1 ـ سبو:
لسبو مجراه الشجي
ينساب حزينا مثل عجوز هشّم أضراسها قرن ثور خصي.
لسبو أن يرتق أشلاء رايته الرمداء، أن يخلع أسماله
أو أن ينساه الماء.
2 ـ الفيلسوف:
ضع عينيك الحمراوين في رفّ المكتبه
ضع ممحاتك الوقحه،
وانصرف أيها الفيلسوف الشقي.
سفسطت بما يكفي.
دع عنك الجدل،
ليس منا من يشتهي معنى الأشياء
دعك سكرانَ صحبة أهل الكهف.
رُبّ جرعةِ سمٍّ أشهى من وجع الأسئله.
3 ـ المساء:
باهت لون هذا المساء
واجهات البنايات مطلية بطلاء غبي
فتيات يعربدن مثل طلول مهترئه
عبس الأعشى، صار حطابا ينتشي كلما سقطت شجره.
شاحب لون هذا المساء.
4 ـ الحزن:
إثمد أعمى يجتاز حدود الجفون،
يجتاح حدود الحدود
عضّدي عضُد الحزن الملتوي حول أحشائك النافره
يَتُها الدِّفلى الذابله.
5 ـ الفَنَك:
أنت لا ترعوي، زوبعت فناجيننا كي نراك
أيها الفنك المتباهي بشاربه البهلواني.
نرجسي هواك، مثل خاتمك المرشوش بقيح البعوض وماء الصدأ.
ها أنتذا في ذروة الانتشاءْ، تزهو وحولك القبور تطرق أبواب السحاب، علّ السماء
تروي جذور سدرة المنتهى
ها أنت تستظل تحت سدرة المنتهى
فاهنأ قليلا أو كثيرا
واختبئ في كمّ رعبك الدفيء . . . كلّما حل المساء.
6 ـ الشهيد:
قتلوك أخي!
ليت أسواطهم أشفقت لحظة كي تشهق أنفاسُك الحرّى
شهقة تخرِج الروح من ضنك الوقت القاسي
مرة واحده.
ليت أصواتهم هدأت لحظة كي تغادرهم بهدوء وسيم
نحو برزخك المروي بماء يهمي دما في أوراق الأقحوان.
ليتهم، حين هاجمهم بغثة دمك النافرـ ارتعشواْ!
صم عمي قاتلوك، لم يروا ضوءك القزحيّ يلألئُ كل مساء حزين.
ليتهم صُعقواْ حين اقتحفوا قحفك المقفول على القمقم السحري!
ماذا وجدواْ حين خشحش قحفك وامتخ منتثراً فوق أزرارهم؟
ليتهم بُهتواْ!
كيف اختطفوا وجهك المتوهج في برزخ الوقت الأزلي؟
ليت فرحتهم بلسمت رعبهم، وهوت بمناديلهم في غور الجنون!
يا أخي،
حين امتخ قحفك منتثراً هربواْ.
ألفيتك وحدك
يا . . .
يا أخي
مرفوسا في دمك اللزج العاري، في ركن قان قصيٍّ، تئن من الوخزِ
أين ألفيك الآن
يا . . .
يا أخي
يا حبيِّب نفسي وقد خنتني حين أسريت في جوف الليل ممتطيا هودجا
يتهادى فوق بساط السحاب، تاركا حلقي المتقيِّحَ
تهرب منه حبيبات الريقِ
يهرب منه رسيس الهواءْ.
7 ـ الرائحه:
تواتر النباح هذا المساء
كأن موعد الوليمة ابتدأ
فلتنفر الكواسر المزمجره
ولتنفر الكلابُ قبل أن تتيه الرائحهْ
كم من ضباع ستجيء؟
كم ثعلب سينتشي؟
لولا النباح ما نتنت أصداء هذا المساء.
8 ـ اللهاث:
لاهثا خلف المعنى ألوي عنق المتداركِ
علّيَ أغفو كي يأتي ضوء لا يفضي إلاّ إلى عتمة تأوي شرر الماءْ.
فاعلن
فا. . فا
فاعلن
لي أن أستل خيوط اليباب، سأسرطن ما أبقاه الوقت الغبيّ
من هنيهات صفراء تموء مواء المساء الطريدْ.
جئت من كبوة لم تثر شرراً، لم تثر عاصفه
أين بدء انبثاق الضوء؟
أين بدء الحضورْ
في ذاك الفضاء النديَ، الشجيّ، المهندس للرغبات؟
9 ـ السَّموم:
الآن فقط، أستطيع استنشاق ريح سَموم
تهب من الأطلسي، تشوي أعضائي، تعدو بي شرقا صوب قرطاج.
أصفع الباب خلفي وأعدو في كل ناحيةٍ. هل أحط رحالي في عدنٍ؟
هل تسري سَمومي بي وبصهدي إلى بور سعيد؟
كلاّ، ليس لي بدء كي أُتمّ الطواف
أنا لحظة الاحتراقْ
أزفتْ
كل هذا الحطام الممتد شرقا وغربا في قبضتي
انفثي شرركْ يا رياح السمومْ
في قفا كل ماء أجاج يقول: ” أنا فالق القش والنار، فاقئ كل نوىً يتهيأ للانبثاقْ “
10 ـ تونس:
هنيئا لصوت صحا، ولحى وقته العذبَ، دحاه بعيدا
وراء الصدى . . . واحترقْ.
مريئا لذرّات ذاك الرفاتِ المسجّى بجمر اللبانِ وماء السحابْ.
لذرّات ذاك الرفات المفتّتِ أن تتجول في كل وادٍ،
وأن توقد النار في كل دارٍ وفي كل حاره.
وسهلا
بنار تفوح شظايا، تغلّي مياه إله المياه
يهز إله المياهِ جناحيه في الماءْ، تفور البراكين
بحرا
وجوا
وأرضا
تشق طريق البشاره.
فمرحى بماء يكر إلى النارِ صوب إله المياهْ.
وبرحى
بماءٍ
يلوذ
بماءٍ
يلوذ
بغارٍ
يلوذ
بصمتٍ
ينام وحيدا بلا صوت ريحٍ يبث شهيقا، يجرّ زفيرا، يدير عقارب وقتٍ تدير حياة الفصولْ.
حين انتفض الماء الفائر قالت الأم للماء:
– أطفئ النار
قال الماء:
-أنا لا أطفئ النار “
فار التنّور وفاض الماء، قيل للأرض:
-ابتلعي الماء
قالت الأرض الخاثره:
-أنا لا أبتلع الماء
قيل للنار:
-اسلقي الماء
قالت النار الثائره:
-عندما يأذن الماء
صار الماء فورة كل السيول، صارت النار زوبعةً تطّاير خلف الغمام
” قال الأب للعصا:
– اضربي الولد
قالت العصا:
– أنا لا أضرب الولد “
عصت العصا أمر الخطاب الملتحي بدم الهتافْ
وتوقف الوقت المزمجر برهةً. طويَ الكتابْ
فلترحلنّ الآن يا ” صاحبي “
لا يسلمنْ منا أحدْ
منا يسيل دم الهتافِ مهرهرا يسقي الحقول
Go out
لا يسلمنْ منا أحدْ
منّا تهيج بداية الأبدية المتوهّجهْ
ارحل
لا يسلَمَنْ منا أحدْ
لا يسلَمَنْ منا أحدْ
11 ـ وبعد،
لم أغسل ثيابي بعد، هل أسافر ليلاً إليكِ وقد سامني صوتك العذبُ سوء الأذى؟
هل تغَشّي حُبيبات هذا الليل الكفيف لواحظ أعدائي كي أمرّ، كي أهجر وقتي وأسعى إليك؟
ليت الوقت أنصفني مرة واحدهْ
كي أرمم أشيائي وأسافرَ في غيبة عنك، عني، عن كل شيءْ
ليت الوقت أنصفني مرة واحدهْ
لا يسلمنْ منا أحدْ
لا يسلمنْ منا أحدْ.
لسبو مجراه الشجي
ينساب حزينا مثل عجوز هشّم أضراسها قرن ثور خصي.
لسبو أن يرتق أشلاء رايته الرمداء، أن يخلع أسماله
أو أن ينساه الماء.
2 ـ الفيلسوف:
ضع عينيك الحمراوين في رفّ المكتبه
ضع ممحاتك الوقحه،
وانصرف أيها الفيلسوف الشقي.
سفسطت بما يكفي.
دع عنك الجدل،
ليس منا من يشتهي معنى الأشياء
دعك سكرانَ صحبة أهل الكهف.
رُبّ جرعةِ سمٍّ أشهى من وجع الأسئله.
3 ـ المساء:
باهت لون هذا المساء
واجهات البنايات مطلية بطلاء غبي
فتيات يعربدن مثل طلول مهترئه
عبس الأعشى، صار حطابا ينتشي كلما سقطت شجره.
شاحب لون هذا المساء.
4 ـ الحزن:
إثمد أعمى يجتاز حدود الجفون،
يجتاح حدود الحدود
عضّدي عضُد الحزن الملتوي حول أحشائك النافره
يَتُها الدِّفلى الذابله.
5 ـ الفَنَك:
أنت لا ترعوي، زوبعت فناجيننا كي نراك
أيها الفنك المتباهي بشاربه البهلواني.
نرجسي هواك، مثل خاتمك المرشوش بقيح البعوض وماء الصدأ.
ها أنتذا في ذروة الانتشاءْ، تزهو وحولك القبور تطرق أبواب السحاب، علّ السماء
تروي جذور سدرة المنتهى
ها أنت تستظل تحت سدرة المنتهى
فاهنأ قليلا أو كثيرا
واختبئ في كمّ رعبك الدفيء . . . كلّما حل المساء.
6 ـ الشهيد:
قتلوك أخي!
ليت أسواطهم أشفقت لحظة كي تشهق أنفاسُك الحرّى
شهقة تخرِج الروح من ضنك الوقت القاسي
مرة واحده.
ليت أصواتهم هدأت لحظة كي تغادرهم بهدوء وسيم
نحو برزخك المروي بماء يهمي دما في أوراق الأقحوان.
ليتهم، حين هاجمهم بغثة دمك النافرـ ارتعشواْ!
صم عمي قاتلوك، لم يروا ضوءك القزحيّ يلألئُ كل مساء حزين.
ليتهم صُعقواْ حين اقتحفوا قحفك المقفول على القمقم السحري!
ماذا وجدواْ حين خشحش قحفك وامتخ منتثراً فوق أزرارهم؟
ليتهم بُهتواْ!
كيف اختطفوا وجهك المتوهج في برزخ الوقت الأزلي؟
ليت فرحتهم بلسمت رعبهم، وهوت بمناديلهم في غور الجنون!
يا أخي،
حين امتخ قحفك منتثراً هربواْ.
ألفيتك وحدك
يا . . .
يا أخي
مرفوسا في دمك اللزج العاري، في ركن قان قصيٍّ، تئن من الوخزِ
أين ألفيك الآن
يا . . .
يا أخي
يا حبيِّب نفسي وقد خنتني حين أسريت في جوف الليل ممتطيا هودجا
يتهادى فوق بساط السحاب، تاركا حلقي المتقيِّحَ
تهرب منه حبيبات الريقِ
يهرب منه رسيس الهواءْ.
7 ـ الرائحه:
تواتر النباح هذا المساء
كأن موعد الوليمة ابتدأ
فلتنفر الكواسر المزمجره
ولتنفر الكلابُ قبل أن تتيه الرائحهْ
كم من ضباع ستجيء؟
كم ثعلب سينتشي؟
لولا النباح ما نتنت أصداء هذا المساء.
8 ـ اللهاث:
لاهثا خلف المعنى ألوي عنق المتداركِ
علّيَ أغفو كي يأتي ضوء لا يفضي إلاّ إلى عتمة تأوي شرر الماءْ.
فاعلن
فا. . فا
فاعلن
لي أن أستل خيوط اليباب، سأسرطن ما أبقاه الوقت الغبيّ
من هنيهات صفراء تموء مواء المساء الطريدْ.
جئت من كبوة لم تثر شرراً، لم تثر عاصفه
أين بدء انبثاق الضوء؟
أين بدء الحضورْ
في ذاك الفضاء النديَ، الشجيّ، المهندس للرغبات؟
9 ـ السَّموم:
الآن فقط، أستطيع استنشاق ريح سَموم
تهب من الأطلسي، تشوي أعضائي، تعدو بي شرقا صوب قرطاج.
أصفع الباب خلفي وأعدو في كل ناحيةٍ. هل أحط رحالي في عدنٍ؟
هل تسري سَمومي بي وبصهدي إلى بور سعيد؟
كلاّ، ليس لي بدء كي أُتمّ الطواف
أنا لحظة الاحتراقْ
أزفتْ
كل هذا الحطام الممتد شرقا وغربا في قبضتي
انفثي شرركْ يا رياح السمومْ
في قفا كل ماء أجاج يقول: ” أنا فالق القش والنار، فاقئ كل نوىً يتهيأ للانبثاقْ “
10 ـ تونس:
هنيئا لصوت صحا، ولحى وقته العذبَ، دحاه بعيدا
وراء الصدى . . . واحترقْ.
مريئا لذرّات ذاك الرفاتِ المسجّى بجمر اللبانِ وماء السحابْ.
لذرّات ذاك الرفات المفتّتِ أن تتجول في كل وادٍ،
وأن توقد النار في كل دارٍ وفي كل حاره.
وسهلا
بنار تفوح شظايا، تغلّي مياه إله المياه
يهز إله المياهِ جناحيه في الماءْ، تفور البراكين
بحرا
وجوا
وأرضا
تشق طريق البشاره.
فمرحى بماء يكر إلى النارِ صوب إله المياهْ.
وبرحى
بماءٍ
يلوذ
بماءٍ
يلوذ
بغارٍ
يلوذ
بصمتٍ
ينام وحيدا بلا صوت ريحٍ يبث شهيقا، يجرّ زفيرا، يدير عقارب وقتٍ تدير حياة الفصولْ.
حين انتفض الماء الفائر قالت الأم للماء:
– أطفئ النار
قال الماء:
-أنا لا أطفئ النار “
فار التنّور وفاض الماء، قيل للأرض:
-ابتلعي الماء
قالت الأرض الخاثره:
-أنا لا أبتلع الماء
قيل للنار:
-اسلقي الماء
قالت النار الثائره:
-عندما يأذن الماء
صار الماء فورة كل السيول، صارت النار زوبعةً تطّاير خلف الغمام
” قال الأب للعصا:
– اضربي الولد
قالت العصا:
– أنا لا أضرب الولد “
عصت العصا أمر الخطاب الملتحي بدم الهتافْ
وتوقف الوقت المزمجر برهةً. طويَ الكتابْ
فلترحلنّ الآن يا ” صاحبي “
لا يسلمنْ منا أحدْ
منا يسيل دم الهتافِ مهرهرا يسقي الحقول
Go out
لا يسلمنْ منا أحدْ
منّا تهيج بداية الأبدية المتوهّجهْ
ارحل
لا يسلَمَنْ منا أحدْ
لا يسلَمَنْ منا أحدْ
11 ـ وبعد،
لم أغسل ثيابي بعد، هل أسافر ليلاً إليكِ وقد سامني صوتك العذبُ سوء الأذى؟
هل تغَشّي حُبيبات هذا الليل الكفيف لواحظ أعدائي كي أمرّ، كي أهجر وقتي وأسعى إليك؟
ليت الوقت أنصفني مرة واحدهْ
كي أرمم أشيائي وأسافرَ في غيبة عنك، عني، عن كل شيءْ
ليت الوقت أنصفني مرة واحدهْ
لا يسلمنْ منا أحدْ
لا يسلمنْ منا أحدْ.