لم آبه يوماً لحفل زفاف أو سرادق عزاء، كنت أعرف أن الأضواء ستنطفىء، والزينة ستختفي، وأن الجموع التي غالباً ما تكون غفيرةً عند الفرحة (عكس وقت الحزن) ستتلاشى وكأنها لم تكن، كنت أشعر أن كليهما أمرٌ عابر لأشخاصٍ عابرين لا مكان فيهما للصدق أو الحقيقة (إلا فيما ندر)، حيث يبدأ (الوجهان) في الظهور فعلياً بعد انقضاء (الحدث)، ومنذ أدركت أن الدنيا تضحك لمن يضحك وتترك الباكي غارقاً في دموعه أيقنت أنها لا تستحق كل هذا العناء، وأن كل ما سأعيشه لا علاقة (للدنيا) به لأن وجودها وجود مشروطٌ وواهٍ كخيوط العنكبوت..
وفي هذه الحياة التي لا ديمومة فيها لشيء وجدت أن الحكايات تظل حاضرةً حتى بعد رحيل أصحابها، كما تظل مخاوفهم وأحاسيسهم وضحكاتهم وصرخاتهم وذكرياتهم وهمساتهم هائمةً في هذا الفضاء اللا منتهي، مكتوبةً بالحبر السري في الهواء وبين ثنايا الغيوم بمنأى عن يد الإنسان التي لا تدخر فرصةً (للإستفادة) من أي شيء وتحويله إلى سلعة، حتى (الألم) بات له متاجره وزبائنه ورواده وتعالت الأصوات لجعله (مدعوماً) كالخبز ليكون في متناول الجميع ويغدو على كل مائدة، فطالبت بمنع احتكاره وتخزينه من قبل (تجار الأزمات) الذين يبنون أمجادهم على جثث الجوعى والمرضى والمشردين، وهم الذين تضحك أعينهم كلما لمحت الخوف يرتسم على ملامحهم، ولا يعرفون كيف ينظر كل منهم إليهم كنكرة أو وحش أو شبح، مع أنني أؤمن بوجود الأشباح وأؤمن بما لا أراه أكثر بكثير مما أراه خاصةً بعد أن تيقنت بأن الإنسان أكثر الكائنات غروراً وادعاءاً للمعرفة فيما هو أكثرها تناقضاً وازدواجية..
وربما كان هذا هو السبب الذي جعلني أفضل الإحتجاب، تلك الرغبة في رؤية ما لا يرى، محاورة الصمت ومواجهة ما يسمونه بالأشباح والمخاوف وفتح (صندوقي الأسود) الممتلىء عن آخره بما لا يخطر على بال أحد، من صورٍ مبعثرة وأحلامٍ موؤودة ومشاعر مبتورة كأطراف الجنود العائدين من الحرب، تكسوها ألحانٌ متكسرة على عتبات الزمان، لدغتها (عقارب) الساعة ودهسها (البندول) المتأرجح ذهاباً وإياباً، تنظر بإرتيابٍ إلى سقف منزلها وجدرانها الأربعة التي تحميها من نظرات العابرين وتركز نظراتها إلى داخلها حيث يجب أن تكون، لتجيب عن أسئلةٍ أبى الأمس أن يطويها ولم تمت برغم الكثير من (الرصاصات الطائشة) التي (ترصدتها)، فتصحو من رقادها كلما لمحت أثراً لحياةٍ تحتضر تحت الأنقاض وبين أحضان البيوت التي غادرها أصحابها، تغرس علامة استفهامٍ وتمضي بعد انتزاعها لكل علامات التعجب التي صادفتها في طريقها بعد أن أصبح كل شيء ٍ متوقعاً و(لا عجب فيه)..
أفكك ألغازي وعقدي واحدةً تلو الأخرى وأحل كلماتي المتقاطعة فأقرأ السطور وما بينها وأستعيد لحظاتي بكل تفاصيلها، ووجوهي التي وشمتها على جدران قلبي ولم يرها أحد تضحك وسط نزيفها الناعم الذي بللني وتسرب من تحت جلدي وملابسي، كحكاياتي وأحلامي وأشباحي التي باتت تشاركني (حذري) من الإنسان واختبائي في عباءة الليل الساترة للعيوب، نعد سوياً النجوم والخيبات والأوطان المنهكة والأماكن التي خلت من أهلها.. يرن فيها الصدى دون صوتٍ مسموع وتتعلق الذاكرة بصورٍ أمسى أصحابها بلا ظل.. كلٌ منها يشبه وطني..بيتي..حلمي الضائع.. كلٌ منهم يبدو كفلسطين جديدة لكن بأسماء مستعارة..
صورٌ تشبه قصص الأطفال المنسية رغم أنه لا مكان للطفولة فيها.. حنونةٌ كالأرض، رقيقةٌ كالطيور، نقيةٌ كقطرات الندى في ساعات الصباح الأولى، جميلةٌ كعروسٍ تنتظر حبيبها.. اسمها سوريا.. مملكة الشمس.. ذات الرداء الأبيض الذي لطخته الأوجاع بالدم حتى استحال إلى الأحمر، فأمطرت السماء لتغسلها وتغسل ثوبها كما يليق بالملكات.. بكيت كثيراً أمامها وبعد انقشاع الغيوم علا الذهول وجهي.. انها الشمس.. تلك التي حرمت نفسي منها ومن جمالها خوفاً من الأمس والغد.. انها الشمس.. انهضي أيتها العروس.. لا حروب ولا زلازل.. لقد كان كابوساً.. وآن أوان الحياة والشمس.. ضحكات الأطفال ترتسم كقوس قزح.. ستأتي الأعياد ويحل الدفىء وسيعود الربيع ليحتضن القلوب التي جاعت إلى الحنان فالتهمت ذراعيها ليظللها بضحكة عروسٍ من مملكة الشمس..
وفي هذه الحياة التي لا ديمومة فيها لشيء وجدت أن الحكايات تظل حاضرةً حتى بعد رحيل أصحابها، كما تظل مخاوفهم وأحاسيسهم وضحكاتهم وصرخاتهم وذكرياتهم وهمساتهم هائمةً في هذا الفضاء اللا منتهي، مكتوبةً بالحبر السري في الهواء وبين ثنايا الغيوم بمنأى عن يد الإنسان التي لا تدخر فرصةً (للإستفادة) من أي شيء وتحويله إلى سلعة، حتى (الألم) بات له متاجره وزبائنه ورواده وتعالت الأصوات لجعله (مدعوماً) كالخبز ليكون في متناول الجميع ويغدو على كل مائدة، فطالبت بمنع احتكاره وتخزينه من قبل (تجار الأزمات) الذين يبنون أمجادهم على جثث الجوعى والمرضى والمشردين، وهم الذين تضحك أعينهم كلما لمحت الخوف يرتسم على ملامحهم، ولا يعرفون كيف ينظر كل منهم إليهم كنكرة أو وحش أو شبح، مع أنني أؤمن بوجود الأشباح وأؤمن بما لا أراه أكثر بكثير مما أراه خاصةً بعد أن تيقنت بأن الإنسان أكثر الكائنات غروراً وادعاءاً للمعرفة فيما هو أكثرها تناقضاً وازدواجية..
وربما كان هذا هو السبب الذي جعلني أفضل الإحتجاب، تلك الرغبة في رؤية ما لا يرى، محاورة الصمت ومواجهة ما يسمونه بالأشباح والمخاوف وفتح (صندوقي الأسود) الممتلىء عن آخره بما لا يخطر على بال أحد، من صورٍ مبعثرة وأحلامٍ موؤودة ومشاعر مبتورة كأطراف الجنود العائدين من الحرب، تكسوها ألحانٌ متكسرة على عتبات الزمان، لدغتها (عقارب) الساعة ودهسها (البندول) المتأرجح ذهاباً وإياباً، تنظر بإرتيابٍ إلى سقف منزلها وجدرانها الأربعة التي تحميها من نظرات العابرين وتركز نظراتها إلى داخلها حيث يجب أن تكون، لتجيب عن أسئلةٍ أبى الأمس أن يطويها ولم تمت برغم الكثير من (الرصاصات الطائشة) التي (ترصدتها)، فتصحو من رقادها كلما لمحت أثراً لحياةٍ تحتضر تحت الأنقاض وبين أحضان البيوت التي غادرها أصحابها، تغرس علامة استفهامٍ وتمضي بعد انتزاعها لكل علامات التعجب التي صادفتها في طريقها بعد أن أصبح كل شيء ٍ متوقعاً و(لا عجب فيه)..
أفكك ألغازي وعقدي واحدةً تلو الأخرى وأحل كلماتي المتقاطعة فأقرأ السطور وما بينها وأستعيد لحظاتي بكل تفاصيلها، ووجوهي التي وشمتها على جدران قلبي ولم يرها أحد تضحك وسط نزيفها الناعم الذي بللني وتسرب من تحت جلدي وملابسي، كحكاياتي وأحلامي وأشباحي التي باتت تشاركني (حذري) من الإنسان واختبائي في عباءة الليل الساترة للعيوب، نعد سوياً النجوم والخيبات والأوطان المنهكة والأماكن التي خلت من أهلها.. يرن فيها الصدى دون صوتٍ مسموع وتتعلق الذاكرة بصورٍ أمسى أصحابها بلا ظل.. كلٌ منها يشبه وطني..بيتي..حلمي الضائع.. كلٌ منهم يبدو كفلسطين جديدة لكن بأسماء مستعارة..
صورٌ تشبه قصص الأطفال المنسية رغم أنه لا مكان للطفولة فيها.. حنونةٌ كالأرض، رقيقةٌ كالطيور، نقيةٌ كقطرات الندى في ساعات الصباح الأولى، جميلةٌ كعروسٍ تنتظر حبيبها.. اسمها سوريا.. مملكة الشمس.. ذات الرداء الأبيض الذي لطخته الأوجاع بالدم حتى استحال إلى الأحمر، فأمطرت السماء لتغسلها وتغسل ثوبها كما يليق بالملكات.. بكيت كثيراً أمامها وبعد انقشاع الغيوم علا الذهول وجهي.. انها الشمس.. تلك التي حرمت نفسي منها ومن جمالها خوفاً من الأمس والغد.. انها الشمس.. انهضي أيتها العروس.. لا حروب ولا زلازل.. لقد كان كابوساً.. وآن أوان الحياة والشمس.. ضحكات الأطفال ترتسم كقوس قزح.. ستأتي الأعياد ويحل الدفىء وسيعود الربيع ليحتضن القلوب التي جاعت إلى الحنان فالتهمت ذراعيها ليظللها بضحكة عروسٍ من مملكة الشمس..