ساحكي لكم اليوم قصة إسمي (آمال). اسمي هذا غير شائع، وعدد قليل جدا هم من يحملونه مقارنة بالأسماء الأخرى. خلال مراحل دراستي لم يحدث ان مرت بي طالبة تحمل نفس إسمي، إلا في المرحلة الثانوية، وكانت في فصل مختلف، خلال فترة حياتي وتنقل أهلى لم أسمع باسم (آمال) في المناطق التي اقمنا بها ولو بالصدفة، فقد كنت دائما وما زلت، صاحبة الإسم الذي لا يمكن الخلط بينه وبين اسم شخص آخر.
لم تتم تسميتي على احد، ولم يكون لي اسم واحد في طفولتي مثل الناس العاديين، فقد تعددت اسمائي على حسب الأوضاع التي كانت تمر بها ارتريا حينذاك، فوالدتي كانت مناضلة من الرعيل الأول (جبهة التحرير الإرترية [جبهة عباي] ساحكي لكم عنها يوما ما، وكذلك والدي الشهيد). تمت ولادتي في نهاية السبعينات، بعد حدوث الانقسامات وسط التنظيم الأم، ورفع أشقاء الأمس الأسلحة في وجهة بعضهما بعضا، ثم بدء انسحاب جبهة التحرير إلى الأراضي السودانية، بينما تبقى القليل منهم على الحدود وداخل الأراضي الإرترية، وكانت والدتي منهم، جئت إلى الدنيا في قرية صغيرة تقع في اقليم القاش بركه، قريبة من الحدود السودانية تسمي (ستيمو)، ومع مرور الأيام وازدياد تعقيدات الأحداث السياسية، لم يكن هناك مفر من الدخول إلى الأراضي السودانية واللحاق بخطي من سبقوهم من زملاء النضال المسلح، خاصة بعد تعرض والدتي لإصابة خطيرة أسفل بطنها في مواجهات مع جيش الدرق، وحان الوقت (مرة أخرى) لتغيير إسمي. هذه المرة قال أحد الشيوخ المناضلين لوالدتي:" سميها آمال، يمكن تبقي ليكم أمل." فتمت تسميتي آمال، ولكنه إسم ليس له معنى بلغة التجرينية، فكان عليهم ان يختاروا لي اسم اخر يناسب سكان المرتفعات، فأصبح لدي اسمين يتم استخدامهما معا، الأول آمال وهو عام ، والثاني ₩¥₩€ (ساتحفظ عن ذكر الاسم، ما عاوزة لخبطة تاني) وهو خاص.
مرت الأعوام وانا احمل إسمين، وأصبحت ارتريا دولة مستقلة ذات سيادة وطنية، وشد الرحال إلى أرض الوطن كل من اراد الرجوع، وكنا بينهم. كما في السابق أصبحت أعرف باسم آمال في جميع الأماكن، واصبح إسم ₩¥₩€ حصري وخاص بالتعاملات القانونية، وبسكان القري من اقاربنا الذين يقومون بزيارتنا ونبادلهم الزيارات من وقت لآخر.
انتهيت من المراحل الدراسية، وحان وقت دخولي الجامعة. هنا اصريت على والدتي بأنني أريد توحيد إسمي، لأني تعبت من الإزدواجية التي اعاني منها، فوافقت، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك كانت عبر المحكمة.
بعد ان قمنا بالاجراءات الضرورية، كان علينا ان ننشر إعلان في صحيفة إرتريا الحديثة، لرؤية ما اذا كان هناك من يعترض على تغييري لإسمي، وفي موعد عقد جلستنا في محكمة اسمرا، ذهبنا ومعنا ثلاثة شهود فوق سن الأربعين، بيننا وبينهم علاقة جيرة لأكثر من 10 سنوات. بدأت الجلسة وتم تقديم قضيتنا أمام القضاء ال3، وحان وقت الشهود. بعد ان قاموا بالقسم.
القاضي: " من اسم هذه الشابة؟"
الشاهد الاول:"الم"
الشاهد الثاني:"آلام."
الشاهدة الثالثة:"آمييل، آليم."
القاضي:" هل لديها اسم آخر؟"
نجح الثلاثة في ذكر اسمي الثاني دون أخطأ "₩¥₩€."
أشار إلى القاضي الذي يجلس في الوسط بالاقتراب، وقال لي بلهجة سودانية نظيفة:"جبتي الناس ديل من وين يا آمال، من الشارع؟".
فقلت له وعيناي ممتلئتين بالدموع: "والله يا مولانا، ديل جيرانا من 10 سنين، وآمال هو اسمي يا مولانا، بس اعمل شنو اذا كانوا ما عايزين ينادوني باسم (امل) لان معناه بالتجرينة غير مناسب عشان يكون اسم؟ هم حاليا ظانين انهم قاعدين ينطقوا اسمي بطريقة صحيحة، رغم عدم نجاحههم!"، وكعادتي عندما أشعر بالضيق، أخذت أمسح دموعي التي كانت تهدد بالنزول.
المهم الحمد لله، لم يظهر معترضين، وتفهم القاضي ومساعديه أصل المشكلة، ومنحوني موافقتهم. خلال ايام قمت بإستخراج جنسيتي بإسم آمال، وتم تغيير إسمي في جميع مكاتب الحكومة من ₩¥₩€ إلى آمال. وأصبح لدي اسم واحد، ومع ذلك ما زال إسمى يتعرض للمضايقات، رغم ندرته، يكفي ان بعض أبناء المرتفعات ما زالوا يدعونني بأعلى صوت ب( آمييل) كلما مروا بمنزلنا.
www.facebook.com
لم تتم تسميتي على احد، ولم يكون لي اسم واحد في طفولتي مثل الناس العاديين، فقد تعددت اسمائي على حسب الأوضاع التي كانت تمر بها ارتريا حينذاك، فوالدتي كانت مناضلة من الرعيل الأول (جبهة التحرير الإرترية [جبهة عباي] ساحكي لكم عنها يوما ما، وكذلك والدي الشهيد). تمت ولادتي في نهاية السبعينات، بعد حدوث الانقسامات وسط التنظيم الأم، ورفع أشقاء الأمس الأسلحة في وجهة بعضهما بعضا، ثم بدء انسحاب جبهة التحرير إلى الأراضي السودانية، بينما تبقى القليل منهم على الحدود وداخل الأراضي الإرترية، وكانت والدتي منهم، جئت إلى الدنيا في قرية صغيرة تقع في اقليم القاش بركه، قريبة من الحدود السودانية تسمي (ستيمو)، ومع مرور الأيام وازدياد تعقيدات الأحداث السياسية، لم يكن هناك مفر من الدخول إلى الأراضي السودانية واللحاق بخطي من سبقوهم من زملاء النضال المسلح، خاصة بعد تعرض والدتي لإصابة خطيرة أسفل بطنها في مواجهات مع جيش الدرق، وحان الوقت (مرة أخرى) لتغيير إسمي. هذه المرة قال أحد الشيوخ المناضلين لوالدتي:" سميها آمال، يمكن تبقي ليكم أمل." فتمت تسميتي آمال، ولكنه إسم ليس له معنى بلغة التجرينية، فكان عليهم ان يختاروا لي اسم اخر يناسب سكان المرتفعات، فأصبح لدي اسمين يتم استخدامهما معا، الأول آمال وهو عام ، والثاني ₩¥₩€ (ساتحفظ عن ذكر الاسم، ما عاوزة لخبطة تاني) وهو خاص.
مرت الأعوام وانا احمل إسمين، وأصبحت ارتريا دولة مستقلة ذات سيادة وطنية، وشد الرحال إلى أرض الوطن كل من اراد الرجوع، وكنا بينهم. كما في السابق أصبحت أعرف باسم آمال في جميع الأماكن، واصبح إسم ₩¥₩€ حصري وخاص بالتعاملات القانونية، وبسكان القري من اقاربنا الذين يقومون بزيارتنا ونبادلهم الزيارات من وقت لآخر.
انتهيت من المراحل الدراسية، وحان وقت دخولي الجامعة. هنا اصريت على والدتي بأنني أريد توحيد إسمي، لأني تعبت من الإزدواجية التي اعاني منها، فوافقت، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك كانت عبر المحكمة.
بعد ان قمنا بالاجراءات الضرورية، كان علينا ان ننشر إعلان في صحيفة إرتريا الحديثة، لرؤية ما اذا كان هناك من يعترض على تغييري لإسمي، وفي موعد عقد جلستنا في محكمة اسمرا، ذهبنا ومعنا ثلاثة شهود فوق سن الأربعين، بيننا وبينهم علاقة جيرة لأكثر من 10 سنوات. بدأت الجلسة وتم تقديم قضيتنا أمام القضاء ال3، وحان وقت الشهود. بعد ان قاموا بالقسم.
القاضي: " من اسم هذه الشابة؟"
الشاهد الاول:"الم"
الشاهد الثاني:"آلام."
الشاهدة الثالثة:"آمييل، آليم."
القاضي:" هل لديها اسم آخر؟"
نجح الثلاثة في ذكر اسمي الثاني دون أخطأ "₩¥₩€."
أشار إلى القاضي الذي يجلس في الوسط بالاقتراب، وقال لي بلهجة سودانية نظيفة:"جبتي الناس ديل من وين يا آمال، من الشارع؟".
فقلت له وعيناي ممتلئتين بالدموع: "والله يا مولانا، ديل جيرانا من 10 سنين، وآمال هو اسمي يا مولانا، بس اعمل شنو اذا كانوا ما عايزين ينادوني باسم (امل) لان معناه بالتجرينة غير مناسب عشان يكون اسم؟ هم حاليا ظانين انهم قاعدين ينطقوا اسمي بطريقة صحيحة، رغم عدم نجاحههم!"، وكعادتي عندما أشعر بالضيق، أخذت أمسح دموعي التي كانت تهدد بالنزول.
المهم الحمد لله، لم يظهر معترضين، وتفهم القاضي ومساعديه أصل المشكلة، ومنحوني موافقتهم. خلال ايام قمت بإستخراج جنسيتي بإسم آمال، وتم تغيير إسمي في جميع مكاتب الحكومة من ₩¥₩€ إلى آمال. وأصبح لدي اسم واحد، ومع ذلك ما زال إسمى يتعرض للمضايقات، رغم ندرته، يكفي ان بعض أبناء المرتفعات ما زالوا يدعونني بأعلى صوت ب( آمييل) كلما مروا بمنزلنا.
اتحاد الكتاب الإرتريين بالمهجر | Facebook
هو مظلة إبداعية جامعة مُستقلة تضم نُخبة من المثقفين الإرتريين من أبناء وبنات إرتريا الذين يمتهِنون دُروباً مُختلفة فى مجال الإبداع الفنى كالكتابة والرواية والشعر وكتابة القصة والكتابات التوثيقية...