيْمَه، أحسب حسابك، هسَّه شكبرهه الفرحة بسَدرك (بصدرك)؟ گول، لزمتج ينشيده من بلعومـﭻ؟! أطلب ما تريد، آنه حاسبه حسابي ومستعده!!
قال الشيخ بصوت متهدج: شلون ما تصير القضية، التدبير يستاهل كل ما اطلب.
- لـﭼن سايم الله عليك، أنصف وياي، وآنه ما قصر. وهَمْ الك عند الله ثواب، تخلص روح، وتستر فضيحه؟!!
- نشيده؟ عشرة صفر ... واعتبري حسنه امعلگه بها اللحية –وامسك لحيته بقبضته- أظن مطلبي موش زَحِم؟ حياة حسنه أغلى ينشيده؟
- موافجه!!
- وبعد..؟
- وشِبَعَد يشيخنه؟!!
- أتفق ويّ ابن عمهَه. وافرض واهُوَ -مثل ماتريدين- مايدري بحـﭼيتج! هاي شتگولين بيه؟
- أمرك!
- أسمعي ينشيده! اعلمـﭻ وعَلمي حسنه بلي تسمعي مني. أضبطي الكلام، كلمة كلمة. المسألة متوقفه على ضبط حسنه بالتمام، مودعه الله. وآنه أنتظر يوم يومين ثلاث، المهم، البدوة بعد الغروب؟! والأحسن ستشيري الحبايب، والجارات ، ها ....ولا تنسين! لازم ماتجين وَحَّدﭺ، شليبه لازم وياﭺ!
* * * * *
ليلة الأربعاء بعد الغروب، هرع نساء القرية من بيوتهن، وقد ذهلن من صياح وأستنجاد.
نشيده تستغيث ...!؟ حسنه، منفوشة الشعر، ممزقة الملابس. ملامح وجهها مفزعة، أمها تخشى الدنو منها. إنها ترمي من يدنو منها بأي شيئ في متناول يدها، حجر، أم حديدة، أو أية آلة جارحة. تعض من يمسك بها، تتعلق بعنقه، أو بشعر رأسه. لقد جُنَّت الفتاة !!
قالت إحدى الجارات، الليلة أربعاء، يَعَلهَه (لعلها) مارة بالايشان؟ لو دايسه بزون (قط) أسود، لو ﭽابَّه (كَبّت) فوح (ماء الرز المغلي) بالموگد؟!.
- من دون الأيام مرّت بالهوايش من صوب الايشان! قالت أحداهن.
- وَهي غافلة عن روحهَه؟ وشفت البت مخلوسه، وعيونهَ مزوغله، وتصيح من راسه! ... وينك يبو فاضل أريد بنيتي منك؟ هكذا ردَّت نشيده على جارتها.
النسوة ذاهلات، عيون حسنه الجميلة، بدت لهن كعيون ثور هائج! لا تكاد تقترب منها أمرأة حتى تبادرها بلطمة على خدها، أو تقذفها ببصقة، وشتيمة!
- شيرن عَليَّ يَخواتي؟ شنهو الأسوي؟
قالت هذا نشيده، بصوت محزونة منهدة القوى من هول الصدمة.
أجابت إحدى الجارات: هٰذَ، الخضر، ابو محمد بعد عيني جِريب. اليدخل عليه مايخيب!
قالت أخرى: أم حسنه، لا تصفنين، بعَجَل دَبري أمرﭺ. أبعجَل! لا تتركين البت لمن تصير حسبته صعبه. اليِمّه (الأئمة) كلهم ما يقصرون، الخضر، الحمزة، ابو فاضل(8)، هُم المندوبين بالشِدّات؟ بس لا تتوانين!
وحضر شليبه مذهولاً. وقال، مستفهماً بلهجة مرتبك:
- صِدك، ﭽذب؟ شها الطرگاعة، منين أجت؟ وشگلتو هِسَّه وشنهو العمل؟
قالت نشيده بلهجة المحزون الحائر: حِرتْ، وحيرني زماني. هاي جبرتي من الله. حرمهه الله من الأبو، وما إطاها أخو، ويرميهَه بها البليه؟
- اَفَه، عليـﭻ عمَّه! آنه عندج، بس گولي.
- شوف نروح للشيخ، لو اُهو ما فادنه بشي، ذاك الوكت، ما اِلهَه غير أبو فاضل! خو كلكم تدرون شلون خَلَص الشيخ، خزعل ابن سنيدح!. وَيْ حِسهَه وبيومهَه؟!
- توكلوا على الله، الشيخ ما هو بعيد، والله بعونكم؟! ردَّ شليبه
ودنا شليبه من حسنه، يتكلف الأبتسامة، وقد أتخذت من خصاص(9) البيت مسنداً. كانت بيد حسنه عصا من جريد النخل، كانت تهدد بها من يحاول الدنو منها....
- حسنه. آنه ابن عمـﭻ. ذِبي الجريده يَبَعد روحي، اطيني أيدﭺ يحبابة البنات.
فلوحت بعصاها في وجهه، لكنه بادرها بخفة، واحتضنها، وصاح: يا الله عمّه وياي!
وهَبت نشيده، وشدّت قوام أبنتها إلى صدرها، وأتجها حيث يقيم الشيخ.
أخذت حسنه تصرخ وتشتم، وتتوعد. تَحجِل بمشيتها مرة وتحرن مرة. تحاول أن تفلت فما تقوى. بصقت على شليبه، حاولت أن تعضه. فعلت كل ما استطاعت من صياح وعويل. وأخيراً وصلوا بها.
الشيخ في ديوانه وحده، أمام الموقد، وقد ملأ الدخان فضاء الديوان. بينما الريح تصارع النخيل والأشجار، فتحس كأن البستان بحرٌ هائج. وخيل لهم، أن الجن فعلت كل هذا، وإنها تتراقص أمامهم. أما الشيخ فأنه ساكن لم يتحرك.
- شيخنه، أدركنه!
صاحت نشيده.
وتنحنح شليبه، فنهض الشيخ مرحباً.
- أهلاً، خير انشاء الله. شنهو الأمر؟
أخذ شليبه يحدث الشيخ عما حدث بلهجة المحزون، والشيخ مصغ يعلن الأسف، ويهوّن الأمر!
- كَتِّفها يا شليبه بشرباكك. قال الشيخ.
ونادى على مصباح ثان من بيته، بينما أخذ يخط دائرة وهمية وسط الكوخ. وأمرَ أن يجلسوها وسط الدائرة! توضأ وتوجه إلى القبلة، رافعاً يديه إلى السماء، مبتهلاً متوسلاً، إلى الله العلي القدير أن يعينه على رد العافية إلى الصريعة. بعد هذا أمسك بعصا خيزران، ودنا من نشيده، وهمس في إذنها "وَصَيتيهَه تتحمل؟" فأجابت بحركة من حاجبيها! عند هذا رفع عصاه، وقال بصوت متهدج: إن كنت من عباد الله الصالحين، فانا أقسم عليك بالأنبياء والأولياء أن تغادر جسدها حالاً؟!"
وكأن هذه الكلمات أنصبت حمماً على حسنه. فهاجت واضطربت، وصرخت تهدد الشيخ وتتوعده، بلسان الجني المارد؟ فحولق الشيخ وأنذره.
- كافر، نجس، أحرقك باسم الله الأعظم! أحرقك. أسمع. أنذرك. وستندم أخيراً!
فزاد هياجها، وأضطرابها. فأهوى بخزرانته يضربها ضرباً مبرحاً. وصار يلهث كأنه يشعر بالرهبة، والمجازفة، مع جني من الكفرة؟ كان الشيخ يصرخ، ويلفظ كلمات مبهمة ... "يحق ..هـ ع، و حوحو، أتركها، أتسمع؟ نصيحتي لك.
ردت حسنه – أبدا ما اتزحزح، إنتَ مالك حتى تأمرني، آنه مو مِنكم!
- هـ ...ا! انتَ مو مِنّا! صار معلوم!
- نشيده، يا الله بعجل، حضري دجاجة سوده، مابيه ريشة وحدة بيضه؟! وزعفران، ولوز وكشمش، وتمن عنبر!
ها اليلة أعمل وليمة لريس الجان، ومنّه أعرف ها العنيد،واعَلمَه بعدين عاقبة عناده؟!
حين خرجت نشيده، أنتحى الشيخ بشليبه ناحية، وقال:
شليبه، إتحبهَه؟ وتريد حياتهَه؟
- يشيخنه، اهي بت عمي ورادتي. ومستعد اشتري حياتهَه بماي عيوني!
- وآنه أطيك عهد بالله ورسوله، أرجع حسنه مثل ماتعرفهَه إلا بشرط!
- ﮔول شيخنه، أطلب، آنه حاضر.
- عشر ليرات صفر ... عثمانيه! توافق؟
- أبشر شيخنه، بسْ ترد العافية لحسنه!
وعادت الأم ومعها ما أمر به الشيخ، فقال:
- وهساعه، خلّو البِت الليله إهنا، وروحوا الله وياكم؟! آمنوا بالله ورسوله، الليلة أعزم والصباح رباح!
خرجوا، ففك الشيخ وثاقها، وراح يلقنها تعليماته الأخيرة.
ذبح الدجاجة وأحتفظ بدمها في الحوصلة بعد تنظيفها.
- اخذي الآن راحتك يحسنه، صرفت أمك وشليبه، وأجَلت القضية للصبح. ديري بالـﭻ، لا تغلطين بـﭼلمه، وحده من اللي فهمتـﭻ بيه. أريدﭺ تصيرين مسودنه تمام. إشتميني، هينيني، إحملي وجع الخيزرانة، حياتج، وسلامتـﭻ معلگه باللي علمتـﭻ. مفهوم؟
* * * * *
بعد شروق صباح الخميس، توجه دَحام بالأبقار، والأغنام، توقف عند ساقية يجري فيها الماء. دفع حيواناته ترد منها. لمح قريباً منها تحت شجرة سدر ضخمة "هيله" غريمة حسنه في حب دحام.
أبتسمت هيله وأدرك دحام ما تريد، قالت: ها! يدحام عِمَلتْه؟ هسه عرفتك غدار، والله نجاني منك!
- أنتِ شامته يهيله؟
- لا. أبد .... أحمد الله واشكره على سلامتي من الجني! والحمد للله. وانت تعرف ما عندي أم مثل نشيده! وانت تدري وآنه أدري نشيده تحبك مثل حسنه وأزود.
وبقفزة مرحة عبرت الساقية، تهش على حيواناتها. والتفتت وقالت: عيش وشوف، الوكت ما يظل صافي للدوم، لابد ما يصير خابط وعلگم؟!
في هذه الأثناء توجه شليبه ونشيده إلى الشيخ. قالا بعد السلام: ها شيخنه، خير انشاء الله؟
- ماكو غير الخير. استريحوا، آنه وحسنه، ما غمضت إلنه عين طول الليل. لكن عرفت سر الملعون! ريس الجان يـﮕول: هذا الجني كافر، مايفيد وياه غير اسم الله الأعظم! أستريحوا هالساعه، ينتهي كل شي؟!
حسنه، كأنها لم تبرح الدائرة، ولم يفك وثاقها، وكما رآها شليبه أمس.عيناها كأنها تقدحان الشرر. تديرهما وراءه أينما أتجه، وتنظر إليه نظرات الغضب الحاقد. عاد الشيخ يقول:
- كل حركة تصدر من حسنه من لسانها، من عيونهه، في الواقع هيَّ من حركات هذا الجني الملعون! الذي سكن جسدها الطاهر؟! وبعون الله اليوم اطرده. وإلى جهنم وبئس المصير! قال الشيخ وأعتمَّ بعمامته، وطوق عنقه بـ-الحنك- وهزّ الخيزرانة بيده هزاً عنيفاً، وصاح:
- أسمعْ، إفهمْ. أطلع واسلم على نفسك، وإلا احرقتك باسم الله الأعظم؟
- صرخت حسنه، ولْوَلَتْ، واضطربتْ، وأنهال الشيخ عليها بالخيزرانة. أسمَعَتْ الشيخ كلمات الهزء بلحيته، وعمامته، وأعلنت باسم الجني، الأصرار على البقاء!
أرتد الشيخ إلى الوراء، وعاد يحمل صحيفةً، كتبت بالزعفران، مؤطرة بماء الذهب، وقال:
- هذا آخر إنذار. أنظر هذه الصحيفة، فيها أسم الله الأعظم. وخاتم سليمان الذي سجنكم في القماقم! أتَسمعْ، ها، ها؟ أجبْ؟
فصاحت حسنه، تعال يا شيخ، أسمع ما أشترِط. نَفِّذ وآنه اَنْفِذْ!!
دنا الشيخ، وضع أذنه قريباً من فمها. وأرتد مزبداً مرعداً يصيح: ملعون، كافر، نجس، خسيس!
والتفت إلى شليبه ونشيده:
- تعالوا أسمعوا. تعالوا! وأخذ بيده شليبه وقال بصوت واطئ، وهو يلهث فزعاً:
- تدري بشرط هالكافر؟ ابتعدي أنتِ ينشيده -موجها كلامه لنشيده-، خليني أتفاهم ويّ شليبه... أبني هذا الجني كافر وملعون ونجس. خيرني، واحد من أربعة؟ ما يطلع إلا من واحد منهن! يبني اعرفت اشگلتْ؟ يبني، اعيونه، آذانهه، بلعومه والرابع ....؟عَرفتْ؟!
وتحمس الشيخ منفعلاً: لأن هو نجس، يرغب بدرب نجس؟ وهذا أول وتالي هَمْ ينفَض على أيدك؟ من عيونه، تعمه. من آذانه، تصير طرشه. من بلعومه، تختنق وتموت! رِد عليّ؟
شليبه أحس كأن الأرض تدور به دورة سريعة، سريعة جداً. لم يسيطر على نفسه، فقد توازنه. أصفر لونه، تصبب جسمه عرقاً. وكأن سحابة قاتمة غطت عينيه. أرتبك فلم يحر جواباً! أمسك به الشيخ وأجلسه، سقاه ماء، بعد أن أذاب فيه شيئاً. وأعاد عليه الخيار؟
- يبني، أسم الله الأعظم، يزلزل الأرض والسماوات، مو أمر هيّن!
شليبه غرق بتفكير عميق، كأنه في غيبوبة، وكأنه يتكلم دون وعي، ردد:
- آه، يحسنه، حِسنـﭻ ميَسرني، ما تطيني نفسي أعوفـﭻ. والشرط هذا ... مَدري، شگول عنَه ...؟
صاح الشيخ: شليبه اطيني رايك، گول، گبل ماتروح الفرصة من أيدينه؟
وبدون وعي، أنفلتت من شفتيه "موافج!" باهتة حزينة!
وعاد الشيخ يصرخ مهدداً، متوعداً. ويأتيه الجواب .... أبداً ... نَفِذ؟! اَنَفِذْ ...!؟
قال الشيخ: لاحول ولا قوة إلا بالله.
أيها النجس، أخرج من درب النجاسة ....
وأهتزت حسنه، واضطربت، ولْوَلَتْ. ارتفعت وهي جالسة، كأن أنسان حملها ليبطش بها، فغشى شليبه عينيه بيديه. وأنهارت حسنه، واضطربت ثم تراخت، وتمددت كأنها في سباتٍ أو أنها ماتت! صاح الشيخ: نشيده، شوفي شغلـﭻ!
وامسك بيد شليبه، وخرج إلى ظاهر البيت. وبعد لحظات نادته نشيده، واَرَته الأثر؟! الذي كان يحلم أن يكون على يده!
شاع الخبر، مكرمة للشيخ، دون أن يعلم أحد بالحقيقة. لكن شليبه راح يطرح على نفسه هذا السؤال الذي لم يجرأ أن يوجهه للشيخ نفسه.
- آه، لَوَن أعرف منين دخل الجني؟ ما ﭼـان لازم يطلع من الدرب الدخَل مِنه؟!
علي محمد الشبيبي
الناصرية 13/02/1948
---------------------------------------------
1- من شعر أحمد شوقي في مسرحية -مجنون ليلى-
2- المعلوم، أن هذه الكلمة فارسية. ومعناها –روز- وتعني اليوم، و-خون- أي قارئ. وتغلبت عليها اليوم كلمة منبري أو قارئ.
3- كنت طفلاً وقد سمعت كثيراً من الناس يتحدثون عنه. وأنهم اليوم كانوا في بيت فلان، فتلاه عليهم فلان. وكانت لنا جارة عجوز متعبدة وتزورنا كثيراً وقد تقيم في بيتنا ليال. وطالما قرأته في كتاب للأدعية تحمله معها دائماً.خلاصته ان النبي محمد (ص) دخل بيته وطلب أن يغطى بكساء. وجاء علي(ع) وسأل عن النبي ثم نام تحت الكساء، وهكذا الزهراء والحسن والحسين. وأن جبريل هبط يبلغ النبي عن أن الله جل جلاله قوله: ما خلقت سماءً مبنية ولا أرض مدحية إلا من أجل هؤلاء الذين تحت الكساء. ولكن هذا لم يعد يذكر منذ تبدلت الأرض والناس والحياة والأنارة ؟!
4- الايشان: كلمة أصلها الشأن، يبدو أن هذا المصطلح جاء من أرتفاعه. وعلى أكثر الأحتمالات، أنه مكان مطمور من الآثار القديمة. ويعتقد القرويون أن الأمكنة الموحشة، هي من مساكن الجن!
5- يعتقد القرويون أن الجن قد تتعشق فتاة أو فتى فتتقمص جسده. أو أنه داس مكاناً محترماً لهم، فينتقمون منه!
6- مازلت أذكر ما كانت تحدثنا به جدتنا، وأن بعضهم يظهر على شكل جمرة. وقد يظهر لأمرأة على شكل –جزة صوف- فتهم المرأة لحملها فتهرب منها وتظل المرأة تلاحقها فتختفي، وقد تصاب المرأة عند هذا بالجنون؟! وسمعت من بعض المعممين المحترمين أيضاً أن بيتاً غير مسكون من أهله ولا مستأجر، وأثناء ما كان هؤلاء يتحدثون، إذ بالحجارة تنهال عليهم، فنظروا الشارع فما رأوا شيئاً، ثم رُموا بفحم المراكب، ثم برؤوس البصل، ثم لاح لهم نعاج وخراف عندما سمعوا ثغاءها فأطلوا على البيت ورأوها بعيونهم. وأن أحدهم كان قد صعد إلى السطح ليأتي بقدر فيه رز مطبوخ فلما أمسك بالبرادة، وإذا به يدور بسرعة فائقة وهو ممسك بالبرادة وصار يستغيث، فهرع إليه جملة من أصحابه وأنقذوه؟!
7- العوذة: من تعويذة بالله من الشياطين والجن. والتمايم: شبيه بها. أما عزيمة الجن، فهي لعبة من الذي يدعي ان يتصل بالجن ويدعو كبارهم ورؤساءهم لوليمة خاصة، يأخذ موادها من صاحب الحاجة المعتقد بهذا من لوز وجوز وكشمش وزعفران ودجاج ...ألخ.
8- الخضر- معروف لدى كل الناس وفي كثير من قرى الجنوب، له قبة وحضرة، فيزار ويعيش على سدانة قبته وحضرته قرويون بالوراثة.
أما الحمزة، فمتعدد لا نعلم من هو؟ أما الذي هو في الطريق إلى الديوانية فالمعروف أنه علوي من البحرين جاء لزيارة جده الأمام علي فقتله اللصوص ونهبوا متاع عياله، ومات ودفن. ولا نعلم لماذا أطلقوا عليه أسم الحمزة بينما أسمه الحقيقي "سيد أحمد الغريفي" .
ابو فاضل: العباس ابن الأمام علي قتل في كربلاء. اليَمّة: جمع إمام.
9- جدار البيت وسياجه الذي يحوطه وهو من قصب أو الجريد.