[٢]
قضى بوذا سنوت، ولَم يَقضِها فحسب، بل كان منخرطاً في ممارسات روحيّة وتأمّليَّة يستحيل علينا تخيُّلها. ونتيجةً لذلك، اكتشف الحقائق النّبيلة الأربعة والدَّرب الثُّماني، وهي مُتاحة للجميع اليوم.
كما أنَّ تعاليم يسوع والعَهد الجديد مُتاحة للجميع أيضاً، بينما في وقته كانت أفكاراً غير مفهومة حقاً. كيف حَقَّقَ ذلك؟ نحن لا نملك سوى القليل من المعلومات -لكنَّنا نَعلَمُ أنَّه كان أعظم زاهِد. وقد شَهِدَ عنه يوحنّا المَعمَدان. قضى أربعين يوماً في الصَّحراء دون طَعامٍ أو ماء. كان تركيزه في الصَّلاة لدرجة أنَّه كان يَتَفَصَّدُ عَرَقاً دَمَويّاً من شدَّة الإجهاد. لَم يَكُن لقدراته حدود، شَفى أمراضاً لا يمكن شفاؤها، ومَشى على الماء، وحوَّل الماء إلى نَبيذٍ لذيذ، وكَثَّرَ الطّعام أضعافاً مُضاعَفَة، وأقام الموتى. كما أنَّ مَأثَرَتَه الفَذَّة -أن يَمضي إلى الصَّلب طَواعيةً، على العُموم، أمرٌ يفوق كلَّ الأفهام، وكل مَن يقول أنّه لَم يَمُت أو أنَّ جُثَّتِهِ قد سُرِقَت –أقول له: الأمر لا يَدور حول ذلك. إذن عن ماذا يدور الأمر؟ تلك هي الحقيقة أنَّه مَضى برجليه إلى الصَّلب، وأنَّهُ صُلِب. ولكن من يريد تأمُّلَ الموضوع لا يَسَعه سوى أن يقول شيئاً واحداً: "انظروا، هناك صليبٌ على الجبل، وتحته عشرة جنود. تَعَلَّق بِهِ، وعندما تسأم منه، عُدْ. وسِرْ على الماء. سِرْ على الماء. سِرْ على الماء معي…". لا تزال هناك العديد من السّنوات المَخفيَّة، ولكنّنا، من حيث المبدأ، نعرف أكثر ممَّا نحتاجه.
غيَّرَت هذه التَّعاليم البشر والعالَم. ألهَمَت هذه التَّعاليم وصَنَعَت المعجزات. كيف يمكن لأيِّ أحَدٍ أن يُفَسِّرَ دخول هذه الحقائق المُعَقَّدَة التي تبدو في غاية البساطة في حياة الإنسان؟ لابُدَّ أن نتوقَّفَ قليلاً عند هذه النّقطة. لماذا قَبِلَ النّاس في وقتٍ سابقٍ هذا النَّوع من الوحي بمثل هذا الحَماس، ثمَّ تحوَّل فجأةً إلى شيءٍ ساذَجٍ وتافه. لقد تَقَرَّرَ في مرحلةٍ ما أنَّ ذلك كلّه كان مَحضُ خَيال، وأنَّ لا مكان لمثل هذه المعتقدات في حياة إنسانٍ عاقل وجاد. هل بَلَغَ الإنسان أيّ ارتفاعات مقارَنَةً بالماضي؟
نعم، لقد حَقَّقتُ ذلك، ولكن وفقاً للمَسار الثُّماني، من الضَّارّ التَّحَدُّث عن هذه الإنجازات، حتّى لا تُسَمِّمَ نَفسَك والنَّاس مِن حَولِك.
السّؤال حول ماذا يدور؟ كيف يمكن تفسير هذا؟ طريقة واحدة فقط: نحن نعيش في عالَمٍ مُحاطٍ بقوى فائِقَة الذَّكاء لا يمكننا فَهمَها والإحاطَة بها. عالَمَنا المَرئي مُصانٌ ومَحفوظُ فقط بفضل هذه القوى. تتجّلَّى هذه القوى في عالمنا من خلال المعلِّمين العُظَماء، الذين يشرحون لنا كيف يجب أن نعيش في هذا العالم، ويَكشِفون لنا معنى وجودنا. لفهم العالم، على المرء أن يفهم هذه الحقيقة.
لذلك، سوف تبقون هنا اليومَ لفترةٍ طويلة. سوف تُغمَرُ عقولَكُم بالمعلومات المُختارة خصّيصاً لدورتنا التمهيديَّة. سيكون هناك الكثير لرؤيته: دورة متعمِّقة في التَّاريخ، والفلسفة، والأطروحات الدِّينيَّة، والأساطير، والتَّعَرُّف على أعمال مجموعة متنوِّعة من المؤلِّفين الذين حاولوا، عن طريق ندائِهِم الدَّاخليّ، تعريف أنفسهم في هذا العالم، أمثال جون ليلي.
لذا هيَّا بِنا. ولكنَّنا اليوم يجب أن نقول وداعاً لشخصٍ ما. ما نقوم به هنا يَترُكُ بَصمَةً معيَّنَة على حياتنا اليوميَّة. من المستحيل التَّحَدُّث عمَّا هو جميل وصحيح ويكون في حياتنا اليوميَّة، في الوقت نفسه، سبباً في حُزن شخصٍ ما، والخداع، والسرقة، والقَسوة، وكُرهَ البشر. الشَّخص الذي يُغادرنا اليوم لن يُقَدَّمَ للجمهور، لأنَّنا نُراعي مَبدأ "عَدَمَ الإضرار". إنه خطأنا نحن أنَّنا كنَّا مخطئين بشأنه، إنَّه مجرَّد شخصٍ عادي، ولكنَّنا بحاجة إلى المزيد من أجل الُمِضِّي قدماً. إذا كنتُم مُجبَرين على القيام بشيءٍ في العمل يتعارض مع أسُسِكُم الرُّوحيَّة، فهناك الكثير للتَّفكير بشأنه. في هذه الحالة، هناك خيارين على الأقل. الأوَّل، ليذهَب كلّ هذا إلى الجحيم، وغادِر هذا الهيكل. والثَّاني هو جَعل العالَم مكاناَ أفضَل بوعيٍ وهدوءٍ حيث يمكنك القيام بذلك، نعم، خاطِر في بعض الأحيان، وإن لم يكن كثيراً وبشكلٍ غير محسوس، ولكن اجعل العالم، حتى لو كان مَجهولاً، أكثر رحمةً ولطفاً. هذا خيارك.
ماذا؟ ماذا حدث في الحكاية؟ قصّة الحقيبة؟ أوه، حسناً، سألوه بعد ذلك: وماذا حدث في المرَّة الأخيرة؟. قال: أخذوها، ولَم يُعيدوها.
#مدرسة_الحمقى
#ستيفان_فلاديميرَفيتش_زافيالوف
قضى بوذا سنوت، ولَم يَقضِها فحسب، بل كان منخرطاً في ممارسات روحيّة وتأمّليَّة يستحيل علينا تخيُّلها. ونتيجةً لذلك، اكتشف الحقائق النّبيلة الأربعة والدَّرب الثُّماني، وهي مُتاحة للجميع اليوم.
كما أنَّ تعاليم يسوع والعَهد الجديد مُتاحة للجميع أيضاً، بينما في وقته كانت أفكاراً غير مفهومة حقاً. كيف حَقَّقَ ذلك؟ نحن لا نملك سوى القليل من المعلومات -لكنَّنا نَعلَمُ أنَّه كان أعظم زاهِد. وقد شَهِدَ عنه يوحنّا المَعمَدان. قضى أربعين يوماً في الصَّحراء دون طَعامٍ أو ماء. كان تركيزه في الصَّلاة لدرجة أنَّه كان يَتَفَصَّدُ عَرَقاً دَمَويّاً من شدَّة الإجهاد. لَم يَكُن لقدراته حدود، شَفى أمراضاً لا يمكن شفاؤها، ومَشى على الماء، وحوَّل الماء إلى نَبيذٍ لذيذ، وكَثَّرَ الطّعام أضعافاً مُضاعَفَة، وأقام الموتى. كما أنَّ مَأثَرَتَه الفَذَّة -أن يَمضي إلى الصَّلب طَواعيةً، على العُموم، أمرٌ يفوق كلَّ الأفهام، وكل مَن يقول أنّه لَم يَمُت أو أنَّ جُثَّتِهِ قد سُرِقَت –أقول له: الأمر لا يَدور حول ذلك. إذن عن ماذا يدور الأمر؟ تلك هي الحقيقة أنَّه مَضى برجليه إلى الصَّلب، وأنَّهُ صُلِب. ولكن من يريد تأمُّلَ الموضوع لا يَسَعه سوى أن يقول شيئاً واحداً: "انظروا، هناك صليبٌ على الجبل، وتحته عشرة جنود. تَعَلَّق بِهِ، وعندما تسأم منه، عُدْ. وسِرْ على الماء. سِرْ على الماء. سِرْ على الماء معي…". لا تزال هناك العديد من السّنوات المَخفيَّة، ولكنّنا، من حيث المبدأ، نعرف أكثر ممَّا نحتاجه.
غيَّرَت هذه التَّعاليم البشر والعالَم. ألهَمَت هذه التَّعاليم وصَنَعَت المعجزات. كيف يمكن لأيِّ أحَدٍ أن يُفَسِّرَ دخول هذه الحقائق المُعَقَّدَة التي تبدو في غاية البساطة في حياة الإنسان؟ لابُدَّ أن نتوقَّفَ قليلاً عند هذه النّقطة. لماذا قَبِلَ النّاس في وقتٍ سابقٍ هذا النَّوع من الوحي بمثل هذا الحَماس، ثمَّ تحوَّل فجأةً إلى شيءٍ ساذَجٍ وتافه. لقد تَقَرَّرَ في مرحلةٍ ما أنَّ ذلك كلّه كان مَحضُ خَيال، وأنَّ لا مكان لمثل هذه المعتقدات في حياة إنسانٍ عاقل وجاد. هل بَلَغَ الإنسان أيّ ارتفاعات مقارَنَةً بالماضي؟
نعم، لقد حَقَّقتُ ذلك، ولكن وفقاً للمَسار الثُّماني، من الضَّارّ التَّحَدُّث عن هذه الإنجازات، حتّى لا تُسَمِّمَ نَفسَك والنَّاس مِن حَولِك.
السّؤال حول ماذا يدور؟ كيف يمكن تفسير هذا؟ طريقة واحدة فقط: نحن نعيش في عالَمٍ مُحاطٍ بقوى فائِقَة الذَّكاء لا يمكننا فَهمَها والإحاطَة بها. عالَمَنا المَرئي مُصانٌ ومَحفوظُ فقط بفضل هذه القوى. تتجّلَّى هذه القوى في عالمنا من خلال المعلِّمين العُظَماء، الذين يشرحون لنا كيف يجب أن نعيش في هذا العالم، ويَكشِفون لنا معنى وجودنا. لفهم العالم، على المرء أن يفهم هذه الحقيقة.
لذلك، سوف تبقون هنا اليومَ لفترةٍ طويلة. سوف تُغمَرُ عقولَكُم بالمعلومات المُختارة خصّيصاً لدورتنا التمهيديَّة. سيكون هناك الكثير لرؤيته: دورة متعمِّقة في التَّاريخ، والفلسفة، والأطروحات الدِّينيَّة، والأساطير، والتَّعَرُّف على أعمال مجموعة متنوِّعة من المؤلِّفين الذين حاولوا، عن طريق ندائِهِم الدَّاخليّ، تعريف أنفسهم في هذا العالم، أمثال جون ليلي.
لذا هيَّا بِنا. ولكنَّنا اليوم يجب أن نقول وداعاً لشخصٍ ما. ما نقوم به هنا يَترُكُ بَصمَةً معيَّنَة على حياتنا اليوميَّة. من المستحيل التَّحَدُّث عمَّا هو جميل وصحيح ويكون في حياتنا اليوميَّة، في الوقت نفسه، سبباً في حُزن شخصٍ ما، والخداع، والسرقة، والقَسوة، وكُرهَ البشر. الشَّخص الذي يُغادرنا اليوم لن يُقَدَّمَ للجمهور، لأنَّنا نُراعي مَبدأ "عَدَمَ الإضرار". إنه خطأنا نحن أنَّنا كنَّا مخطئين بشأنه، إنَّه مجرَّد شخصٍ عادي، ولكنَّنا بحاجة إلى المزيد من أجل الُمِضِّي قدماً. إذا كنتُم مُجبَرين على القيام بشيءٍ في العمل يتعارض مع أسُسِكُم الرُّوحيَّة، فهناك الكثير للتَّفكير بشأنه. في هذه الحالة، هناك خيارين على الأقل. الأوَّل، ليذهَب كلّ هذا إلى الجحيم، وغادِر هذا الهيكل. والثَّاني هو جَعل العالَم مكاناَ أفضَل بوعيٍ وهدوءٍ حيث يمكنك القيام بذلك، نعم، خاطِر في بعض الأحيان، وإن لم يكن كثيراً وبشكلٍ غير محسوس، ولكن اجعل العالم، حتى لو كان مَجهولاً، أكثر رحمةً ولطفاً. هذا خيارك.
ماذا؟ ماذا حدث في الحكاية؟ قصّة الحقيبة؟ أوه، حسناً، سألوه بعد ذلك: وماذا حدث في المرَّة الأخيرة؟. قال: أخذوها، ولَم يُعيدوها.
#مدرسة_الحمقى
#ستيفان_فلاديميرَفيتش_زافيالوف