بكر أبوبكر …. المحامي علي أبوحبله
مقدمة:
هناك كثير من كلام الثرثرة، وبعض من المغالطات المقصودة، وحالات تضليل دعائية من فئات المتربصين والمدلّسين والفاشلين موجهة مباشرة لصلب حركة فتح بنوايا تدميرية واضحة للفكرة والقضية والكيان.
ونعم هناك سوء فهم وربما جهل ونقص ثقافة ومعرفية لدى الناس فيما يطرحه البعض منهم أويتساوق فيه أو يتبعه (من التبعية العمياء) من شعارات مسيئة وذات عمومية مطلقة، حين يخلط (متعمدًا أو جهلًا) أخطاء من تسلّقوا على ظهر حركة فتح واخطأوا بحق فلسطين والثورة وفتح.
كما يحدث سوء فهم أو انحراف مفاهيمي لبعض الناس حين يتقبلون بسهولة، تهجمات واتهامات أشخاص وفصائل بعينها لمجمل حركة فتح كأنها مسلمات، نتيجة تحريف وتدليس وأكاذيب مقصودة.
لا ننكر أيضًا إن المتسلقين على ظهر فتح استفادوا من رحابتها واحتضانها وانفتاحها فاستغلوها (وقد نقول امتصوا خيراتها أيضًا) لتحقيق مصالحهم الآنيه والشخصية، وربطها بهم، وبالتالي بإسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح، وكأن حركة فتح بمفهوم هؤلاء الطفيليين المتسلقين شركة أومؤسسة ربحية لتحقيق المكاسب والمغانم !
بناء على مسبق أسقط المتسلقون مسلكهم السيء وصورتهم السلبية وكأنه التمثيل الحقيقي لصورة فتح الفكرة والمشروع الوطني فتبنى المغالطون والمضللون هذه النظرة، ولحقهم الجاهلون.
لكل هذا دعونا نلقي نظرة فاحصة لنظهر الحقائق الجلية، كما نراها نحن.
فتح الأصالة والانتهازيون
فتح الايمان بالجماهير: الحقيقة الناصعة هي أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح بمفهومها وفكرها ومنطلقاتها الأساسية، وبالأعضاء المؤمنين والمتمسكين بمبادئها ونظامها الداخلي، وبالجماهير(الدرع) التي تحيط بها وتحفظها وتحميها غير ما يقوله المتربصون بتاتًا.
فتح الانتهازيون: إن من حرف مفهوم حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح الحقيقي من خارجها الكثير وبقصد التشويه ونزاع النفوذ، ومن داخلها هم أولئك الفئة الانتهازية المتسلقة أوما تطلق عليها أدبيات الحركة أيضًا صفة الطفيليين الذين دخلوها لتحقيق مصالح وأجندات ذاتية بحتة، أو لمصالح آخرين من خرج الحركة. وهم أبعد ما يكونوا عن تمثل مفهوم حركة التحرر الوطني كمنطلق فكري وسياسي.
فتح الوطنية والتحرر: أن الوطنية والتحرر وفلسطين والثورة والاستقلالية والتشاركية والوحدوية هي من المنطلقات الأساسية وأصل الفكر الفتحاوي المتميز.
فتح والواقعية السياسية: شكّلت حركة فتح الوعاء للجماهير المناضلة بكافة تنوعاتها، وشكلت الإطار للنظرية السياسية والإستراتيجية السياسية التحررية التي فهمت معنى الإقدام بالسلاح في زمنه، بشجاعة وإقدام وبسالة عزّ نظيرها، وفهمت معنى الواقعية السياسية ضمن تقدير للقوى أيضًا في وقته، فكان الشعار العمل العسكري يزرع والعمل السياسي يحصد ومجنون من يزرع ولا يحصد بمفردات هاني الحسن.
انعكس المفهوم السياسي الواقعي لحركة فتح في البناء التنظيمي في هيكلته التنظيمية وفي علاقات الحركة السياسية وفي علاقاتها الداخلية والخارجية، وفي خياراتها.
في مفهوم “التحرر الوطني”
التحرر الوطني بالمفهوم الاستراتيجي هو إزالة التسلط الأجنبي بكل أشكاله، عن الوطن أو أي جزء منه وقع عليه تسلط خارجي، أو عن أرضه وشعبه وثرواته.
ببساطة يصبح التحرر الوطني وخاصة لدينا نحن الفلسطينيون أنه الكفاح والثورة والنضال والمقاومة للاحتلال لبلادنا بكل الطرق المشروعة، ومنها العمل العسكري من حيث المبدأ، وهذه المقاومة كفلتها كافة القوانين والمواثيق الدولية التي أعطت للإقليم المحتل حق مقاومة الاحتلال .
لا يكتمل التحرر الوطني للبلد إلا في استقلال الدولة وتحقيق السيادة الوطنية المستقلة على كامل تراب الوطن وكامل ثرواته.
رغم أن هناك صراع فكري قائم الآن حول ماهية المرحلة التي نعيشها. هل هي مرحلة التحرر الوطني أم مرحلة بناء السلطة كمقدمة للدولة!؟ فإن مضمون الثورة الفلسطينية والكفاح الوطني أوالنضال الوطني في مرحلة التحرر الوطني يتلخص في ضرورة: وحدة كافة القوى الوطنية في النضال المشترك معا ضد العدو الخارجي المحتل والمغتصب للحقوق لتحقيق استقلال وحرية الوطن أو تحرير بعض من أجزائه المحتلة كمرحلة، من أجل بسط السيطرة والسيادة الكاملة، وممارسة الحقوق الوطنية وبناء النظام السياسي، وإقامة اقتصاد وطني حر ومستقل في ظل السيادة الوطنية.
فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية
تعدّ منظمة التحرير الفلسطينية (م ت ف) التجسيد العملي والرسمي للإطار أو الكيان الفلسطيني الجامع لكل القوى والفصائل المنضوية تحت هذا الإطار، بصفتها التمثيليه الموحيدة الموحدة للشعب الفلسطيني باعتراف العالم.
العمود الفقري: وتعد حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح العمود الفقري للمنظمة منذ ظهور صورة ياسر عرفات بحطته (كوفيته) وبدلته العسكرية الخضراء، رافعا شارة النصرعام 1969 رئيسا للجنتها التنفيذية، لينقلها من تحت ظلال العرب القاتمة الى فضاء العالم المنفتح، ومن كيان محتوى عربيًا الى كيان مستقل ضمن الالتزامات القومية العربية والاسلامية.
فشل الاستبدال والوراثة: اليوم وبعد ظهور تنظيمات فلسطينية حاولت استبدال المنظمة مرارًا، وفشلت. ثم حاولت وراثتها على اعتبار أنها هي البديل الكامل للقائم وفشلت فشلًا ذريعًا رغم دعم عديد الدول العربية والاقليمية، فإنه من المتوجب عليها الاعتراف بالفشل والتوقف عن الحملات الدعائية والتضليلية والتشويهية المعيبة.
المنظمة الحاضنة الأم: إن ضرورة التوحد على ما يوحد أي حول المنظمة، وهو المطلوب الاستمرار باحتضانه من كل القوى الوطنية (والاسلاموية جزء من القوى الوطنية) التي يجب أن تشارك وتنتسب لمنظمة التحرير الفلسطينية كإطار تنظيمي تمثيلي يجمع كل هذه القوى والفصائل الفلسطينية. وهي التي اتفقت علنًا منذ العام 2020 على الأقل في لقاء الرئيس أبومازن عبر المباشر الفضائي على أن منظمة التحرير الفلسطينية تظل هي الجامع لهم وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
فتح الانفتاح والاتساع: في عودة لفتح، دعني أقول أن حركة فتح الفكرة والإطار والتنظيم قد حافظت على التصور الأول في تكوينها الداخلي فلقد كسب اسم “فتح” بمعنى الفتح والانفتاح على الجميع في ذاته مدلولاً رحبًا واسعاً تحقق بمبدأ ياسر عرفات القائل فلتتفتح ألف زهرة في حديقة فتح حديقة الثورة.
استفادة وتطور: اتبعت حرك فتح خطى الثورات العربية والعالمية الكبرى (الجزائر، الصين، فيتنام، كوريا، كوبا، مصر، الثورة التونسية….) متمثلة بخط “الحرب الشعبية طويلة النفس” وجاء طول النفس بثبات الهدف أي تحرير فلسطين، وتغير الوسيلة من عسكرية الى انتفاضة الى مقاومة شعبية كلٌ ارتباطًا بتقديرات القوى والمعسكرات والقدرات الجماهيرية ورؤية الحل.
سعت فتح في الإطار الواسع، في إطار الغلاف الذي يحمى الثورة، سعت الى أن تكتسب القضية الفلسطينية وعبر (م ت ف) اهتماما عربيا وإقليميا ودوليا. ونجحت في مراحل جد صعبة.
فتح الوحدوية: التزمت حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح طوال مسيرتها بمنطلق الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطينيي، ووحدة الإطار التمثيلي للشعب الفلسطيني (م ت ف)، وذلك ضمن هدف الحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية، والحفاظ على ثوابت العمل النضالي والوطني الفلسطيني الذي أختطته حركة فتح عبر تاريخ نضالها الواسع.
الى ذلك وكما نرى بوضوح فإن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح تقف على مسافة واحده من كل القوى والفصائل الوطنية (ومنها الاسلاموية) الممثلة في حركة حما.س وا.لجها.د الإسلامي فجميعهم ضمن المكونات التعددية النضالية المقبولة ضمن الإطار الفلسطيني الجامع.
الامة إن رغبت أن يكون لها تأثير بالعالم: سعت فتح. أن تبقى القضية الفلسطينية أولًا، باعتبارها القضية المركزية للأمة كما كان يقول ميشيل عفلق “أبومحمد” (أحد مؤسسي الفكر القومي العربي الكبار)، أي أن تكون على رأس القضايا وفي أولوية “الصراع العربي الإسرائيلي”رغم تفكيك المصطلح لاحقًا ليصبح الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ما ينبيء بتخلي الأمة كما حصل في الأيام الحاضرة عبر اتفاقيات “ابراهام-ترامب” الاستتباعية.
إن المصائب والبلايا والتوزعات والنكسات التي تشهدها الأمة العربية اليوم تقتضي التمسك بما يجمعها كفكرة وقيمة وهدف سامي، ومَن أكثر قدرة على الجمع من قلب الأمة أي فلسطين العربية فهي بالتمسك بها تجعل لهذه الأمة الضعيفة اليوم، قضية حقيقية سامية تجمعها فتكون مؤثرة وقوية في التكون القادم للنظام العالمي الجديد الذي يدق الأبواب، وهو بالضبط كا تسعى له أو يجب أن تسعى له الثورة الفلسطينية وعلى رأسها المنيرون في حركة فتح.
المتربّصون المدلّسون على “فتح”
المتربصون بحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ممن بدأنا الكلام عنهم، هم الذين يخلطون متعمدين بين إطار السلطة الوطنية في فلسطين، وبين التنظيم الفتحوي من جهة. وبين الانتهازيين المتسلقين في أي تنظيم ومن فتح، وبين جذر وأصل الفكرة والبناء والجماهير الفتحوية العريضة، حتما ستخيب تدليساتهم ودعايئتهم (بروباغندا) وأكاذيبهم.
المتربصون بالحركة والمدلسون عليها يحاولون بكل جرأة وتعدي وقصد الانتقام لفترة انعدام وجودهم هم في مرحلة الذروة من مسيرة الشعب الفلسطيني وهي المرحلة التي حُملت فيها الحركة منفردة فوق الاعناق.
المتربصون يرغبون الاقتصاص من حركة فتح ثأرًا لعقد نقصهم هم من جهة، ولفرضية أنهم يمثلون اليوم الأطهار في عالم الدنس! وأنهم الاخيار في عالم الدناءة، وأنهم حملة المشعل الذي أسقطته فتح اليوم على فرضية أنهم أبطال المقاومة الحصريين الذين تكذبهم الأعمال الميدانية في فلسطين، وسلسلة الشهداء والأسرى التي يتصدرها الفتحوين دومًا.
المتربصون لحركة فتح يحملون السقطات والإساءات تلك من أعضاء السلطة الوطنية الفلسطينية (التي تمثل الكل الفلسطيني وليس فتح فقط) ليلصقوها بحركة فتح، وفي هذا ظلم بيّن ومقصود.
أنهم يستغلون متعمدين أخطاء الأفراد ليعممونَه على مجمل الكيان، أي على مجمل حركة فتح، وفي هذا اجتزاء مقصود ومحاولة تشكيل رأي عام كاره للحركة؟ لاسيما وإن فضائية افعوانية معروفة تطبل وتزمّر لهذا الأمر ليل نهار.
بعض أصحاب الأجندات الخارجية وغير الوطنية يعمدون بكل الوسائل لأجل استنزاف قدرات حركة فتح وضرب نضاليتها والمسّ بسمعتها، هم بتخريبهم وتدليسهم هذا واهمون لان “فتح” كما نراها كشعب فلسطيني ثائر، هي هم، تشبههم ويشبهونها، هي فتحهم لذا فهي عصية على الانكسار، وعلى المتربصين وعلى المتآمرين الخارجيين وفي الداخل.
فتح والفصائل الأخرى
فتح أصل الثورة والكفاح والنضال العسكري الذي تمظهر بقوات العاصفة ثم بكتائب شهداء الأقصى بالوطن، وتشكيلات عسكرية اخرى مختلفة عبر المسيرة، لكن الفرق بينها وبين المندفعين -المليئة أفواههم بقذارات الشتائم والاتهام للغير- أنها تفهم اللحظة وتقدر التوقيت وتعي معنى المرحلة فتتقدم للهدف أي هدف التحرير بكل الوسائل المحققة للهدف.
وقفت حركة فتح بكل ثقلها وقوتها الى جانب تاريخها ونضالها المتواصل، لذلك قادت، ووقفت لجانب قوى الكفاح والمقاومة التي هي منها حُكمًا، بل هي من أسسها وسار بها وعلّمها ومازالت، كما كان في الانتفاضتين الأولى والثانية وفي مساحات المقاومة الشعبية في كل فلسطين والقدس التي تتصدرها الحركة بأبطالها الميامين فيسقط الشهداء، ويعتقل الأسرى الى جانب الفصائل والقوى الاخرى.
حركة فتح وقفت الى جانب كفاحها ورفضت الانصياع للضغوط الصهيونية والخارجية، فالشهداء اجمعين شهداؤها وكذلك الأسرى لا فصال ولا مساومة.
فتح تقف الى جانب نضاليتها فرفضت كل أنواع التصنيف لاتهام فصيلي حما.س والجها.د بوضعها على لوائح الإرهاب، لأن فتح تعتبر الكفاح والمقاومة ومنها المسلحة حق دولي أممي مشروع للشعوب ومنها للشعب العربي الفلسطيني، وهي أي المقاومة جزء لا يتجزأ من آليات العمل ووسائل التصدي وأن مالت حركة فتح لجهة المقاومة الشعبية كمجال نشاط نضالي أساسي.
إن محاولات البعض لتدمير حركة فتح أو تجسيد انقسامات فيها وغيرها تخدم الاحتلال الصهيوني وتمهد لتصفية القضية الفلسطينية، وهم دخلاء على حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح وفكرها وثوابتها لأن الفكر الجماهيري الفتحاوي الأصيل عنوانه التمسك بتحرير فلسطين-مهما تعددت المراحل واختلفت الوسائل ففلسطين هي الهدف الأكبروبوصلة فتح الوحيدة- والتمسك بفتح العطاء واستمرار ديمومة وشعلة النضال ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى النصرباذن الله تعالى وماذاك على الله ببعيد.
في إطار الرحابة والسعة والرفاقية فتح انتصرت لشعبنا الفلسطيني في القطاع، كما انتصرت لحركة حما.س والجها.د الإسلامي في كل العدوانات الصهيونية على قطاع غزة رغم انتزاع الحمساويون للسلطة هناك بانقلاب الدم المراق بغزارة، ورغم حملات التشويه والتخوين والتكفير القبيحة.
فتح والسلطة
حركة فتح استطاعت، بعد ستة وخمسون عاما من انطلاقتها الحفاظ على نقاء الفكرة التحررية من جهة والحفاظ على ديمومتها ومسيرتها النضالية من جهة أخرى.
إن حركة فتح كانت ومازلت برأي الغالبية من الجماهير تجسد حقيقة التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني كله للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
إن الجماهير حتى اليوم ترى في حركة فتح التنظيم، وفتح الفكرة وفتح المنابع شعلة الأمل، ومصباح التحرير، فهي لن تدخر جهدا في هذا المضمار الأساس حيث فلسطين البوصلة، رغم العوائق البينة في الواقع القائم نتيجة ما قد ترسخ بالأذهان من خطأ الارتباط بين السلطة الوطنية الفلسطينية بحركة فتح وهي قناعة تشكلت ما بين البدايات للسلطة الوطنية الفلسطينية (1994-2000 تقريبًا) التي استوعبت معظم عناصر حركة فتح المناضلة من الداخل والخارج حتى جاء وقت الفصل بين الحركة كتنظيم سياسي، وبين السلطة كهيئة حكم لمجمل الشعب، بالقوانين والتعيينات والعلاقات…الخ، فلم يلحظ الغالبية حقيقة الفصل الذي تم على صعيد هذه العلاقات ارتباطًا بأن معظم أبناء فتح هم ضمن السلطة لتصبح الصورة أنهما جسمٌ واحدٌ ما هو غير سليم.
إننا اليوم بحاجة لجهد كبير لتبيان حقيقة التمايز الفكري والنضالي بين تنظيم سياسي نضالي يعمل وفق برنامجه، وبين سلطة أو حكومة مؤقتة (السلطة على طريق الدولة) للشعب الفلسطيني فهما قد يلتقيان في مواضع، وقد يختلفان في أخرى ومنها يكون التمايز ولا يكون الصورة المشوهة بأنهما كيانًا واحدًا.
فتح تخطيء وتصيب
نعم يخطيء الفتحويون كثيرًا، ولكن يخطئون وينقُدون أنفسهم بقسوة شديدة، بخطئون ويعترفون علنًا. رغم تحفظاتنا أحيانًا على ذلك، ومازالوا يخطئون ولربما يستدلون على الطريق بلا أشواك في خضم الصراع الداخلي، والخارجي.
الفتحويون يخطئون لأنهم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم الذي أشاد بمن يخطيْ ويتوب، ونحن التوابون أبدًا، لكننا نعمل ولفلسطين فقط، وليس خدمة لأغراض دولة عربية أوإقليمية، لذا كانت لاءات ياسر عرفات المتكررة للإدارة الامريكية، ثم لاءات أبومازن التي فاقت ال15 للإدارة الامريكية أيضًا في زمن يقول فيه الجميع نعم السيد الأوحد أي الصهيو-امريكي.
إن حركة فتح التي ننتقدها دومًا نحن الفتحويون والمناصرون والجماهير المحبة، ولا نتوقف عن ذلك في كل مرحلة، هي الصدر الرحب رغم ذلك لأنها التواقة للتجدد والتغيير بمجملها ومناخها الواسع.
دعونا نكرر لكم ما تعرفونه أن “فتح” حركة تحرر وطني وبرنامجها الوطني وميثاقها وثوابتها وأبطالها وجماهيرها عصيّة على كل المتآمرين والمتسلقين والانتهازيين فيها، وعصية على المدلسين والكارهين لها والمتربصين من خارجها.
إن فتح حتى في أشد حالات الضعف نتيجة ما أصاب جسدها من سهام القريب والبعيد ومن أصحاب الأجندات والمصالح الشخصية والخارجية مازالت جسدًا به من العلل نعم لكن ما يمكن علاجه باذن الله، واستنهاضه نحو النور الساطع.
فالجماهير لا تموت كما فمها الناطق يدوم.
الانتصارُ للشعب الفلسطيني انتصارٌ لفتح
إن الفكر الفتحاوي الأصيل فكر الوطنية الجامعة وفكر التحرير لفلسطين وفكر النضالية المثابرة وفكر الاستقلالية عن تدخلات الآخرين السلبية هو فكر بعيد كل البعد عن أصحاب المصالح الفئوية والأجندات الشخصية وغير الوطني’ ومنهم الراكبون على ظهر فتح اليوم.
إن برنامج حركة التحرير الوطني الفلسطيني -فتح ذو الأفق الوطني الثوري والعربي التحرري، هو ذات الفكر الأصيل المنزرع الى الأبد في عقول وفكر وقلب الشعب الفلسطيني الذي هو الحاضنة الحقيقية للحركة وبالتالي هو أصيل في عقول وقلوب الفتحاويين الاصلاء من مناضلين وفدائيين، ومن شهداء وأسرى أبطال لا يلينون.
إن انتصارنا كمستقلين او كأنصار أو كشعب عربي فلسطيني لحركة فتح لا يعني أننا ننتصر لأشخاص ومراكز، أو لشللية أو فئوية ضيقه، بالحقيقة نرفضها ونصارعها وننبذها، وإنما ننتصر للقضية الوطنية وللفكر التحرري.
إننا ننتصر للأبطال حين عزت البطولة، وللإقدام حين هرب الآخرون أو طعنونا بالظهر، وننتصر للجرأة في القيادات حين خارت قوى الآخرين عن المواجهة او اتخاذ أي موقف.
نحن بانتصارنا لفتح الأصالة والانطلاقة والمسيرة والإقدام والفعالية والمستقبل ننتصر للفكرالفدائي التحرري الكفاحي الذي مازال يتفسه الأبطال الصغار في الخليل وغزة وجنين ونابلس وبيت لحم وفي كل مكان يتبيون طريقهم مسترشدين بالمباديء لايحيدون عنها مهما اختلفت الوسائل أحيانًا.
دعونا الى ذلك ننتصر للميثاق الوطني الفلسطيني، وللبرنامج التحرري وننتصر للثوابت الوطنية وفي مقدمتها وأولويتها التحرير وحق العودة التي من أجلها انطلقت حركة فتح .
إن مجمل الشرفاء المناضلين المخلصين للقضية الفلسطينية وهم غالبية الشعب العربي الفلسطيني البطل، ومعهم أبطال الأمة العربية العظام، هم بمجملهم وبكل واحد منهم عناوين حركة فتح لأن هؤلاء تشربوا من نبع حركة فتح الانتماء والنضالية الحقة ما ظهر بالحرص والنقد الذاتي والمبادرة وصدق الانتماء.
آن الأوان لكل المخلصين والشرفاء والمناضلين والغيارى من شعبنا العربي الفلسطيني ومن شعوبنا العربية أن ينتصروا لحركة النهوض العربي بقضيتهم، قضية فلسطين المندمجة في كل خلايا جسد “فتح” المنتصرة على متسلقيها، وعلى الطاعنين فيها، وأولا واخيرا المنتصرة بشعبها ضد العدو الوحيد أي الاحتلال الصهيوني.
إن انتصارنا هو انتصار الجميع للقضية الفلسطينية وللوطن الفلسطيني والأرض الفلسطينية، والهوية الفلسطينية ولديمومة النضال الفلسطيني وبرنامجه الكفاحي، حتى تحقيق النصر وتحرير التراب الفلسطيني.
قوة القضية وفتح
دعنا نقول أن الجسد الموحد والمتماسك هو القوة المطلوبة لنا اليوم لنصارع المحتل بإيمان بالله سبحانه وتعالى، وبعزيمة التحرير التي لا تلين، وبثقة وجرأة وإقدام.
إن مكامن القوة في فلسطين هي ليست بالقوة العسكرية النظامية، فنحن في حالة اختلال موازين عربية ضخمة مقابل الإسرائيلي-الامريكي فما بالك بحالنا، وليست بالقدرة الاقتصادية مقابل الإسرائيلي وأبواب العرب مشرعة للإسرائيلي يجول بصناعاته ليهيمن على عقول وقلوب العرب أجمعين.
إن قوتنا الأساسية بقدراتنا الفكرية والمعرفية والتقانية في شعبنا المتعلم والمثقف يبذ كثير من الشعوب التي لها من الفرص ما يفوقنا بالمئات.
إن قوتنا ومبرر نضالنا الذي لا ينضب هو ذات الاحتلال الكامن فوق صدورنا وعلى أرضنا الفلسطينية العربية من النهر الى البحر، فهو عامل تحريض أبدي مادام الفكر لدى الإسرائيلين فكر ظلامي عنصري فاشي أعمى يبتعد عن رؤية الصورة الحقيقية ويبتعد عن السلام.
إن عدالة القضية والحق الفلسطيني الأصيل هو من أبرز عوامل قوتنا فنحن هنا من ما يقرب 18000 عام حضري، أي من الحضارة الناطوفية والكبارية حتى العصر الحديدي وما بعده لم نتزحزح ومع قدوم الطارئين العابرين خلسة ثم فنائهم.
إن صدق روايتنا وحقنا الذي يسنده التاريخ والجغرافيا والآثار وكل العلوم هو من أبرز عوامل قوتنا أيضًا وهي عوامل ستظل الى أبد الصراع أو حلّه بما يعني أن فلسطين كلها لأصحابها من الازل والى الأبد.
إن قوتنا الأساية بما نمتلكه من رصيد كفاحي لا ينضب، رصيد في الماضي وهو بالحاضر متجدد ومبدع بأشكال وأنماط مختلفة، وفي قوتنا النفسية الأبية، وفي روحنا المعنوية العالية التي هي سندنا ومركب نجاحنا وعبورنا من نفق الازمة وصولا الى بوابة النصر المؤزر بإذن الله.
إن قوتنا الحقيقية بفكرنا الثوري التحرري الحر، وبرجالنا (مناضلين وأسرى وشهداء) وبنسائنا البطلات المناضلات، وبقوتهم وطاقتهم الدافعة التي إن وضعت خلف السد ستولد الكهرباء لألف مدينة، لذا فالسواعد حين تتكاتف تنجح.
وليعلم الجميع بالعالم، وليعلم الجميع الفلسطيني من قوى وطنية بما فيها حما.س والجها.د وقوى المجتمع المدني …الخ أن قوة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح هي الترس الرئيس في قوة القضية الفلسطينية، وديمومة النضال وفي استمرار شعلة النضال والكفاح حتى التحريرالناجز، وعودة اللاجئين، وتحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني.
كل هذا علمتنا إياه حركة فتح، حركة الجماهير، وهي فتح القوية -كما نكرر- بفكرها ومبادئها ومنطلقاتها وقيمها العالية، والقوية بشعبها البطل وبأنصارها ومنتسبيها والتي هي كذلك كانت وستبقى وفية لمبادئ شعبها وفلسطين.
وانها لثورة حتى النصر
بكر أبوبكر والمحامي علي أبوحبلة
أكاديمية فتح الفكرية، أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية. 2023م
مقدمة:
هناك كثير من كلام الثرثرة، وبعض من المغالطات المقصودة، وحالات تضليل دعائية من فئات المتربصين والمدلّسين والفاشلين موجهة مباشرة لصلب حركة فتح بنوايا تدميرية واضحة للفكرة والقضية والكيان.
ونعم هناك سوء فهم وربما جهل ونقص ثقافة ومعرفية لدى الناس فيما يطرحه البعض منهم أويتساوق فيه أو يتبعه (من التبعية العمياء) من شعارات مسيئة وذات عمومية مطلقة، حين يخلط (متعمدًا أو جهلًا) أخطاء من تسلّقوا على ظهر حركة فتح واخطأوا بحق فلسطين والثورة وفتح.
كما يحدث سوء فهم أو انحراف مفاهيمي لبعض الناس حين يتقبلون بسهولة، تهجمات واتهامات أشخاص وفصائل بعينها لمجمل حركة فتح كأنها مسلمات، نتيجة تحريف وتدليس وأكاذيب مقصودة.
لا ننكر أيضًا إن المتسلقين على ظهر فتح استفادوا من رحابتها واحتضانها وانفتاحها فاستغلوها (وقد نقول امتصوا خيراتها أيضًا) لتحقيق مصالحهم الآنيه والشخصية، وربطها بهم، وبالتالي بإسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح، وكأن حركة فتح بمفهوم هؤلاء الطفيليين المتسلقين شركة أومؤسسة ربحية لتحقيق المكاسب والمغانم !
بناء على مسبق أسقط المتسلقون مسلكهم السيء وصورتهم السلبية وكأنه التمثيل الحقيقي لصورة فتح الفكرة والمشروع الوطني فتبنى المغالطون والمضللون هذه النظرة، ولحقهم الجاهلون.
لكل هذا دعونا نلقي نظرة فاحصة لنظهر الحقائق الجلية، كما نراها نحن.
فتح الأصالة والانتهازيون
فتح الايمان بالجماهير: الحقيقة الناصعة هي أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح بمفهومها وفكرها ومنطلقاتها الأساسية، وبالأعضاء المؤمنين والمتمسكين بمبادئها ونظامها الداخلي، وبالجماهير(الدرع) التي تحيط بها وتحفظها وتحميها غير ما يقوله المتربصون بتاتًا.
فتح الانتهازيون: إن من حرف مفهوم حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح الحقيقي من خارجها الكثير وبقصد التشويه ونزاع النفوذ، ومن داخلها هم أولئك الفئة الانتهازية المتسلقة أوما تطلق عليها أدبيات الحركة أيضًا صفة الطفيليين الذين دخلوها لتحقيق مصالح وأجندات ذاتية بحتة، أو لمصالح آخرين من خرج الحركة. وهم أبعد ما يكونوا عن تمثل مفهوم حركة التحرر الوطني كمنطلق فكري وسياسي.
فتح الوطنية والتحرر: أن الوطنية والتحرر وفلسطين والثورة والاستقلالية والتشاركية والوحدوية هي من المنطلقات الأساسية وأصل الفكر الفتحاوي المتميز.
فتح والواقعية السياسية: شكّلت حركة فتح الوعاء للجماهير المناضلة بكافة تنوعاتها، وشكلت الإطار للنظرية السياسية والإستراتيجية السياسية التحررية التي فهمت معنى الإقدام بالسلاح في زمنه، بشجاعة وإقدام وبسالة عزّ نظيرها، وفهمت معنى الواقعية السياسية ضمن تقدير للقوى أيضًا في وقته، فكان الشعار العمل العسكري يزرع والعمل السياسي يحصد ومجنون من يزرع ولا يحصد بمفردات هاني الحسن.
انعكس المفهوم السياسي الواقعي لحركة فتح في البناء التنظيمي في هيكلته التنظيمية وفي علاقات الحركة السياسية وفي علاقاتها الداخلية والخارجية، وفي خياراتها.
في مفهوم “التحرر الوطني”
التحرر الوطني بالمفهوم الاستراتيجي هو إزالة التسلط الأجنبي بكل أشكاله، عن الوطن أو أي جزء منه وقع عليه تسلط خارجي، أو عن أرضه وشعبه وثرواته.
ببساطة يصبح التحرر الوطني وخاصة لدينا نحن الفلسطينيون أنه الكفاح والثورة والنضال والمقاومة للاحتلال لبلادنا بكل الطرق المشروعة، ومنها العمل العسكري من حيث المبدأ، وهذه المقاومة كفلتها كافة القوانين والمواثيق الدولية التي أعطت للإقليم المحتل حق مقاومة الاحتلال .
لا يكتمل التحرر الوطني للبلد إلا في استقلال الدولة وتحقيق السيادة الوطنية المستقلة على كامل تراب الوطن وكامل ثرواته.
رغم أن هناك صراع فكري قائم الآن حول ماهية المرحلة التي نعيشها. هل هي مرحلة التحرر الوطني أم مرحلة بناء السلطة كمقدمة للدولة!؟ فإن مضمون الثورة الفلسطينية والكفاح الوطني أوالنضال الوطني في مرحلة التحرر الوطني يتلخص في ضرورة: وحدة كافة القوى الوطنية في النضال المشترك معا ضد العدو الخارجي المحتل والمغتصب للحقوق لتحقيق استقلال وحرية الوطن أو تحرير بعض من أجزائه المحتلة كمرحلة، من أجل بسط السيطرة والسيادة الكاملة، وممارسة الحقوق الوطنية وبناء النظام السياسي، وإقامة اقتصاد وطني حر ومستقل في ظل السيادة الوطنية.
فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية
تعدّ منظمة التحرير الفلسطينية (م ت ف) التجسيد العملي والرسمي للإطار أو الكيان الفلسطيني الجامع لكل القوى والفصائل المنضوية تحت هذا الإطار، بصفتها التمثيليه الموحيدة الموحدة للشعب الفلسطيني باعتراف العالم.
العمود الفقري: وتعد حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح العمود الفقري للمنظمة منذ ظهور صورة ياسر عرفات بحطته (كوفيته) وبدلته العسكرية الخضراء، رافعا شارة النصرعام 1969 رئيسا للجنتها التنفيذية، لينقلها من تحت ظلال العرب القاتمة الى فضاء العالم المنفتح، ومن كيان محتوى عربيًا الى كيان مستقل ضمن الالتزامات القومية العربية والاسلامية.
فشل الاستبدال والوراثة: اليوم وبعد ظهور تنظيمات فلسطينية حاولت استبدال المنظمة مرارًا، وفشلت. ثم حاولت وراثتها على اعتبار أنها هي البديل الكامل للقائم وفشلت فشلًا ذريعًا رغم دعم عديد الدول العربية والاقليمية، فإنه من المتوجب عليها الاعتراف بالفشل والتوقف عن الحملات الدعائية والتضليلية والتشويهية المعيبة.
المنظمة الحاضنة الأم: إن ضرورة التوحد على ما يوحد أي حول المنظمة، وهو المطلوب الاستمرار باحتضانه من كل القوى الوطنية (والاسلاموية جزء من القوى الوطنية) التي يجب أن تشارك وتنتسب لمنظمة التحرير الفلسطينية كإطار تنظيمي تمثيلي يجمع كل هذه القوى والفصائل الفلسطينية. وهي التي اتفقت علنًا منذ العام 2020 على الأقل في لقاء الرئيس أبومازن عبر المباشر الفضائي على أن منظمة التحرير الفلسطينية تظل هي الجامع لهم وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
فتح الانفتاح والاتساع: في عودة لفتح، دعني أقول أن حركة فتح الفكرة والإطار والتنظيم قد حافظت على التصور الأول في تكوينها الداخلي فلقد كسب اسم “فتح” بمعنى الفتح والانفتاح على الجميع في ذاته مدلولاً رحبًا واسعاً تحقق بمبدأ ياسر عرفات القائل فلتتفتح ألف زهرة في حديقة فتح حديقة الثورة.
استفادة وتطور: اتبعت حرك فتح خطى الثورات العربية والعالمية الكبرى (الجزائر، الصين، فيتنام، كوريا، كوبا، مصر، الثورة التونسية….) متمثلة بخط “الحرب الشعبية طويلة النفس” وجاء طول النفس بثبات الهدف أي تحرير فلسطين، وتغير الوسيلة من عسكرية الى انتفاضة الى مقاومة شعبية كلٌ ارتباطًا بتقديرات القوى والمعسكرات والقدرات الجماهيرية ورؤية الحل.
سعت فتح في الإطار الواسع، في إطار الغلاف الذي يحمى الثورة، سعت الى أن تكتسب القضية الفلسطينية وعبر (م ت ف) اهتماما عربيا وإقليميا ودوليا. ونجحت في مراحل جد صعبة.
فتح الوحدوية: التزمت حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح طوال مسيرتها بمنطلق الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطينيي، ووحدة الإطار التمثيلي للشعب الفلسطيني (م ت ف)، وذلك ضمن هدف الحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية، والحفاظ على ثوابت العمل النضالي والوطني الفلسطيني الذي أختطته حركة فتح عبر تاريخ نضالها الواسع.
الى ذلك وكما نرى بوضوح فإن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح تقف على مسافة واحده من كل القوى والفصائل الوطنية (ومنها الاسلاموية) الممثلة في حركة حما.س وا.لجها.د الإسلامي فجميعهم ضمن المكونات التعددية النضالية المقبولة ضمن الإطار الفلسطيني الجامع.
الامة إن رغبت أن يكون لها تأثير بالعالم: سعت فتح. أن تبقى القضية الفلسطينية أولًا، باعتبارها القضية المركزية للأمة كما كان يقول ميشيل عفلق “أبومحمد” (أحد مؤسسي الفكر القومي العربي الكبار)، أي أن تكون على رأس القضايا وفي أولوية “الصراع العربي الإسرائيلي”رغم تفكيك المصطلح لاحقًا ليصبح الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ما ينبيء بتخلي الأمة كما حصل في الأيام الحاضرة عبر اتفاقيات “ابراهام-ترامب” الاستتباعية.
إن المصائب والبلايا والتوزعات والنكسات التي تشهدها الأمة العربية اليوم تقتضي التمسك بما يجمعها كفكرة وقيمة وهدف سامي، ومَن أكثر قدرة على الجمع من قلب الأمة أي فلسطين العربية فهي بالتمسك بها تجعل لهذه الأمة الضعيفة اليوم، قضية حقيقية سامية تجمعها فتكون مؤثرة وقوية في التكون القادم للنظام العالمي الجديد الذي يدق الأبواب، وهو بالضبط كا تسعى له أو يجب أن تسعى له الثورة الفلسطينية وعلى رأسها المنيرون في حركة فتح.
المتربّصون المدلّسون على “فتح”
المتربصون بحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ممن بدأنا الكلام عنهم، هم الذين يخلطون متعمدين بين إطار السلطة الوطنية في فلسطين، وبين التنظيم الفتحوي من جهة. وبين الانتهازيين المتسلقين في أي تنظيم ومن فتح، وبين جذر وأصل الفكرة والبناء والجماهير الفتحوية العريضة، حتما ستخيب تدليساتهم ودعايئتهم (بروباغندا) وأكاذيبهم.
المتربصون بالحركة والمدلسون عليها يحاولون بكل جرأة وتعدي وقصد الانتقام لفترة انعدام وجودهم هم في مرحلة الذروة من مسيرة الشعب الفلسطيني وهي المرحلة التي حُملت فيها الحركة منفردة فوق الاعناق.
المتربصون يرغبون الاقتصاص من حركة فتح ثأرًا لعقد نقصهم هم من جهة، ولفرضية أنهم يمثلون اليوم الأطهار في عالم الدنس! وأنهم الاخيار في عالم الدناءة، وأنهم حملة المشعل الذي أسقطته فتح اليوم على فرضية أنهم أبطال المقاومة الحصريين الذين تكذبهم الأعمال الميدانية في فلسطين، وسلسلة الشهداء والأسرى التي يتصدرها الفتحوين دومًا.
المتربصون لحركة فتح يحملون السقطات والإساءات تلك من أعضاء السلطة الوطنية الفلسطينية (التي تمثل الكل الفلسطيني وليس فتح فقط) ليلصقوها بحركة فتح، وفي هذا ظلم بيّن ومقصود.
أنهم يستغلون متعمدين أخطاء الأفراد ليعممونَه على مجمل الكيان، أي على مجمل حركة فتح، وفي هذا اجتزاء مقصود ومحاولة تشكيل رأي عام كاره للحركة؟ لاسيما وإن فضائية افعوانية معروفة تطبل وتزمّر لهذا الأمر ليل نهار.
بعض أصحاب الأجندات الخارجية وغير الوطنية يعمدون بكل الوسائل لأجل استنزاف قدرات حركة فتح وضرب نضاليتها والمسّ بسمعتها، هم بتخريبهم وتدليسهم هذا واهمون لان “فتح” كما نراها كشعب فلسطيني ثائر، هي هم، تشبههم ويشبهونها، هي فتحهم لذا فهي عصية على الانكسار، وعلى المتربصين وعلى المتآمرين الخارجيين وفي الداخل.
فتح والفصائل الأخرى
فتح أصل الثورة والكفاح والنضال العسكري الذي تمظهر بقوات العاصفة ثم بكتائب شهداء الأقصى بالوطن، وتشكيلات عسكرية اخرى مختلفة عبر المسيرة، لكن الفرق بينها وبين المندفعين -المليئة أفواههم بقذارات الشتائم والاتهام للغير- أنها تفهم اللحظة وتقدر التوقيت وتعي معنى المرحلة فتتقدم للهدف أي هدف التحرير بكل الوسائل المحققة للهدف.
وقفت حركة فتح بكل ثقلها وقوتها الى جانب تاريخها ونضالها المتواصل، لذلك قادت، ووقفت لجانب قوى الكفاح والمقاومة التي هي منها حُكمًا، بل هي من أسسها وسار بها وعلّمها ومازالت، كما كان في الانتفاضتين الأولى والثانية وفي مساحات المقاومة الشعبية في كل فلسطين والقدس التي تتصدرها الحركة بأبطالها الميامين فيسقط الشهداء، ويعتقل الأسرى الى جانب الفصائل والقوى الاخرى.
حركة فتح وقفت الى جانب كفاحها ورفضت الانصياع للضغوط الصهيونية والخارجية، فالشهداء اجمعين شهداؤها وكذلك الأسرى لا فصال ولا مساومة.
فتح تقف الى جانب نضاليتها فرفضت كل أنواع التصنيف لاتهام فصيلي حما.س والجها.د بوضعها على لوائح الإرهاب، لأن فتح تعتبر الكفاح والمقاومة ومنها المسلحة حق دولي أممي مشروع للشعوب ومنها للشعب العربي الفلسطيني، وهي أي المقاومة جزء لا يتجزأ من آليات العمل ووسائل التصدي وأن مالت حركة فتح لجهة المقاومة الشعبية كمجال نشاط نضالي أساسي.
إن محاولات البعض لتدمير حركة فتح أو تجسيد انقسامات فيها وغيرها تخدم الاحتلال الصهيوني وتمهد لتصفية القضية الفلسطينية، وهم دخلاء على حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح وفكرها وثوابتها لأن الفكر الجماهيري الفتحاوي الأصيل عنوانه التمسك بتحرير فلسطين-مهما تعددت المراحل واختلفت الوسائل ففلسطين هي الهدف الأكبروبوصلة فتح الوحيدة- والتمسك بفتح العطاء واستمرار ديمومة وشعلة النضال ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى النصرباذن الله تعالى وماذاك على الله ببعيد.
في إطار الرحابة والسعة والرفاقية فتح انتصرت لشعبنا الفلسطيني في القطاع، كما انتصرت لحركة حما.س والجها.د الإسلامي في كل العدوانات الصهيونية على قطاع غزة رغم انتزاع الحمساويون للسلطة هناك بانقلاب الدم المراق بغزارة، ورغم حملات التشويه والتخوين والتكفير القبيحة.
فتح والسلطة
حركة فتح استطاعت، بعد ستة وخمسون عاما من انطلاقتها الحفاظ على نقاء الفكرة التحررية من جهة والحفاظ على ديمومتها ومسيرتها النضالية من جهة أخرى.
إن حركة فتح كانت ومازلت برأي الغالبية من الجماهير تجسد حقيقة التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني كله للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
إن الجماهير حتى اليوم ترى في حركة فتح التنظيم، وفتح الفكرة وفتح المنابع شعلة الأمل، ومصباح التحرير، فهي لن تدخر جهدا في هذا المضمار الأساس حيث فلسطين البوصلة، رغم العوائق البينة في الواقع القائم نتيجة ما قد ترسخ بالأذهان من خطأ الارتباط بين السلطة الوطنية الفلسطينية بحركة فتح وهي قناعة تشكلت ما بين البدايات للسلطة الوطنية الفلسطينية (1994-2000 تقريبًا) التي استوعبت معظم عناصر حركة فتح المناضلة من الداخل والخارج حتى جاء وقت الفصل بين الحركة كتنظيم سياسي، وبين السلطة كهيئة حكم لمجمل الشعب، بالقوانين والتعيينات والعلاقات…الخ، فلم يلحظ الغالبية حقيقة الفصل الذي تم على صعيد هذه العلاقات ارتباطًا بأن معظم أبناء فتح هم ضمن السلطة لتصبح الصورة أنهما جسمٌ واحدٌ ما هو غير سليم.
إننا اليوم بحاجة لجهد كبير لتبيان حقيقة التمايز الفكري والنضالي بين تنظيم سياسي نضالي يعمل وفق برنامجه، وبين سلطة أو حكومة مؤقتة (السلطة على طريق الدولة) للشعب الفلسطيني فهما قد يلتقيان في مواضع، وقد يختلفان في أخرى ومنها يكون التمايز ولا يكون الصورة المشوهة بأنهما كيانًا واحدًا.
فتح تخطيء وتصيب
نعم يخطيء الفتحويون كثيرًا، ولكن يخطئون وينقُدون أنفسهم بقسوة شديدة، بخطئون ويعترفون علنًا. رغم تحفظاتنا أحيانًا على ذلك، ومازالوا يخطئون ولربما يستدلون على الطريق بلا أشواك في خضم الصراع الداخلي، والخارجي.
الفتحويون يخطئون لأنهم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم الذي أشاد بمن يخطيْ ويتوب، ونحن التوابون أبدًا، لكننا نعمل ولفلسطين فقط، وليس خدمة لأغراض دولة عربية أوإقليمية، لذا كانت لاءات ياسر عرفات المتكررة للإدارة الامريكية، ثم لاءات أبومازن التي فاقت ال15 للإدارة الامريكية أيضًا في زمن يقول فيه الجميع نعم السيد الأوحد أي الصهيو-امريكي.
إن حركة فتح التي ننتقدها دومًا نحن الفتحويون والمناصرون والجماهير المحبة، ولا نتوقف عن ذلك في كل مرحلة، هي الصدر الرحب رغم ذلك لأنها التواقة للتجدد والتغيير بمجملها ومناخها الواسع.
دعونا نكرر لكم ما تعرفونه أن “فتح” حركة تحرر وطني وبرنامجها الوطني وميثاقها وثوابتها وأبطالها وجماهيرها عصيّة على كل المتآمرين والمتسلقين والانتهازيين فيها، وعصية على المدلسين والكارهين لها والمتربصين من خارجها.
إن فتح حتى في أشد حالات الضعف نتيجة ما أصاب جسدها من سهام القريب والبعيد ومن أصحاب الأجندات والمصالح الشخصية والخارجية مازالت جسدًا به من العلل نعم لكن ما يمكن علاجه باذن الله، واستنهاضه نحو النور الساطع.
فالجماهير لا تموت كما فمها الناطق يدوم.
الانتصارُ للشعب الفلسطيني انتصارٌ لفتح
إن الفكر الفتحاوي الأصيل فكر الوطنية الجامعة وفكر التحرير لفلسطين وفكر النضالية المثابرة وفكر الاستقلالية عن تدخلات الآخرين السلبية هو فكر بعيد كل البعد عن أصحاب المصالح الفئوية والأجندات الشخصية وغير الوطني’ ومنهم الراكبون على ظهر فتح اليوم.
إن برنامج حركة التحرير الوطني الفلسطيني -فتح ذو الأفق الوطني الثوري والعربي التحرري، هو ذات الفكر الأصيل المنزرع الى الأبد في عقول وفكر وقلب الشعب الفلسطيني الذي هو الحاضنة الحقيقية للحركة وبالتالي هو أصيل في عقول وقلوب الفتحاويين الاصلاء من مناضلين وفدائيين، ومن شهداء وأسرى أبطال لا يلينون.
إن انتصارنا كمستقلين او كأنصار أو كشعب عربي فلسطيني لحركة فتح لا يعني أننا ننتصر لأشخاص ومراكز، أو لشللية أو فئوية ضيقه، بالحقيقة نرفضها ونصارعها وننبذها، وإنما ننتصر للقضية الوطنية وللفكر التحرري.
إننا ننتصر للأبطال حين عزت البطولة، وللإقدام حين هرب الآخرون أو طعنونا بالظهر، وننتصر للجرأة في القيادات حين خارت قوى الآخرين عن المواجهة او اتخاذ أي موقف.
نحن بانتصارنا لفتح الأصالة والانطلاقة والمسيرة والإقدام والفعالية والمستقبل ننتصر للفكرالفدائي التحرري الكفاحي الذي مازال يتفسه الأبطال الصغار في الخليل وغزة وجنين ونابلس وبيت لحم وفي كل مكان يتبيون طريقهم مسترشدين بالمباديء لايحيدون عنها مهما اختلفت الوسائل أحيانًا.
دعونا الى ذلك ننتصر للميثاق الوطني الفلسطيني، وللبرنامج التحرري وننتصر للثوابت الوطنية وفي مقدمتها وأولويتها التحرير وحق العودة التي من أجلها انطلقت حركة فتح .
إن مجمل الشرفاء المناضلين المخلصين للقضية الفلسطينية وهم غالبية الشعب العربي الفلسطيني البطل، ومعهم أبطال الأمة العربية العظام، هم بمجملهم وبكل واحد منهم عناوين حركة فتح لأن هؤلاء تشربوا من نبع حركة فتح الانتماء والنضالية الحقة ما ظهر بالحرص والنقد الذاتي والمبادرة وصدق الانتماء.
آن الأوان لكل المخلصين والشرفاء والمناضلين والغيارى من شعبنا العربي الفلسطيني ومن شعوبنا العربية أن ينتصروا لحركة النهوض العربي بقضيتهم، قضية فلسطين المندمجة في كل خلايا جسد “فتح” المنتصرة على متسلقيها، وعلى الطاعنين فيها، وأولا واخيرا المنتصرة بشعبها ضد العدو الوحيد أي الاحتلال الصهيوني.
إن انتصارنا هو انتصار الجميع للقضية الفلسطينية وللوطن الفلسطيني والأرض الفلسطينية، والهوية الفلسطينية ولديمومة النضال الفلسطيني وبرنامجه الكفاحي، حتى تحقيق النصر وتحرير التراب الفلسطيني.
قوة القضية وفتح
دعنا نقول أن الجسد الموحد والمتماسك هو القوة المطلوبة لنا اليوم لنصارع المحتل بإيمان بالله سبحانه وتعالى، وبعزيمة التحرير التي لا تلين، وبثقة وجرأة وإقدام.
إن مكامن القوة في فلسطين هي ليست بالقوة العسكرية النظامية، فنحن في حالة اختلال موازين عربية ضخمة مقابل الإسرائيلي-الامريكي فما بالك بحالنا، وليست بالقدرة الاقتصادية مقابل الإسرائيلي وأبواب العرب مشرعة للإسرائيلي يجول بصناعاته ليهيمن على عقول وقلوب العرب أجمعين.
إن قوتنا الأساسية بقدراتنا الفكرية والمعرفية والتقانية في شعبنا المتعلم والمثقف يبذ كثير من الشعوب التي لها من الفرص ما يفوقنا بالمئات.
إن قوتنا ومبرر نضالنا الذي لا ينضب هو ذات الاحتلال الكامن فوق صدورنا وعلى أرضنا الفلسطينية العربية من النهر الى البحر، فهو عامل تحريض أبدي مادام الفكر لدى الإسرائيلين فكر ظلامي عنصري فاشي أعمى يبتعد عن رؤية الصورة الحقيقية ويبتعد عن السلام.
إن عدالة القضية والحق الفلسطيني الأصيل هو من أبرز عوامل قوتنا فنحن هنا من ما يقرب 18000 عام حضري، أي من الحضارة الناطوفية والكبارية حتى العصر الحديدي وما بعده لم نتزحزح ومع قدوم الطارئين العابرين خلسة ثم فنائهم.
إن صدق روايتنا وحقنا الذي يسنده التاريخ والجغرافيا والآثار وكل العلوم هو من أبرز عوامل قوتنا أيضًا وهي عوامل ستظل الى أبد الصراع أو حلّه بما يعني أن فلسطين كلها لأصحابها من الازل والى الأبد.
إن قوتنا الأساية بما نمتلكه من رصيد كفاحي لا ينضب، رصيد في الماضي وهو بالحاضر متجدد ومبدع بأشكال وأنماط مختلفة، وفي قوتنا النفسية الأبية، وفي روحنا المعنوية العالية التي هي سندنا ومركب نجاحنا وعبورنا من نفق الازمة وصولا الى بوابة النصر المؤزر بإذن الله.
إن قوتنا الحقيقية بفكرنا الثوري التحرري الحر، وبرجالنا (مناضلين وأسرى وشهداء) وبنسائنا البطلات المناضلات، وبقوتهم وطاقتهم الدافعة التي إن وضعت خلف السد ستولد الكهرباء لألف مدينة، لذا فالسواعد حين تتكاتف تنجح.
وليعلم الجميع بالعالم، وليعلم الجميع الفلسطيني من قوى وطنية بما فيها حما.س والجها.د وقوى المجتمع المدني …الخ أن قوة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح هي الترس الرئيس في قوة القضية الفلسطينية، وديمومة النضال وفي استمرار شعلة النضال والكفاح حتى التحريرالناجز، وعودة اللاجئين، وتحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني.
كل هذا علمتنا إياه حركة فتح، حركة الجماهير، وهي فتح القوية -كما نكرر- بفكرها ومبادئها ومنطلقاتها وقيمها العالية، والقوية بشعبها البطل وبأنصارها ومنتسبيها والتي هي كذلك كانت وستبقى وفية لمبادئ شعبها وفلسطين.
وانها لثورة حتى النصر
بكر أبوبكر والمحامي علي أبوحبلة
أكاديمية فتح الفكرية، أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية. 2023م