الفرحان بوعزة - خيبة..

... استقبلته في المطار ، كل يوم ترتشف حلمه ، تستنزف قوته ، تسرق فتوته .. استأنس بأنوثــتها ، كلما تذكر، يعتقد أن ملوحة البحـر لا زالت تحفر جدار معدته . جلس يحدق فيها ، والليل يعبر الحارة . يطيل النظر، يتابع أنفاسها ، يقرأ جسدها ، تنبجس دموع تحرق الخديـن .. امتد صمت يرعش الخوف في أعماق نفسه ، لا يعلم كيف رسمت له حلم البقاء هنا ،لا يعلم من أين تأتيه قوة انتظار زمن بلا آخر ، بلا آفاق .. كلما تأملها ، يراها هوية ، حكومة.. دولة .. تمر أيام وتطويها أخرى ، وهو ينتظر خربشات أصابعها لتصنع منه إنساناً جديداً في بلد غريب عنه . لا يدري كيف باع نفسه بأرخص الأثمان ..؟ أسئلة حارقة تأكل من عقله ، من جسمه ..
الثانية تـقتـل الثانية ، والدقيقة تـقـتل الدقيقة ، كان يأمل أن تقوم من فراشها ، أن تسيـر على قدميها لتعترف به كرقم بشري ترك وطنه ، جاء يطلب الخبــز والأسمال ..
كل مرة يتحسس وجنتيها ، يتلمس برودة يدها،هم أن يحضنها ، لكنه يتخيل أنه بقرب جدته ..
يقدم لها كوب الحليب ويقول في نفسه : اشربي وانهضي يا عجوز .. لم ينازعني أحد في ثدي أمي ، أعطتني حليبها مجاناً وأنا ما أعطيتها شيئاً .. أنا هنا من أجلك أمي ..
خضع الليل لثقل الظلام .. أنفاسها تشق صمت المكان .. فجأة ، أغمضت عينيها ، أسدل الموت ستار آخر يوم في حياتها .. أحس ولد القداشية أن خيبة الزمن تطارده ، كان يحلم برغيف نظيف ، لكن حياته شربت من أمل فارغ .. تجمعت قوى غريبة في أعماقه ، فأطلق أنفاسه في وجه اللانهائي يتذوق ريح مــــيلانــو بيديه ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...