هبة خميس - من نافذة تطل علي ميدان

البنت القصيرة صاحبة الجديلة الطويلة كلما مر الولد الأشقر الذي يجاورها في طابور الصباح تعطيه زهرة بنفسج يانعة قطفتها للتو من حديقة بجوار المدرسة.. السيدة العجوز الوحيدة التي تقطن بجوار المدرسة تسقي أزهارها كل صباح, و تتمني لو لم يتناقص عدد زهراتها الجميلة.
السيدة العجوز الوحيدة وقفت خلف نافذتها تراقب البنت وهي تقطف زهرة من زهراتها, برغم بطء حركتها إلا أنها فاجأت البنت القصيرة وهي تعطي الولد الأشقر الزهرة; فجري الولد خوفا. وعندما تخلصت البنت القصيرة من قبضة العجوز وتوبيخها جرت بعرض الشارع, ولم تفطن لوجود السيارة الحمراء المسرعة إلا وهي تصدمها بسرعة وتهرب.
الشاب الأسمر النحيل الذي يجلس دائما علي المقهي المواجه للمدرسة كان أول من رأي البنت القصيرة وهي ملقاة علي الأرض فجري نحو السيارة مسرعا ولم يلحقها.
الشاب الأسمر النحيل عاد إلي الفتاة المسجاة علي الأرض, وأخذ يجمع الدماء من حولها في أكياس يحملها دائما; امتلأت الأكياس بدماء البنت, خبأها في جيوبه حتي لا تموت البنت مثل والدته.
عندما صدمت السيارة والدة الشاب الأسمر, قال الطبيب أنها تحتاج دماء كثيرة, وأنهم سيفعلون ما في وسعهم لإنقاذها..
وبعد ساعتين قال الطبيب أنها ماتت.
البنت القصيرة ماتت قبل أن تأتي الإسعاف,
والولد الأشقر انتقل إلي مدرسة أخري خوفا من أصدقاء البنت القصيرة التي ماتت.
والسيدة العجوز أهملت زهراتها حتي ذبلت, ونقلتها الرياح إلي مكان الدماء المتخثرة علي الأسفلت.
والشاب الأسمر وقف علي قبر البنت القصيرة, وسكب كل أكياس الدماء التي جمعها علها تحييها مرة أخري.
الشاب الأسمر اختفي بعد ذلك, ولم يجلس علي المقهي ثانية..


07 - 07 - 2012


* نقلا عن الأهرام اليومي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...