كان محمد بن حُميد الطوسي احد قواد المامون فارسا شجاعا جوادا ممدوحا إلا انه مع انشغاله بامر الحرب لم يمنع قلبه.
ان ينشغل بامر الحب. فكان يهوى جارية فأرسل لها ذات يوم ( أترُجَةً) على سبيل الهدية. فبكت بكاءً شديدا.....
فقيل لها: يوجه اليك من تحبينه بهديه فتبكين ؟ قالت:
أهدى له احبابه أترجة فبكى واشفق من عيافة زاجر
خاف التلوٌن اذ اتته لانها لونان باطنها خلاف الظاهر
وفي واقع الأمر ان المحبوبة هذه كانت تعيش حالة رهاب وخوف من نذر الشؤم المحيطة بهذه الفاكهة فقد توافق العشاق على تجنب تهاديها لكون ظاهرها ينبىُ بخلاف باطنها؛ فظاهرها حسن طيب الرائحة وباطنها حامض مختلف الطعم حسب قول (الوشاء) في (الظرف والظرفاء) فلذلك فزعت محبوبة الطوسي لما حسبته نذيرا ينبئ بفساد نية محبها ولهذا اجهشت بالبكاء...
والاترج نوع من انواع الليمون ؛ معٌرب من (تُرنج) الفارسية . وهو (المَتَك) بالعربية ويسمى(الكُبٌاد) في الشام
و (القرس) عند اهل المغرب وتسميه العامة عندنا (الطرنج) و (السندي) وفي الخليج العربي (الموملي)...
وثمرته كبيرة الحجم ذهبية اللون ذكية الرائحة حامضية الماء . يكثر في بلاد العرب ويبدو ـ من خلال الحكايات المأثورة ـ أن التهادي بالاترج بين المحبين قديم . فقد كان معروفاً منذ زمن النبي يوسف الذي ظهر بحدود القرن الثالث عشر قبل الميلاد واشتهر ـ حسب مصدر التوراة والقران الكريم ـ بقصة الحب بينه وبين (زليخا) فجاء في المأثورات الاسلامية ان زليخا لما ارادت ان تبرر حبها للنبي ؛ جمعت النسوان اللواتي أتَهمنها به وقالت لهن: أريد ان اريكن حبيبي يوسف ؛ فإذا دخل عليكن فاهدين له هدية . فقلن: ما نهدي له ؟ فأعطت كل واحده منهنً (أترجهً) وسكيناً .
وقالت لهنً: إذا دخل يوسف قطٍعن له الاترج و اعطينه .
" فلما دخل يوسف عليه السلام وشاهدن غُرَتَهُ السنية واكتحلنً بطلعته البهية واردنَ قطع الاترج فقطعن ايديهن لغايةِ الحيرةِ ونهاية الدهشةِ من جمالهِ " ( حسبما يقول الشيخ الماحوزي في كتاب الأربعين/167).
والظاهر ان هذه الحكاية جاءت من قراءةٍ شاذةٍ لقوله تعالى في ( سورة يوسف ) " واعتدت لهنً مُتكَأً " فقُرئت
"مَتَكَأً" بفتح الميم و التاء او سكون التاء. اي: (أُترجًاً) والقول والقراءه لابن عباس في (جامع البيان/الطبري/12/265 ).
والاترجُ معروف عند العرب قديماً وكانت النساء يحملنه للتطييب والتعطير . ذكر ذلك الشاعر الجاهلي عَلقَمةُ بن عبده الملقب بعلقمة الفحل ( ت/20ق . هـ = 603 م ) وكان معاصراً لامرىء القيس . قال:
يحملن أترجَةً نَضَحَ العَبيرُ بها كأنً تَطيابها في الانف مشمومُ
وكان النبيٌ(ص) يعجبهُ النظرُ الى ألاترج الاخضر ...
ومما يذكر عن مزايا هذه الفاكهة ان الحواس تشترك بالتمتع بها؛ البصرُ و الذوق و الشم و اللمس فهي تملأ الكف بكبر حجمها . ثم إنها تنقسم الى طبائع فلما ينقسمُ غيرها فقشرها حارٌ يابس ولحمها رطب وحماضها بارد وبزرها حارُ مجفف . وقد جاء في وصيةٍ لابي عبد الله الصادق(ع): ( كُلوا الاترج بعد الطعام فأل محمد يفعلون ذلك وعليكم بالمربى منه ) ( طب الائمة /ابن سابور/135)
وكان المربى منه يُعْملُ بعقده مع العسل ويبدو من خلال الاخبار ان مربى الاترج كان من الماكل الموجودة في بيت النبي
قال مسلم بن صبيح: دخلت على عائشه(رض) وعندها رجل مكفوف وهي تقطع الاترج وتطعمه إياه بالعسل فقلت: من هذا يا ام المؤمنين؟ . فقالت: هذا ابن أم مكتوم الذي نزل فيه ( عَبَسَ وتَولى ان جاءه الاعمى ). (المستدرك/النبسابوري/3/634).
ويدخل الاترج في مراسيم الاحتفالات الدينية المقدسة لليهود . ففي عيد ( السوكوت ) ( عيد السقائف ) وهو من اهم الاعياد الدينية لليهود؛ يقيم اليهود الاكراد في كردستان العراق سقائف ( مَظالٌ ) من اغصان الاشجار يسمونها بالكردية.
(كبرات ) واحدتها(كَبره ) ؛ ( مظلة ) ( سقيفه ) ويحتفلون تحتها مُعتبرين وضعهم هذا تمثيلاً لوضع اليهود الأوائل عندما خَرَجوا من مصر وعاشوا في براري التيه ...
فمن طقوس (عيد السوكوت )انهم يصنعون إضمامةً تسمى ( باقة السوكوت ) من اربعة عناصر مقدسة هي : سعف النخيل و الآس و الصفصاف و ( الإتروك ) اي الاترج ويسميه اليهود الكرد ( ترنجة ) . وهذه العناصر عندما تُنَضَدُ على شكل باقة تحملُ في كلتا اليدين وتتلى عليها البركات الملائمة ثم تُحرك الى الاعلى و الاسفل وفي جميع الاتجاهات الاربعة. وهذا التبريك والتحريك في الاتجاهات الاربعة يمارس كل يوم من ايام اعياد السقائف الثمانية ولعل ذلك يرمز الى امتدادهم في ابعاد الارض . ( راجع/سفر التكوين/28/10 ).
ويتوفر الآس والصفصاف في كردستان ولكنهم لايجدون فيها السعف و (الاتروك ) فيستوردان من بغداد او القدس او من إيران من منطقة (رشت ) وقد اعتاد رجلان مُسنان من يهود اكراد العمادية ان يذهبا الى بغداد لجلب السعف و الاترج؛ فإذا ما عادا محملين بهما يخرج الناس لاستقبالهما ويقودوهما الى بيت ( الكاباي ) ( الكاهن ) حيث تحصل مزايدة على هاتين المادتين فإذا رست المزايدة على احد سمي ( ميري لولاف ) اي ( سيد السعف).
وفي الصباح الباكر من اليوم التالي يوقظ (الشماسُ) الناس لكي يجلبوا اللولاف من دار ميري لولاف الى الكُنيس وهناك يقوم الجميع بتلاوة التبريكات عليه.
ان ينشغل بامر الحب. فكان يهوى جارية فأرسل لها ذات يوم ( أترُجَةً) على سبيل الهدية. فبكت بكاءً شديدا.....
فقيل لها: يوجه اليك من تحبينه بهديه فتبكين ؟ قالت:
أهدى له احبابه أترجة فبكى واشفق من عيافة زاجر
خاف التلوٌن اذ اتته لانها لونان باطنها خلاف الظاهر
وفي واقع الأمر ان المحبوبة هذه كانت تعيش حالة رهاب وخوف من نذر الشؤم المحيطة بهذه الفاكهة فقد توافق العشاق على تجنب تهاديها لكون ظاهرها ينبىُ بخلاف باطنها؛ فظاهرها حسن طيب الرائحة وباطنها حامض مختلف الطعم حسب قول (الوشاء) في (الظرف والظرفاء) فلذلك فزعت محبوبة الطوسي لما حسبته نذيرا ينبئ بفساد نية محبها ولهذا اجهشت بالبكاء...
والاترج نوع من انواع الليمون ؛ معٌرب من (تُرنج) الفارسية . وهو (المَتَك) بالعربية ويسمى(الكُبٌاد) في الشام
و (القرس) عند اهل المغرب وتسميه العامة عندنا (الطرنج) و (السندي) وفي الخليج العربي (الموملي)...
وثمرته كبيرة الحجم ذهبية اللون ذكية الرائحة حامضية الماء . يكثر في بلاد العرب ويبدو ـ من خلال الحكايات المأثورة ـ أن التهادي بالاترج بين المحبين قديم . فقد كان معروفاً منذ زمن النبي يوسف الذي ظهر بحدود القرن الثالث عشر قبل الميلاد واشتهر ـ حسب مصدر التوراة والقران الكريم ـ بقصة الحب بينه وبين (زليخا) فجاء في المأثورات الاسلامية ان زليخا لما ارادت ان تبرر حبها للنبي ؛ جمعت النسوان اللواتي أتَهمنها به وقالت لهن: أريد ان اريكن حبيبي يوسف ؛ فإذا دخل عليكن فاهدين له هدية . فقلن: ما نهدي له ؟ فأعطت كل واحده منهنً (أترجهً) وسكيناً .
وقالت لهنً: إذا دخل يوسف قطٍعن له الاترج و اعطينه .
" فلما دخل يوسف عليه السلام وشاهدن غُرَتَهُ السنية واكتحلنً بطلعته البهية واردنَ قطع الاترج فقطعن ايديهن لغايةِ الحيرةِ ونهاية الدهشةِ من جمالهِ " ( حسبما يقول الشيخ الماحوزي في كتاب الأربعين/167).
والظاهر ان هذه الحكاية جاءت من قراءةٍ شاذةٍ لقوله تعالى في ( سورة يوسف ) " واعتدت لهنً مُتكَأً " فقُرئت
"مَتَكَأً" بفتح الميم و التاء او سكون التاء. اي: (أُترجًاً) والقول والقراءه لابن عباس في (جامع البيان/الطبري/12/265 ).
والاترجُ معروف عند العرب قديماً وكانت النساء يحملنه للتطييب والتعطير . ذكر ذلك الشاعر الجاهلي عَلقَمةُ بن عبده الملقب بعلقمة الفحل ( ت/20ق . هـ = 603 م ) وكان معاصراً لامرىء القيس . قال:
يحملن أترجَةً نَضَحَ العَبيرُ بها كأنً تَطيابها في الانف مشمومُ
وكان النبيٌ(ص) يعجبهُ النظرُ الى ألاترج الاخضر ...
ومما يذكر عن مزايا هذه الفاكهة ان الحواس تشترك بالتمتع بها؛ البصرُ و الذوق و الشم و اللمس فهي تملأ الكف بكبر حجمها . ثم إنها تنقسم الى طبائع فلما ينقسمُ غيرها فقشرها حارٌ يابس ولحمها رطب وحماضها بارد وبزرها حارُ مجفف . وقد جاء في وصيةٍ لابي عبد الله الصادق(ع): ( كُلوا الاترج بعد الطعام فأل محمد يفعلون ذلك وعليكم بالمربى منه ) ( طب الائمة /ابن سابور/135)
وكان المربى منه يُعْملُ بعقده مع العسل ويبدو من خلال الاخبار ان مربى الاترج كان من الماكل الموجودة في بيت النبي
قال مسلم بن صبيح: دخلت على عائشه(رض) وعندها رجل مكفوف وهي تقطع الاترج وتطعمه إياه بالعسل فقلت: من هذا يا ام المؤمنين؟ . فقالت: هذا ابن أم مكتوم الذي نزل فيه ( عَبَسَ وتَولى ان جاءه الاعمى ). (المستدرك/النبسابوري/3/634).
ويدخل الاترج في مراسيم الاحتفالات الدينية المقدسة لليهود . ففي عيد ( السوكوت ) ( عيد السقائف ) وهو من اهم الاعياد الدينية لليهود؛ يقيم اليهود الاكراد في كردستان العراق سقائف ( مَظالٌ ) من اغصان الاشجار يسمونها بالكردية.
(كبرات ) واحدتها(كَبره ) ؛ ( مظلة ) ( سقيفه ) ويحتفلون تحتها مُعتبرين وضعهم هذا تمثيلاً لوضع اليهود الأوائل عندما خَرَجوا من مصر وعاشوا في براري التيه ...
فمن طقوس (عيد السوكوت )انهم يصنعون إضمامةً تسمى ( باقة السوكوت ) من اربعة عناصر مقدسة هي : سعف النخيل و الآس و الصفصاف و ( الإتروك ) اي الاترج ويسميه اليهود الكرد ( ترنجة ) . وهذه العناصر عندما تُنَضَدُ على شكل باقة تحملُ في كلتا اليدين وتتلى عليها البركات الملائمة ثم تُحرك الى الاعلى و الاسفل وفي جميع الاتجاهات الاربعة. وهذا التبريك والتحريك في الاتجاهات الاربعة يمارس كل يوم من ايام اعياد السقائف الثمانية ولعل ذلك يرمز الى امتدادهم في ابعاد الارض . ( راجع/سفر التكوين/28/10 ).
ويتوفر الآس والصفصاف في كردستان ولكنهم لايجدون فيها السعف و (الاتروك ) فيستوردان من بغداد او القدس او من إيران من منطقة (رشت ) وقد اعتاد رجلان مُسنان من يهود اكراد العمادية ان يذهبا الى بغداد لجلب السعف و الاترج؛ فإذا ما عادا محملين بهما يخرج الناس لاستقبالهما ويقودوهما الى بيت ( الكاباي ) ( الكاهن ) حيث تحصل مزايدة على هاتين المادتين فإذا رست المزايدة على احد سمي ( ميري لولاف ) اي ( سيد السعف).
وفي الصباح الباكر من اليوم التالي يوقظ (الشماسُ) الناس لكي يجلبوا اللولاف من دار ميري لولاف الى الكُنيس وهناك يقوم الجميع بتلاوة التبريكات عليه.