تمهيد
كانت الثورة الثقافية البروليتارية العظمى، والمعروفة ببساطة بالثورة الثقافية الصينية، ثورة اجتماعية هائلة من عام 1966 حتى عام 1976 ناتجة عن صراع على السلطة داخل الحزب الشيوعي الصيني، حيث كان نصفها على الأقل مات مليون شخص ودفعت جمهورية الصين الشعبية إلى شفا حرب أهلية. بدأ الثورة الثقافية من قبل رئيس الحزب ماو تسي تونغ في عام 1966 لإعادة تأكيد قيادته بعد كوارث القفزة العظيمة للأمام والتي أدت إلى فقدان السلطة لمنافسين إصلاحيين مثل ليو شوقي. بين عامي 1966 و1968، قام مساعدا ماو الرئيسيان، وزير الدفاع لين بياو وزوجة ماو جيانغ تشينغ، بتنظيم مليشيا جماعية للشباب تسمى الحرس الأحمر للإطاحة بأعداء ماو وتطهير جهاز الدولة من "سائقي الطرق الرأسماليين". في ظل الفوضى والعنف الذي أعقب ذلك، تم تدمير الكثير من التراث الفني الصيني، وتعرض الملايين للاضطهاد، وفقد بعضهم حياتهم. على الرغم من حل الحرس الأحمر في عام 1969، استمرت الثورة الثقافية خلال الفترة بين عام 1969 واعتقال ما يسمى عصابة الأربعة في عام 1976. في غضون ذلك، توفي لين بياو في ظروف غامضة في حادث تحطم طائرة بعد اتهامه بمحاولة القيام بذلك. تمت الإطاحة بماو في انقلاب، وتم تطهير العديد من المسؤولين الآخرين، وتوقف النظام التعليمي الصيني مع إرسال الطلاب إلى المجتمعات الريفية، وتوقف التقدم التكنولوجي حيث أصبحت الأيديولوجية الأسبقية على الخبرة. تفصل وجهة النظر الصينية الرسمية "أخطاء" ماو أثناء الثورة الثقافية عن بطولته السابقة ونظرياته العامة عن الماركسية اللينينية. وهكذا تظل الثورة الثقافية قضية حساسة داخل الصين اليوم. الآراء التاريخية التي تتعارض مع الرواية الرسمية - إما من خلال الإيحاء بأن الثورة الثقافية كانت شيئًا جيدًا أو أن ماو كان أكثر أو أقل ذنبًا مما يشير إليه التاريخ الرسمي - تخضع للرقابة بشكل روتيني.
خلفية الثورة الثقافية
القفزة العظيمة للأمام
في عام 1957، بعد أول خطة خمسية للصين، دعا ماو تسي تونغ إلى زيادة سرعة نمو "الاشتراكية". وهكذا أطلق ماو القفزة العظيمة للأمام، حيث أنشأ مجتمعات خاصة في الريف وأسس برنامجًا وطنيًا لإنتاج الصلب باستخدام أفران الفناء الخلفي. سرعان ما دخلت الصناعات في حالة من الاضطراب حيث كان الفلاحون ينتجون الكثير من الفولاذ، والذي كان غالبًا ذا نوعية رديئة للغاية، في حين تم إهمال مناطق أخرى. تم صهر أدوات الزراعة مثل المجارف والمجارف للصلب، مما أعاق الإنتاج الزراعي. ومما زاد الطين بلة، من أجل تجنب العقاب، كثيرا ما أبلغت السلطات المحلية عن أرقام الإنتاج، مما يخفي خطورة المشكلة. مع تعافي البلاد بالكاد من عقود من الحرب، تركت القفزة العظيمة للأمام الاقتصاد الصيني في حالة من الفوضى.
الإصلاحات
اعترف ماو بنتائج سلبية خطيرة ودعا إلى تفكيك الكوميونات في عام 1959. ومع ذلك، أصر على أن القفزة العظيمة كانت صحيحة بنسبة 70 في المائة بشكل عام. في نفس العام، استقال ماو من منصبه كرئيس للجمهورية الشعبية، وأدارت الحكومة لاحقًا من قبل البيروقراطيين ذوي العقلية الإصلاحية مثل رئيس جمهورية الشعب ليو شاوشي، ورئيس الوزراء تشو إنلاي، والأمين العام دينغ شياو بينغ. ومع ذلك، ظل ماو رئيسًا للحزب الشيوعي الصيني. خلال هذه الفترة، شكل ماو تحالفًا سياسيًا مع ليو شاوقي ودنغ شياو بينغ. كان من بين إصلاحات ليو ودينج التراجع عن الجماعية، التي فشلت فشلاً ذريعاً. ومع ذلك، فإن هذه الابتعاد عن الآثار المعوقة للقفزة العظيمة إلى الأمام، لم تؤد إلى تحسن في حياة الشعب الصيني. تواجه الأمة الآن ما يسمى بـ "ثلاث سنوات من الكوارث الطبيعية"، والتي جعلت التعافي أكثر صعوبة. كان الطعام يعاني من نقص شديد، وانخفض الإنتاج بشكل كبير، بسبب الآثار الدائمة لفشل حملة القفزة العظيمة للأمام وكذلك لأسباب طبيعية. توفي ما يقدر بنحو 38 مليون شخص من المجاعة على نطاق واسع خلال هذه السنوات، واستجابة لذلك، طور ليو شوقي سياسة للابتعاد بشكل أكثر دراماتيكية عن السياسات الجماعية الماوية واشتراكية الدولة. أكسب نجاح إصلاحاته الاقتصادية مكانة ليو في نظر العديد من أعضاء الحزب. جنبا إلى جنب مع دنغ شياو بينغ ، بدأ ليو بالتخطيط للتقاعد تدريجيًا من أي سلطة حقيقية ، وتحويله إلى رئيس صوري. لكن الإصلاحيين واجهوا معارضة من المتشددين الماويين ، وخوفا من التخلي عن مبادئه الثورية ، أطلق ماو حركة التعليم الاشتراكي في عام 1963 لاستعادة قاعدته السياسية وتجديد "الروح الثورية" ، خاصة بين الشباب. سرعان ما بدأ ماو ينتقد ليو شوقي علانية. بحلول عام 1964، أصبحت حركة التعليم الاشتراكي "حركة التنظيفات الأربعة" الجديدة، بهدف معلن وهو تطهير السياسة والاقتصاد والأفكار والتنظيم. كانت الحركة موجهة سياسياً ضد ليو وحلفائه.
البدايات
في أواخر عام 1959، نشر نائب عمدة بكين ووهان دراما تاريخية بعنوان "فصل هاي روي من منصبه"، حيث تم فصل مسؤول فاضل (هاي روي) من قبل إمبراطور فاسد. تلقت المسرحية في البداية إشادة من ماو، ولكن في عام 1965، نشرت زوجته، جيانغ تشينغ، مقالًا ينتقد المسرحية مع ربيبها ياو وينيوان. لقد وصفوها بأنها "حشيشة سامة" وهجوم على ماو. تلقى مقال صحيفة شنغهاي الكثير من الدعاية على الصعيد الوطني. رداً على ذلك، أنشأ عمدة بكين، بنغ تشن، أحد مؤيدي وو هان ، لجنة لدراسة القضية ، ووجد أن الانتقادات قد ذهبت بعيداً. في مايو 1966، نشر جيانغ تشينغ وياو وين يوان مقالات جديدة تدين كل من وو هان وبنغ تشن. ثم، في 16 مايو، بعد قيادة ماو، أصدر المكتب السياسي إشعارًا رسميًا ينتقد بينغ تشن ويحل لجنته. سرعان ما أطلق المكتب السياسي مجموعة الثورة الثقافية. أعلن لين بياو، الذي سيصبح المنظم الرئيسي للثورة الثقافية: "الرئيس ماو عبقري، كل ما يقوله الرئيس عظيم حقًا؛ إحدى كلمات الرئيس ستتجاوز معنى عشرة آلاف من كلماتنا". وسرعان ما انطلقت مظاهرات شعبية دعما لماو ومعارضة للإصلاحيين. في 25 مايو، كتب مدرس الفلسفة الشاب في جامعة بكين، ني يوانزي ، دازيباو ("ملصق ذو شخصية كبيرة") يصف مدير الجامعة وأساتذة آخرين بأنهم "رجال عصابات سود مناهضين للحزب". بعد بضعة أيام، أمر ماو ببث نص هذا الملصق ذو الشخصية الكبيرة في جميع أنحاء البلاد، وفي 29 مايو 1966، في المدرسة الإعدادية التابعة لجامعة تسينغهوا في بكين، تم تشكيل أول منظمة للحرس الأحمر، بهدف معاقبة وتحييد الإصلاح. عقل المثقفين والمسؤولين. في 1 يونيو 1966، ذكرت صحيفة حزب الشعب اليومية الرسمية أنه يجب تطهير جميع "المثقفين الإمبرياليين" وحلفائهم. في 28 يوليو 1966، كتب ممثلو الحرس الأحمر رسالة رسمية إلى ماو، يجادلون فيها بأن عمليات التطهير الجماعي والظواهر الاجتماعية والسياسية ذات الصلة لها ما يبررها؛ ويلتزمون بهذا الجهد. في مقال بعنوان "قصف المقر"، رد ماو بتأييد كامل. وهكذا بدأت الثورة الثقافية بشكل جدي.
اندلاع الثورة الثقافية
1966: الـ 16 نقطة والحرس الأحمر
في 8 أغسطس 1966، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني "قرارها بشأن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى"، والمعروف أيضًا باسم "النقاط الست عشرة". حدد القرار الثورة الثقافية بأنها "مرحلة جديدة في تطور الثورة الاشتراكية في بلادنا". أعلنت: على الرغم من الإطاحة بالبورجوازية ، إلا أنها لا تزال تحاول استخدام الأفكار القديمة ، والثقافة ، والعادات ، والعادات للطبقات المستغِلة لإفساد الجماهير ، والاستيلاء على عقولهم ، والسعي للعودة ... في الوقت الحاضر ، هدفنا هو النضال ضد وسحق الأشخاص في السلطة الذين يسلكون الطريق الرأسمالي ، لانتقاد "السلطات" الأكاديمية البرجوازية الرجعية ورفضها ... لقد وسعت السياسة من الحركة الطلابية الحالية للحرس الأحمر ورفعتها إلى مستوى حملة جماهيرية على مستوى البلاد ، حيث دعت ليس فقط الطلاب ولكن أيضًا "جماهير العمال والفلاحين والجنود والمثقفين الثوريين والكوادر الثورية" للقيام بالمهمة. من خلال كتابة ملصقات كبيرة وإجراء "مناظرات كبيرة". منح القرار حرية واسعة في التعبير لانتقاد من هم في السلطة وأطلق العنان لملايين الشباب الذين تم تلقينهم بشكل مكثف في الفكر الماوي منذ إنشاء جمهورية الصين الشعبية. تم تشكيل وحدات الحرس الأحمر في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى اضطراب الجامعات وتهديد السياسيين الذين يُنظر إليهم على أنهم "رأسماليون على الطرق". ابتداءً من 16 أغسطس 1966، تجمع الملايين من الحرس الأحمر من جميع أنحاء البلاد في بكين لرؤية الرئيس العظيم ماو. من أعلى بوابة ساحة تيانانمن ، ظهر ماو ولين بياو بشكل متكرر لما يقرب من 11 مليون من أفراد الحرس الأحمر. وأشاد ماو بأفعالهم في الحملات الأخيرة لتطوير الاشتراكية والديمقراطية. لمدة عامين، حتى يوليو / تموز 1968 (وفي بعض الأماكن أطول من ذلك بكثير) ، وسع الحرس الأحمر ونشطاء طلاب آخرون مناطق سلطتهم. بدأوا بتوزيع منشورات ونشر أسماء "أعداء الثورة" المشتبه بهم على لوحات الإعلانات. اجتمعوا في مجموعات كبيرة، وعقدوا "مناظرات كبيرة" تعرض فيها أعداء ماو وأساتذتهم لانتقادات لاذعة، وقدموا العديد من المسرحيات "الثورية". سرعان ما تطورت المناقشات في "جلسات النضال" العامة للنقد وإكراه "النقد الذاتي" من قبل المعارضين للثورة المشتبه بهم. على الرغم من أن النقاط الـ 16 نهى عن "الكفاح الجسدي" لصالح "الكفاح اللفظي"، فإن "جلسات الكفاح" المذكورة أعلاه غالبًا ما أدت إلى العنف الجسدي. وتوقفت جهود الحزب للحد من العنف دون تدخل الشرطة، وبدت في بعض الأحيان وكأنها تشجع "الكفاح الجسدي". في 22 أغسطس 1966، أصدر ماو إشعارًا عامًا يمنع "كل تدخل الشرطة في تكتيكات وأعمال الحرس الأحمر". أولئك في قوة الشرطة الذين تجرأوا على تحدي هذا الإشعار، وُصفوا بأنهم "معادون للثورة". في سبتمبر، تم تشجيع جميع الحرس الأحمر على القدوم إلى بكين على مدى فترة زمنية، مما منح ماو مزيدًا من التصريح لأفعالهم. كانت الحكومة تدفع أتعابهم، بما في ذلك الإقامة والمواصلات. في 10 أكتوبر / تشرين الأول، انتقد لين بياو علانية ليو ودينج بوصفهما "رواد طريق رأسماليين" و"تهديدات"، مما مهد الطريق لتطهير الحزب على نطاق واسع. تم إحضار وزير الدفاع السابق بينغ ديهواي، وهو من أوائل منتقدي القفزة العظيمة للأمام ومنافس لين، إلى بكين لعرضه على الملأ والسخرية منه. ثم تم تطهيره من الحزب.
1967: صراعات القوى الكبرى
في 3 كانون الثاني (يناير) 1967، تعاون لين بياو وجيانغ كينغ لإطلاق "عاصفة يناير"، حيث تم انتقاد وتطهير العديد من القادة البارزين في شنغهاي والبلديات. نتيجة لذلك، صعد وانغ هونغ ون، شريك جيانغ، إلى السلطة في المدينة وجهاز الحزب الشيوعي الصيني. في بكين، تعرض ليو ودينج مرة أخرى للنقد. بدأ هذا صراعًا سياسيًا كبيرًا بين مسؤولي الحكومة المركزية، الذين انتهزوا الثورة الثقافية كفرصة لاتهام منافسيهم بـ "نشاط مضاد للثورة". ظهرت ظاهرة مماثلة بين كوادر الحزب المحليين. في 8 يناير، أشاد ماو مرة أخرى بالنضال ضد "الطرق الرأسمالية" في افتتاحية صحيفة الشعب اليومية، وحث جميع قادة الحكومة المحلية على الانخراط في "النقد الذاتي"، وفي النقد وتطهير الآخرين. تبع ذلك تطهير تلو تطهير في الحكومات المحلية في الصين، والتي توقف بعضها عن العمل تمامًا. كان الانخراط في نوع من النشاط "الثوري" العام ضروريًا لتجنب التطهير، وهو أيضًا لم يكن ضمانًا. في الوقت نفسه، بدأت الآن منظمات الحرس الأحمر الرئيسية، المدججة جيدًا في بعض الأحيان، في الانقلاب ضد بعضها البعض في صراعات الفصائل ومحاولات لإثبات الوحدات الأكثر ثورية. في 6 أبريل، تم إدانة ليو شوقي علنًا وعلى نطاق واسع من قبل فصيل تشونغنانهاي للحرس الأحمر الكبير. تبع ذلك احتجاج مضاد ومظاهرات حاشدة، وعلى الأخص في ووهان في 20 يوليو، والتي تجرأت على إدانة سلوك جيانغ تشينغ باعتباره "نشاطًا مضادًا للثورة". سافرت بسرعة إلى ووهان لتنتقد الجنرال المسؤول عن منطقة ووهان، تشين زيداو، وفي 22 يوليو، اتخذ جيانغ تشينغ الخطوة الجريئة بتوجيه الحرس الأحمر ليحل محل جيش التحرير الشعبي عند الحاجة. بدأت وحدات الحرس الأحمر في الاستيلاء على الأسلحة من مستودعات الأسلحة المحلية، وتصاعد العنف.
1968: عمليات تطهير وتقليص من الحرس الأحمر
في ربيع عام 1968، قامت حملة ضخمة بترقية ماو تسي تونغ المحبوب بالفعل إلى وضع شبيه بالله. تم نشر مئات الملايين من النسخ من كتاب ماو الصغير الأحمر، وأصبحت الملصقات التي تصوره في أوضاع مسيحية منتشرة في كل مكان. في الوقت نفسه، بدأ يتطور إجماع داخل الحزب على أن الحرس الأحمر يذهب بعيدًا جدًا، وأن على الجيش فرض النظام. في 27 يوليو / تموز، انتهى رسمياً سلطة الحرس الأحمر على الجيش وأرسلت الحكومة المركزية وحدات لحماية العديد من المناطق التي لا تزال مستهدفة من قبل الحرس الأحمر. بعد عام، تم تفكيك فصائل الحرس الأحمر بالكامل. على أي حال، من وجهة نظر ماو ولين، تم تحقيق هدفهم إلى حد كبير. في أوائل أكتوبر، بدأ ماو تطهيرًا لمسؤولي الحزب على المستوى الوطني. تم إرسال الكثير منهم إلى الريف للعمل في معسكرات العمل. في نفس الشهر، في الجلسة الكاملة الثانية عشرة للمؤتمر الثامن للحزب، طُرد ليو تساوكي من الحزب إلى الأبد، وأصبح لين بياو نائبًا لرئيس الحزب، في المرتبة الثانية بعد ماو. أُرسل ليو تساوكي إلى معسكر اعتقال، حيث توفي في عام 1969. حُكم على دينغ شياو بينغ بفترة إعادة تثقيفه ثلاث مرات ووجد نفسه في النهاية يعمل في مصنع محركات، إلى أن أعاده تشو إنلاي بعد ذلك بسنوات. لم يحالف الحظ معظم المتهمين، وكثير منهم لم يعودوا أبدًا. في ديسمبر 1968، بدأ ماو "حركة النزول إلى الريف"، والتي استمرت طوال العقد التالي. تم توجيه "المثقفين الشباب" الذين يعيشون في المدن إلى الريف. معظم هؤلاء كانوا حديثي التخرج من طلاب المدارس المتوسطة. كانت هذه الخطوة إلى حد كبير وسيلة لنقل الحرس الأحمر من المدن إلى الريف، حيث قد يتسببون في قدر أقل من الاضطراب الاجتماعي، على الرغم من أنه تم شرحه من حيث خلق وعي ثوري من خلال جعل هؤلاء الطلاب الذين نشأوا في المدينة على اتصال بالعمل اليدوي. تم وضع نظام التعليم في المدن في طريق مسدود افتراضيًا.
صعود وسقوط لين بياو
في 1 أبريل 1969، في المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني، أصبح لين بياو رسميًا ثاني قيادة للصين، بينما كان لا يزال مسؤولًا عن الجيش. مع شيخوخة ماو، تم تطهير ليو تسوكي بالفعل، وتلاشى تأثير تشو إنلاي ، بدت قوته لا مثيل لها. تم تعديل دستور الحزب لتعيين لين كخليفة رسمي لماو. من الآن فصاعدًا، في جميع المناسبات، كان من المقرر ربط اسم ماو باسم لين. شغل لين أيضًا مكانًا في اللجنة الدائمة القوية للمكتب السياسي مع ماو وتشين بودا وتشو إنلاي وكانغ شنغ. في 23 أغسطس 1970، في الجلسة الكاملة الثانية للمؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني، نشأ جدل حول قضية استعادة منصب رئيس جمهورية الصين الشعبية اي رئيس الدولة، والتي كان ماو قد ألغاها من قبل. تمت إزالة تشين بودا، الذي كان قد تحدث لصالح استعادة المكتب، من اللجنة الدائمة، وهي الخطوة التي اعتبرت أيضًا بمثابة تحذير للين بياو. بدأ ماو يشك في أن لين يريد السلطة العليا وينوي الإطاحة بماو نفسه. تخيم الأحداث اللاحقة بسبب الاختلافات بين الروايات الرسمية، والتي تركز على محاولة لين للإطاحة بماو ، والحسابات البديلة التي ترى ماو على أنه مذعور بشكل متزايد ويتآمر مع حلفائه للتخلص من لين. في الحساب الرسمي، انتقل لين الآن لاستخدام منظمة قوته العسكرية في انقلاب. وبحسب ما ورد جرت محاولات اغتيال ضد ماو في شنغهاي، في الفترة من 8 سبتمبر إلى 10 سبتمبر 1971. بعد ذلك، تم تداول تقارير شبه مستمرة عن تعرض ماو للهجوم. زعم أحد هؤلاء أنه اعتدى جسديًا على ماو في طريقه إلى بكين في قطاره الخاص. وزعم آخر أن لين قصف جسرا كان من المقرر أن يعبره ماو للوصول إلى بكين. سواء كانت هذه التقارير لها أساس في الواقع أم لا، بعد 11 سبتمبر 1971، لم يظهر لين بياو علنًا مرة أخرى، ولم يفعل داعموه الأساسيون، الذين حاول العديد منهم الفرار إلى هونغ كونغ. فشل معظمهم في القيام بذلك وتم القبض على حوالي 20 من قادة الجيش الموالين للين. كما تفيد التقارير الرسمية أنه في 13 سبتمبر 1971 ، حاول لين بياو وعائلته الفرار إلى الاتحاد السوفيتي ، لكن طائرتهم تحطمت في منغوليا ، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها . في نفس اليوم، اجتمع المكتب السياسي في جلسة طارئة. فقط في 30 سبتمبر تم الإعلان عن وفاة لين في بكين، وتم إطلاق حملة من شأنها أن تشوه سمعته فعليًا كخائن متعطش للسلطة حاول استخدام ماو والثورة الثقافية لأغراضه الخاصة. لا يزال السبب الدقيق لتحطم الطائرة لغزا.
عصابة الأربعة
"انتقد لين بياو، انتقد كونفوشيوس"
كان ماو قد اهتز بشدة بسبب قضية لين بياو وكان بحاجة أيضًا إلى خطة خلافة جديدة. في سبتمبر 1972، تم نقل زعيم شنغهاي وانغ هونغ ون للعمل في بكين للحكومة المركزية، وأصبح نائب رئيس الحزب في العام التالي. في نفس الوقت، تحت تأثير رئيس مجلس الدولة تشو إن لاي، تمت إعادة تأهيل دنغ شياو بينغ وإعادته إلى بكين. لكن في أواخر عام 1973، أطلقت جيانغ تشينغ وداعموها الثلاثة الرئيسيون - وانغ هونغ ون ، وتشانغ تشونكياو ، وياو وينيوان - حملة بي لين بي كونغ ، والتي تُترجم على أنها "نقد لين ، انتقد كونفوشيوس". كان هدفها الرئيسي هو تشو إنلاي. تم وصف زو بأنه يتمتع بميول كونفوشيوسية بسبب تركيزه على بيروقراطية الحزب بدلاً من استمرار الثورة الجماهيرية. على الرغم من أن اسم تشو إنلاي لم يذكر بشكل مباشر خلال هذه الحملة، إلا أن اسمه التاريخي، دوق تشو القديم، كان هدفًا متكررًا. في أكتوبر 1973، أصيب تشو إنلاي بمرض خطير وتم نقله إلى المستشفى. تم تعيين دنغ شياو بينغ نائبا أول لرئيس مجلس الدولة وتولى إدارة الأعمال اليومية لجهاز الدولة للحزب. واصل دينغ توسيع سياسات زو ، بينما فشلت حملة "نقد لين ، انتقد كونفوشيوس" في اكتساب الكثير من الزخم كحركة شعبية. في سبتمبر 1975، تم إدخال ماو نفسه إلى المستشفى بسبب مرض خطير. في 8 يناير 1976، توفي تشو إنلاي بسبب سرطان المثانة، وألقى دنغ شياو بينغ كلمة التأبين الرسمية لـ تشو إنلاي. في فبراير، بدأت مجموعة جيانغ كينغ، المعروفة من قبل أعدائها باسم "عصابة الأربعة" في استهداف دينغ. بناء على سلطة ماو، تم تخفيض دنغ مرة أخرى. ومع ذلك، قاوم ماو اختيار عضو من عصابة الأربعة ليصبح رئيسًا للوزراء، وبدلاً من ذلك اختار هوا جوفينج غير المعروف نسبيًا.
1976: نهاية الثورة الثقافية
مع استمرار سيطرة جهاز الحزب الرئيسي وعدم وجود حركة جماهيرية من نوع الحرس الأحمر لدعم حملة عصابة الأربعة، احتشد الرأي العام حول تشو إنلاي كرمز للقيادة العقلانية. في 5 أبريل، يوم الحداد التقليدي في الصين، تجمع ما يقدر بنحو مليوني شخص في ميدان تيانانمين وما حوله تكريما لتشو ، مما حول التجمع إلى احتجاج ضد عصابة الأربعة. صدرت أوامر للشرطة بدخول المنطقة وإزالة أكاليل الزهور والرسائل السياسية وتفريق الحشود. أشارت عصابة الأربعة إلى أن دينغ شياو بينغ هو مخطط هذا التعبير عن الاستياء العام، وفي 9 سبتمبر 1976، توفي ماو تسي تونغ. قبل وفاته، كتب ماو ملاحظة إلى هوا جوفينج قال فيها: "معكم المسؤول، أنا مرتاح". ومن ثم، أصبح هوا رئيس الحزب. كان يُنظر إلى هوا سابقًا على أنها تفتقر إلى المهارة والطموح السياسيين، ويبدو أنها لا تشكل تهديدًا لعصابة الأربعة في خلافة السلطة. ومع ذلك، أثبت هوا الآن قدرته على اتخاذ إجراءات حاسمة. بتشجيع من الجنرالات البارزين مثل يي جيان ينغ وبدعم من الجيش وحلفاء دنغ شياو بينغ في الحزب، أمر هوا باعتقال عصابة الأربعة. أدى اعتقالهم إلى نهاية الثورة الثقافية.
ما بعد الكارثة
على الرغم من تجنب عصابة الأربعة، استمر هوا جوفينج في استدعاء اسم ماو وعبادة الشخصية لتبرير سياساته. وهكذا أطلق ما يسمى بـ "شيئين"، قائلاً "مهما كانت السياسة التي نشأت من الرئيس ماو، يجب أن نواصل دعمنا"، و "مهما كانت التوجيهات التي أعطيت لنا من الرئيس ماو، يجب أن نواصل العمل على أساسها". في السياسة الاقتصادية، كان هوا ينوي تحريك النظام الصيني نحو التخطيط على النمط السوفيتي في أوائل الخمسينيات. وتحت ضغط من قادة الحزب الآخرين، قرر هوا أيضًا إعادة دنغ شياو بينغ إلى شؤون الدولة العادية، وتعيينه نائبًا لرئيس مجلس الدولة في يوليو 1977 ثم في مناصب أخرى مختلفة. في أغسطس، انعقد المؤتمر الحادي عشر للحزب في بكين، وأعلن رسميًا (بترتيب الترتيب) هوا جوفينج ، ودينج شياو بينغ ، ويي جيان ينغ ، ولي شيانيان ، ووانغ دونغ شينغ كأعضاء في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي. عزز دينغ تدريجياً قاعدة سلطته، وفي 1 يوليو 1978 نشر تقرير ماو عن النقد الذاتي لعام 1962 فيما يتعلق بالقفزة العظيمة للأمام. على هذا الأساس، في سبتمبر 1978، بدأ بمهاجمة "اثنين ماذا" في هوا جوفينج. في 18 ديسمبر 1978، في الجلسة الكاملة الثالثة للمؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الصيني، صرح دينغ أن "تحرير الأفكار" ضروري داخل الحزب. طُلب من هوا جوفينج أن ينخرط في النقد الذاتي، مشيرًا إلى أن مذهبه الخاص بـ "اثنان على أي حال" كان خاطئًا. تم إعادة تأهيل حادثة ميدان تيانانمين لدعم تشو إنلاي سياسيًا، وحتى ليو سوكي سُمح له بجنازة رسمية متأخرة. في الجلسة الكاملة الخامسة للمؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الصيني، التي عقدت في عام 1980، تمت إعادة تأهيل العديد من أعضاء الحزب الآخرين الذين تم تطهيرهم خلال الثورة الثقافية. تم تعيين هوو ياو بانغ أمينًا عامًا، وتم تعيين تشاو زيانغ، وهو أحد رعايا دنغ، في جهاز الحكم المركزي. في سبتمبر، استقال هوا جوفينج، وعين تشاو زيانغ رئيس الوزراء الجديد. وأضاف دينق إلى حقيبته رئاسة اللجنة العسكرية المركزية. بحلول هذا الوقت، كان دينغ الشخصية الأبرز والأهم في السياسة الصينية، ورُفضت عصمة ماو رسميًا، وفُقدت مصداقية الثورة الثقافية بشدة.
خاتمة
أثرت الثورة الثقافية بشكل مباشر أو غير مباشر بشكل أساسي على جميع سكان الصين. خلال هذه الفترة، توقف الكثير من النشاط الاقتصادي، وكان الهدف الأساسي "الثورة". تم تدمير عدد لا يحصى من المباني القديمة والتحف والمأثورات والكتب واللوحات من قبل الحرس الأحمر. كما أدت السنوات العشر للثورة الثقافية إلى توقف نظام التعليم فعليًا. ألغيت امتحانات الالتحاق بالجامعة، ولم يعيدها دنغ شياو بينغ إلا في عام 1977. تم إرسال العديد من المثقفين إلى معسكرات العمل الريفية، وأصبح أصحاب المهارات الأكاديمية والخبرة الفنية الهدف الأساسي "للنضال" السياسي على المستوى المحلي. وهكذا أصبح فكر ماو تسي تونغ هو الدليل العملي المركزي لكل الأشياء في الصين. في السنوات الأولى للثورة الثقافية، تجاوزت سلطة الحرس الأحمر سلطة الجيش وسلطات الشرطة المحلية والقانون بشكل عام. تم تشجيع الشباب على التحدي وحتى إبلاغ والديهم ومعلميهم، باستثناء واحد هو الرئيس ماو، الذي كانت تعاليمه غير قابلة للنقاش. جلبت الثورة الثقافية أيضًا إلى الواجهة العديد من صراعات السلطة الداخلية داخل الحزب الشيوعي الصيني، مما أدى إلى الفصائل المحلية والمنافسات التافهة. غالبًا ما كان الأعضاء المسلحون من الفصائل المتعارضة يقاتلون في الشوارع، وكانت الاغتيالات السياسية، لا سيما في المقاطعات، شائعة. تعرضت المحميات التاريخية والتحف والمواقع المهمة في الصين لأضرار مدمرة حيث كان يعتقد أنها أصل "طرق التفكير القديمة". تم الاستيلاء على العديد من القطع الأثرية من المنازل الخاصة وغالبًا ما يتم تدميرها على الفور. يقترح المراقبون الغربيون أن جزءًا كبيرًا من تاريخ الصين الذي يعود إلى آلاف السنين قد تم طمسه، وأن مثل هذا التدمير للقطع الأثرية التاريخية لا مثيل له في أي وقت أو مكان. لقد كانت الثورة الثقافية مدمرة بشكل خاص لثقافات الأقليات في الصين. وبحسب ما ورد نبع هذا جزئيًا من العداء الشخصي لجيانغ تشينغ تجاه الأقليات العرقية. كانت "مركزية مجموعة الهان العرقية" موضوعًا رئيسيًا طوال هذه الفترة. في الوقت نفسه، هدفت الحملة إلى إخضاع المناطق العرقية المضطربة لسيطرة الحكومة المركزية التي يهيمن عليها الهان. في التبت، تم تدمير أكثر من 2000 دير، على الرغم من تواطؤ الحرس الأحمر التبتي العرقي المحلي في كثير من الأحيان. في منغوليا الداخلية، أُعدم العديد من الأشخاص خلال حملة قاسية لفضح الأعضاء المفترضين في حزب الشعب المنغولي الداخلي "الانفصالي". في شينجيانغ ، تعرض الأئمة المسلمون الأويغور للإهانة علانية بسبب إيمانهم "المعادي للثورة" ، بينما تم حرق نسخ من القرآن علانية. في المناطق الكورية العرقية في شمال شرق الصين، تم تدمير مدارس تعليم اللغة الكورية وتم الإبلاغ عن العديد من عمليات القتل. في مقاطعة يونان، تم إحراق قصر ملك شعب داي، وأدت المذبحة الشائنة لمسلمي الهوي على يد جيش التحرير الشعبي الصيني إلى مقتل أكثر من 1600 شخص في عام 1975. وألغيت حقوق الإنسان لمئات الملايين من الناس خلال الحرب. ثورة ثقافية. أُجبر الناس على المشي في الشوارع عراة وجلدوا علنًا. حدثت العديد من الوفيات في حجز الشرطة، وغالبًا ما يتم التستر عليها على أنها "حالات انتحار". اتُهم العديد من الأفراد، لأسباب واهية في كثير من الأحيان، بأنهم جواسيس أجانب. أن يكون لديك، أو كان لديك، أي اتصال بالعالم خارج الصين، يمكن أن يكون خطيرًا للغاية. تم تهجير الملايين عندما تم إجبار الشباب من المدن على الانتقال قسراً إلى الريف، حيث اضطروا إلى التخلي عن جميع أشكال التعليم القياسي لصالح الدعاية الماوية. تقدر حصيلة القتلى، بمن فيهم المدنيون والحرس الأحمر، بحوالي 500000 بين عامي 1966 و1969. في محاكمة ما يسمى عصابة الأربعة، رأت محكمة صينية أن 729511 شخصًا قد تعرضوا للاضطهاد، وتم الاعتراف رسميًا بوفاة 34800 شخص منهم. قد لا يكون الرقم الحقيقي معروفًا أبدًا، حيث لم يتم الإبلاغ عن العديد من الوفيات أو تم التستر عليها من قبل السلطات المحلية. حتى يومنا هذا، ترفض الصين السماح بإجراء بحث علمي جاد في تلك الفترة. فهل كان التقدم الذي تعرفه الصين اليوم هو نتيجة منطقية بعد نجاح هذه الثورة الثقافية؟ وماهي تأثيراتها على مسار حركة الثورات العربية؟
المصادر:
-Chan, Anita. Children of Mao: Personality Development and Political Activism in the Red Guard Generation. University of Washington Press, 1985.
-Chang, Tony H. (compiler). China During the Cultural Revolution, 1966-1976: A Selected Bibliography of English Language Works. Greenwood Press, 1999.
-Leys, Simon. The Burning Forest: Essays on Chinese Culture and Politics. Holt, Rhiehart, and Winston; 1986. ISBN 978-0030050633
-Liu, Guokai. A Brief Analysis of the Cultural Revolution. M. E. Sharpe, 1987.
Stewart, Whitney. Mao Zedong. Twenty-First Century Books, 2005.
كاتب فلسفي
كانت الثورة الثقافية البروليتارية العظمى، والمعروفة ببساطة بالثورة الثقافية الصينية، ثورة اجتماعية هائلة من عام 1966 حتى عام 1976 ناتجة عن صراع على السلطة داخل الحزب الشيوعي الصيني، حيث كان نصفها على الأقل مات مليون شخص ودفعت جمهورية الصين الشعبية إلى شفا حرب أهلية. بدأ الثورة الثقافية من قبل رئيس الحزب ماو تسي تونغ في عام 1966 لإعادة تأكيد قيادته بعد كوارث القفزة العظيمة للأمام والتي أدت إلى فقدان السلطة لمنافسين إصلاحيين مثل ليو شوقي. بين عامي 1966 و1968، قام مساعدا ماو الرئيسيان، وزير الدفاع لين بياو وزوجة ماو جيانغ تشينغ، بتنظيم مليشيا جماعية للشباب تسمى الحرس الأحمر للإطاحة بأعداء ماو وتطهير جهاز الدولة من "سائقي الطرق الرأسماليين". في ظل الفوضى والعنف الذي أعقب ذلك، تم تدمير الكثير من التراث الفني الصيني، وتعرض الملايين للاضطهاد، وفقد بعضهم حياتهم. على الرغم من حل الحرس الأحمر في عام 1969، استمرت الثورة الثقافية خلال الفترة بين عام 1969 واعتقال ما يسمى عصابة الأربعة في عام 1976. في غضون ذلك، توفي لين بياو في ظروف غامضة في حادث تحطم طائرة بعد اتهامه بمحاولة القيام بذلك. تمت الإطاحة بماو في انقلاب، وتم تطهير العديد من المسؤولين الآخرين، وتوقف النظام التعليمي الصيني مع إرسال الطلاب إلى المجتمعات الريفية، وتوقف التقدم التكنولوجي حيث أصبحت الأيديولوجية الأسبقية على الخبرة. تفصل وجهة النظر الصينية الرسمية "أخطاء" ماو أثناء الثورة الثقافية عن بطولته السابقة ونظرياته العامة عن الماركسية اللينينية. وهكذا تظل الثورة الثقافية قضية حساسة داخل الصين اليوم. الآراء التاريخية التي تتعارض مع الرواية الرسمية - إما من خلال الإيحاء بأن الثورة الثقافية كانت شيئًا جيدًا أو أن ماو كان أكثر أو أقل ذنبًا مما يشير إليه التاريخ الرسمي - تخضع للرقابة بشكل روتيني.
خلفية الثورة الثقافية
القفزة العظيمة للأمام
في عام 1957، بعد أول خطة خمسية للصين، دعا ماو تسي تونغ إلى زيادة سرعة نمو "الاشتراكية". وهكذا أطلق ماو القفزة العظيمة للأمام، حيث أنشأ مجتمعات خاصة في الريف وأسس برنامجًا وطنيًا لإنتاج الصلب باستخدام أفران الفناء الخلفي. سرعان ما دخلت الصناعات في حالة من الاضطراب حيث كان الفلاحون ينتجون الكثير من الفولاذ، والذي كان غالبًا ذا نوعية رديئة للغاية، في حين تم إهمال مناطق أخرى. تم صهر أدوات الزراعة مثل المجارف والمجارف للصلب، مما أعاق الإنتاج الزراعي. ومما زاد الطين بلة، من أجل تجنب العقاب، كثيرا ما أبلغت السلطات المحلية عن أرقام الإنتاج، مما يخفي خطورة المشكلة. مع تعافي البلاد بالكاد من عقود من الحرب، تركت القفزة العظيمة للأمام الاقتصاد الصيني في حالة من الفوضى.
الإصلاحات
اعترف ماو بنتائج سلبية خطيرة ودعا إلى تفكيك الكوميونات في عام 1959. ومع ذلك، أصر على أن القفزة العظيمة كانت صحيحة بنسبة 70 في المائة بشكل عام. في نفس العام، استقال ماو من منصبه كرئيس للجمهورية الشعبية، وأدارت الحكومة لاحقًا من قبل البيروقراطيين ذوي العقلية الإصلاحية مثل رئيس جمهورية الشعب ليو شاوشي، ورئيس الوزراء تشو إنلاي، والأمين العام دينغ شياو بينغ. ومع ذلك، ظل ماو رئيسًا للحزب الشيوعي الصيني. خلال هذه الفترة، شكل ماو تحالفًا سياسيًا مع ليو شاوقي ودنغ شياو بينغ. كان من بين إصلاحات ليو ودينج التراجع عن الجماعية، التي فشلت فشلاً ذريعاً. ومع ذلك، فإن هذه الابتعاد عن الآثار المعوقة للقفزة العظيمة إلى الأمام، لم تؤد إلى تحسن في حياة الشعب الصيني. تواجه الأمة الآن ما يسمى بـ "ثلاث سنوات من الكوارث الطبيعية"، والتي جعلت التعافي أكثر صعوبة. كان الطعام يعاني من نقص شديد، وانخفض الإنتاج بشكل كبير، بسبب الآثار الدائمة لفشل حملة القفزة العظيمة للأمام وكذلك لأسباب طبيعية. توفي ما يقدر بنحو 38 مليون شخص من المجاعة على نطاق واسع خلال هذه السنوات، واستجابة لذلك، طور ليو شوقي سياسة للابتعاد بشكل أكثر دراماتيكية عن السياسات الجماعية الماوية واشتراكية الدولة. أكسب نجاح إصلاحاته الاقتصادية مكانة ليو في نظر العديد من أعضاء الحزب. جنبا إلى جنب مع دنغ شياو بينغ ، بدأ ليو بالتخطيط للتقاعد تدريجيًا من أي سلطة حقيقية ، وتحويله إلى رئيس صوري. لكن الإصلاحيين واجهوا معارضة من المتشددين الماويين ، وخوفا من التخلي عن مبادئه الثورية ، أطلق ماو حركة التعليم الاشتراكي في عام 1963 لاستعادة قاعدته السياسية وتجديد "الروح الثورية" ، خاصة بين الشباب. سرعان ما بدأ ماو ينتقد ليو شوقي علانية. بحلول عام 1964، أصبحت حركة التعليم الاشتراكي "حركة التنظيفات الأربعة" الجديدة، بهدف معلن وهو تطهير السياسة والاقتصاد والأفكار والتنظيم. كانت الحركة موجهة سياسياً ضد ليو وحلفائه.
البدايات
في أواخر عام 1959، نشر نائب عمدة بكين ووهان دراما تاريخية بعنوان "فصل هاي روي من منصبه"، حيث تم فصل مسؤول فاضل (هاي روي) من قبل إمبراطور فاسد. تلقت المسرحية في البداية إشادة من ماو، ولكن في عام 1965، نشرت زوجته، جيانغ تشينغ، مقالًا ينتقد المسرحية مع ربيبها ياو وينيوان. لقد وصفوها بأنها "حشيشة سامة" وهجوم على ماو. تلقى مقال صحيفة شنغهاي الكثير من الدعاية على الصعيد الوطني. رداً على ذلك، أنشأ عمدة بكين، بنغ تشن، أحد مؤيدي وو هان ، لجنة لدراسة القضية ، ووجد أن الانتقادات قد ذهبت بعيداً. في مايو 1966، نشر جيانغ تشينغ وياو وين يوان مقالات جديدة تدين كل من وو هان وبنغ تشن. ثم، في 16 مايو، بعد قيادة ماو، أصدر المكتب السياسي إشعارًا رسميًا ينتقد بينغ تشن ويحل لجنته. سرعان ما أطلق المكتب السياسي مجموعة الثورة الثقافية. أعلن لين بياو، الذي سيصبح المنظم الرئيسي للثورة الثقافية: "الرئيس ماو عبقري، كل ما يقوله الرئيس عظيم حقًا؛ إحدى كلمات الرئيس ستتجاوز معنى عشرة آلاف من كلماتنا". وسرعان ما انطلقت مظاهرات شعبية دعما لماو ومعارضة للإصلاحيين. في 25 مايو، كتب مدرس الفلسفة الشاب في جامعة بكين، ني يوانزي ، دازيباو ("ملصق ذو شخصية كبيرة") يصف مدير الجامعة وأساتذة آخرين بأنهم "رجال عصابات سود مناهضين للحزب". بعد بضعة أيام، أمر ماو ببث نص هذا الملصق ذو الشخصية الكبيرة في جميع أنحاء البلاد، وفي 29 مايو 1966، في المدرسة الإعدادية التابعة لجامعة تسينغهوا في بكين، تم تشكيل أول منظمة للحرس الأحمر، بهدف معاقبة وتحييد الإصلاح. عقل المثقفين والمسؤولين. في 1 يونيو 1966، ذكرت صحيفة حزب الشعب اليومية الرسمية أنه يجب تطهير جميع "المثقفين الإمبرياليين" وحلفائهم. في 28 يوليو 1966، كتب ممثلو الحرس الأحمر رسالة رسمية إلى ماو، يجادلون فيها بأن عمليات التطهير الجماعي والظواهر الاجتماعية والسياسية ذات الصلة لها ما يبررها؛ ويلتزمون بهذا الجهد. في مقال بعنوان "قصف المقر"، رد ماو بتأييد كامل. وهكذا بدأت الثورة الثقافية بشكل جدي.
اندلاع الثورة الثقافية
1966: الـ 16 نقطة والحرس الأحمر
في 8 أغسطس 1966، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني "قرارها بشأن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى"، والمعروف أيضًا باسم "النقاط الست عشرة". حدد القرار الثورة الثقافية بأنها "مرحلة جديدة في تطور الثورة الاشتراكية في بلادنا". أعلنت: على الرغم من الإطاحة بالبورجوازية ، إلا أنها لا تزال تحاول استخدام الأفكار القديمة ، والثقافة ، والعادات ، والعادات للطبقات المستغِلة لإفساد الجماهير ، والاستيلاء على عقولهم ، والسعي للعودة ... في الوقت الحاضر ، هدفنا هو النضال ضد وسحق الأشخاص في السلطة الذين يسلكون الطريق الرأسمالي ، لانتقاد "السلطات" الأكاديمية البرجوازية الرجعية ورفضها ... لقد وسعت السياسة من الحركة الطلابية الحالية للحرس الأحمر ورفعتها إلى مستوى حملة جماهيرية على مستوى البلاد ، حيث دعت ليس فقط الطلاب ولكن أيضًا "جماهير العمال والفلاحين والجنود والمثقفين الثوريين والكوادر الثورية" للقيام بالمهمة. من خلال كتابة ملصقات كبيرة وإجراء "مناظرات كبيرة". منح القرار حرية واسعة في التعبير لانتقاد من هم في السلطة وأطلق العنان لملايين الشباب الذين تم تلقينهم بشكل مكثف في الفكر الماوي منذ إنشاء جمهورية الصين الشعبية. تم تشكيل وحدات الحرس الأحمر في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى اضطراب الجامعات وتهديد السياسيين الذين يُنظر إليهم على أنهم "رأسماليون على الطرق". ابتداءً من 16 أغسطس 1966، تجمع الملايين من الحرس الأحمر من جميع أنحاء البلاد في بكين لرؤية الرئيس العظيم ماو. من أعلى بوابة ساحة تيانانمن ، ظهر ماو ولين بياو بشكل متكرر لما يقرب من 11 مليون من أفراد الحرس الأحمر. وأشاد ماو بأفعالهم في الحملات الأخيرة لتطوير الاشتراكية والديمقراطية. لمدة عامين، حتى يوليو / تموز 1968 (وفي بعض الأماكن أطول من ذلك بكثير) ، وسع الحرس الأحمر ونشطاء طلاب آخرون مناطق سلطتهم. بدأوا بتوزيع منشورات ونشر أسماء "أعداء الثورة" المشتبه بهم على لوحات الإعلانات. اجتمعوا في مجموعات كبيرة، وعقدوا "مناظرات كبيرة" تعرض فيها أعداء ماو وأساتذتهم لانتقادات لاذعة، وقدموا العديد من المسرحيات "الثورية". سرعان ما تطورت المناقشات في "جلسات النضال" العامة للنقد وإكراه "النقد الذاتي" من قبل المعارضين للثورة المشتبه بهم. على الرغم من أن النقاط الـ 16 نهى عن "الكفاح الجسدي" لصالح "الكفاح اللفظي"، فإن "جلسات الكفاح" المذكورة أعلاه غالبًا ما أدت إلى العنف الجسدي. وتوقفت جهود الحزب للحد من العنف دون تدخل الشرطة، وبدت في بعض الأحيان وكأنها تشجع "الكفاح الجسدي". في 22 أغسطس 1966، أصدر ماو إشعارًا عامًا يمنع "كل تدخل الشرطة في تكتيكات وأعمال الحرس الأحمر". أولئك في قوة الشرطة الذين تجرأوا على تحدي هذا الإشعار، وُصفوا بأنهم "معادون للثورة". في سبتمبر، تم تشجيع جميع الحرس الأحمر على القدوم إلى بكين على مدى فترة زمنية، مما منح ماو مزيدًا من التصريح لأفعالهم. كانت الحكومة تدفع أتعابهم، بما في ذلك الإقامة والمواصلات. في 10 أكتوبر / تشرين الأول، انتقد لين بياو علانية ليو ودينج بوصفهما "رواد طريق رأسماليين" و"تهديدات"، مما مهد الطريق لتطهير الحزب على نطاق واسع. تم إحضار وزير الدفاع السابق بينغ ديهواي، وهو من أوائل منتقدي القفزة العظيمة للأمام ومنافس لين، إلى بكين لعرضه على الملأ والسخرية منه. ثم تم تطهيره من الحزب.
1967: صراعات القوى الكبرى
في 3 كانون الثاني (يناير) 1967، تعاون لين بياو وجيانغ كينغ لإطلاق "عاصفة يناير"، حيث تم انتقاد وتطهير العديد من القادة البارزين في شنغهاي والبلديات. نتيجة لذلك، صعد وانغ هونغ ون، شريك جيانغ، إلى السلطة في المدينة وجهاز الحزب الشيوعي الصيني. في بكين، تعرض ليو ودينج مرة أخرى للنقد. بدأ هذا صراعًا سياسيًا كبيرًا بين مسؤولي الحكومة المركزية، الذين انتهزوا الثورة الثقافية كفرصة لاتهام منافسيهم بـ "نشاط مضاد للثورة". ظهرت ظاهرة مماثلة بين كوادر الحزب المحليين. في 8 يناير، أشاد ماو مرة أخرى بالنضال ضد "الطرق الرأسمالية" في افتتاحية صحيفة الشعب اليومية، وحث جميع قادة الحكومة المحلية على الانخراط في "النقد الذاتي"، وفي النقد وتطهير الآخرين. تبع ذلك تطهير تلو تطهير في الحكومات المحلية في الصين، والتي توقف بعضها عن العمل تمامًا. كان الانخراط في نوع من النشاط "الثوري" العام ضروريًا لتجنب التطهير، وهو أيضًا لم يكن ضمانًا. في الوقت نفسه، بدأت الآن منظمات الحرس الأحمر الرئيسية، المدججة جيدًا في بعض الأحيان، في الانقلاب ضد بعضها البعض في صراعات الفصائل ومحاولات لإثبات الوحدات الأكثر ثورية. في 6 أبريل، تم إدانة ليو شوقي علنًا وعلى نطاق واسع من قبل فصيل تشونغنانهاي للحرس الأحمر الكبير. تبع ذلك احتجاج مضاد ومظاهرات حاشدة، وعلى الأخص في ووهان في 20 يوليو، والتي تجرأت على إدانة سلوك جيانغ تشينغ باعتباره "نشاطًا مضادًا للثورة". سافرت بسرعة إلى ووهان لتنتقد الجنرال المسؤول عن منطقة ووهان، تشين زيداو، وفي 22 يوليو، اتخذ جيانغ تشينغ الخطوة الجريئة بتوجيه الحرس الأحمر ليحل محل جيش التحرير الشعبي عند الحاجة. بدأت وحدات الحرس الأحمر في الاستيلاء على الأسلحة من مستودعات الأسلحة المحلية، وتصاعد العنف.
1968: عمليات تطهير وتقليص من الحرس الأحمر
في ربيع عام 1968، قامت حملة ضخمة بترقية ماو تسي تونغ المحبوب بالفعل إلى وضع شبيه بالله. تم نشر مئات الملايين من النسخ من كتاب ماو الصغير الأحمر، وأصبحت الملصقات التي تصوره في أوضاع مسيحية منتشرة في كل مكان. في الوقت نفسه، بدأ يتطور إجماع داخل الحزب على أن الحرس الأحمر يذهب بعيدًا جدًا، وأن على الجيش فرض النظام. في 27 يوليو / تموز، انتهى رسمياً سلطة الحرس الأحمر على الجيش وأرسلت الحكومة المركزية وحدات لحماية العديد من المناطق التي لا تزال مستهدفة من قبل الحرس الأحمر. بعد عام، تم تفكيك فصائل الحرس الأحمر بالكامل. على أي حال، من وجهة نظر ماو ولين، تم تحقيق هدفهم إلى حد كبير. في أوائل أكتوبر، بدأ ماو تطهيرًا لمسؤولي الحزب على المستوى الوطني. تم إرسال الكثير منهم إلى الريف للعمل في معسكرات العمل. في نفس الشهر، في الجلسة الكاملة الثانية عشرة للمؤتمر الثامن للحزب، طُرد ليو تساوكي من الحزب إلى الأبد، وأصبح لين بياو نائبًا لرئيس الحزب، في المرتبة الثانية بعد ماو. أُرسل ليو تساوكي إلى معسكر اعتقال، حيث توفي في عام 1969. حُكم على دينغ شياو بينغ بفترة إعادة تثقيفه ثلاث مرات ووجد نفسه في النهاية يعمل في مصنع محركات، إلى أن أعاده تشو إنلاي بعد ذلك بسنوات. لم يحالف الحظ معظم المتهمين، وكثير منهم لم يعودوا أبدًا. في ديسمبر 1968، بدأ ماو "حركة النزول إلى الريف"، والتي استمرت طوال العقد التالي. تم توجيه "المثقفين الشباب" الذين يعيشون في المدن إلى الريف. معظم هؤلاء كانوا حديثي التخرج من طلاب المدارس المتوسطة. كانت هذه الخطوة إلى حد كبير وسيلة لنقل الحرس الأحمر من المدن إلى الريف، حيث قد يتسببون في قدر أقل من الاضطراب الاجتماعي، على الرغم من أنه تم شرحه من حيث خلق وعي ثوري من خلال جعل هؤلاء الطلاب الذين نشأوا في المدينة على اتصال بالعمل اليدوي. تم وضع نظام التعليم في المدن في طريق مسدود افتراضيًا.
صعود وسقوط لين بياو
في 1 أبريل 1969، في المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني، أصبح لين بياو رسميًا ثاني قيادة للصين، بينما كان لا يزال مسؤولًا عن الجيش. مع شيخوخة ماو، تم تطهير ليو تسوكي بالفعل، وتلاشى تأثير تشو إنلاي ، بدت قوته لا مثيل لها. تم تعديل دستور الحزب لتعيين لين كخليفة رسمي لماو. من الآن فصاعدًا، في جميع المناسبات، كان من المقرر ربط اسم ماو باسم لين. شغل لين أيضًا مكانًا في اللجنة الدائمة القوية للمكتب السياسي مع ماو وتشين بودا وتشو إنلاي وكانغ شنغ. في 23 أغسطس 1970، في الجلسة الكاملة الثانية للمؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني، نشأ جدل حول قضية استعادة منصب رئيس جمهورية الصين الشعبية اي رئيس الدولة، والتي كان ماو قد ألغاها من قبل. تمت إزالة تشين بودا، الذي كان قد تحدث لصالح استعادة المكتب، من اللجنة الدائمة، وهي الخطوة التي اعتبرت أيضًا بمثابة تحذير للين بياو. بدأ ماو يشك في أن لين يريد السلطة العليا وينوي الإطاحة بماو نفسه. تخيم الأحداث اللاحقة بسبب الاختلافات بين الروايات الرسمية، والتي تركز على محاولة لين للإطاحة بماو ، والحسابات البديلة التي ترى ماو على أنه مذعور بشكل متزايد ويتآمر مع حلفائه للتخلص من لين. في الحساب الرسمي، انتقل لين الآن لاستخدام منظمة قوته العسكرية في انقلاب. وبحسب ما ورد جرت محاولات اغتيال ضد ماو في شنغهاي، في الفترة من 8 سبتمبر إلى 10 سبتمبر 1971. بعد ذلك، تم تداول تقارير شبه مستمرة عن تعرض ماو للهجوم. زعم أحد هؤلاء أنه اعتدى جسديًا على ماو في طريقه إلى بكين في قطاره الخاص. وزعم آخر أن لين قصف جسرا كان من المقرر أن يعبره ماو للوصول إلى بكين. سواء كانت هذه التقارير لها أساس في الواقع أم لا، بعد 11 سبتمبر 1971، لم يظهر لين بياو علنًا مرة أخرى، ولم يفعل داعموه الأساسيون، الذين حاول العديد منهم الفرار إلى هونغ كونغ. فشل معظمهم في القيام بذلك وتم القبض على حوالي 20 من قادة الجيش الموالين للين. كما تفيد التقارير الرسمية أنه في 13 سبتمبر 1971 ، حاول لين بياو وعائلته الفرار إلى الاتحاد السوفيتي ، لكن طائرتهم تحطمت في منغوليا ، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها . في نفس اليوم، اجتمع المكتب السياسي في جلسة طارئة. فقط في 30 سبتمبر تم الإعلان عن وفاة لين في بكين، وتم إطلاق حملة من شأنها أن تشوه سمعته فعليًا كخائن متعطش للسلطة حاول استخدام ماو والثورة الثقافية لأغراضه الخاصة. لا يزال السبب الدقيق لتحطم الطائرة لغزا.
عصابة الأربعة
"انتقد لين بياو، انتقد كونفوشيوس"
كان ماو قد اهتز بشدة بسبب قضية لين بياو وكان بحاجة أيضًا إلى خطة خلافة جديدة. في سبتمبر 1972، تم نقل زعيم شنغهاي وانغ هونغ ون للعمل في بكين للحكومة المركزية، وأصبح نائب رئيس الحزب في العام التالي. في نفس الوقت، تحت تأثير رئيس مجلس الدولة تشو إن لاي، تمت إعادة تأهيل دنغ شياو بينغ وإعادته إلى بكين. لكن في أواخر عام 1973، أطلقت جيانغ تشينغ وداعموها الثلاثة الرئيسيون - وانغ هونغ ون ، وتشانغ تشونكياو ، وياو وينيوان - حملة بي لين بي كونغ ، والتي تُترجم على أنها "نقد لين ، انتقد كونفوشيوس". كان هدفها الرئيسي هو تشو إنلاي. تم وصف زو بأنه يتمتع بميول كونفوشيوسية بسبب تركيزه على بيروقراطية الحزب بدلاً من استمرار الثورة الجماهيرية. على الرغم من أن اسم تشو إنلاي لم يذكر بشكل مباشر خلال هذه الحملة، إلا أن اسمه التاريخي، دوق تشو القديم، كان هدفًا متكررًا. في أكتوبر 1973، أصيب تشو إنلاي بمرض خطير وتم نقله إلى المستشفى. تم تعيين دنغ شياو بينغ نائبا أول لرئيس مجلس الدولة وتولى إدارة الأعمال اليومية لجهاز الدولة للحزب. واصل دينغ توسيع سياسات زو ، بينما فشلت حملة "نقد لين ، انتقد كونفوشيوس" في اكتساب الكثير من الزخم كحركة شعبية. في سبتمبر 1975، تم إدخال ماو نفسه إلى المستشفى بسبب مرض خطير. في 8 يناير 1976، توفي تشو إنلاي بسبب سرطان المثانة، وألقى دنغ شياو بينغ كلمة التأبين الرسمية لـ تشو إنلاي. في فبراير، بدأت مجموعة جيانغ كينغ، المعروفة من قبل أعدائها باسم "عصابة الأربعة" في استهداف دينغ. بناء على سلطة ماو، تم تخفيض دنغ مرة أخرى. ومع ذلك، قاوم ماو اختيار عضو من عصابة الأربعة ليصبح رئيسًا للوزراء، وبدلاً من ذلك اختار هوا جوفينج غير المعروف نسبيًا.
1976: نهاية الثورة الثقافية
مع استمرار سيطرة جهاز الحزب الرئيسي وعدم وجود حركة جماهيرية من نوع الحرس الأحمر لدعم حملة عصابة الأربعة، احتشد الرأي العام حول تشو إنلاي كرمز للقيادة العقلانية. في 5 أبريل، يوم الحداد التقليدي في الصين، تجمع ما يقدر بنحو مليوني شخص في ميدان تيانانمين وما حوله تكريما لتشو ، مما حول التجمع إلى احتجاج ضد عصابة الأربعة. صدرت أوامر للشرطة بدخول المنطقة وإزالة أكاليل الزهور والرسائل السياسية وتفريق الحشود. أشارت عصابة الأربعة إلى أن دينغ شياو بينغ هو مخطط هذا التعبير عن الاستياء العام، وفي 9 سبتمبر 1976، توفي ماو تسي تونغ. قبل وفاته، كتب ماو ملاحظة إلى هوا جوفينج قال فيها: "معكم المسؤول، أنا مرتاح". ومن ثم، أصبح هوا رئيس الحزب. كان يُنظر إلى هوا سابقًا على أنها تفتقر إلى المهارة والطموح السياسيين، ويبدو أنها لا تشكل تهديدًا لعصابة الأربعة في خلافة السلطة. ومع ذلك، أثبت هوا الآن قدرته على اتخاذ إجراءات حاسمة. بتشجيع من الجنرالات البارزين مثل يي جيان ينغ وبدعم من الجيش وحلفاء دنغ شياو بينغ في الحزب، أمر هوا باعتقال عصابة الأربعة. أدى اعتقالهم إلى نهاية الثورة الثقافية.
ما بعد الكارثة
على الرغم من تجنب عصابة الأربعة، استمر هوا جوفينج في استدعاء اسم ماو وعبادة الشخصية لتبرير سياساته. وهكذا أطلق ما يسمى بـ "شيئين"، قائلاً "مهما كانت السياسة التي نشأت من الرئيس ماو، يجب أن نواصل دعمنا"، و "مهما كانت التوجيهات التي أعطيت لنا من الرئيس ماو، يجب أن نواصل العمل على أساسها". في السياسة الاقتصادية، كان هوا ينوي تحريك النظام الصيني نحو التخطيط على النمط السوفيتي في أوائل الخمسينيات. وتحت ضغط من قادة الحزب الآخرين، قرر هوا أيضًا إعادة دنغ شياو بينغ إلى شؤون الدولة العادية، وتعيينه نائبًا لرئيس مجلس الدولة في يوليو 1977 ثم في مناصب أخرى مختلفة. في أغسطس، انعقد المؤتمر الحادي عشر للحزب في بكين، وأعلن رسميًا (بترتيب الترتيب) هوا جوفينج ، ودينج شياو بينغ ، ويي جيان ينغ ، ولي شيانيان ، ووانغ دونغ شينغ كأعضاء في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي. عزز دينغ تدريجياً قاعدة سلطته، وفي 1 يوليو 1978 نشر تقرير ماو عن النقد الذاتي لعام 1962 فيما يتعلق بالقفزة العظيمة للأمام. على هذا الأساس، في سبتمبر 1978، بدأ بمهاجمة "اثنين ماذا" في هوا جوفينج. في 18 ديسمبر 1978، في الجلسة الكاملة الثالثة للمؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الصيني، صرح دينغ أن "تحرير الأفكار" ضروري داخل الحزب. طُلب من هوا جوفينج أن ينخرط في النقد الذاتي، مشيرًا إلى أن مذهبه الخاص بـ "اثنان على أي حال" كان خاطئًا. تم إعادة تأهيل حادثة ميدان تيانانمين لدعم تشو إنلاي سياسيًا، وحتى ليو سوكي سُمح له بجنازة رسمية متأخرة. في الجلسة الكاملة الخامسة للمؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الصيني، التي عقدت في عام 1980، تمت إعادة تأهيل العديد من أعضاء الحزب الآخرين الذين تم تطهيرهم خلال الثورة الثقافية. تم تعيين هوو ياو بانغ أمينًا عامًا، وتم تعيين تشاو زيانغ، وهو أحد رعايا دنغ، في جهاز الحكم المركزي. في سبتمبر، استقال هوا جوفينج، وعين تشاو زيانغ رئيس الوزراء الجديد. وأضاف دينق إلى حقيبته رئاسة اللجنة العسكرية المركزية. بحلول هذا الوقت، كان دينغ الشخصية الأبرز والأهم في السياسة الصينية، ورُفضت عصمة ماو رسميًا، وفُقدت مصداقية الثورة الثقافية بشدة.
خاتمة
أثرت الثورة الثقافية بشكل مباشر أو غير مباشر بشكل أساسي على جميع سكان الصين. خلال هذه الفترة، توقف الكثير من النشاط الاقتصادي، وكان الهدف الأساسي "الثورة". تم تدمير عدد لا يحصى من المباني القديمة والتحف والمأثورات والكتب واللوحات من قبل الحرس الأحمر. كما أدت السنوات العشر للثورة الثقافية إلى توقف نظام التعليم فعليًا. ألغيت امتحانات الالتحاق بالجامعة، ولم يعيدها دنغ شياو بينغ إلا في عام 1977. تم إرسال العديد من المثقفين إلى معسكرات العمل الريفية، وأصبح أصحاب المهارات الأكاديمية والخبرة الفنية الهدف الأساسي "للنضال" السياسي على المستوى المحلي. وهكذا أصبح فكر ماو تسي تونغ هو الدليل العملي المركزي لكل الأشياء في الصين. في السنوات الأولى للثورة الثقافية، تجاوزت سلطة الحرس الأحمر سلطة الجيش وسلطات الشرطة المحلية والقانون بشكل عام. تم تشجيع الشباب على التحدي وحتى إبلاغ والديهم ومعلميهم، باستثناء واحد هو الرئيس ماو، الذي كانت تعاليمه غير قابلة للنقاش. جلبت الثورة الثقافية أيضًا إلى الواجهة العديد من صراعات السلطة الداخلية داخل الحزب الشيوعي الصيني، مما أدى إلى الفصائل المحلية والمنافسات التافهة. غالبًا ما كان الأعضاء المسلحون من الفصائل المتعارضة يقاتلون في الشوارع، وكانت الاغتيالات السياسية، لا سيما في المقاطعات، شائعة. تعرضت المحميات التاريخية والتحف والمواقع المهمة في الصين لأضرار مدمرة حيث كان يعتقد أنها أصل "طرق التفكير القديمة". تم الاستيلاء على العديد من القطع الأثرية من المنازل الخاصة وغالبًا ما يتم تدميرها على الفور. يقترح المراقبون الغربيون أن جزءًا كبيرًا من تاريخ الصين الذي يعود إلى آلاف السنين قد تم طمسه، وأن مثل هذا التدمير للقطع الأثرية التاريخية لا مثيل له في أي وقت أو مكان. لقد كانت الثورة الثقافية مدمرة بشكل خاص لثقافات الأقليات في الصين. وبحسب ما ورد نبع هذا جزئيًا من العداء الشخصي لجيانغ تشينغ تجاه الأقليات العرقية. كانت "مركزية مجموعة الهان العرقية" موضوعًا رئيسيًا طوال هذه الفترة. في الوقت نفسه، هدفت الحملة إلى إخضاع المناطق العرقية المضطربة لسيطرة الحكومة المركزية التي يهيمن عليها الهان. في التبت، تم تدمير أكثر من 2000 دير، على الرغم من تواطؤ الحرس الأحمر التبتي العرقي المحلي في كثير من الأحيان. في منغوليا الداخلية، أُعدم العديد من الأشخاص خلال حملة قاسية لفضح الأعضاء المفترضين في حزب الشعب المنغولي الداخلي "الانفصالي". في شينجيانغ ، تعرض الأئمة المسلمون الأويغور للإهانة علانية بسبب إيمانهم "المعادي للثورة" ، بينما تم حرق نسخ من القرآن علانية. في المناطق الكورية العرقية في شمال شرق الصين، تم تدمير مدارس تعليم اللغة الكورية وتم الإبلاغ عن العديد من عمليات القتل. في مقاطعة يونان، تم إحراق قصر ملك شعب داي، وأدت المذبحة الشائنة لمسلمي الهوي على يد جيش التحرير الشعبي الصيني إلى مقتل أكثر من 1600 شخص في عام 1975. وألغيت حقوق الإنسان لمئات الملايين من الناس خلال الحرب. ثورة ثقافية. أُجبر الناس على المشي في الشوارع عراة وجلدوا علنًا. حدثت العديد من الوفيات في حجز الشرطة، وغالبًا ما يتم التستر عليها على أنها "حالات انتحار". اتُهم العديد من الأفراد، لأسباب واهية في كثير من الأحيان، بأنهم جواسيس أجانب. أن يكون لديك، أو كان لديك، أي اتصال بالعالم خارج الصين، يمكن أن يكون خطيرًا للغاية. تم تهجير الملايين عندما تم إجبار الشباب من المدن على الانتقال قسراً إلى الريف، حيث اضطروا إلى التخلي عن جميع أشكال التعليم القياسي لصالح الدعاية الماوية. تقدر حصيلة القتلى، بمن فيهم المدنيون والحرس الأحمر، بحوالي 500000 بين عامي 1966 و1969. في محاكمة ما يسمى عصابة الأربعة، رأت محكمة صينية أن 729511 شخصًا قد تعرضوا للاضطهاد، وتم الاعتراف رسميًا بوفاة 34800 شخص منهم. قد لا يكون الرقم الحقيقي معروفًا أبدًا، حيث لم يتم الإبلاغ عن العديد من الوفيات أو تم التستر عليها من قبل السلطات المحلية. حتى يومنا هذا، ترفض الصين السماح بإجراء بحث علمي جاد في تلك الفترة. فهل كان التقدم الذي تعرفه الصين اليوم هو نتيجة منطقية بعد نجاح هذه الثورة الثقافية؟ وماهي تأثيراتها على مسار حركة الثورات العربية؟
المصادر:
-Chan, Anita. Children of Mao: Personality Development and Political Activism in the Red Guard Generation. University of Washington Press, 1985.
-Chang, Tony H. (compiler). China During the Cultural Revolution, 1966-1976: A Selected Bibliography of English Language Works. Greenwood Press, 1999.
-Leys, Simon. The Burning Forest: Essays on Chinese Culture and Politics. Holt, Rhiehart, and Winston; 1986. ISBN 978-0030050633
-Liu, Guokai. A Brief Analysis of the Cultural Revolution. M. E. Sharpe, 1987.
Stewart, Whitney. Mao Zedong. Twenty-First Century Books, 2005.
كاتب فلسفي