* (الى عاصي الرحباني في ذكرى رحيله)
لم أجترحْ سفناً لأنجو أو منازلَ كي أقيمْ
لم أقترح قمماً لأعصم ضفتيّ
من الغوايةِ ،
بل لأبلغ قمةً أعلى
وأقترف الصعود الى الجحيمْ
أبداً أجر ندامتي خلفي
لكي تغدو الحياة جديرةً بقيامةٍ أخرى
تعيد إلي قوةَ سقطتي الأولى
وتفاحي القديم
هذا الخريف أقلّ من خوفي
وأوْضحُ من حرائقه دخاني
لي جذوةٌ وخبَتْ
ولكني أدقّ بمفردي باباً
يقود دمي الى بابٍ سواه ،
ولا ممر سوى المتاهةِ
بين ما يمضي الى الماضي
وما يفضي الى النسيان ،
وحدي في عرائكَ ،
لا أسمّي وردةً إلا وتذبلُ ،
أو أشيّد رغبةً إلا لأفضح نقصها
وأفيضَ بين يديْ زماني
هل كنتُ رجْع الجنة الأولى
أم التحليق فوق بحيرة النغم الأشفّ ،
وهل أنا ذئب الغواية أم وريث الأنبياء ،
لكي أرى ما لا يراني ؟
متأبطاً ظمأي أعانق وحشتي العمياء ،
لكنْ لا أرى أحداً يبادلني العناق ،
كأنني مرآة روحي
أو كأن يدي يدٌ أخرى
وأضلاعي رهانٌ خاسرٌ
ودمي حصاني
لم أجترح سفناً لأنجو
غير أني لم أجدْ برّاً لأنصبَ فوقهُ
خيَمَ اشتهائي
أحببْتُ من أحببْتُ ,
راودتُ الكتابةَ عن أنوثتها
ونمتُ معفّراً بالشعر
حتى لم يعد جسدي يميّزُ
بين أعقاب القصائد والنساءِ
أحببتُ ما لم أستطعه ،
وكنتُ أجري عكس مجرى الماء ،
أَنْشُدُ جنّةً فتصير خلفي
أو يدَ امرأة فتذهب بي
الى لمعانها الغافي على سرْو الصبا
لكأنني بحرٌ وأمواجي ورائي
أيكونُ لي أن أستريح ,
وكيف؟
وكلما ازداد اشتهائي ازداد نقصاني,
ونازَلني الحنينُ على شفير تهدُّجي الأقصى ,
كأنّ دمي عدوّي
أو كأني توأمُ الجمر الشحيحُ
أَبْني بما ملكتْ يدايَ منازلاً من لوعة,
وقرىً على حدّ الغياب,
ولا أكُفُّ عن ارتجال صليبيَ التالي
إذا ضجر المسيحُ
لم أقترح سفناً تناسب رحلتي في الزرقة البكماء
بل آخيتُ مملكتي التي قطّرتها
من لوعة امرأةٍ
وسرتُ على طريق النحل ،
أكتب سيرتي بدمي وأمحوها
وأفتح نزْل أحلامي أمام الناس ،
محمولاً على لوح الكرى
أصحو وأروي ما رأيتّ
أهدي لكل حبيبةٍ قمراً ونافذةً
وتزرع راحتاي حديقةً في كل بيتْ
لكنني وانا الوصي على الرماد
( أنا الغريبٌ الآخرُ )
أطلقتُ سجانيّ كيما يصبح السجناء سجانين !
والحرية امرأةً تربّي قيدها كالطفلِ
ثم تهاجرُ
ملكٌ ، ومملكتي مفاتيحٌ بلا أهلٍ ،
وأبوابٌ مخلعةٌ
وعرشي خاسرُ
حريتي موتي
وجسمي رغبة القضبان في الطيرانِ
نحو طبيعةٍ أخرى ؛
وأولُ ما يشقّ الطائرُ
في سعيه الأرضيّ نحو حقيقةٍ
لم تُمتلَكْ
زيّنت نفسي لكْ
يا سيدي العالي
ورفعتُ موسيقايَ نحوكَ
كي ترجّ بها السماوات البليدةَ ،
أو توزّعها ملائكةً على شجر الفَلَكْ ..
لم أجترح سفناً لأنجو
كلّ ما حاولتُه أن أنقذ الانسانَ فيّ
ولو على لوحٍ أخيرْ
ماتت أغانيّ القديمةُ
وانحنى ظهر السماوات التي حُمّلتها طفلاً صغيرْ
والأرض خاويةٌ
أحاول ان أرمّم بالموسيقى
ما تناثر من زجاج نجومها
فوق السريرْ
وأضيء سلّمها بلحنٍ
لم يزل يشتدّ في أذنيّ ،
فافتحْ أيها العالي ،
افتحِ البابَ الذي أوصدتَ
أتعبَني الصفيرْ
شوقي بزيغ
لبنان
لم أجترحْ سفناً لأنجو أو منازلَ كي أقيمْ
لم أقترح قمماً لأعصم ضفتيّ
من الغوايةِ ،
بل لأبلغ قمةً أعلى
وأقترف الصعود الى الجحيمْ
أبداً أجر ندامتي خلفي
لكي تغدو الحياة جديرةً بقيامةٍ أخرى
تعيد إلي قوةَ سقطتي الأولى
وتفاحي القديم
هذا الخريف أقلّ من خوفي
وأوْضحُ من حرائقه دخاني
لي جذوةٌ وخبَتْ
ولكني أدقّ بمفردي باباً
يقود دمي الى بابٍ سواه ،
ولا ممر سوى المتاهةِ
بين ما يمضي الى الماضي
وما يفضي الى النسيان ،
وحدي في عرائكَ ،
لا أسمّي وردةً إلا وتذبلُ ،
أو أشيّد رغبةً إلا لأفضح نقصها
وأفيضَ بين يديْ زماني
هل كنتُ رجْع الجنة الأولى
أم التحليق فوق بحيرة النغم الأشفّ ،
وهل أنا ذئب الغواية أم وريث الأنبياء ،
لكي أرى ما لا يراني ؟
متأبطاً ظمأي أعانق وحشتي العمياء ،
لكنْ لا أرى أحداً يبادلني العناق ،
كأنني مرآة روحي
أو كأن يدي يدٌ أخرى
وأضلاعي رهانٌ خاسرٌ
ودمي حصاني
لم أجترح سفناً لأنجو
غير أني لم أجدْ برّاً لأنصبَ فوقهُ
خيَمَ اشتهائي
أحببْتُ من أحببْتُ ,
راودتُ الكتابةَ عن أنوثتها
ونمتُ معفّراً بالشعر
حتى لم يعد جسدي يميّزُ
بين أعقاب القصائد والنساءِ
أحببتُ ما لم أستطعه ،
وكنتُ أجري عكس مجرى الماء ،
أَنْشُدُ جنّةً فتصير خلفي
أو يدَ امرأة فتذهب بي
الى لمعانها الغافي على سرْو الصبا
لكأنني بحرٌ وأمواجي ورائي
أيكونُ لي أن أستريح ,
وكيف؟
وكلما ازداد اشتهائي ازداد نقصاني,
ونازَلني الحنينُ على شفير تهدُّجي الأقصى ,
كأنّ دمي عدوّي
أو كأني توأمُ الجمر الشحيحُ
أَبْني بما ملكتْ يدايَ منازلاً من لوعة,
وقرىً على حدّ الغياب,
ولا أكُفُّ عن ارتجال صليبيَ التالي
إذا ضجر المسيحُ
لم أقترح سفناً تناسب رحلتي في الزرقة البكماء
بل آخيتُ مملكتي التي قطّرتها
من لوعة امرأةٍ
وسرتُ على طريق النحل ،
أكتب سيرتي بدمي وأمحوها
وأفتح نزْل أحلامي أمام الناس ،
محمولاً على لوح الكرى
أصحو وأروي ما رأيتّ
أهدي لكل حبيبةٍ قمراً ونافذةً
وتزرع راحتاي حديقةً في كل بيتْ
لكنني وانا الوصي على الرماد
( أنا الغريبٌ الآخرُ )
أطلقتُ سجانيّ كيما يصبح السجناء سجانين !
والحرية امرأةً تربّي قيدها كالطفلِ
ثم تهاجرُ
ملكٌ ، ومملكتي مفاتيحٌ بلا أهلٍ ،
وأبوابٌ مخلعةٌ
وعرشي خاسرُ
حريتي موتي
وجسمي رغبة القضبان في الطيرانِ
نحو طبيعةٍ أخرى ؛
وأولُ ما يشقّ الطائرُ
في سعيه الأرضيّ نحو حقيقةٍ
لم تُمتلَكْ
زيّنت نفسي لكْ
يا سيدي العالي
ورفعتُ موسيقايَ نحوكَ
كي ترجّ بها السماوات البليدةَ ،
أو توزّعها ملائكةً على شجر الفَلَكْ ..
لم أجترح سفناً لأنجو
كلّ ما حاولتُه أن أنقذ الانسانَ فيّ
ولو على لوحٍ أخيرْ
ماتت أغانيّ القديمةُ
وانحنى ظهر السماوات التي حُمّلتها طفلاً صغيرْ
والأرض خاويةٌ
أحاول ان أرمّم بالموسيقى
ما تناثر من زجاج نجومها
فوق السريرْ
وأضيء سلّمها بلحنٍ
لم يزل يشتدّ في أذنيّ ،
فافتحْ أيها العالي ،
افتحِ البابَ الذي أوصدتَ
أتعبَني الصفيرْ
شوقي بزيغ
لبنان