رسائل الأدباء رسالة من نجيب سرور لمجلة الكواكب

عزيزى محرر مجلة الكواكب :

تحية طيبة وبعد ،
عدت إلى الوطن منذ خمس سنوات ،ومنذ خمس سنوات وأنا أعمل بالقطعة تأليفا وإخراجا وتمثيلا ، مما لا يضمن أى ثبات ولا أى اتنظام للدخل الشهرى أو السنوى . لذلك أتعرض كل عام وعلى مدى شهور طويلة لنوع من البطالة الموسمية القاسية والحادة والطاحنة .
أصدر الدكتور ثروت عكاشة ثلاثة قرارات بتعيينى ، ولم ينفذها أحد. ومازلت حتى الآن لا أتلقى سوى وعود و وعود ، ومازلت حتى الآن فى الشارع!
فى تقرير للخبير الفرنسى السيد توشار شهادة لى بأننى أحسن أستاذ بالمعهد العالى للفنون المسرحية . عرفت هذا من السيد الوزير نفسه ومن الدكتور مصطفى سويف ، ومع ذلك وبعد عامين من التدريس فى المعهد وبعد هذا التقرير فوجئت باستبعادى من المعهد ! كيف؟ ولماذا؟
وهكذا ، لا معهد ، ولا عمل بالمؤسسة ، ولا تعيين، ولا دخل منتظم ولا مرتب ثابت ، ولا اطمئنان إلى اليوم والغد وما بعد الغد ! ولا يمكن طبعا الاعتماد على فرص العمل المتباعدة وغير المنتظمة فى الإذاعة والتلفزيون ، وأنت تعلم لماذا .
نتيجة لعدم الاستقرار المادى والمعيشى والنفسى والذهنى تم الطلاق بينى وبين زوجتى وأصبحت حتى بلا بيت .
عزيزى محرر مجلة الكواكب :
كاتب هذه السطور قدم للمسرح المصرى تأليفا (ياسين وبهية) ، (آه ياليل يا قمر) و( يا بهية وخبرينى) وإخراجا (بستان الكرز) ، (وابور الطحين) و (سيف ديموقليس )
كاتب هذه السطور قدم للمكتبة العربية فضلا عن المسرحيات الشعرية السابقة الذكر ديوانين من الشعر هما (التراجيديا الانسانية ) و (لزوم ما يلزم ) ومجموعة من الدراسات النقدية يضمها كتابه (حوار فى المسرح)
إننى أطرح مجرد تساؤل ربما نجد من يبل ريقنا ويجيبنا عليه ، لحساب من يخنق شاعر ومخرج وكاتب مسرحى وممثل ، فى مصر الثورة لا يمكن أن يكون ما يحدث لى هذا لحساب مصر أو لحساب الثورة !
فهل أطمع أن تتبنى هذه القضية وأن ترفعها على صفحة الكواكب إلى المسؤولين؟
ولك بالغ شكرى واحترامى .. والسلام..

"ديسمبر 1968
"المخلص
نجيب سرور

تعليقات

الرسائل هي الوسائل.. وهي لون من أدب الاعتراف والبوح والمكاشفة.. واذا كانت الكتابة بشكل عام تخييل وجري وراء الاوهام والأحلام، فالرسائل تظهر الروح الحقيقية لكاتبها، نستكشف من خلالها شخصيته الاخرى، ونستشف الروح الحقيقية غير المخفية.. شفافيته، وتلقائيته.. ورهافة احساسه، ويأسه وبأسه ومشاكله الشخصية التي يسرها لأقرب ذات له، ولعل رسالة نجيب سرور بما تكتنزه من ماسي شبيهة برسائل أخرى لكتاب اخرين دفعتهم الحاجة الى حافة اليأس وعرض حالاتهم، مثل رسالة ابي حيان التوحيدي. ورسالة العملاق عباس محمود العقاد يطلب فيها مساعدة من صديقه محمد لطفي جمعة، ورسائل الشاعر معروف الرصافي، ورسالة استعطاف الشاعر السياب الذي تم طرده من مسكنه من طرف ادارة الموانئ.. ورسالته ليوسف الخال التي يقول يها (..قاتل الله الشّعر إنّه لا يشبع من جوع ولا يكسو من عري)، ورسالته الى جبرا إبراهيم جبرا، ورسائل أخرى لكتاب ورسائل أدباء يطلبون مالا او يستجدون تزكية.. أسرار واشياء لا يمكن ان نقرأها الا في الرسائل التي يحجم الكثيرن عن افشائها
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...