اليومُ، أعددّتُ صينية بطاطس ودجاج محمّر. وجبتنا المفضّلة، الملائمة لبراح الويك إيند. مرّاتٌ قلائل لا يزعجني فيها تقطيعُ البصل الذي تحتاجه هذه الوصفةُ بكثرة. انسابت دمعاتٌ بالطبع، كالعادة تدرّجت غزارة المنسوب كلما توغّلتُ في بشر البصلة إلى عمقها. هذه المرة كنت أَحوَط، أُغنّي... كنت مُرتاحة. كنت أُغنّي لحليم.
بحيلةٍ لم تتطلّب مني الكثير من الوقت في التفكير، قرّرت أن أتبارى مع دموعي. أنحدرُ برأسي أسفل قليلا في الوقت الذي أشعر فيه باستثارة في عينيّ، أَرقُب حابسة الأنفاس كُرة الماء المالح وهي تبدأ تتشكّل على حافة جفني. "زي الهوا يا حبيبي زي الهوا" وأنا مُنشغلة بما يَليق في عملية البشر محتفظة بسكون جسمي إلى حد ما؛ أتفادى الاقتراب من الصحن الذي أعمل عليه، ولا أفقد مع هذا تركيزي مع دمعتي اللؤم. "وفي عزّ الكلام سكت الكلام"، استمرُّ في الغناء. الدمعةُ الآن استدارت بما يكفي، تتكوّر، تتجهّز للانزلاق. اكتملت كدمعةٍ ناضجةٍ قائمةٍ بذاتها، ثم بحركةٍ رشيقةٍ من رأسي أُغافل السقوط. أَشيح بوجهي منتشية بانفعال "وأتاريني ماسك الهوا بإيديّا" فتطير دمعاتي مع حركة الهواء، تستقر إلى حيث ما هو أبعد عن سطح خديّ. "وآآآه من الهوى... يا حبيبي".
لا أهوى المطبخ، حتما لا أُجيد الطبخ بمقاييس ربّات البيوت. لم يَقل لي أحدٌ من قبل أنّي صاحبة نَفَسٍ طيّبٍ في إعداد الطعام. وأنا؛ إحساسي بأنّي ذوّاقة؛ لم تستغرق وقتا طويلا للتكيّف مع الحال الجديدة. تُجيد تقليد الوصفات التي أعجبتها على موائد أهل زوجها، ولا مانع أن تَقع بسهولة في تقليديّة طبخ جميع أنواع الخضار كما تفعل أمّها بالضبط. احتار أيُّ صنفٍ أنا. طعمي يتغيّر كل يوم مع كل طبخة، البارحة احترقت مع قطع الناجتس، في مرّة تَلحّفت برائحة شواء البُلطي وأنا أشاهد"The Reader" للمرة... لا أدري! تكاسلتُ عن إحصاء المرّات التي أَبرُق فيها كثمرة طماطم طازجة امتزجت مع شطرات الكابوتشى الشقيّة، أو اللحظة التي أكون فيها مستكينة كأوراق الملوخية قبل خرطها.
هذا المساء، كنت يافعةً بما يكفي، اتقافز في المساحة بين الثلاّجة وحوض الغسيل، بخفّة افتح ضلفة دولاب الأطباق، اسحب واحدًا بحركة بهلوانيّة. كنت اليوم مع صينية الدجاج بالبطاطس كتلك القضمة المتلذّذة بطعم البصل في المنتصف بعد أن انكسرت صنّته واكسبته الصالصا ميوعةً محبّبة.
إيمان علي
بحيلةٍ لم تتطلّب مني الكثير من الوقت في التفكير، قرّرت أن أتبارى مع دموعي. أنحدرُ برأسي أسفل قليلا في الوقت الذي أشعر فيه باستثارة في عينيّ، أَرقُب حابسة الأنفاس كُرة الماء المالح وهي تبدأ تتشكّل على حافة جفني. "زي الهوا يا حبيبي زي الهوا" وأنا مُنشغلة بما يَليق في عملية البشر محتفظة بسكون جسمي إلى حد ما؛ أتفادى الاقتراب من الصحن الذي أعمل عليه، ولا أفقد مع هذا تركيزي مع دمعتي اللؤم. "وفي عزّ الكلام سكت الكلام"، استمرُّ في الغناء. الدمعةُ الآن استدارت بما يكفي، تتكوّر، تتجهّز للانزلاق. اكتملت كدمعةٍ ناضجةٍ قائمةٍ بذاتها، ثم بحركةٍ رشيقةٍ من رأسي أُغافل السقوط. أَشيح بوجهي منتشية بانفعال "وأتاريني ماسك الهوا بإيديّا" فتطير دمعاتي مع حركة الهواء، تستقر إلى حيث ما هو أبعد عن سطح خديّ. "وآآآه من الهوى... يا حبيبي".
لا أهوى المطبخ، حتما لا أُجيد الطبخ بمقاييس ربّات البيوت. لم يَقل لي أحدٌ من قبل أنّي صاحبة نَفَسٍ طيّبٍ في إعداد الطعام. وأنا؛ إحساسي بأنّي ذوّاقة؛ لم تستغرق وقتا طويلا للتكيّف مع الحال الجديدة. تُجيد تقليد الوصفات التي أعجبتها على موائد أهل زوجها، ولا مانع أن تَقع بسهولة في تقليديّة طبخ جميع أنواع الخضار كما تفعل أمّها بالضبط. احتار أيُّ صنفٍ أنا. طعمي يتغيّر كل يوم مع كل طبخة، البارحة احترقت مع قطع الناجتس، في مرّة تَلحّفت برائحة شواء البُلطي وأنا أشاهد"The Reader" للمرة... لا أدري! تكاسلتُ عن إحصاء المرّات التي أَبرُق فيها كثمرة طماطم طازجة امتزجت مع شطرات الكابوتشى الشقيّة، أو اللحظة التي أكون فيها مستكينة كأوراق الملوخية قبل خرطها.
هذا المساء، كنت يافعةً بما يكفي، اتقافز في المساحة بين الثلاّجة وحوض الغسيل، بخفّة افتح ضلفة دولاب الأطباق، اسحب واحدًا بحركة بهلوانيّة. كنت اليوم مع صينية الدجاج بالبطاطس كتلك القضمة المتلذّذة بطعم البصل في المنتصف بعد أن انكسرت صنّته واكسبته الصالصا ميوعةً محبّبة.
إيمان علي