الأديبة السورية أليسار عمران في حوار مع جريدة عالم الثقافة.. حاورها: ناصر أبو عون

في كل نصوص أليسار عمران الشعرية والمسرحية والمقالية تأكيد على أنّ الشعر احتفاءٌ بالحبّ والجمال والإنسان والزهر والوطن. وفي أحد دواوينها اختارت الشاعرة صورة زوجها ليتصدّر الغلاف وتقول: “لأن الشاعر الحقيقي هو من يعيد صياغة الفوضى ليرتّب بها العالم، ولأنّ المحبّة الحقيقية للأنثى هي من تحترم عمق طفولتها ورهافة شعورها، ولأنّ لكلّ امرئٍ من اسمه نصيب حمّلتُ الكتاب باسم أنبل الشعراء الذين صدقوا بحضورهم وبطيبهم ليحمل اسم رفيق عمري وزوجي: غاندي”.

ومن نصوصها المؤثرة تقول: (لك العشّاق قد صفّوا فُرادى وجمعاً…صِحتَ فيهم تشتريني هنا الشطآن لو ردّت مُنادى أزاح البحر جسراً يعتليني بِكَ الآلاءُ قد ضمت جمادى لشهرٍ فضّ عطراً في وتيني أنا الأحلام في خَدٍّ تمادى بنبض الروح إذا ما تحتويني).. وهنا ننشر لها حوارا هو عبارة عن أسئلة بحثية حول المشهد الشعري ورؤى الشعراء للشعر والباحث يراهن على اختلاف المضامين والفلسفات رغم نمطية الأسئلة وثباتها لدى جميع أفراد العيّنة البحثية.. إلى الحوار


(1) عودة إلى البدايات.. متى اكتشفت قارة الشعر المفقودة داخل جغرافية روحك المتوثبة؟ وكيف ولجت إلى أبواب القصيدة؟
البداية كانت مع مادة التعبير الكتابي التي كانت تُطرب أساتذة اللغة العربية وكلماتهم المشجعة لي نتمنى أن نحمل كتاباً باسمكِ مستقبلاً يا أليسار.. اكتشفتُ موهبة الشعر لدي عن طريق المصادفة حين كتبتُ أول نصّ شعر محكي بعمر السادسة عشر وألقيته في مهرجان للشعر خاص بالمعهد وسط تصفيقٍ للأساتذة الحضور ووقوفهم كانت لحظةً لاتنسى وهذا جزء من نصّ القصيدة:

(بحبَّك)
بحبّك لأني ماشفت
مجنون قبلك بالدني
عشقان بِغازل بنت
بعدا….بعمر الولدنة
بحبّك لأنك رجعت
فيّي الحبق والسوسنة
وهيمان عمرك ما يئست
من مرّ ولفك هالغني
بشقاوة العمر الهني
بحبّك … لأني ماشفت
متلك… حدا بهالشيطنة

أما عن ولوجي إلى عالم القصيدة كان بسبب سؤالٍ لطالما راودني ماجدوى وجودي في هذا العالم؟! ما هو المعنى الحقيقي للعشق وللحب؟! كنتُ أحاولُ سبرَ أغوار نفسي فدخلتُ عالم الشعر والكتابة؛ كمن يفتش عن هوية جديدةٍ وبطاقة تعريف لوجوده في هذا العالم.


(2) تعريف الشعر بعيدا عن الأدلجة والخطابين القومي والعقائدي بما يدعم مرتكزات الهوية الثقافية؟
الشعر: هو قطرات شعور تنزل على بردِ الروح فينبتُ الشّغفُ والفرح لنقل عنه أنه كل حالاتنا الانفعالية العاطفية نخرجُ به خارج قفص الجسد فيتسرب من مسامات روحنا كطيور سلام للعالم.


(3) يُطْعَنُ في الحداثة بوصفها إنجازًا غربيًّا، وهي كذلك بالفعل، أليس من حداثة عربية وكيف يسهم الشعر في تأصيلها؟
حقيقة أنا أقرأ كلّ شيء ولكن سواء بالغرب أوالشرق أتوقف عند العبارات المؤثرة أو التي تحمل حكمة ما؛ الشعر الحقيقي هو بدايةً موهبة، دفقةٌ شعوريةٌ صادقة والموسقة والعروض والايجاز تعطيه بلاغة أعلى لكنهما منفصلان ولا أميل للرمزية أو التجريدية يحضرني الصداع حين أقرأ نصاً جافاً من أي روح أوشعور.


(4) رزح الشعراء العرب في العقود الثلاثة الأخير تحت نير العديد من المتغيرّات السياسية والاجتماعية ومحاطين بسياج اقتصادي شائك مما خلّف آثارًا خطيرةً على الإبداع.. كيف يمكننا الانفلات من هذه الأزمة والخروج بأقل كلفة من الخسائر؟
في أيّما عقدٍ من الزّمانِ يبقى الشاعر ابن بيئته، نحن بجميع من عبرونا فكراً جميع من أثروا بنا سلباً وإيجاباً ،بإمكاننا أن نقرأ وأن نعرف الكثير عن حضارات الشعوب ونصيغ الافكار التي تلامسنا نصوصاً ملهمة علينا مقاومة الخسائر بأن نتعلمَ دوماً ولا نتوقف لنثبت في كل المواجهات.


(5) رزح الشعراء العرب في العقود الثلاثة الأخير تحت نير العديد من المتغيرّات السياسية والاجتماعية ومحاطين بسياج اقتصادي شائك مما خلّف آثارًا خطيرةً على الإبداع.. كيف يمكننا الانفلات من هذه الأزمة والخروج بأقل كلفة من الخسائر؟
في أيّما عقدٍ من الزّمانِ يبقى الشاعر ابن بيئته، نحن بجميع من عبرونا فكراً جميع من أثروا بنا سلباً وإيجاباً، بإمكاننا أن نقرأ وأن نعرف الكثير عن حضارات الشعوب ونصيغ الافكار التي تلامسنا نصوصاً ملهمة علينا مقاومة الخسائر بأن نتعلمَ دوماً ولا نتوقف لنثبت في كل المواجهات


(6) لم يعد الشعر العربي يطرح أسئلة وجودية.. ما السبب؟ ولماذا صارت صارت “أسئلة الشعر حائرة بين منجزه التراثي، ووظيفته الاجتماعية والحياتية، وبين طارئ خلخل قواعد التعاطي الشعري العربي، بانفتاحه على التجديد والتطور الشعري” وفق تعبير عثمان حسن.
بسبب أنّ كلّ شيءٍ متاحٌ بسبب تطور وسائل التواصل الاجتماعي(العالم قرية صغيرة).. المنجزُ الثقافي بداية حضورٍ للشاعرِ لكن علينا أن نقرّ ونعترف أننا ننعي أنفسنا بعد كل توقيع كتاب ونتحملُ مسؤولية أكبر الموهبة والشعور بعيدة كل البعد عن الشهادات والمحصل الوظيفي والوضع الاجتماعي ويبقى الشعر هو الشعر قديماً وحديثاً بأيجاز وبلاغتة وتأثيره أما نموذج التطوير أعزوه للكسل وعدم المقدرة على تطوير اساليب الكتابة والتمكن من اللغة وأدواتها فالأسلوب الجميل قوة وحضور.


(7) هل من دور ووظيفة للشعر؟ وما أهم ملامح الأزمة التي يعيشها الشعر العربي؟ في ظل غياب المؤسسات التنظيمية؟
نحبّ الأغاني وهي قصائد ملحنة، وظيفته تكمن في رفع الحالة الشعورية سواء كان شعراً مقاوماً، أوشعراً حكيماً أوصوفياً بالخبز وحده لايحيا الانسان.


(8) تكاد القطيعة ما بين القارئ والشعر العربي الحديث أن تصبح شاملة.. ما العوامل التي أدت إلى هذه الأزمة؟
الجميع يقاتل لأجل لقب شاعرٍ دونما امتلاكِ عمقٍ عارفٍ أوشاعرٍ أومبدع ودون إلمام بأدوات الشاعر ولغته وأسلوبهِ وحضوره البلدان العربية محبطة للمبدع كانت ومازالت، حتى المؤسسات التنظيمية عليها أن تعتمد على شعراء أقوياء بعقل سليم لمساعدتها في الاشارة للمبدع الحقيقي.


(9) كثير من الأصوات تبشر بعودة القصيدة العمودية لتتسيد المناطق المضيئة في المشهد الشعري العربي.. هل تعتقد أن هذه بشارة أم خسارة في ظل أزمة النمطيّة والتكرار في الرؤية واللغة والصورة والإيقاع التي أصابت قصيدة التفعيلة خاصة، في إطار حركة الشعر العربي المعاصر، منذ ستينيات القرن الماضي، إلى حالة من السأم و”الإرهاق الجمالي”.
كنتُ أرقصُ كلما نجحتُ في وزنِ بيتٍ شعريّ في البدايه، كنت أموسقُ داخلي كنتُ أتغيّر وأنا مع عودة القصيدة العمودية للمشهد العربي فهي بشارة قوة وحضور وضوءٌ للعقل بعيداً عن النظم والقوالبِ النمطية المكررة.. فليمتلكوا أدوات الشعر لنسمع ارتجالهم المموسق بعيداً عن التكرار والنمطية.


(10) هناك فشل للنظريات النقدية الغربية التي تمّ شتلها في البيئة العربية وبتعبير فخري صالح (لا تتجذر في الواقع الثقافي وظلت مجرد أيقونات ثقافية نخبوية لا تتصل بحاجات حقيقية للثقافة العربية.. ما تقييمك للمنتج النقدي العربي المشتت بين الأكاديمي والصحفي الانطباعي؟
لا أقرأ دراسات نقدية شرفُ النصّ أن يُقرَأ أن يتفاعل معه شاعرٌ ليردّ عليه ويخلقُ بسببه نصاً أجمل ربما.. أنا مع وظيفة الشاعر الصحافي قولاً واحداً مع وظيفة الدكتور الشاعر الناقد حصراً


(11) في ظل اتساع حرية التعبير على مواقع الإنترنت، وتحطيم جدار الاحتكار داخل الصحافة الورقية وظهور مصطلحات من قبيل: (المواطن الصحفي)، وشعراء (الفضاء الأزرق)، و(المؤسسات والصحف الإلكترونية)، و(الجوائز وشهادات الدكتوراه الفخرية) التي تتطاير في الفضاء.. ما ملامح مستقبل صناعة النشر.
حرية التعبير من حقّ الجميع بداية، تابعتُ موهبة الشعر والكتابة بالفضاء الأزرق؛ فالابداع الحقيقي لاتحده أرض ولاسماء..لا أحد يقرأ صحف الكترونية ولا جوائز ولا شهادات فخرية أحزن على أولئك المساكين الذين يحاولون أن يثبتوا شيئاً للحمقى.. ملامح مستقبل صناعة النشر دعني أترك هنا عرفاناً للدكتور ناصر أبوعون، للدكتور الناقد محمد سعيد شحاته، للدكتور مهدي نقوس، والأدباء والشعراء نشأت المصري، سعيدة إفقيرن، حنين شوقي، أشرف شبانة، وأهمسُ في أذنهم: للأدب أهله ومالشاعر إلا طفلاً ينضجُ بالاهتمام والمحبة ويكمل رسالة استحضار الورود.


حاورها: ناصر أبو عون



تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...