عباس محمود العقاد - كــأس الحـيـاة أعـلّيـنـي عـلى ظـمـأ

كــأس الحـيـاة أعـلّيـنـي عـلى ظـمـأ
وبــللي بــالحُــمـيّـا طـيـن صـلصـالي
وأســكــريــنــي حـتـى لا يـكـون ردى
إلا كــمــا غــاب حــس بـعـد جـريـال
وفـتـشـي فـي زوايا القلب فاقتدحي
ظــنّــاً بــظــن وبــلبــالا بــبـلبـال
إنــي حــسـبـت حـيـاتـي غـيـر واحـدة
مــن التــغــيــر مــن حـال إلى حـال
ومـا الحـيـاة لعـمـري حـين تقرأها
إلا كـــأســـطــورة مــن وهــم قــوّال
يـشـوقـنـا خـتـم فـحـواهـا ويـؤسفنا
أن سـوف نـفـرغ مـنها كاسفي البال
فـهـل يـعـوّض مـنـهـا أن سـنـتـركـهـا
يـومـاً ليـتـلوهـا مـن بـعـدنـا تـال
إن الحـيـاة حـيـاة كـيـفما اختلفت
ألوانـــهـــا مــن مــســرات وأوجــال
كـم ذا أهـبـت بـروحـي أن تـفارقني
ورحــت أجــفــل مــنــهــا أي إجـفـال
فــالآن أنــشــد آلامــي وأحــمـدهـا
كــمــا أحــس بــروحـي بـيـن أوصـالي
وكـم كـلفـت بـحـب النـاس لي زمـنـاً
فــاليـوم بـغـضُهُـمُ مـن خـيـر آمـالي
فالناس تحنو على الوادي ويعجزهم
جـهـد التطلع عن ذي القمة العالي
وكـم نـسـجـت لنـفـسـي مـن فـضـائلهم
نـسـجـاً عـلى الزرع من هون وإجلال
فـاليـوم أكـبـرهـم عـنـدي كـأصغرهم
إن الطـبـيـعـة مـقـيـاسـي ومـكـيالي
إنــي لأصـغـر أرضـاً ليـس يـعـمـرهـا
مــن الخــلائق أنــدادي وأمــثــالي
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...